إن الشروع في الحديث عن الأصوات الروائية الجديدة في عمان، يستدعي مجموعة من التساؤلات التي تفرض نفسها بإلحاح، ولابد من الإجابة عنها بما يتناسب مع السياق السردي العماني المختلف – كما أحسبه - عن غيره في الأقطار الخليجية والعربية الأخرى، وهي أسئلة من قبيل: آلمقصود جدة المكتوب أم جدة الكاتب؟ وكم يقدر المدى الزمني الممتد من هذه اللحظة عودا إلى الوراء ما يمكن أن ننعته جديدا؟
فإن كانت الجدة جدة المكتوب (حديثا)، فالرواية العمانية برمتها مما يعد جديدا. وإن كانت جدة الكاتب (سنا)، فهناك من المؤسسين ممن عاودوا الكتابة بعد انقطاع يقترب من العقد والنصف من الزمان، فجاء جديدهم بجديد. أما إذا كانت الجدة الزمنية فإن ما بدأ من ثمانينيات القرن العشرين – التي يؤرخ بها ميلاد الجنس الروائي في عمان - وحتى (مايو 2014) لأحسبه جديدا في مشهدنا الثقافي العماني[2].
تاريخ النشأة:
يضعنا الحديث عن الرواية في عمان أمام إشكالية تاريخية لا يمكن تجاوزها، فحسب الدراسات التي تناولت الرواية العمانية – على قلتها – تشير إلى أن أول رواية عمانية منشورة تعود للعام 1981م، أي أن عمر الرواية العمانية لا يتجاوز تاريخيا 33 عاما فقط[3] ، وقد يعود بنا التاريخ إلى أقدم من ذلك، إلى العام 1963م، حين كتب عبدالله الطائي - الذي يعد أول من كتب رواية في عمان - روايته "ملائكة الجبل الأخضر"، ثم أتبعها بأعوام روايته الثانية "الشراع الكبير" التي كتبها ما بين عامي 1969 – 1971م وهي التي نشرت في العام 1981م[4]، غير أنهما روايتان مما لا يمكن عدهما روايات بالمستوى الفني المعروف إلا على سبيل التأريخ لهذا الفن الذي سجل الطائي إرهاصاته الأولى في عمان، كما يقول سيف الرحبي: "إن التسلسل التاريخي يفترض عبدالله الطائي من غير تحفظ أو استثناء أول روائي عماني"[5] – أو على سبيل المجاملة كما تقول آمنة الربيع[6] .
كما قد يحدث أن تؤرخ الرواية العمانية أحيانا – كما تشير بعض الدراسات - برواية "قاعا للسقوط اسمه مسقط" في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وما تزال مخطوطة لصاحبها أحمد الزبيدي[7].
ومنذ مطلع الثمانينيات وحتى العام 1999م ظهرت مجموعة روايات لعدد من كتّاب الرواية الذي بهم تشكل الجنس الروائي على مدى عقدين من الزمن وبنحو متقارب فنيا، غير أن روايات هذه المرحلة لم تدرس فنيا، واكتفى كل من تناولها بدراستها سوسيولوجيا، وعلى سبيل تتبع النشأة والتأريخ للرواية بما يحفظ للتاريخ حقه، نظرا لكونها مما يتشكل وليس مما اكتمل نضجه حتى تستقيم معه دراسات فنية، إلا ما كان مؤخرا من دراسة الباحثة "باسمة الراجحية" لروايات "سعود المظفر"[8]
وتدور معظم روايات المرحلة الروائية الأولى الممتدة من عام 1963م وحتى العام 1999 حول قضايا التطور الاجتماعي والاقتصادي وقضايا تصادم الحضارات وتأثير العمالة الوافدة، وغيرها من الموضوعات المكررة في السياق الزمني ذاته، ومن روائيي هذه المرحلة:
- سعود المظفر، الذي يعد الروائي الأكثر إنتاجا بـ 10 روايات منذ روايته الأولى "رمال وجليد" المنشورة في العام 1988 التي تعد البداية الفعلية لكتابة الرواية في عمان، ثم روايته "المعلم عبد الرزاق" التي صدرت في عام 1989م، و"رجل وامرأة" في عام 1990م، و"الشيخ" في عام 1991م، و"رجال من جبال الحجر" – وهي الجزء الأول من ثلاثية لم تكتمل في ذلك الوقت - في عام 1995م، و"إنها تمطر في أبريل" في عام 1997م، و"عاطفة محبوسة" في عام 1998م، إلى أن أصدر في عام 2012 ثلاثيتي:"رجال الحجر" – وهي الجزآن الثاني والثالث لرواية "رجال من جبال الحجر" – وثلاثية "المحرمات"، وذلك بعد توقف عن الكتابة استمر لأكثر من 14 عاما.
- وأصدر سيف السعدي في العام 1988 أيضا روايتين هما: "خريف الزمن"، و"جراح السنين"، ثم بعد عام أصدر روايته "الجانب الآخر" في العام 1989م.
- كما أصدر حمد الناصري عددا من الروايات، وهي على التوالي: "أوجاع الزمن الماضي" في عام 1989م، و"الليلة الأخيرة" في عام1989، و"ساعتي لا تزال تدق" في عام 1990، و"مأساة في المدينة ونيران قلب" في عام 1993م، و"حكاية سوداء" في عام 1995م.
- وأصدر مبارك العامري أولى المحاولات الجادة في كتابة الرواية بروايته "مدارات العزلة" في عام 1994م، ثم أتبعها بروايته الثانية بعد عامين "شارع الفراهيدي" في عام 1996م.
- وأصدر علي المعمري روايته الأولى – بعد أربع مجموعات قصصية – "فضاءات الرغبة الأخيرة" في العام 1999م. قبل أن يستأنف في الألفية الجديدة مشروعه الروائي، فأتبع روايته الأولى بــ 3 روايات أخرى، هي: "رابية الخطار"، و"همس الجسور"، و"بن سولع".
- ولعلي أنهي المرحلة الأولى ببدرية الشحية التي أصدرت روايتها الأولى في العام 1999م الموسومة بـ "الطواف حيث الجمر" لتنهي بذلك مرحلة من مراحل النشأة والتأسيس للرواية العمانية، وتعلن بروايتها مرحلة جديدة أوسع أفقا، ومبشرة بمرحلة جديدة من الكتابة الروائية، بطرحها لموضوعات أكثر جرأة، مرتادة مناطق كتابية لم تكن مأهولة بالأقلام الروائية من قبل.
المرحلة الثانية:
أقول: إن المرحلة الأولى تنتهي عند "الطواف حيث الجمر" في العام 1999م، وبها تبدأ المرحلة الثانية رغم أن باحثا آخر، هو الدكتور شبر الموسوي، رسم حدود المرحلة الروائية الأولى تاريخيا من العام 1963م وحتى عام 2007 حين صدرت رواية "همس الجسور" لعلي المعمري - وهي مدة أنتجت نحو 30 رواية فقط على امتداد ما يقترب من نصف قرن من الزمان[9] - بيد أن عددا من الروايات صدرت قبل هذا العام (2007م) كان جديرا أن تؤسس بها المرحلة الثانية من عمر الرواية العمانية القصير، بدءا من طواف بدرية الشحية حيث الجمر وحتى هذه اللحظة[10].
فبدرية الشحية في طوافها لم تؤسس لنص روائي جديد - من حيث الطرح والمضمون وحسب - وإنما أسست لميلاد الرواية النسوية العمانية بوصفها أول روائية عمانية بدأت تخط للأنثى الكاتبة طريقها الخاص في التعبير عن همومها وقضاياها، وتعد روايتها "صرخة احتجاج ضد قمع المرأة، ودعما لها في نضالها من أجل حريتها وحقها في اختيار شريك حياة تحبه وتتزوجه وفقا لاختيارها، وتدور [أحداث هذه الرواية] في ستينيات القرن الماضي"[11] مازجة بين البعدين التاريخي والاجتماعي، كما أنها الرواية التي تبدأ منها معظم الدراسات الفنية للرواية العمانية، إذ إن معظم تلك الدراسات يندر ألا تشير إليها ما لم تكن مادة بحثية تحت عدسة مجهرها المباشرة.
ومع مطلع الألفية الجديدة كان المشهد الروائي العماني على موعد مع أسماء روائية جديدة، بدأت تعطي الرواية العمانية روحها وحياتها، وشكلها الذي يقربها – على تفاوت - من السياق الروائي العربي العام، وقد تنوعت تلك الأسماء وتعددت، فمنها من يكتب الرواية للمرة الأولى، ومنها من قدِم من منطقة القصة القصيرة، كما قدم آخرون من منطقة الشعر – وقد واكب أصحابها مؤخرا الرواية في زمنها ليوجدوا لأنفسهم مكانا في مساحاتها السردية الأوسع، وهو ما بدا ظاهرة عامة توجه الشعراء إلى الكتابة سردا - في حين استمر عدد قليل من جيل الثمانينات والتسعينيات في كتابة روايات جديدة، وغاب بعضهم الآخر قسرا أو اختيارا.
وقد بدا أن جملة الظروف التي أدت إلى قلة الروايات العمانية خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، التي من بينها تأخر نشأة المدينة العمانية بالمعنى الحديث للمدينة المقترنة بظهور الرواية كجنس أدبي مديني من جهة، وسيطرة الشعر في عمان ودوره في تكوين الذائقة الأدبية وإبعاده لكل تفكير في كتابة فنون أدبية أخرى حتى وقت قريب[12] من جهة أخرى، فضلا عن سمة الهدوء التي اتسمت بها الحياة العمانية غالبا، وغياب الأحداث الكبرى التي تغذي الكتابة الروائية بنحو يخرجها عن الأنماط الكتابية السائدة، تلك الظروف قد جوبهت كلها بنقيضتها التي أعطت الرواية في عمان دفعة جعلتها تتزايد عددا وبوتيرة أسرع، وتخوض غمار التجريب في محاولة لكسر الطابع الذي شاع في العقدين السالفين، وقد استفادت روايات هذه المرحلة في معظمها "من اشتباك كتّابها بالمنجز الروائي العربي والعالمي، فباتت في كثير منها أقرب إلى الفن الروائي الحقيقي، متجاوزة مثيلاتها في القرن العشرين"[13]، ونظرا لغياب الدراسات الببليوغرافية الراصدة للمنتج الروائي العماني فإن التتبع الفاحص لكل الروايات الصادرة منذ العام 2000م ألزمني جهدا مضنيا في تتبعها، ذلك التتبع الذي لن يسلم من مزلق السهو الذي قد يسقط روايات حقها أن تكون تحت دائرة الرصد.
ولكن إذا كان الدكتور شبر الموسوي – كما أشرنا سابقا - أحصى 30 رواية منذ عام 1963 وحتى العام 2007م، فإن حمود الشكيلي أحصى 60 رواية حتى العام 2012م[14]، مما يعد كافيا للتدليل على الزيادة الكمية في عدد الروايات، فما تم إنجازه في قرابة نصف قرن – حسب الموسوي - أنجز مثيله في خمسة أعوام فقط، يضاف إليه ما أحصاه "سليمان المعمري" من روايات صدرت خلال العام 2013م منفردا، مشيرا إلى أن قرابة 13 رواية جديدة وجدت طريقها إلى القارئ العماني والعربي في ذلك العام وحده[15]، وهو رقم قد يبدو ضئيلا في سياقات خليجية وعربية أخرى، غير أنه رقم ملفت في السياق الروائي العماني على نحو خاص.
ولما كان صعبا على ورقة عجلى كهذه أن تحتوي كل الأسماء التي سجلت اسمها ممهورا على غلاف رواية، إلا أن الأصوات الروائية الحقيقية تفرض حضورها في المشهد الروائي الجديد، ولكني مع ذلك حاولت تتبع الأسماء التي دخلت العالم السردي الروائي رغم خطورة المحاولة، ولهذا فإن هذه الورقة وإن كانت لا تعد برصد المنتج العماني كله الذي يقصر عنه مجهود ورقة عجلى، غير أنها تعد بأن تكون نواة لمشروع بحثي أوسع تقصيا، وأعمق غوصا في الأبعاد الفنية:
1. حسين العبري:
في العام 2001م صدرت لحسين العبري روايته الأولى "ديازبام"، ولكنه كرّس نفسه روائيا بصدور روايته الثانية "الوخز" التي صدرت في العام 2006م، والتي عدها بعضهم سيرة روائية، إذ تناول فيها أحداث العام 2005م الذي شهد ما عرف بالتنظيم السري وسعيه لإحياء الإمامة في عمان، عبر بطل يروي بضمير المتكلم بوصفه واحدا ممن عايشوا تفاصيل الحدث بشكل أو بآخر، ثم يصدر العبري روايته الثالثة "المعلقة الأخيرة" التي صدرت في العام 2008م، وأخيرا روايته الرابعة "الأحمر والأصفر" التي صدرت في العام 2010م.
وباستثناء روايته/ "الوخز"، اختط حسين العبري في رواياته خطا سيكولوجيا في اختيار موضوعاته ورسم شخوصه، بدءا من روايته "ديازبام" التي تعني نوعا من العقاقير الطبية المستخدمة في العلاج النفسي، مرورا بالمعلقة الأخيرة التي يصور فيها شخصية تعاني عطبا نفسيا ما، ينتهي بها الحال إلى الانتحار على أحد جسور العاصمة، وكذلك الشأن مع رواية "الأحمر والأصفر" التي لا تختلف نهايتها عن نهاية سابقتها؛ تجسيدا للفشل في صنع التوازنات النفسية لشخصيات رواياته[16].
ومنذ رواية الوخز بدا "العبري" ملفتا في تبينه لقاعدة كسر التابوهات الثلاثة، وارتياده للمناطق المحرمة لاسيما في روايتيه "الوخز" و"الأحمر والأصفر" اللتين بدتا صادمتين على نحو لم يتعوده القارئ من كاتب عماني من قبل.
2. محمد بن عيد العريمي:
فقد ظهر كاتبا يتخذ من الكتابة تحديا في سبيل الحياة، وحلا وجوديا إزاء أزمة البحث عن الذات، فأصدر سيرته الروائية "مذاق الصبر" في العام 2001م، وهي رواية يصور فيها مكابداته مع الإعاقة التي تعرض لها إثر حادث سير تعرض له في العام 1981م، صاغها في قالب له نكهته الروائية الموجعة. وواصل الكتابة من بعد بإصدار روايته الثانية "حز القيد" التي صدرت في العام 2005م، مستلهما أحداثا مشابهة لتلك التي تناولها "العبري" غير أنه آثر ألا يحدد مكانا وزمانا حقيقيين، ثم يصدر في العام 2008 روايته الثالثة "بين الصحراء والماء"، وهي سيرة روائية أخرى تسبر رحلته بين بحرين أحدهما من رمل وآخر من ماء، فقد بدا من خلال هذه الرواية مسكونا بذاته وأوجاعه التي لم تشفها "مذاق الصبر" حتى أتبعها بهذه الرواية الثالثة/ السيرة الثانية.
ومؤخرا صدرت له رواية "حكايات يونس حيم" في معرض مسقط للكتاب الأخير في فبراير 2014م، وفيها يلمس القارئ نفسا مغايرا عما سبق للعريمي كتابته[17]، يصور صراع الطبقة البورجوازية من أجل النفوذ، والتضحية بروابط الدم من أجل المال.
3. علي المعمري:
الذي بدأ مع جيل التسعينيات بروايته "فضاءات الرغبة الأخيرة" الصادرة في عام 1999م، فقد أصدر روايته الثانية "رابية الخطّار" في العام 2003م، ليؤكد على مسيرته الروائية، إلا أن البداية الحقيقية لعلي المعمري – والبصمة الأدبية - كانت مع روايته "همس الجسور" الصادرة في العام 2007م – التي، كما سبق، جعلها الدكتور الموسوي مفتتحا للمرحلة الروائية الجديدة في عمان – وهي الرواية التي وظف فيها أحداث حرب "ظفار" في ستينيات القرن العشرين، وقد كرّس "المعمري" اشتغاله على البعد التاريخي في روايته الأخيرة "بن سولع" الصادرة في العام 2010م، قبل أن يغادر عالمنا في الـ 14 من يناير من العام 2013م، وكان قد عزم على ترك كتابة التاريخ سردا[18] ولكنه تركها برمتها ليترك لنا ما مجموعه أربع روايات وأربع مجموعات قصصية قبلها[19].
4. محمد بن سيف الرحبي:
الذي كانت له في تسعينيات القرن الماضي 3 مجموعات قصصية، يصدر روايته الأولى "رحلة أبو زيد العماني" في العام 2005م، وهي رواية تصور تنظيما سريا محظورا آخر في العام 1994م، ثم أصدر روايته الثانية "الخشت" في العام 2008م التي تصور واقعا صادما لما يدور خلف الأبواب المغلقة في مدينة كبيرة كـ"مسقط"، ثم بعدها بثلاثة أعوام يصدر روايته الثالثة "السيد مر من هنا" في العام 2011م، ليحاكي سيرة حياة السلطان سعيد بن سلطان مؤسس الإمبراطورية العمانية بجناحيها الشرقي والأفريقي[20]، ويعيد بعثه عبر بطل غريب يحب هذا السلطان، لتدور أحداث الرواية بين زمنين، زمن الحاضر الذي ينتمي إليه الفتى (البطل)، وزمن السلطان سعيد بن سلطان، ويجمع المؤلف بينهما لكشف ما يمكن به استنطاق ما لم يقله التاريخ من سيرة حياة هذا الرجل الإمبراطور، والشخصيات التاريخية الأخرى في عصره كشخصية أول مبعوث عربي إلى الولايات المتحدة الأمريكية "أحمد بن النعمان". وأخير أصدر الرحبي قبل أشهر – في معرض مسقط للكتاب 2014 – روايته الرابعة "الشويرة" تيمنا باسم بلدته في "سرور" بولاية سمائل. تناول فيها ثيمة "المهمشين" عبر إثارته لقضية الطبقية الاجتماعية التي يرزح تحتها بطل الرواية، الواقع بين طبقتين تشدانه صعودا وهبوطا بين درجاتهما فيدهسه في تفاصيلهما المنتمون إلى الطبقتين معا.
5. أحمد الزبيدي:
القادم من جيل سابق، ليضع بين أيدينا ثلاث روايات مثيرة للجدل – بعد أن كانت له رواية مخطوطة منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي موسومة بـ "قاعا للسقوط اسمه مسقط" وليس يُعلم على وجه الدقة ما إذا كانت تلك المخطوطة هي إحدى الروايات الثلاث المنشورة بين أيدينا الآن أم ما تزال مخطوطة لدى صاحبها - أما أولاها، فهي رواية "أحوال القبائل عشية الانقلاب الإنكليزي في صلالة"[21] الصادرة في العام 2008م، وهي رواية مسكونة بأحداث حرب ظفار، متبنيا خط الدفاع عن الثورة، ومهموما بالهم السياسي الذي رافق تلك الفترة. وبقي الزبيدي يكتب أعماله السردية من وحي المنطقة الزمنية ذاتها، وممتلئا بالمكان ذاته، فأصدر في العام 2012م روايته الثانية "سنوات النار"، ثم في العام 2013 أصدر روايته الثالثة التي حملت عنوان: "امرأة من ظفار" أو "ثيت من ظفول" حسب الترجمة إلى اللهجة الشحرية الظفارية، "ولم تقتصر الرواية على أحداث الثورة وإرهاصاتها، بل تناولت الثقافة في ظفار، المعتقدات واللغات والعادات والتقاليد والمساكن وطرق الحياة"[22]. وقد عدّها محمد الشحري جزءا ثالثا لروايتيه السابقتين، محيلا إلى الثورة المرموز إليها بالمرأة، غير أن المختلف في روايته الثالثة هو تخليه عن الرمز، ولجوؤه إلى اللغة المباشرة وكأنما – حسب قول الشحري[23] – أراد التخلص من ذاكرته دفعة واحدة التي بقيت إصدارا بعد آخر تراوده عما شهد من تفاصيل عايشها ونافح من أجلها، لعله بعد شفائه منها يُخرج للقارئ جديدا مغايرا عما شغل نفسه به في إصداراته كلها.
6. عبد العزيز الفارسي:
يخرج في العام 2007م بروايته الأولى "تبكي الأرض يضحك زحل" – والوحيدة حتى الآن – لتقدم بطلا متمثلا في الطبيعة التي أنسنها وجعلها صانع الحدث الأول، لتعلو كلمتها وصوتها على كل أصوات شخصيات الرواية، التي بدت شخصيات سلبية تجاه الواقع، تتحرك وفق الحدث ولا تحركه، متخذا في روايته تقنية تعدد الأصوات، التي تؤدي كلها في الختام صوت الطبيعة والممثلة لها[24].
7. خالد الكندي:
الذي بدا أنه اتخذ لنفسه منحى وثيق الصلة بالتراث العماني، والمرويات الشعبية، التي وجدت طريقها - من خلاله - عبر سلسة روايات بدأها بـ "صراع العقول" الصادرة في عام 2010م التي تتخذ طابعا بوليسيا في أجواء قروية تتولى القلعة ممثلة في شخص الوالي حل النزاعات بين أهل القرية، وفك لغز ما قد يحدث هنا وهناك بحثا عن فاعل ومقترف، ثم في عام 2012م يصدر رواية "أم الدويس"[25] التي تخبرنا عن شخصية وهمية تدعى "أم الدويس" المرأة الحسناء – أو المرعبة أحيانا – التي تظهر في الليل لتخيف الكبار والصغار على حد سواء، ويختلف عقابها لهم بحسب الجرم، لتبقى الصورة واحدة في الأذهان، عن امرأة ليلية تثير الرعب في النفوس. غير أن الكندي قدم المرأة في هذه الرواية في صورة البطولة في أكمل صورها الذكورية، في مقابل الرجل السلبي قليل الحيلة. وبعدها أصدر "الكندي" روايته "القافر" في عام 2013 التي تشبه في مناخها العام روايته الأولى "صراع العقول"، وأخيرا يصدر مرارة الذئب في العام 2014م، وقد صاغ "الكندي" رواياته في قالب لغوي رصين ذي بعد أخلاقي تربوي تعليمي، موثقا التراث الحكائي العماني.
8. أحمد الرحبي:
أصدر روايته "الوافد" في العام 2012م، وقد بدت قريبة من السيرة الذاتية، حفلت بتناقض العنوان مع المعنى الذي ترومه الرواية، من أن الوافد – الذي يحيل إلى الأجنبي عادة – ليس إلا ابن الأرض العائد إليها بعد غياب، وقد بدا أنها رواية تقترب هي الأخرى من القصة الطويلة أكثر من كونها رواية[26].
9. يونس الأخزمي:
يصدر روايته الأولى "الصوت" الصادرة في عام 2012م، بعد تجربة قصصية، وهي الرواية التي تمتزج فيها الأشياء، وتعلي من شأن الحواس، وما الصوت إلا مدخل من مداخلها، غير أنها رواية ذات بعد فلسفي مشبع بالروحانية.
10. سلطان العزري:
يصدر روايته الأولى – والوحيدة حتى الآن - "سفينة نوح" في عام 2012م، بعد مجموعته القصصية – الوحيدة أيضا - "تواطؤ"، متناولا فيها كارثة إعصار جونو الطبيعية، وما فعله في البشر والحجر، غير أنه جعل منها رواية عتب وإدانات للإعلام والحكومة ولكل ما هو سلطوي[27]، بشكل أخرجها (الرواية) من الأدبية إلى التقريرية[28].
11. محمود الرحبي:
وفي الوقت الذي بزغ فيه نجمه كاتبا ملفتا للقصة القصيرة – بثلاث مجموعات قصصية: "اللون البني"، و"لماذا لا تمزح معي"، و"أرجوحة فوق زمنين" ليتوج في العام 2012 بجائزة السلطان قابوس للثقافة والآداب والفنون في دورتها الأولى عن مجموعته القصصية الرابعة "ساعة زوال"، وجدناه في العام 2010م - يصدر روايتين دفعة واحدة، هما "درب المسحورة"[29] التي يحاكي فيها حكاية تراثية أوردها نور الدين السالمي شعرا في كتابه الشهير "تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان" عن قصة فتاة اختطفها السحرة من أهلها، وعثرت عليها عائلة أخرى، وبعد مدة الزمان وجدها أهلها ترعى الغنم، لتعود في الختام إلى عائلتها الحقيقية بعد أن يتعرف عليها أهلها، غير أن الرحبي لم يفعل في هذه الرواية غير تحويل قالب الحكاية من نص شعري إلى آخر سردي، وقد كان بوسعه أن يغدق عليها من خياله بما ينتج نصا روائيا أكثر إدهاشا. أما روايته الثانية فهي رواية "خريطة الحالم" وهي الأخرى التي لم تكن فنيا بمستوى ما أنتجه في القصة القصيرة، إذ تحكي قصة إمام مسجد يغادر إلى دولة أجنبية ليكتشف عكس التصورات الذهنية المسبقة الذي غُذي عقله بها عن الغرب (غير المسلمين)، وفي علاقتهم بالآخر المسلم.
وفي العام 2013م يصدر "الرحبي" روايته الثالثة "فراشات الروحاني"، وهي الرواية التي عدّها الرحبي نفسه روايته الأولى رغم روايتيه السابقتين، وهي رواية نختلف عن سالفتيها، وتقدم الرحبي عارفا بمداخيل علم النفس من خلال شخصية بطله الروحاني المعالج النفسي، التي يوصّف علاجات نفسية لحالات مختلفة ومتنوعة لا يعدم أن يكون القارئ واحدا منها، غير أن شخصيات روايته كانت كلها – باستثناء الروحاني - شخصيات عابرة، كحال جميع مرتادي العيادات عادة، حتى "كرمة" التي يقع الروحاني في حبها، لم تكن إلا شخصية عابرة، تخرج من حياة الروحاني طبيعيا كما دخلتها ذات مؤتمر في أبوظبي.
12. سالم آل توية:
يسجل حضوره الروائي عبر روايته الجريئة "أيوب شاهين" الصادرة عام 2009م التي تنتصر للمهمشين – أيضا - من أبناء المجتمع العماني، الذين دخلوا في نسيج المجتمع من أعراق مختلفة، ليحكي معاناة لا يصدقها الواقع، ولكنها في الواقع النصي تبدو حكاية محكمة، أظهرت سالم آل تويه روائيا ناضجا، قادرا على إبراز ثيمته الخاصة بما يكشف عن قدرة ظهرت متأخرة.
13. سليمان المعمري:
الذي أعلن إخلاصه للقصة القصيرة وتعهده بالبقاء وفيا لها[30]، يخرج للقارئ بروايته الأولى – التي، رغم إخلاصه للقصة القصيرة، كانت منتظرة – "الذي لا يحب جمال عبد الناصر" في العام 2013م، وهي رواية ترصد أحداث عام 2011م في عمان على خلفية السياق العربي العام المسمى بـ "الربيع العربي" وتأثيراته الجانبية على السلطنة، بأسلوب روائي ساخر[31] راصدا وموثقا، وقد أراد لها "المعمري" أن تكون رواية شاهدة على ما حدث، فأنطق شخصياته معظمها، وأسكت الشخصية الرئيسة التي يحيل إليها العنوان، في لمحة غير مباشرة إلى أن ما يعتمل من أحداث ليس مما يوجب قولا فصلا، وهو الذي ما يزال جدله مستمرا حتى اللحظة وما بعدها، مازجا بين الواقع والفنتازيا، من خلال إعادة بعثه لشخصية جمال عبد الناصر من مرقده ليقابل مصريا بسيطا - يكن لجمال عبدالناصر كرها عميقا - يقيم في السلطنة، لأسباب تسوقها تضاعيف الرواية بدت مقنعة للقارئ إذا ما تعلق الأمر بشخصية "بسيوني سلطان" الذي صودرت أمواله وأراضيه بقرار ناصري مدفوع برغبة في إعادة توزيع ثروات الوطن بين أبناء الشعب. وتحسب لهذه الرواية: توظيفها للفنتازيا من جهة، واحتفاؤها بالسخرية من جهة أخرى، اللتان لولاهما لوقعت في فخ التوثيق الصرف، رغم أنها لو استمرت في مد خط الفنتازيا حتى النهاية وجعلت من شخصية جمال عبدالناصر لاعبة في الأحداث العمانية التي تتعرض لها الرواية لاتخذت بعدا - وفق رؤية شخصية - أكثر إدهاشا [32].
14. نبهان الحنشي:
الذي أصدر مجموعة قصصية واحدة حملت عنوان "سقوط مدوٍ لريشة" يصدر في العام 2014 روايته الأولى "امرأة تضحك في غير أوانها"، مقدما الحب المطارد بأعراف المجتمع التي توزع أفراده إلى مستويات لا يملكون الفكاك منها، وموظفا بعض الأحداث – كما فعل آخرون – أبرزها أحداث العام 2011م، وتداخل التيارات الفكرية في عمان، الإسلامية منها والليبرالية – إن جاز التعبير – مرورا بإعصار جونو الذي أطبق سقف البيت على أم بطل الرواية وأخته في ولاية جعلان.
15. حمود الشكيلي:
وفي سياق الثيمة نفسها يصدر حمود الشكيلي – بعد ثلاث مجموعات قصصية – روايته الأولى "صرخة واحدة لا تكفي" منتصرا فيها للعمال الكادحين عبر شخصية أحمد – سائق سيارة الغاز – موظفا أحداث العام 2005م في روايته مرورا بإعصار جونو في العام 2007م الذي قضى على أصدقائه الذين راحوا ضحية مع من راح غرقا في منطقة الخوير بقلب محافظة مسقط. غير أن الشكيلي أثقل روايته بالإيديولوجيا[33]، وأتخمها بأفكار أكبر من شخصياتها، وقد شهدت هذه الرواية صنعا للأحداث بما يخدم هذا التوجه دون منطقية بعضها أحيانا، حتى بدت رواية تنطق باسم مؤلفها وليس باسم شخصيتها المواطن البسيط "أحمد الغازي" الذي لم يكمل تعلميه، ليكون قدره أن يعمل سائقا لسيارة بيع الغاز في منطقة الخوير 33.
16. محمد الفزاري:
في حين بدت رواية محمد الفزاري "خطّاب بين غيابات القبر" الصادرة في العام 2013م قصة طويلة أكثر من كونها رواية، إذ تناول فيها "الفزاري" أحداث 2011م أيضا، وما سماه في نصه بقضية معتقلي الرأي – أو قضية معتقلي "التجمهر" - وقد بدت رواية تنشد التوثيق بالدرجة الأولى بما يشبه السيرة الذاتية أو اليوميات، بيد أنها افتقدت لمقومات الإقناع الفني الذي غاب عنه تعدد الرؤى، مكتفيا بالرؤية الأحادية، مقلصا الحوار – غير المباشر تحديدا - ليكون متسعا من طرف واحد في حين لم يكن الطرف الآخر سوى مجرد فكرة عامة ونمطية وجاهزة تحاكي الساحات العربية الأخرى، وتلغي خصوصية الزمان والمكان.
17. سالم الجابري:
ممن ظهر فجأة من الروائيين، وقد حققت رواياته نسبة مبيعات هي الأعلى – حسب تصريح لمدير عام دار النشر "مؤسسة بيت الغشام" – الروائي سالم الجابري، الذي أصدر – دون سابق وجود – روايتين في عام واحد، هما: "الديك"، و"حياة بين زمنين" في العام 2013، وقد اعتمد الجابري على الخيال المحض في روايته، لاسيما في روايته الأولى التي يصور فيها بطل الرواية متحولا من شكله الآدمي إلى "ديك"، بدءا من الصياح الذي بدأ يحسه بداخله ويشعر برغبته في إطلاقه، انتهاء بتحوله إلى ديك، ليبقى يفكر في طريقة تجمعه بحبيبته وهو في هيئته العصفورية – إن جاز القول - الجديدة.
18. عبدالله الحرسوسي:
ومن المحاولات في كتابة الرواية – بل هي قصة طويلة أكثر منها رواية – ما كتبه "عبدالله الحرسوسي"، في إصداره "سنوات العزلة" في العام الحالي 2014، وهو نص يقوم على فكرة بسيطة مؤداها أن الشفاء بيد الله وليس بيد أحد، مهما بدا المشعوذ قادرا على تحقيق الشفاء، ذاك المشعوذ الذي يتكشف في الختام أنه غير قادر على جلب الشفاء لنفسه، في قالب سردي ينقصه الكثير من النضج.
شعراء روائيون:
شهد المشهد الروائي العماني – كغيره – ظاهرة الشاعر روائيا، فنشط عدد من الشعراء في الكتابة السردية، بدءا من سيف الرحبي - ومثله سماء عيسى، وزاهر الغافري، وصالح العامري[34] - إذ بدأ الرحبي سردياته بكتابة سيرته "منازل الخطوة الأولى" وانتهاء بيومياته (من الشرق إلى الغرب) في العام 2013، غير أن سرده لم يفرز رواية كما فعل شعراء آخرون، كـــــــ:
19. محمد الحارثي:
الذي أصدر روايته "تنقيح المخطوطة" في العام 2013م، وهو عنوان بدا مستغربا وغير أدبي من شاعر، إذ يحيل إلى كتاب أقرب إلى المضمون العلمي منه إلى الرواية الأدبية.
وقد أظهرت "تنقيح المخطوطة" معرفة مؤلفها الدقيقة بالجيولوجيا والحفريات وعلوم تطور الكائنات، مستعرضا فيها خبرته ومعرفته العلمية الكبيرة، غير أنها بسبب علميتها هذه وجدناها رواية صعبة، وتحتاج من قارئها صبرا طويلا حتى يتمها، إذ بدت – على خلاف المتوقع من شاعر يكتب سردا – رواية جامدة بحكم المادة التي حوتها.
20. زهران القاسمي:
أما الشاعر زهران القاسمي، فقد أصدر روايتين في عامين متتاليين: جبل الشوع في العام 2013م، والقناص في العام 2014م، وقد بدا أنه استفاد من تجربته الروائية في "جبل الشارع" ليتجاوز كثيرا من هناتها في روايته الثانية "القناص" التي جعل فكرتها تدور حول مفهوم الحلم الذي يكون أجمل عندما نكون في الطريق إليه، ولكننا إذا ما بلغناه فإننا نفقد المعنى الذي من أجله نحيا. صور ذلك عبر رحلة بطل روايته في صيد "الوعل" الحيوان الجبلي الكبير. حلم أجداده الذي لم يحققوه، فحققه هو، ولكنه بعد الظفر به، يفقد الإحساس بمتعة الحياة.
وقد تميز القاسمي في الروايتين – والقناص تحديدا – بتصوير الطبيعة الجبلية على نحو دقيق، مقدما تفاصيل قلما يمسك عليها من لم تعش الطبيعة في روحه، مثلما عاش في أكنافها.
21. إبراهيم سعيد:
لم يكن إبراهيم سعيد ليتخلف عن ركب الكتابة السردية، فأصدر في العام الحالي 2014م روايته "الحمدي، الأعمى الشعري" التي تمزج بين النص السردي والنص الشعري معا، حتى التبس على القارئ جنسها الأدبي ما إذا كانت رواية أم شيئا قريبا منها – كما يقول الباحث حمود الشكيلي الذي كتب عنها قراءته بعنوان "كادت حياة الأعمى أن تكون رواية"[35] - وكما يسأل هو نفسه: "أهي رواية حقا؟"[36] غير أنها نص يمزج كل شيء، في قالب لا يخلو من عمق شعري ونظرة فلسفية، وقد بدا أن التحول إلى القوالب النثرية مقصدا يلجأ إليه الشعراء بحثا عن فضاء أوسع ضاقت عنه بحور الشعر، وليس مهما بعد ذلك ما إذا كان الناتج رواية أو شيئا يقترب منها في قضية أخرى تتعلق بتجنيس النص الأدبي.
الرواية النسوية في عمان[37]:
لم تكن البداية في عام 1999 الذي صدرت فيه أول روائية نسوية عمانية بداية عادية، فقد وعت بدرية الشحية مسؤولية أنها تشق طريقا لكل من سيكتبن – ويكتبون بالضرورة – بعدها، فكتبت روايتها على خلاف ما شاع من كتابات سبقتها، سواء على مستوى الثيمة المطروقة أو على مستوى التقنيات الموظفة، إذ تجلت أكبر مظاهر الجرأة الكتابية في "الطواف حيث الجمر" باستخدامها لضمير المتكلمة في سردها لحكاية زهرة، فتاة الجبل الهاربة إلى الجناح الإفريقي من عمان في ذلك الوقت - كما يشير إلى ذلك علي المانعي في كتابه القصة القصيرة في الخليج العربي - فلم تكن تشق طريقا روائيا جديدا على المستوى النسوي وحسب، بل شقته على مستوى الرواية العمانية عامة.
ولم تكتفِ الشحية بروايتها الأولى، بل أصدرت بعد عقد كامل من صدور روايتها الأولى، الرواية الثانية "فيزياء 1" – التي لا مبرر للرقم 1 في عنوانها ما لم تتبعه بفيزياء 2 - معالجة قضايا إشكالية العلاقة بين الشرق والغرب، وقد "استطاعت بقدرة فائقة إثارة الكثير من الجدل الثقافي المحموم"[38]، وكاشفة، في الوقت نفسه، عن شخصية جريئة – هي "كريمة - المتمردة أخلاقيا، مستغلة إقامتها في مسقط بعيدا عن عين الرقيب العائلي لتمارس حريتها غير المحدودة، فبدت رواية صادمة تصور بطلا غير مثالي على الإطلاق، بيد أنها تكشف عما يمكن أن يرشح عنه الواقع من شخصيات مماثلة بسيرورة حياتها ومصيرها ومآلاتها، حتى تزوجت بأجنبي لتنجب منه طفلا بعينين خضراوين.
غير أن "فيزياء 1" بقيت رواية لم تحظ بما حظيت بها روايتها الأولى من درس نقدي كما تستحق – باستثناء ما كتبه الدكتور محمد الشحات في كتابه "نحو كتابة جديدة"[39] كما أحسب - فمازال دوي الرواية الأولى يغطي على الرواية الثانية.
2. جوخة الحارثي:
ظهرت "جوخة الحارثية" روائية - بعد مجموعتها القصصية "مقاطع من سيرة لبنى إذ آن الرحيل" التي فازت بجائزة الشارقة في العام 2001م – إذ أصدرت روايتها الأولى في عام 2004م حملت عنوان "منامات" في مزج غرائبي بين الحلم والواقع، ليجد القارئ نفسه يُكمل في الحلم ما لم يكتمل في الواقع والعكس[40]، وقد بدت لكثير من قرائها بأنها رواية غامضة، غير أنها تفتح أبواب التأويل كشأن الأحلام والمنامات عادة، في انسجام تام بين عنوان الرواية ومادتها.
وفي العام 2010م تصدر "الحارثية" روايتها الثانية "سيدات القمر"، التي عدّت الرواية الأنضج فنيا في ذلك الوقت، وقد حفلت هذه الرواية بعدد كبير من الشخصيات، بيد أنها لم ترتبك أمام زحمتهم، ومضت تناقش ثيمة اختلاف المستويات الاجتماعية بين شخصياتها، ورحلة صناعة الأحلام غير المتحققة، وقد استطاعت اللعب على الحكايات مستغلة تعدد الشخصيات وتنوعها، إذ لم تكن ثمة شخصية بلا حكاية، غير أن تلك الحكايات بتعددها وتنوعها، لم تكن لتساوي بين شخصيات الرواية، فلم تجعل كل نساء الرواية سيدات كما يشي عنوان الرواية، بل إنه مثلما كانت هناك سيدات، وُجدت الإماء والعبدات أيضا، ولم يحملنا النص على التعاطف مع الفئة الأخيرة التي وجدت نفسها أدنى منزلة دون اختيار منها أو قرار.
3. غالية آل سعيد:
في عام 2005م أصدرت غالية آل سعيد روايتها الأولى "أيام في الجنة" وألحقتها بعامين روايتها الثانية "صابرة وأصيلة" في العام 2007م، ثم تتبعهما في العام 2008 روايتها الثالثة "سنين مبعثرة"، لتصدر مؤخرا في العام 2011م روايتها الرابعة "جنون اليأس"، وبذلك تعد غالية آل سعيد أكثر الروائيات العمانيات إنتاجا، غير أن نتاجها لم يلتفت إليه على الأرجح إلا قلة أو على سبيل التنويه من بعضهم ليس إلا، وقد بدا أن لنشأتها في أوروبا وإقامتها هناك دور في خلق عوالم بعض رواياتها – لاسيما روايتها "سنين مبعثرة" – التي تروي حكايةً مكانها وزمانها وشخوصها تنتمي إلى ذلك العالم، بيد أن غالية آل سعيد من الروائيات المخلصات للكتابة بصرف النظر عن درجة الاهتمام النقدي برواياتها، فضلا عن كونها ممن يكتب عن بعد، لذلك غابت عن رواياتها مقاربة الواقع كما يحدث على الأرض.
4. فاطمة الشيدي:
في عام 2009 أصدرت الشاعرة فاطمة الشيدية روايتها الأولى والوحيدة "حفلة الموت" متخذة من فكرة السحرة والدجالين، والموت الظاهري واختطاف الجسد بتلبسه موضوعا لروايتها، وقد حفلت روايتها باللغة الشعرية المسكونة بالوطن ومقوماته، معتمدة على دهشة العنوان في ولوج القارئ إلى متن النص، بغرائبيته التي تجمع ضدي الحفلة والموت[41]، غير أنها حفلة مما يعرفه السحرة والدجالين بموت أحدهم/ أكله.
5. أزهار أحمد:
أما أزهار أحمد، التي عرفت بالكتابة في أدب الطفل، فقد خرجت للقارئ بروايتها الوحيدة أيضا في العام نفسه 2009م، بعنوان "العصفور الأول" وهي رواية تحكي هاجس الكتابة وهمها، في مقارنة تجمع بين الكتابة والغربة والمعاناة، لينطلق بطل الحكاية "مقرن النوري" في رحلة بحثه عن نصه الروائي بالسفر إلى الهند ومعايشة البؤساء، وخلال رحلة الحكي يكتشف القارئ أنه إنما كان يقرأ الرواية الداخلية لـ "لمقرن النوري"، في الوقت نفسه الذي كان يقرأ فيه الرواية الخارجية لأزهار أحمد.
وقد بدا أن رواية "العصفور الأول" من الروايات التي لم تحظَ بحقها هي الأخرى نقديا، وقد أحسب أن عاملين كانا سببا في هذا الإهمال النقدي، أما أولهما فهو أن أزهار أحمد شغلت القارئ بكتابتها عن أدب الطفل، فغفل عن إمكانية أن تكتب رواية للكبار، ومن جهة أخرى، أساء العنوان إلى الرواية، إذ إنه من العناوين المحيلة إلى عناوين أدب الطفل في حين أنها ليست كذلك، لاسيما أنه جاء من كاتبة تعودت الكتابة للطفل أصلا.
6. هدى حمد:
أما هدى حمد – التي أصدرت مجموعتين قصصيتين من قبل "نميمة مالحة" و"ليس بالضبط كما أريد"، ثم مجموعة ثالثة "الإشارة برتقالية الآن" من بعد – فقد أصدرت روايتها الأولى "الأشياء ليست في أماكنها" في العام 2009م، وهي الرواية التي حازت على المركز الأول في مسابقة الشارقة للعام 2008م، وقد كانت هذه الرواية هي بوابة هدى حمد للدخول في عالم السرد الروائي، متناولة قضية التصنيف الاجتماعي بين مستويات الأشخاص، ولكنها هذه المرة عبر الطبقة الوسيطة المسماة "البياسرة" التي هي منزلة وسيطة تقع بين الأعلى مكانة والأدنى منزلة، غير أنها استطاعت الغوص في عمق القضية عبر شخصية "أمل" المنبوذة من الطبقة الأعلى، والرافضة للطبقة الأدنى، لتبقى معلقة في الحياة/ المجتمع، فتختار حريتها المطلقة بأن تفعل ما تشاء، فالبقاء في البرزخ أمر غير محتمل، فلا هي في الأعلى وتهنأ، ولا هي في الأدنى وتستريح. وقد كان تناول هدى حمد لهذه لإشكالية هذه الطبقة من المجتمع جرأة في وقتها، لم يتجاسر إلا قلة من الكتاب العمانيين في إعمال أقلامهم في هذه الثيمة التي بقيت طويلا في منطقة المسكوت عنه اجتماعيا.
ومؤخرا، صدر لـ هدى حمد روايتها الثانية "التي تعد السلالم" في مارس 2014م التي أنجزت خلال محترف نجوى بركات في البحرين، وقد بدت رواية مغايرة تماما في الثيمة والتقنية، إذ وظفت فيها هدى حمد إشكالية الحنين في اتجاهين، مركزة عدستها على قضايا العمالة الوافدة، مقتربة من هموم "فانيش" عاملة المنزل الأثيوبية، عبر فكرة دفتر المذكرات الذي تعثر عليه ربة المنزل – الشخصية الرئيسة – "زهية". ومن جهة أخرى – وعبر "زهية" - تدخل هدى في تفاصيل ما لم يعتد الإنسان العادي تدقيق النظر فيه بحكم اعتياديته، غير أنها بالنسبة لقارئ رجل، فقد استطاعت هدى حمد أن تدخل قارئها الرجل في تفاصيل حياة امرأة، في مطبخها، وصالة جلوسها، أحاديث صديقاتها، وهلوساتها.
ولعل الأهم الذي وظفته هدى حمد في هذه الرواية، هي أحداث الانقلاب الأفريقي على الوجود العماني/ العربي في أفريقيا في منتصف ستينيات القرن الماضي، عبر شخصية عامر "زوج زهية" المولود من أب عماني وأم أفريقية لا يعرف عنها إلا ما يحكيه أبوه له عن أمه "بيسورا" ولم يبق له منها إلا "الليسو" أو غطاء الرأس الذي لفه به أبوه غداة الهروب من نيران الثوار الأفارقة، ليقرر – وقد كان قرارا متأخرا – أن يسافر إلى زنجبار مقتفيا أثر أمه، غير أنه يعود دون رؤيتها، وقد امتلأت روحه بأفريقيا التي رآها لأول مرة بعد أن كان يسمع عنها فقط[42].
والجدير بالقول أن ما ورد في الرواية على لسان – عامر ووالده – من أحاديث عن أهوال الانقلاب الأفريقي، ليجده القارئ – غير العماني تحديدا – صادما وكشفا جديدا لعله لم يكن يعرف عنه من قبل، وهو ما تشي به العبارة المكتوبة على الغلاف الخلفي "تاريخ عماني مهمل يتكشف عبر هذه الرواية وقصص مرت من دون أن ينتبه إليها أحد" – وأحسبه (أي التعليق) لنجوى بركات.
7. زوينة الكلبانية:
أما زوينة الكلبانية، فقد نشطت روائيا في آخر أعوام ثلاثة، فأصدرت "ثالوث وتعويذة" في العام 2011م، و"في كهف الجنون تبدأ الحكاية" في العام 2012م، و"الجوهرة والقبطان" في العام 2014م التي سعت فيها إلى محاكاة الرحلة التاريخية للسفينة الشراعية "جوهرة مسقط" بعد إعادة صنعها على طرازها الأول القديم، والسفر بها عبر عدة محطات وصولا إلى سنغافورة، وقد جمعت في روايتها هذه ما بين الواقع بوصفه سياقا تاريخيا لحدث بحري كبير، بالمتخيل الذي شكل حكاية القبطان مع زوجته وحبه لامرأة أخرى، لينبثق السؤال: إلى أي مدى يمكننا توليد حكاية من صنع الخيال وتركيبها على شخصية حقيقية تعيش معنا دون أن يكون ممكنا القول إنها لا تعنيه، ليتولد سؤال آخر: ما تراه سيكون موقف القبطان في حال أنه قرأ رواية "الجوهرة والقبطان" وقد حل فيها بطلا بحكاية ليست له!
8. عزيزة الطائية:
ولجت عزيزة الطائية[43]، عالم الرواية فكتبت روايتها الأولى "أرض الغياب" في العام 2013م، غير أنها رواية بدت مغرقة في الذاتية ومفتقرة إلى الحبكة، تمتاح شخوصها وعالمها من حياة الكاتبة – كما يعرفها المطلع. قال عنها الدكتور محمد زروق تحت عنوان "تعطل السرد في رواية أرض الغياب": "إن بساطة الأحداث وأُلفة الشخصيات وغياب هزات السرد الكبرى جعل العمل في تصوري قصة قصيرة طالت بتعسف الذات الراوية، فلم تقدر على تمثل الأحداث وتحويلها إلى سرد مرغّب أو إلى سردٍ مُشْكل"[44]
وإضافة إلى الروائيات الثمان، فإن المشهد يسجل روايات لكل من: فاطمة أنور اللواتية، وصفاء الدغيشية - وربما غيرهما ممن لم أوفق في التوصل إليه - ولكني أوردهما هنا ضمن سياق محاولة التقصي التي تحاول الإحاطة ولا تدعيها، غير أني لم أقع على نتاجهما حتى إعداد هذه الورقة.
إذن،
1. شاع لدى الأصوات العمانية الجديدة التطرق إلى الثيمات الأكثر حساسية، وقد وجد الكاتب متنفسه روائيا، وهو ما لم تتحه – بطبيعة الحال – أشكال الكتابة الأخرى. وقد تركزت تلك الثيمات على:
- التاريخ العماني، ومحاولة بعثه على الصعيد الأفريقي – الفردوس العماني المفقود – واستنطاق ما حدث خلال الحكم العماني هناك، أو محاولة تقريب الصورة الفجائعية التي رافقت الانقلاب الأفريقي على ذلك الوجود هناك، كما تمثل لدى محمد بن سيف الرحبي، وبدرية الشحية، وهدى حمد.
- السياسة: المتمثلة في ثورة ظفار – كما يطالعنا أحمد الزبيدي وعلي المعمري– أو فيما يتعلق بالتنظيمات السرية المحظورة في الأعوام 1994 و2005 – وقد حاكاها محمد بن سيف الرحبي، ومحمد بن عيد العريمي، وحسين العبري، وحمود الشكيلي.
- الكوارث الطبيعية: التي اجتاحت عمان في عامي 2007 و2009 بإعصاري جونو وفيت/بيت وقد مثلها سلطان العزري، وحمود الشكيلي، ونبهان الحنشي على تفاوت في مساحة المعالجة، فضلا عن غيرها من الأعمال السردية الأخرى غير الروائية شعرا وقصة قصيرة ويوميات.
- المسكوت عنه اجتماعيا: وما تحدثه من شروخ على المستوى النفسي والاجتماعي، بدءا من الظواهر الاجتماعية المتمثلة في أنماط السلوك، وانتهاء بالطبقيات الاجتماعية كما تعكسها روايات بدرية الشحية، وهدى حمد، ونبهان الحنشي، ومحمد بن سيف الرحبي.
2. تنوعت التقنيات الروائية الموظفة لدى الروائيين العمانيين منذ العام 1999م، فأتقن عدد منهم صنعته بما يجعله مثالا لخط التطور التصاعدي للرواية العمانية، بدءا من التحول الفني الذي طالعتنا به رواية "الطواف حيث الجمر" في خروجها عما كان سائدا من تقنية الراوي العليم – رغم أن هناك من كان يرى أنها التقنية الأنسب لهذه الرواية – مرورا بتقنية تعدد الأصوات التي نجدها في رحلة أبو زيد العماني لمحمد بن سيف الرحبي، وتبكي الأرض يضحك زحل – كما تصفها هدى حمد بأنها أم الرواية العمانية متعددة الأصوات[45] – إلى التقنيات التي وظفت الراوي المساعد لبطل الشخصية كما ظهر في أحمر وأصفر حسين العبري – وليس أخيرا الراوي الذي يروي من موقع الشاهد كما فعل محمد بن سيف الرحبي في روايته الشويرة.
3. لعل ما بدا أن الرقابة الرسمية قد أجازته في السرد الروائي العماني، قد وقفت الرقابة الاجتماعية له بالمرصاد على نحو لا يعكس سعة قرائية بقدر ما يعكس شحنا عاطفيا يفترض في النص الروائي وسيلة لنشر الفضيلة وتأصيل القيم في مجتمع يحب أن يكون في عين نفسه مثاليا، متناسيا أن للنص الأدبي مثاليته الخاصة التي لا صلة لها بمثاليات العامة.
4. الوفرة العددية في الآونة الأخيرة لم تواكبها حركة نقدية موازية، فبقيت الروايات العمانية تتكاثر بدون كاشف نقدي، مع الدعم المؤسسي والخاص على الكتابة والنشر بصرف النظر عن أهلية كثير من الأقلام للكتابة الروائية الرصينة، غير أنها كثرة حميدة رغم ما قد تسببه من استسهال يكثر من الغث ولا يضيف للمنجز شيئا حقيقيا.
أخيرا:
هذا هو مشهدنا الروائي العماني كما يبدو في تطواف سريع بين الأسماء والثيمات، وأحسب أن هذا العمل لن يكتمل ما لم يتوج بدراسة توسعه وتحفر في عمق كل نص على نحو يكشف ما اكتنف تضاعيفه من تفاصيل على صعيديه الفني والموضوعي، وآمل أن تكون هذه الصفحات الضئيلة بوابة لعالم بحثي في الرواية العمانية الجديدة في قادم الوقت.
-----------------------------------------
[1] ورقة مقدمة لـ ملتقى السرد الخليجي في الكويت (6 – 8 مايو 2014م)، ضمن جلسة حملت عنوان (الأصوات الروائية الجديدة في الخليج). نشرت في مجلة نزوى - العدد 85
[2] رغم أن حسين العبري اعترض على مفهوم الجدة في الثقافة والكتابة بشكل عام مادامت تجاوزت الثلاثة عقود من الزمان. انظر كتابه الثقافة المخاتلة، كتاب نزوى، الإصدار التاسع عشر يوليو 2013م، مسقط، ص57 وما بعدها.
[3] حتى لحظة تقديم هذه الورقة في مايو 2014م.
[4] تشير بض الدراسات في الرواية العمانية القليلة إلى أن أقدم نص روائي عماني يعود إلى العام 1939م، وهو رواية "الأحلام" التي نشرت باسم مستعار في زنجبار لكاتب مجهول. انظر: بحث الكندي، محسن: البواكير الروائية العمانية، نماذج من رواية الاستعارة والإشهار، المنشور بكتاب: الرواية في عمان، النشأة والتطور، إصدارات المنتدى الأدبي، مسقط، 2011م، ص11. والقريني، بخيتة: توظيف التراث في الرواية العمانية في العقد الأخير من القرن العشرين، بيروت، مؤسسة الانتشار العربي، 2014، ص11. والسليمية: منى بنت حبراس: الطبيعة في الرواية العمانية، مسقط، مؤسسة بيت الغشام للنشر والترجمة، 2013، ص . والشكيلي: حمود بن حمد، تحليل خطاب الراوي في الرواية العمانية، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2013م، ص 15
[5] انظر: الرحبي، سيف: ذاكرة الشتات، لبنان، بيروت، دار الفارابي، 1991، ص68 وما بعدها.
[6] انظر: الموسوي: شبر شرف، تجربة السرد الروائي في سلطنة عمان، موقع سبلة عمان http://www.s-
oman.net/avb/archive/index.php/t-491024.html
[7]تحليل خطاب الراوي في الرواية العمانية، مرجع سابق، ص15.
[8] الراجحي، باسمة: الشخصيات في روايات سعود المظفر، دراسة سيميائية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة السلطان قابوس، مسقط، 2013م
[9] انظر: الموسوي: شبر شرف، تجربة السرد الروائي في سلطنة عمان، موقع سبلة عمان http://www.s-
oman.net/avb/archive/index.php/t-491024.html
[10] كما يحلو لبعض الدارسين أحيانا أن يحددوا المرحلة الثانية من العام 2000 وحتى العام 2006م، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن هي مرحلتها الثالثة، بيد أنني لا أجد في القولين مبررا مقنعا
[11] انظر: الموسوي: شبر شرف، تجربة السرد الروائي في سلطنة عمان، موقع سبلة عمان http://www.s-
oman.net/avb/archive/index.php/t-491024.html
[12] توظيف التراث في الرواية العمانية، مرج سابق، ص14
[13] المرجع السابق، ص15.
[14] تحليل خطاب الراوي في نماذج من الرواية العمانية، مرجع سابق، ص16
[15] بمدينة صحار، حملت عنوان الرقم 13 ليس نحسا في فبراير 2013م. كشف سليمان المعمري عن هذه الإحصائية في ورقة قدمها
[16] راجع الفصل الثالث من كتابنا "الطبيعة في الرواية العمانية"، مرجع سابق، حيث خصص الفصل الثالث برمته لدراسة الطبيعة البشرية في رواية الأحمر والأصفر.
[17] كتب الدكتور ضياء خضّير مقالا نشر في "ملحق شرفات" بجريدة عمان، العدد 448، بتاريخ 15 من أبريل 2014، بعنوان "حكايات يونس حيم.. بين منطق الواقع ومنطق السرد"، ص6
[18] نظم النادي الثقافي ندوة عنوانها "عالم علي المعمري السردي" صدرت في كتاب مؤخرا من إصدار النادي الثقافي بالعنوان نفسه، دار مسعى، البحرين، 2014
[19] تولت دار الفرقد مؤخرا نشر الأعمال الكاملة لعلي المعمري في طبعة ثانية وصدرت في العام الجاري 2014م.
[20] تلتها صدور مجموعته القصصية الرابعة "الصفرد يعود غريبا" في العام 2012م
[21] درس هذه الرواية الباحث والروائي سالم آل توية في كتابه "الثورة والانقلاب الإنكليزي، دراسة في شخصيات أحمد الزبيدي وفضاءاته السردية"، بيروت، دار الفارابي، 2012م.
[22] انظر: امرأة من ظفار أم ثورة من ظفار، جريدة القدس العربي، الصادرة بتاريخ 3 من مايو 2014م http/www.alquds.co.uk/?p=163883
[23] انظر: امرأة من ظفار أم ثورة من ظفار، المرجع السابق http/www.alquds.co.uk/?p=163883
[24] راجع كتابنا: الطبيعة في الرواية العمانية، مرجع سابق، الفصل الثاني: الطبيعة المؤنسنة في رواية تبكي الأرض يضحك زحل.
[25] لمقدمة هذه الورقة قراءة في رواية أم الدويس حملت عنوان "البطولة المقلوبة أو سلبية المذكر" ضمن فعاليات معرض الكتاب 2013م، علما أنها الرواية التي فازت بالمركز الأول في مسابقة المنتدى الأدبي لعام 2012م.
[26] كتب عنها محمد بن سيف الرحبي في كتابه: سرديات عمانية، بيت الغشام، مسقط، 2013، ص27 وما بعدها.
[27] انظر سرديات عمانية، مرجع سابق، ص43 وما بعدها.
[28] ثمة نصوص سردية أتقنت تصوير الحادثة بعمق إنساني، على سبيل المثال: قصة خمسة ستة لمحمد بن سيف الرحبي ضمن مجموعته القصصية "الصفرد يعود غريبا"، ومثله ما كتبه عبدالرزاق الربيعي تحت عنوان "مدن تئن وذكريات تغرق" وهو عبارة عن يوميات الإعصار الذي متد من 5 – 7 يونيو 007م.
[29] كتب عنها محمد بن سيف الرحبي، سرديات عمانية، مرجع سابق، ص35 وما بعدها.
[30] قال ذلك في لقاء أجرته معه اللجنة الوطنية للشباب في معرض مسقط الدولي للكتاب 2014 بتاريخ 4 من مارس، إثر فوزه بأعلى الأصوات على استفتاء أجرته اللجنة عن أكثر الكتّاب العمانيين مقروئية من الشباب.
[31] كتبت ميسلون هادي: بسيوني الذي لا يحب جمال عبد الناصر وسليمان الذي أدخله في غيبوبة، ملحق شرفات بجريدة عمان، العدد 441 بتاريخ 25 فيراير 2014م.
[32] لمقدمة الورقة قراءة غير منشورة عن رواية "الذي لا يحب جمال عبدالناصر.
[33] كتب عنها الدكتور ضياء خضيّر في مجلة أكثر من حياة: Save BIG with $9.99 .COMs from GoDaddy!
[34] راجع: تحليل خطاب الرواي، مرجع سابق، ص14
[35] الشكيلي، حمود: كادت حياة "ا الأعمى" أن تكون رواية، ملحق شرفات، جريدة عمان، العدد (445) بتاريخ 25 من مارس 2014م
[36] أطلق سؤاله هذا في لقائي به بمعرض الكتاب بمسقط 2014م
[37] تخصيص مبحث خاص للرواية للنسوية لدواع بحثية لا أكثر.
[38] الشحات، محمد: نحو كتابة جديدة، دار الدوسري، البحرين، 2012، ص145
[39] نحو كتابة جديدة"، مرجع سابق، ص140 وما بعدها
[40] انظر: اللواتي، إحسان: في السرد العماني المعاصر، كتاب نزوى، مسقط، 2013، ص95 وما بعدها.
[41] راجع: نحو كتابة جديدة، مرجع سابق، ص131 وما بعدها
[42] لمقدمة الورقة قراءة نقدية غير منشورة في رواية "التي تعد السلالم" قدمت ضمن احتفاء الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالإصدارات العمانية بتاريخ 21 من مايو 2014م.
[43] انظر: زرّوق، محمد: الشعلة والمرآة، بيروت، مؤسسة الانتشار العربي، 2014م، ص69 وما بعدها
[44] الشعلة والمرآة، مرجع سابق، ص69- 70
[45] ورقة قدمتها هدى حمد في ندوة سبقت هذه الجلسة بأسبوع في الكويت أيضا، حملت عنوان "الرواية الخليجية من الكلاسيكية إلى التجريب".
* نقلا عن مدونة الكاتبة
فإن كانت الجدة جدة المكتوب (حديثا)، فالرواية العمانية برمتها مما يعد جديدا. وإن كانت جدة الكاتب (سنا)، فهناك من المؤسسين ممن عاودوا الكتابة بعد انقطاع يقترب من العقد والنصف من الزمان، فجاء جديدهم بجديد. أما إذا كانت الجدة الزمنية فإن ما بدأ من ثمانينيات القرن العشرين – التي يؤرخ بها ميلاد الجنس الروائي في عمان - وحتى (مايو 2014) لأحسبه جديدا في مشهدنا الثقافي العماني[2].
تاريخ النشأة:
يضعنا الحديث عن الرواية في عمان أمام إشكالية تاريخية لا يمكن تجاوزها، فحسب الدراسات التي تناولت الرواية العمانية – على قلتها – تشير إلى أن أول رواية عمانية منشورة تعود للعام 1981م، أي أن عمر الرواية العمانية لا يتجاوز تاريخيا 33 عاما فقط[3] ، وقد يعود بنا التاريخ إلى أقدم من ذلك، إلى العام 1963م، حين كتب عبدالله الطائي - الذي يعد أول من كتب رواية في عمان - روايته "ملائكة الجبل الأخضر"، ثم أتبعها بأعوام روايته الثانية "الشراع الكبير" التي كتبها ما بين عامي 1969 – 1971م وهي التي نشرت في العام 1981م[4]، غير أنهما روايتان مما لا يمكن عدهما روايات بالمستوى الفني المعروف إلا على سبيل التأريخ لهذا الفن الذي سجل الطائي إرهاصاته الأولى في عمان، كما يقول سيف الرحبي: "إن التسلسل التاريخي يفترض عبدالله الطائي من غير تحفظ أو استثناء أول روائي عماني"[5] – أو على سبيل المجاملة كما تقول آمنة الربيع[6] .
كما قد يحدث أن تؤرخ الرواية العمانية أحيانا – كما تشير بعض الدراسات - برواية "قاعا للسقوط اسمه مسقط" في منتصف السبعينيات من القرن الماضي وما تزال مخطوطة لصاحبها أحمد الزبيدي[7].
ومنذ مطلع الثمانينيات وحتى العام 1999م ظهرت مجموعة روايات لعدد من كتّاب الرواية الذي بهم تشكل الجنس الروائي على مدى عقدين من الزمن وبنحو متقارب فنيا، غير أن روايات هذه المرحلة لم تدرس فنيا، واكتفى كل من تناولها بدراستها سوسيولوجيا، وعلى سبيل تتبع النشأة والتأريخ للرواية بما يحفظ للتاريخ حقه، نظرا لكونها مما يتشكل وليس مما اكتمل نضجه حتى تستقيم معه دراسات فنية، إلا ما كان مؤخرا من دراسة الباحثة "باسمة الراجحية" لروايات "سعود المظفر"[8]
وتدور معظم روايات المرحلة الروائية الأولى الممتدة من عام 1963م وحتى العام 1999 حول قضايا التطور الاجتماعي والاقتصادي وقضايا تصادم الحضارات وتأثير العمالة الوافدة، وغيرها من الموضوعات المكررة في السياق الزمني ذاته، ومن روائيي هذه المرحلة:
- سعود المظفر، الذي يعد الروائي الأكثر إنتاجا بـ 10 روايات منذ روايته الأولى "رمال وجليد" المنشورة في العام 1988 التي تعد البداية الفعلية لكتابة الرواية في عمان، ثم روايته "المعلم عبد الرزاق" التي صدرت في عام 1989م، و"رجل وامرأة" في عام 1990م، و"الشيخ" في عام 1991م، و"رجال من جبال الحجر" – وهي الجزء الأول من ثلاثية لم تكتمل في ذلك الوقت - في عام 1995م، و"إنها تمطر في أبريل" في عام 1997م، و"عاطفة محبوسة" في عام 1998م، إلى أن أصدر في عام 2012 ثلاثيتي:"رجال الحجر" – وهي الجزآن الثاني والثالث لرواية "رجال من جبال الحجر" – وثلاثية "المحرمات"، وذلك بعد توقف عن الكتابة استمر لأكثر من 14 عاما.
- وأصدر سيف السعدي في العام 1988 أيضا روايتين هما: "خريف الزمن"، و"جراح السنين"، ثم بعد عام أصدر روايته "الجانب الآخر" في العام 1989م.
- كما أصدر حمد الناصري عددا من الروايات، وهي على التوالي: "أوجاع الزمن الماضي" في عام 1989م، و"الليلة الأخيرة" في عام1989، و"ساعتي لا تزال تدق" في عام 1990، و"مأساة في المدينة ونيران قلب" في عام 1993م، و"حكاية سوداء" في عام 1995م.
- وأصدر مبارك العامري أولى المحاولات الجادة في كتابة الرواية بروايته "مدارات العزلة" في عام 1994م، ثم أتبعها بروايته الثانية بعد عامين "شارع الفراهيدي" في عام 1996م.
- وأصدر علي المعمري روايته الأولى – بعد أربع مجموعات قصصية – "فضاءات الرغبة الأخيرة" في العام 1999م. قبل أن يستأنف في الألفية الجديدة مشروعه الروائي، فأتبع روايته الأولى بــ 3 روايات أخرى، هي: "رابية الخطار"، و"همس الجسور"، و"بن سولع".
- ولعلي أنهي المرحلة الأولى ببدرية الشحية التي أصدرت روايتها الأولى في العام 1999م الموسومة بـ "الطواف حيث الجمر" لتنهي بذلك مرحلة من مراحل النشأة والتأسيس للرواية العمانية، وتعلن بروايتها مرحلة جديدة أوسع أفقا، ومبشرة بمرحلة جديدة من الكتابة الروائية، بطرحها لموضوعات أكثر جرأة، مرتادة مناطق كتابية لم تكن مأهولة بالأقلام الروائية من قبل.
المرحلة الثانية:
أقول: إن المرحلة الأولى تنتهي عند "الطواف حيث الجمر" في العام 1999م، وبها تبدأ المرحلة الثانية رغم أن باحثا آخر، هو الدكتور شبر الموسوي، رسم حدود المرحلة الروائية الأولى تاريخيا من العام 1963م وحتى عام 2007 حين صدرت رواية "همس الجسور" لعلي المعمري - وهي مدة أنتجت نحو 30 رواية فقط على امتداد ما يقترب من نصف قرن من الزمان[9] - بيد أن عددا من الروايات صدرت قبل هذا العام (2007م) كان جديرا أن تؤسس بها المرحلة الثانية من عمر الرواية العمانية القصير، بدءا من طواف بدرية الشحية حيث الجمر وحتى هذه اللحظة[10].
فبدرية الشحية في طوافها لم تؤسس لنص روائي جديد - من حيث الطرح والمضمون وحسب - وإنما أسست لميلاد الرواية النسوية العمانية بوصفها أول روائية عمانية بدأت تخط للأنثى الكاتبة طريقها الخاص في التعبير عن همومها وقضاياها، وتعد روايتها "صرخة احتجاج ضد قمع المرأة، ودعما لها في نضالها من أجل حريتها وحقها في اختيار شريك حياة تحبه وتتزوجه وفقا لاختيارها، وتدور [أحداث هذه الرواية] في ستينيات القرن الماضي"[11] مازجة بين البعدين التاريخي والاجتماعي، كما أنها الرواية التي تبدأ منها معظم الدراسات الفنية للرواية العمانية، إذ إن معظم تلك الدراسات يندر ألا تشير إليها ما لم تكن مادة بحثية تحت عدسة مجهرها المباشرة.
ومع مطلع الألفية الجديدة كان المشهد الروائي العماني على موعد مع أسماء روائية جديدة، بدأت تعطي الرواية العمانية روحها وحياتها، وشكلها الذي يقربها – على تفاوت - من السياق الروائي العربي العام، وقد تنوعت تلك الأسماء وتعددت، فمنها من يكتب الرواية للمرة الأولى، ومنها من قدِم من منطقة القصة القصيرة، كما قدم آخرون من منطقة الشعر – وقد واكب أصحابها مؤخرا الرواية في زمنها ليوجدوا لأنفسهم مكانا في مساحاتها السردية الأوسع، وهو ما بدا ظاهرة عامة توجه الشعراء إلى الكتابة سردا - في حين استمر عدد قليل من جيل الثمانينات والتسعينيات في كتابة روايات جديدة، وغاب بعضهم الآخر قسرا أو اختيارا.
وقد بدا أن جملة الظروف التي أدت إلى قلة الروايات العمانية خلال عقدي الثمانينيات والتسعينيات، التي من بينها تأخر نشأة المدينة العمانية بالمعنى الحديث للمدينة المقترنة بظهور الرواية كجنس أدبي مديني من جهة، وسيطرة الشعر في عمان ودوره في تكوين الذائقة الأدبية وإبعاده لكل تفكير في كتابة فنون أدبية أخرى حتى وقت قريب[12] من جهة أخرى، فضلا عن سمة الهدوء التي اتسمت بها الحياة العمانية غالبا، وغياب الأحداث الكبرى التي تغذي الكتابة الروائية بنحو يخرجها عن الأنماط الكتابية السائدة، تلك الظروف قد جوبهت كلها بنقيضتها التي أعطت الرواية في عمان دفعة جعلتها تتزايد عددا وبوتيرة أسرع، وتخوض غمار التجريب في محاولة لكسر الطابع الذي شاع في العقدين السالفين، وقد استفادت روايات هذه المرحلة في معظمها "من اشتباك كتّابها بالمنجز الروائي العربي والعالمي، فباتت في كثير منها أقرب إلى الفن الروائي الحقيقي، متجاوزة مثيلاتها في القرن العشرين"[13]، ونظرا لغياب الدراسات الببليوغرافية الراصدة للمنتج الروائي العماني فإن التتبع الفاحص لكل الروايات الصادرة منذ العام 2000م ألزمني جهدا مضنيا في تتبعها، ذلك التتبع الذي لن يسلم من مزلق السهو الذي قد يسقط روايات حقها أن تكون تحت دائرة الرصد.
ولكن إذا كان الدكتور شبر الموسوي – كما أشرنا سابقا - أحصى 30 رواية منذ عام 1963 وحتى العام 2007م، فإن حمود الشكيلي أحصى 60 رواية حتى العام 2012م[14]، مما يعد كافيا للتدليل على الزيادة الكمية في عدد الروايات، فما تم إنجازه في قرابة نصف قرن – حسب الموسوي - أنجز مثيله في خمسة أعوام فقط، يضاف إليه ما أحصاه "سليمان المعمري" من روايات صدرت خلال العام 2013م منفردا، مشيرا إلى أن قرابة 13 رواية جديدة وجدت طريقها إلى القارئ العماني والعربي في ذلك العام وحده[15]، وهو رقم قد يبدو ضئيلا في سياقات خليجية وعربية أخرى، غير أنه رقم ملفت في السياق الروائي العماني على نحو خاص.
ولما كان صعبا على ورقة عجلى كهذه أن تحتوي كل الأسماء التي سجلت اسمها ممهورا على غلاف رواية، إلا أن الأصوات الروائية الحقيقية تفرض حضورها في المشهد الروائي الجديد، ولكني مع ذلك حاولت تتبع الأسماء التي دخلت العالم السردي الروائي رغم خطورة المحاولة، ولهذا فإن هذه الورقة وإن كانت لا تعد برصد المنتج العماني كله الذي يقصر عنه مجهود ورقة عجلى، غير أنها تعد بأن تكون نواة لمشروع بحثي أوسع تقصيا، وأعمق غوصا في الأبعاد الفنية:
1. حسين العبري:
في العام 2001م صدرت لحسين العبري روايته الأولى "ديازبام"، ولكنه كرّس نفسه روائيا بصدور روايته الثانية "الوخز" التي صدرت في العام 2006م، والتي عدها بعضهم سيرة روائية، إذ تناول فيها أحداث العام 2005م الذي شهد ما عرف بالتنظيم السري وسعيه لإحياء الإمامة في عمان، عبر بطل يروي بضمير المتكلم بوصفه واحدا ممن عايشوا تفاصيل الحدث بشكل أو بآخر، ثم يصدر العبري روايته الثالثة "المعلقة الأخيرة" التي صدرت في العام 2008م، وأخيرا روايته الرابعة "الأحمر والأصفر" التي صدرت في العام 2010م.
وباستثناء روايته/ "الوخز"، اختط حسين العبري في رواياته خطا سيكولوجيا في اختيار موضوعاته ورسم شخوصه، بدءا من روايته "ديازبام" التي تعني نوعا من العقاقير الطبية المستخدمة في العلاج النفسي، مرورا بالمعلقة الأخيرة التي يصور فيها شخصية تعاني عطبا نفسيا ما، ينتهي بها الحال إلى الانتحار على أحد جسور العاصمة، وكذلك الشأن مع رواية "الأحمر والأصفر" التي لا تختلف نهايتها عن نهاية سابقتها؛ تجسيدا للفشل في صنع التوازنات النفسية لشخصيات رواياته[16].
ومنذ رواية الوخز بدا "العبري" ملفتا في تبينه لقاعدة كسر التابوهات الثلاثة، وارتياده للمناطق المحرمة لاسيما في روايتيه "الوخز" و"الأحمر والأصفر" اللتين بدتا صادمتين على نحو لم يتعوده القارئ من كاتب عماني من قبل.
2. محمد بن عيد العريمي:
فقد ظهر كاتبا يتخذ من الكتابة تحديا في سبيل الحياة، وحلا وجوديا إزاء أزمة البحث عن الذات، فأصدر سيرته الروائية "مذاق الصبر" في العام 2001م، وهي رواية يصور فيها مكابداته مع الإعاقة التي تعرض لها إثر حادث سير تعرض له في العام 1981م، صاغها في قالب له نكهته الروائية الموجعة. وواصل الكتابة من بعد بإصدار روايته الثانية "حز القيد" التي صدرت في العام 2005م، مستلهما أحداثا مشابهة لتلك التي تناولها "العبري" غير أنه آثر ألا يحدد مكانا وزمانا حقيقيين، ثم يصدر في العام 2008 روايته الثالثة "بين الصحراء والماء"، وهي سيرة روائية أخرى تسبر رحلته بين بحرين أحدهما من رمل وآخر من ماء، فقد بدا من خلال هذه الرواية مسكونا بذاته وأوجاعه التي لم تشفها "مذاق الصبر" حتى أتبعها بهذه الرواية الثالثة/ السيرة الثانية.
ومؤخرا صدرت له رواية "حكايات يونس حيم" في معرض مسقط للكتاب الأخير في فبراير 2014م، وفيها يلمس القارئ نفسا مغايرا عما سبق للعريمي كتابته[17]، يصور صراع الطبقة البورجوازية من أجل النفوذ، والتضحية بروابط الدم من أجل المال.
3. علي المعمري:
الذي بدأ مع جيل التسعينيات بروايته "فضاءات الرغبة الأخيرة" الصادرة في عام 1999م، فقد أصدر روايته الثانية "رابية الخطّار" في العام 2003م، ليؤكد على مسيرته الروائية، إلا أن البداية الحقيقية لعلي المعمري – والبصمة الأدبية - كانت مع روايته "همس الجسور" الصادرة في العام 2007م – التي، كما سبق، جعلها الدكتور الموسوي مفتتحا للمرحلة الروائية الجديدة في عمان – وهي الرواية التي وظف فيها أحداث حرب "ظفار" في ستينيات القرن العشرين، وقد كرّس "المعمري" اشتغاله على البعد التاريخي في روايته الأخيرة "بن سولع" الصادرة في العام 2010م، قبل أن يغادر عالمنا في الـ 14 من يناير من العام 2013م، وكان قد عزم على ترك كتابة التاريخ سردا[18] ولكنه تركها برمتها ليترك لنا ما مجموعه أربع روايات وأربع مجموعات قصصية قبلها[19].
4. محمد بن سيف الرحبي:
الذي كانت له في تسعينيات القرن الماضي 3 مجموعات قصصية، يصدر روايته الأولى "رحلة أبو زيد العماني" في العام 2005م، وهي رواية تصور تنظيما سريا محظورا آخر في العام 1994م، ثم أصدر روايته الثانية "الخشت" في العام 2008م التي تصور واقعا صادما لما يدور خلف الأبواب المغلقة في مدينة كبيرة كـ"مسقط"، ثم بعدها بثلاثة أعوام يصدر روايته الثالثة "السيد مر من هنا" في العام 2011م، ليحاكي سيرة حياة السلطان سعيد بن سلطان مؤسس الإمبراطورية العمانية بجناحيها الشرقي والأفريقي[20]، ويعيد بعثه عبر بطل غريب يحب هذا السلطان، لتدور أحداث الرواية بين زمنين، زمن الحاضر الذي ينتمي إليه الفتى (البطل)، وزمن السلطان سعيد بن سلطان، ويجمع المؤلف بينهما لكشف ما يمكن به استنطاق ما لم يقله التاريخ من سيرة حياة هذا الرجل الإمبراطور، والشخصيات التاريخية الأخرى في عصره كشخصية أول مبعوث عربي إلى الولايات المتحدة الأمريكية "أحمد بن النعمان". وأخير أصدر الرحبي قبل أشهر – في معرض مسقط للكتاب 2014 – روايته الرابعة "الشويرة" تيمنا باسم بلدته في "سرور" بولاية سمائل. تناول فيها ثيمة "المهمشين" عبر إثارته لقضية الطبقية الاجتماعية التي يرزح تحتها بطل الرواية، الواقع بين طبقتين تشدانه صعودا وهبوطا بين درجاتهما فيدهسه في تفاصيلهما المنتمون إلى الطبقتين معا.
5. أحمد الزبيدي:
القادم من جيل سابق، ليضع بين أيدينا ثلاث روايات مثيرة للجدل – بعد أن كانت له رواية مخطوطة منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي موسومة بـ "قاعا للسقوط اسمه مسقط" وليس يُعلم على وجه الدقة ما إذا كانت تلك المخطوطة هي إحدى الروايات الثلاث المنشورة بين أيدينا الآن أم ما تزال مخطوطة لدى صاحبها - أما أولاها، فهي رواية "أحوال القبائل عشية الانقلاب الإنكليزي في صلالة"[21] الصادرة في العام 2008م، وهي رواية مسكونة بأحداث حرب ظفار، متبنيا خط الدفاع عن الثورة، ومهموما بالهم السياسي الذي رافق تلك الفترة. وبقي الزبيدي يكتب أعماله السردية من وحي المنطقة الزمنية ذاتها، وممتلئا بالمكان ذاته، فأصدر في العام 2012م روايته الثانية "سنوات النار"، ثم في العام 2013 أصدر روايته الثالثة التي حملت عنوان: "امرأة من ظفار" أو "ثيت من ظفول" حسب الترجمة إلى اللهجة الشحرية الظفارية، "ولم تقتصر الرواية على أحداث الثورة وإرهاصاتها، بل تناولت الثقافة في ظفار، المعتقدات واللغات والعادات والتقاليد والمساكن وطرق الحياة"[22]. وقد عدّها محمد الشحري جزءا ثالثا لروايتيه السابقتين، محيلا إلى الثورة المرموز إليها بالمرأة، غير أن المختلف في روايته الثالثة هو تخليه عن الرمز، ولجوؤه إلى اللغة المباشرة وكأنما – حسب قول الشحري[23] – أراد التخلص من ذاكرته دفعة واحدة التي بقيت إصدارا بعد آخر تراوده عما شهد من تفاصيل عايشها ونافح من أجلها، لعله بعد شفائه منها يُخرج للقارئ جديدا مغايرا عما شغل نفسه به في إصداراته كلها.
6. عبد العزيز الفارسي:
يخرج في العام 2007م بروايته الأولى "تبكي الأرض يضحك زحل" – والوحيدة حتى الآن – لتقدم بطلا متمثلا في الطبيعة التي أنسنها وجعلها صانع الحدث الأول، لتعلو كلمتها وصوتها على كل أصوات شخصيات الرواية، التي بدت شخصيات سلبية تجاه الواقع، تتحرك وفق الحدث ولا تحركه، متخذا في روايته تقنية تعدد الأصوات، التي تؤدي كلها في الختام صوت الطبيعة والممثلة لها[24].
7. خالد الكندي:
الذي بدا أنه اتخذ لنفسه منحى وثيق الصلة بالتراث العماني، والمرويات الشعبية، التي وجدت طريقها - من خلاله - عبر سلسة روايات بدأها بـ "صراع العقول" الصادرة في عام 2010م التي تتخذ طابعا بوليسيا في أجواء قروية تتولى القلعة ممثلة في شخص الوالي حل النزاعات بين أهل القرية، وفك لغز ما قد يحدث هنا وهناك بحثا عن فاعل ومقترف، ثم في عام 2012م يصدر رواية "أم الدويس"[25] التي تخبرنا عن شخصية وهمية تدعى "أم الدويس" المرأة الحسناء – أو المرعبة أحيانا – التي تظهر في الليل لتخيف الكبار والصغار على حد سواء، ويختلف عقابها لهم بحسب الجرم، لتبقى الصورة واحدة في الأذهان، عن امرأة ليلية تثير الرعب في النفوس. غير أن الكندي قدم المرأة في هذه الرواية في صورة البطولة في أكمل صورها الذكورية، في مقابل الرجل السلبي قليل الحيلة. وبعدها أصدر "الكندي" روايته "القافر" في عام 2013 التي تشبه في مناخها العام روايته الأولى "صراع العقول"، وأخيرا يصدر مرارة الذئب في العام 2014م، وقد صاغ "الكندي" رواياته في قالب لغوي رصين ذي بعد أخلاقي تربوي تعليمي، موثقا التراث الحكائي العماني.
8. أحمد الرحبي:
أصدر روايته "الوافد" في العام 2012م، وقد بدت قريبة من السيرة الذاتية، حفلت بتناقض العنوان مع المعنى الذي ترومه الرواية، من أن الوافد – الذي يحيل إلى الأجنبي عادة – ليس إلا ابن الأرض العائد إليها بعد غياب، وقد بدا أنها رواية تقترب هي الأخرى من القصة الطويلة أكثر من كونها رواية[26].
9. يونس الأخزمي:
يصدر روايته الأولى "الصوت" الصادرة في عام 2012م، بعد تجربة قصصية، وهي الرواية التي تمتزج فيها الأشياء، وتعلي من شأن الحواس، وما الصوت إلا مدخل من مداخلها، غير أنها رواية ذات بعد فلسفي مشبع بالروحانية.
10. سلطان العزري:
يصدر روايته الأولى – والوحيدة حتى الآن - "سفينة نوح" في عام 2012م، بعد مجموعته القصصية – الوحيدة أيضا - "تواطؤ"، متناولا فيها كارثة إعصار جونو الطبيعية، وما فعله في البشر والحجر، غير أنه جعل منها رواية عتب وإدانات للإعلام والحكومة ولكل ما هو سلطوي[27]، بشكل أخرجها (الرواية) من الأدبية إلى التقريرية[28].
11. محمود الرحبي:
وفي الوقت الذي بزغ فيه نجمه كاتبا ملفتا للقصة القصيرة – بثلاث مجموعات قصصية: "اللون البني"، و"لماذا لا تمزح معي"، و"أرجوحة فوق زمنين" ليتوج في العام 2012 بجائزة السلطان قابوس للثقافة والآداب والفنون في دورتها الأولى عن مجموعته القصصية الرابعة "ساعة زوال"، وجدناه في العام 2010م - يصدر روايتين دفعة واحدة، هما "درب المسحورة"[29] التي يحاكي فيها حكاية تراثية أوردها نور الدين السالمي شعرا في كتابه الشهير "تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان" عن قصة فتاة اختطفها السحرة من أهلها، وعثرت عليها عائلة أخرى، وبعد مدة الزمان وجدها أهلها ترعى الغنم، لتعود في الختام إلى عائلتها الحقيقية بعد أن يتعرف عليها أهلها، غير أن الرحبي لم يفعل في هذه الرواية غير تحويل قالب الحكاية من نص شعري إلى آخر سردي، وقد كان بوسعه أن يغدق عليها من خياله بما ينتج نصا روائيا أكثر إدهاشا. أما روايته الثانية فهي رواية "خريطة الحالم" وهي الأخرى التي لم تكن فنيا بمستوى ما أنتجه في القصة القصيرة، إذ تحكي قصة إمام مسجد يغادر إلى دولة أجنبية ليكتشف عكس التصورات الذهنية المسبقة الذي غُذي عقله بها عن الغرب (غير المسلمين)، وفي علاقتهم بالآخر المسلم.
وفي العام 2013م يصدر "الرحبي" روايته الثالثة "فراشات الروحاني"، وهي الرواية التي عدّها الرحبي نفسه روايته الأولى رغم روايتيه السابقتين، وهي رواية نختلف عن سالفتيها، وتقدم الرحبي عارفا بمداخيل علم النفس من خلال شخصية بطله الروحاني المعالج النفسي، التي يوصّف علاجات نفسية لحالات مختلفة ومتنوعة لا يعدم أن يكون القارئ واحدا منها، غير أن شخصيات روايته كانت كلها – باستثناء الروحاني - شخصيات عابرة، كحال جميع مرتادي العيادات عادة، حتى "كرمة" التي يقع الروحاني في حبها، لم تكن إلا شخصية عابرة، تخرج من حياة الروحاني طبيعيا كما دخلتها ذات مؤتمر في أبوظبي.
12. سالم آل توية:
يسجل حضوره الروائي عبر روايته الجريئة "أيوب شاهين" الصادرة عام 2009م التي تنتصر للمهمشين – أيضا - من أبناء المجتمع العماني، الذين دخلوا في نسيج المجتمع من أعراق مختلفة، ليحكي معاناة لا يصدقها الواقع، ولكنها في الواقع النصي تبدو حكاية محكمة، أظهرت سالم آل تويه روائيا ناضجا، قادرا على إبراز ثيمته الخاصة بما يكشف عن قدرة ظهرت متأخرة.
13. سليمان المعمري:
الذي أعلن إخلاصه للقصة القصيرة وتعهده بالبقاء وفيا لها[30]، يخرج للقارئ بروايته الأولى – التي، رغم إخلاصه للقصة القصيرة، كانت منتظرة – "الذي لا يحب جمال عبد الناصر" في العام 2013م، وهي رواية ترصد أحداث عام 2011م في عمان على خلفية السياق العربي العام المسمى بـ "الربيع العربي" وتأثيراته الجانبية على السلطنة، بأسلوب روائي ساخر[31] راصدا وموثقا، وقد أراد لها "المعمري" أن تكون رواية شاهدة على ما حدث، فأنطق شخصياته معظمها، وأسكت الشخصية الرئيسة التي يحيل إليها العنوان، في لمحة غير مباشرة إلى أن ما يعتمل من أحداث ليس مما يوجب قولا فصلا، وهو الذي ما يزال جدله مستمرا حتى اللحظة وما بعدها، مازجا بين الواقع والفنتازيا، من خلال إعادة بعثه لشخصية جمال عبد الناصر من مرقده ليقابل مصريا بسيطا - يكن لجمال عبدالناصر كرها عميقا - يقيم في السلطنة، لأسباب تسوقها تضاعيف الرواية بدت مقنعة للقارئ إذا ما تعلق الأمر بشخصية "بسيوني سلطان" الذي صودرت أمواله وأراضيه بقرار ناصري مدفوع برغبة في إعادة توزيع ثروات الوطن بين أبناء الشعب. وتحسب لهذه الرواية: توظيفها للفنتازيا من جهة، واحتفاؤها بالسخرية من جهة أخرى، اللتان لولاهما لوقعت في فخ التوثيق الصرف، رغم أنها لو استمرت في مد خط الفنتازيا حتى النهاية وجعلت من شخصية جمال عبدالناصر لاعبة في الأحداث العمانية التي تتعرض لها الرواية لاتخذت بعدا - وفق رؤية شخصية - أكثر إدهاشا [32].
14. نبهان الحنشي:
الذي أصدر مجموعة قصصية واحدة حملت عنوان "سقوط مدوٍ لريشة" يصدر في العام 2014 روايته الأولى "امرأة تضحك في غير أوانها"، مقدما الحب المطارد بأعراف المجتمع التي توزع أفراده إلى مستويات لا يملكون الفكاك منها، وموظفا بعض الأحداث – كما فعل آخرون – أبرزها أحداث العام 2011م، وتداخل التيارات الفكرية في عمان، الإسلامية منها والليبرالية – إن جاز التعبير – مرورا بإعصار جونو الذي أطبق سقف البيت على أم بطل الرواية وأخته في ولاية جعلان.
15. حمود الشكيلي:
وفي سياق الثيمة نفسها يصدر حمود الشكيلي – بعد ثلاث مجموعات قصصية – روايته الأولى "صرخة واحدة لا تكفي" منتصرا فيها للعمال الكادحين عبر شخصية أحمد – سائق سيارة الغاز – موظفا أحداث العام 2005م في روايته مرورا بإعصار جونو في العام 2007م الذي قضى على أصدقائه الذين راحوا ضحية مع من راح غرقا في منطقة الخوير بقلب محافظة مسقط. غير أن الشكيلي أثقل روايته بالإيديولوجيا[33]، وأتخمها بأفكار أكبر من شخصياتها، وقد شهدت هذه الرواية صنعا للأحداث بما يخدم هذا التوجه دون منطقية بعضها أحيانا، حتى بدت رواية تنطق باسم مؤلفها وليس باسم شخصيتها المواطن البسيط "أحمد الغازي" الذي لم يكمل تعلميه، ليكون قدره أن يعمل سائقا لسيارة بيع الغاز في منطقة الخوير 33.
16. محمد الفزاري:
في حين بدت رواية محمد الفزاري "خطّاب بين غيابات القبر" الصادرة في العام 2013م قصة طويلة أكثر من كونها رواية، إذ تناول فيها "الفزاري" أحداث 2011م أيضا، وما سماه في نصه بقضية معتقلي الرأي – أو قضية معتقلي "التجمهر" - وقد بدت رواية تنشد التوثيق بالدرجة الأولى بما يشبه السيرة الذاتية أو اليوميات، بيد أنها افتقدت لمقومات الإقناع الفني الذي غاب عنه تعدد الرؤى، مكتفيا بالرؤية الأحادية، مقلصا الحوار – غير المباشر تحديدا - ليكون متسعا من طرف واحد في حين لم يكن الطرف الآخر سوى مجرد فكرة عامة ونمطية وجاهزة تحاكي الساحات العربية الأخرى، وتلغي خصوصية الزمان والمكان.
17. سالم الجابري:
ممن ظهر فجأة من الروائيين، وقد حققت رواياته نسبة مبيعات هي الأعلى – حسب تصريح لمدير عام دار النشر "مؤسسة بيت الغشام" – الروائي سالم الجابري، الذي أصدر – دون سابق وجود – روايتين في عام واحد، هما: "الديك"، و"حياة بين زمنين" في العام 2013، وقد اعتمد الجابري على الخيال المحض في روايته، لاسيما في روايته الأولى التي يصور فيها بطل الرواية متحولا من شكله الآدمي إلى "ديك"، بدءا من الصياح الذي بدأ يحسه بداخله ويشعر برغبته في إطلاقه، انتهاء بتحوله إلى ديك، ليبقى يفكر في طريقة تجمعه بحبيبته وهو في هيئته العصفورية – إن جاز القول - الجديدة.
18. عبدالله الحرسوسي:
ومن المحاولات في كتابة الرواية – بل هي قصة طويلة أكثر منها رواية – ما كتبه "عبدالله الحرسوسي"، في إصداره "سنوات العزلة" في العام الحالي 2014، وهو نص يقوم على فكرة بسيطة مؤداها أن الشفاء بيد الله وليس بيد أحد، مهما بدا المشعوذ قادرا على تحقيق الشفاء، ذاك المشعوذ الذي يتكشف في الختام أنه غير قادر على جلب الشفاء لنفسه، في قالب سردي ينقصه الكثير من النضج.
شعراء روائيون:
شهد المشهد الروائي العماني – كغيره – ظاهرة الشاعر روائيا، فنشط عدد من الشعراء في الكتابة السردية، بدءا من سيف الرحبي - ومثله سماء عيسى، وزاهر الغافري، وصالح العامري[34] - إذ بدأ الرحبي سردياته بكتابة سيرته "منازل الخطوة الأولى" وانتهاء بيومياته (من الشرق إلى الغرب) في العام 2013، غير أن سرده لم يفرز رواية كما فعل شعراء آخرون، كـــــــ:
19. محمد الحارثي:
الذي أصدر روايته "تنقيح المخطوطة" في العام 2013م، وهو عنوان بدا مستغربا وغير أدبي من شاعر، إذ يحيل إلى كتاب أقرب إلى المضمون العلمي منه إلى الرواية الأدبية.
وقد أظهرت "تنقيح المخطوطة" معرفة مؤلفها الدقيقة بالجيولوجيا والحفريات وعلوم تطور الكائنات، مستعرضا فيها خبرته ومعرفته العلمية الكبيرة، غير أنها بسبب علميتها هذه وجدناها رواية صعبة، وتحتاج من قارئها صبرا طويلا حتى يتمها، إذ بدت – على خلاف المتوقع من شاعر يكتب سردا – رواية جامدة بحكم المادة التي حوتها.
20. زهران القاسمي:
أما الشاعر زهران القاسمي، فقد أصدر روايتين في عامين متتاليين: جبل الشوع في العام 2013م، والقناص في العام 2014م، وقد بدا أنه استفاد من تجربته الروائية في "جبل الشارع" ليتجاوز كثيرا من هناتها في روايته الثانية "القناص" التي جعل فكرتها تدور حول مفهوم الحلم الذي يكون أجمل عندما نكون في الطريق إليه، ولكننا إذا ما بلغناه فإننا نفقد المعنى الذي من أجله نحيا. صور ذلك عبر رحلة بطل روايته في صيد "الوعل" الحيوان الجبلي الكبير. حلم أجداده الذي لم يحققوه، فحققه هو، ولكنه بعد الظفر به، يفقد الإحساس بمتعة الحياة.
وقد تميز القاسمي في الروايتين – والقناص تحديدا – بتصوير الطبيعة الجبلية على نحو دقيق، مقدما تفاصيل قلما يمسك عليها من لم تعش الطبيعة في روحه، مثلما عاش في أكنافها.
21. إبراهيم سعيد:
لم يكن إبراهيم سعيد ليتخلف عن ركب الكتابة السردية، فأصدر في العام الحالي 2014م روايته "الحمدي، الأعمى الشعري" التي تمزج بين النص السردي والنص الشعري معا، حتى التبس على القارئ جنسها الأدبي ما إذا كانت رواية أم شيئا قريبا منها – كما يقول الباحث حمود الشكيلي الذي كتب عنها قراءته بعنوان "كادت حياة الأعمى أن تكون رواية"[35] - وكما يسأل هو نفسه: "أهي رواية حقا؟"[36] غير أنها نص يمزج كل شيء، في قالب لا يخلو من عمق شعري ونظرة فلسفية، وقد بدا أن التحول إلى القوالب النثرية مقصدا يلجأ إليه الشعراء بحثا عن فضاء أوسع ضاقت عنه بحور الشعر، وليس مهما بعد ذلك ما إذا كان الناتج رواية أو شيئا يقترب منها في قضية أخرى تتعلق بتجنيس النص الأدبي.
الرواية النسوية في عمان[37]:
لم تكن البداية في عام 1999 الذي صدرت فيه أول روائية نسوية عمانية بداية عادية، فقد وعت بدرية الشحية مسؤولية أنها تشق طريقا لكل من سيكتبن – ويكتبون بالضرورة – بعدها، فكتبت روايتها على خلاف ما شاع من كتابات سبقتها، سواء على مستوى الثيمة المطروقة أو على مستوى التقنيات الموظفة، إذ تجلت أكبر مظاهر الجرأة الكتابية في "الطواف حيث الجمر" باستخدامها لضمير المتكلمة في سردها لحكاية زهرة، فتاة الجبل الهاربة إلى الجناح الإفريقي من عمان في ذلك الوقت - كما يشير إلى ذلك علي المانعي في كتابه القصة القصيرة في الخليج العربي - فلم تكن تشق طريقا روائيا جديدا على المستوى النسوي وحسب، بل شقته على مستوى الرواية العمانية عامة.
ولم تكتفِ الشحية بروايتها الأولى، بل أصدرت بعد عقد كامل من صدور روايتها الأولى، الرواية الثانية "فيزياء 1" – التي لا مبرر للرقم 1 في عنوانها ما لم تتبعه بفيزياء 2 - معالجة قضايا إشكالية العلاقة بين الشرق والغرب، وقد "استطاعت بقدرة فائقة إثارة الكثير من الجدل الثقافي المحموم"[38]، وكاشفة، في الوقت نفسه، عن شخصية جريئة – هي "كريمة - المتمردة أخلاقيا، مستغلة إقامتها في مسقط بعيدا عن عين الرقيب العائلي لتمارس حريتها غير المحدودة، فبدت رواية صادمة تصور بطلا غير مثالي على الإطلاق، بيد أنها تكشف عما يمكن أن يرشح عنه الواقع من شخصيات مماثلة بسيرورة حياتها ومصيرها ومآلاتها، حتى تزوجت بأجنبي لتنجب منه طفلا بعينين خضراوين.
غير أن "فيزياء 1" بقيت رواية لم تحظ بما حظيت بها روايتها الأولى من درس نقدي كما تستحق – باستثناء ما كتبه الدكتور محمد الشحات في كتابه "نحو كتابة جديدة"[39] كما أحسب - فمازال دوي الرواية الأولى يغطي على الرواية الثانية.
2. جوخة الحارثي:
ظهرت "جوخة الحارثية" روائية - بعد مجموعتها القصصية "مقاطع من سيرة لبنى إذ آن الرحيل" التي فازت بجائزة الشارقة في العام 2001م – إذ أصدرت روايتها الأولى في عام 2004م حملت عنوان "منامات" في مزج غرائبي بين الحلم والواقع، ليجد القارئ نفسه يُكمل في الحلم ما لم يكتمل في الواقع والعكس[40]، وقد بدت لكثير من قرائها بأنها رواية غامضة، غير أنها تفتح أبواب التأويل كشأن الأحلام والمنامات عادة، في انسجام تام بين عنوان الرواية ومادتها.
وفي العام 2010م تصدر "الحارثية" روايتها الثانية "سيدات القمر"، التي عدّت الرواية الأنضج فنيا في ذلك الوقت، وقد حفلت هذه الرواية بعدد كبير من الشخصيات، بيد أنها لم ترتبك أمام زحمتهم، ومضت تناقش ثيمة اختلاف المستويات الاجتماعية بين شخصياتها، ورحلة صناعة الأحلام غير المتحققة، وقد استطاعت اللعب على الحكايات مستغلة تعدد الشخصيات وتنوعها، إذ لم تكن ثمة شخصية بلا حكاية، غير أن تلك الحكايات بتعددها وتنوعها، لم تكن لتساوي بين شخصيات الرواية، فلم تجعل كل نساء الرواية سيدات كما يشي عنوان الرواية، بل إنه مثلما كانت هناك سيدات، وُجدت الإماء والعبدات أيضا، ولم يحملنا النص على التعاطف مع الفئة الأخيرة التي وجدت نفسها أدنى منزلة دون اختيار منها أو قرار.
3. غالية آل سعيد:
في عام 2005م أصدرت غالية آل سعيد روايتها الأولى "أيام في الجنة" وألحقتها بعامين روايتها الثانية "صابرة وأصيلة" في العام 2007م، ثم تتبعهما في العام 2008 روايتها الثالثة "سنين مبعثرة"، لتصدر مؤخرا في العام 2011م روايتها الرابعة "جنون اليأس"، وبذلك تعد غالية آل سعيد أكثر الروائيات العمانيات إنتاجا، غير أن نتاجها لم يلتفت إليه على الأرجح إلا قلة أو على سبيل التنويه من بعضهم ليس إلا، وقد بدا أن لنشأتها في أوروبا وإقامتها هناك دور في خلق عوالم بعض رواياتها – لاسيما روايتها "سنين مبعثرة" – التي تروي حكايةً مكانها وزمانها وشخوصها تنتمي إلى ذلك العالم، بيد أن غالية آل سعيد من الروائيات المخلصات للكتابة بصرف النظر عن درجة الاهتمام النقدي برواياتها، فضلا عن كونها ممن يكتب عن بعد، لذلك غابت عن رواياتها مقاربة الواقع كما يحدث على الأرض.
4. فاطمة الشيدي:
في عام 2009 أصدرت الشاعرة فاطمة الشيدية روايتها الأولى والوحيدة "حفلة الموت" متخذة من فكرة السحرة والدجالين، والموت الظاهري واختطاف الجسد بتلبسه موضوعا لروايتها، وقد حفلت روايتها باللغة الشعرية المسكونة بالوطن ومقوماته، معتمدة على دهشة العنوان في ولوج القارئ إلى متن النص، بغرائبيته التي تجمع ضدي الحفلة والموت[41]، غير أنها حفلة مما يعرفه السحرة والدجالين بموت أحدهم/ أكله.
5. أزهار أحمد:
أما أزهار أحمد، التي عرفت بالكتابة في أدب الطفل، فقد خرجت للقارئ بروايتها الوحيدة أيضا في العام نفسه 2009م، بعنوان "العصفور الأول" وهي رواية تحكي هاجس الكتابة وهمها، في مقارنة تجمع بين الكتابة والغربة والمعاناة، لينطلق بطل الحكاية "مقرن النوري" في رحلة بحثه عن نصه الروائي بالسفر إلى الهند ومعايشة البؤساء، وخلال رحلة الحكي يكتشف القارئ أنه إنما كان يقرأ الرواية الداخلية لـ "لمقرن النوري"، في الوقت نفسه الذي كان يقرأ فيه الرواية الخارجية لأزهار أحمد.
وقد بدا أن رواية "العصفور الأول" من الروايات التي لم تحظَ بحقها هي الأخرى نقديا، وقد أحسب أن عاملين كانا سببا في هذا الإهمال النقدي، أما أولهما فهو أن أزهار أحمد شغلت القارئ بكتابتها عن أدب الطفل، فغفل عن إمكانية أن تكتب رواية للكبار، ومن جهة أخرى، أساء العنوان إلى الرواية، إذ إنه من العناوين المحيلة إلى عناوين أدب الطفل في حين أنها ليست كذلك، لاسيما أنه جاء من كاتبة تعودت الكتابة للطفل أصلا.
6. هدى حمد:
أما هدى حمد – التي أصدرت مجموعتين قصصيتين من قبل "نميمة مالحة" و"ليس بالضبط كما أريد"، ثم مجموعة ثالثة "الإشارة برتقالية الآن" من بعد – فقد أصدرت روايتها الأولى "الأشياء ليست في أماكنها" في العام 2009م، وهي الرواية التي حازت على المركز الأول في مسابقة الشارقة للعام 2008م، وقد كانت هذه الرواية هي بوابة هدى حمد للدخول في عالم السرد الروائي، متناولة قضية التصنيف الاجتماعي بين مستويات الأشخاص، ولكنها هذه المرة عبر الطبقة الوسيطة المسماة "البياسرة" التي هي منزلة وسيطة تقع بين الأعلى مكانة والأدنى منزلة، غير أنها استطاعت الغوص في عمق القضية عبر شخصية "أمل" المنبوذة من الطبقة الأعلى، والرافضة للطبقة الأدنى، لتبقى معلقة في الحياة/ المجتمع، فتختار حريتها المطلقة بأن تفعل ما تشاء، فالبقاء في البرزخ أمر غير محتمل، فلا هي في الأعلى وتهنأ، ولا هي في الأدنى وتستريح. وقد كان تناول هدى حمد لهذه لإشكالية هذه الطبقة من المجتمع جرأة في وقتها، لم يتجاسر إلا قلة من الكتاب العمانيين في إعمال أقلامهم في هذه الثيمة التي بقيت طويلا في منطقة المسكوت عنه اجتماعيا.
ومؤخرا، صدر لـ هدى حمد روايتها الثانية "التي تعد السلالم" في مارس 2014م التي أنجزت خلال محترف نجوى بركات في البحرين، وقد بدت رواية مغايرة تماما في الثيمة والتقنية، إذ وظفت فيها هدى حمد إشكالية الحنين في اتجاهين، مركزة عدستها على قضايا العمالة الوافدة، مقتربة من هموم "فانيش" عاملة المنزل الأثيوبية، عبر فكرة دفتر المذكرات الذي تعثر عليه ربة المنزل – الشخصية الرئيسة – "زهية". ومن جهة أخرى – وعبر "زهية" - تدخل هدى في تفاصيل ما لم يعتد الإنسان العادي تدقيق النظر فيه بحكم اعتياديته، غير أنها بالنسبة لقارئ رجل، فقد استطاعت هدى حمد أن تدخل قارئها الرجل في تفاصيل حياة امرأة، في مطبخها، وصالة جلوسها، أحاديث صديقاتها، وهلوساتها.
ولعل الأهم الذي وظفته هدى حمد في هذه الرواية، هي أحداث الانقلاب الأفريقي على الوجود العماني/ العربي في أفريقيا في منتصف ستينيات القرن الماضي، عبر شخصية عامر "زوج زهية" المولود من أب عماني وأم أفريقية لا يعرف عنها إلا ما يحكيه أبوه له عن أمه "بيسورا" ولم يبق له منها إلا "الليسو" أو غطاء الرأس الذي لفه به أبوه غداة الهروب من نيران الثوار الأفارقة، ليقرر – وقد كان قرارا متأخرا – أن يسافر إلى زنجبار مقتفيا أثر أمه، غير أنه يعود دون رؤيتها، وقد امتلأت روحه بأفريقيا التي رآها لأول مرة بعد أن كان يسمع عنها فقط[42].
والجدير بالقول أن ما ورد في الرواية على لسان – عامر ووالده – من أحاديث عن أهوال الانقلاب الأفريقي، ليجده القارئ – غير العماني تحديدا – صادما وكشفا جديدا لعله لم يكن يعرف عنه من قبل، وهو ما تشي به العبارة المكتوبة على الغلاف الخلفي "تاريخ عماني مهمل يتكشف عبر هذه الرواية وقصص مرت من دون أن ينتبه إليها أحد" – وأحسبه (أي التعليق) لنجوى بركات.
7. زوينة الكلبانية:
أما زوينة الكلبانية، فقد نشطت روائيا في آخر أعوام ثلاثة، فأصدرت "ثالوث وتعويذة" في العام 2011م، و"في كهف الجنون تبدأ الحكاية" في العام 2012م، و"الجوهرة والقبطان" في العام 2014م التي سعت فيها إلى محاكاة الرحلة التاريخية للسفينة الشراعية "جوهرة مسقط" بعد إعادة صنعها على طرازها الأول القديم، والسفر بها عبر عدة محطات وصولا إلى سنغافورة، وقد جمعت في روايتها هذه ما بين الواقع بوصفه سياقا تاريخيا لحدث بحري كبير، بالمتخيل الذي شكل حكاية القبطان مع زوجته وحبه لامرأة أخرى، لينبثق السؤال: إلى أي مدى يمكننا توليد حكاية من صنع الخيال وتركيبها على شخصية حقيقية تعيش معنا دون أن يكون ممكنا القول إنها لا تعنيه، ليتولد سؤال آخر: ما تراه سيكون موقف القبطان في حال أنه قرأ رواية "الجوهرة والقبطان" وقد حل فيها بطلا بحكاية ليست له!
8. عزيزة الطائية:
ولجت عزيزة الطائية[43]، عالم الرواية فكتبت روايتها الأولى "أرض الغياب" في العام 2013م، غير أنها رواية بدت مغرقة في الذاتية ومفتقرة إلى الحبكة، تمتاح شخوصها وعالمها من حياة الكاتبة – كما يعرفها المطلع. قال عنها الدكتور محمد زروق تحت عنوان "تعطل السرد في رواية أرض الغياب": "إن بساطة الأحداث وأُلفة الشخصيات وغياب هزات السرد الكبرى جعل العمل في تصوري قصة قصيرة طالت بتعسف الذات الراوية، فلم تقدر على تمثل الأحداث وتحويلها إلى سرد مرغّب أو إلى سردٍ مُشْكل"[44]
وإضافة إلى الروائيات الثمان، فإن المشهد يسجل روايات لكل من: فاطمة أنور اللواتية، وصفاء الدغيشية - وربما غيرهما ممن لم أوفق في التوصل إليه - ولكني أوردهما هنا ضمن سياق محاولة التقصي التي تحاول الإحاطة ولا تدعيها، غير أني لم أقع على نتاجهما حتى إعداد هذه الورقة.
إذن،
1. شاع لدى الأصوات العمانية الجديدة التطرق إلى الثيمات الأكثر حساسية، وقد وجد الكاتب متنفسه روائيا، وهو ما لم تتحه – بطبيعة الحال – أشكال الكتابة الأخرى. وقد تركزت تلك الثيمات على:
- التاريخ العماني، ومحاولة بعثه على الصعيد الأفريقي – الفردوس العماني المفقود – واستنطاق ما حدث خلال الحكم العماني هناك، أو محاولة تقريب الصورة الفجائعية التي رافقت الانقلاب الأفريقي على ذلك الوجود هناك، كما تمثل لدى محمد بن سيف الرحبي، وبدرية الشحية، وهدى حمد.
- السياسة: المتمثلة في ثورة ظفار – كما يطالعنا أحمد الزبيدي وعلي المعمري– أو فيما يتعلق بالتنظيمات السرية المحظورة في الأعوام 1994 و2005 – وقد حاكاها محمد بن سيف الرحبي، ومحمد بن عيد العريمي، وحسين العبري، وحمود الشكيلي.
- الكوارث الطبيعية: التي اجتاحت عمان في عامي 2007 و2009 بإعصاري جونو وفيت/بيت وقد مثلها سلطان العزري، وحمود الشكيلي، ونبهان الحنشي على تفاوت في مساحة المعالجة، فضلا عن غيرها من الأعمال السردية الأخرى غير الروائية شعرا وقصة قصيرة ويوميات.
- المسكوت عنه اجتماعيا: وما تحدثه من شروخ على المستوى النفسي والاجتماعي، بدءا من الظواهر الاجتماعية المتمثلة في أنماط السلوك، وانتهاء بالطبقيات الاجتماعية كما تعكسها روايات بدرية الشحية، وهدى حمد، ونبهان الحنشي، ومحمد بن سيف الرحبي.
2. تنوعت التقنيات الروائية الموظفة لدى الروائيين العمانيين منذ العام 1999م، فأتقن عدد منهم صنعته بما يجعله مثالا لخط التطور التصاعدي للرواية العمانية، بدءا من التحول الفني الذي طالعتنا به رواية "الطواف حيث الجمر" في خروجها عما كان سائدا من تقنية الراوي العليم – رغم أن هناك من كان يرى أنها التقنية الأنسب لهذه الرواية – مرورا بتقنية تعدد الأصوات التي نجدها في رحلة أبو زيد العماني لمحمد بن سيف الرحبي، وتبكي الأرض يضحك زحل – كما تصفها هدى حمد بأنها أم الرواية العمانية متعددة الأصوات[45] – إلى التقنيات التي وظفت الراوي المساعد لبطل الشخصية كما ظهر في أحمر وأصفر حسين العبري – وليس أخيرا الراوي الذي يروي من موقع الشاهد كما فعل محمد بن سيف الرحبي في روايته الشويرة.
3. لعل ما بدا أن الرقابة الرسمية قد أجازته في السرد الروائي العماني، قد وقفت الرقابة الاجتماعية له بالمرصاد على نحو لا يعكس سعة قرائية بقدر ما يعكس شحنا عاطفيا يفترض في النص الروائي وسيلة لنشر الفضيلة وتأصيل القيم في مجتمع يحب أن يكون في عين نفسه مثاليا، متناسيا أن للنص الأدبي مثاليته الخاصة التي لا صلة لها بمثاليات العامة.
4. الوفرة العددية في الآونة الأخيرة لم تواكبها حركة نقدية موازية، فبقيت الروايات العمانية تتكاثر بدون كاشف نقدي، مع الدعم المؤسسي والخاص على الكتابة والنشر بصرف النظر عن أهلية كثير من الأقلام للكتابة الروائية الرصينة، غير أنها كثرة حميدة رغم ما قد تسببه من استسهال يكثر من الغث ولا يضيف للمنجز شيئا حقيقيا.
أخيرا:
هذا هو مشهدنا الروائي العماني كما يبدو في تطواف سريع بين الأسماء والثيمات، وأحسب أن هذا العمل لن يكتمل ما لم يتوج بدراسة توسعه وتحفر في عمق كل نص على نحو يكشف ما اكتنف تضاعيفه من تفاصيل على صعيديه الفني والموضوعي، وآمل أن تكون هذه الصفحات الضئيلة بوابة لعالم بحثي في الرواية العمانية الجديدة في قادم الوقت.
-----------------------------------------
[1] ورقة مقدمة لـ ملتقى السرد الخليجي في الكويت (6 – 8 مايو 2014م)، ضمن جلسة حملت عنوان (الأصوات الروائية الجديدة في الخليج). نشرت في مجلة نزوى - العدد 85
[2] رغم أن حسين العبري اعترض على مفهوم الجدة في الثقافة والكتابة بشكل عام مادامت تجاوزت الثلاثة عقود من الزمان. انظر كتابه الثقافة المخاتلة، كتاب نزوى، الإصدار التاسع عشر يوليو 2013م، مسقط، ص57 وما بعدها.
[3] حتى لحظة تقديم هذه الورقة في مايو 2014م.
[4] تشير بض الدراسات في الرواية العمانية القليلة إلى أن أقدم نص روائي عماني يعود إلى العام 1939م، وهو رواية "الأحلام" التي نشرت باسم مستعار في زنجبار لكاتب مجهول. انظر: بحث الكندي، محسن: البواكير الروائية العمانية، نماذج من رواية الاستعارة والإشهار، المنشور بكتاب: الرواية في عمان، النشأة والتطور، إصدارات المنتدى الأدبي، مسقط، 2011م، ص11. والقريني، بخيتة: توظيف التراث في الرواية العمانية في العقد الأخير من القرن العشرين، بيروت، مؤسسة الانتشار العربي، 2014، ص11. والسليمية: منى بنت حبراس: الطبيعة في الرواية العمانية، مسقط، مؤسسة بيت الغشام للنشر والترجمة، 2013، ص . والشكيلي: حمود بن حمد، تحليل خطاب الراوي في الرواية العمانية، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2013م، ص 15
[5] انظر: الرحبي، سيف: ذاكرة الشتات، لبنان، بيروت، دار الفارابي، 1991، ص68 وما بعدها.
[6] انظر: الموسوي: شبر شرف، تجربة السرد الروائي في سلطنة عمان، موقع سبلة عمان http://www.s-
oman.net/avb/archive/index.php/t-491024.html
[7]تحليل خطاب الراوي في الرواية العمانية، مرجع سابق، ص15.
[8] الراجحي، باسمة: الشخصيات في روايات سعود المظفر، دراسة سيميائية، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة السلطان قابوس، مسقط، 2013م
[9] انظر: الموسوي: شبر شرف، تجربة السرد الروائي في سلطنة عمان، موقع سبلة عمان http://www.s-
oman.net/avb/archive/index.php/t-491024.html
[10] كما يحلو لبعض الدارسين أحيانا أن يحددوا المرحلة الثانية من العام 2000 وحتى العام 2006م، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن هي مرحلتها الثالثة، بيد أنني لا أجد في القولين مبررا مقنعا
[11] انظر: الموسوي: شبر شرف، تجربة السرد الروائي في سلطنة عمان، موقع سبلة عمان http://www.s-
oman.net/avb/archive/index.php/t-491024.html
[12] توظيف التراث في الرواية العمانية، مرج سابق، ص14
[13] المرجع السابق، ص15.
[14] تحليل خطاب الراوي في نماذج من الرواية العمانية، مرجع سابق، ص16
[15] بمدينة صحار، حملت عنوان الرقم 13 ليس نحسا في فبراير 2013م. كشف سليمان المعمري عن هذه الإحصائية في ورقة قدمها
[16] راجع الفصل الثالث من كتابنا "الطبيعة في الرواية العمانية"، مرجع سابق، حيث خصص الفصل الثالث برمته لدراسة الطبيعة البشرية في رواية الأحمر والأصفر.
[17] كتب الدكتور ضياء خضّير مقالا نشر في "ملحق شرفات" بجريدة عمان، العدد 448، بتاريخ 15 من أبريل 2014، بعنوان "حكايات يونس حيم.. بين منطق الواقع ومنطق السرد"، ص6
[18] نظم النادي الثقافي ندوة عنوانها "عالم علي المعمري السردي" صدرت في كتاب مؤخرا من إصدار النادي الثقافي بالعنوان نفسه، دار مسعى، البحرين، 2014
[19] تولت دار الفرقد مؤخرا نشر الأعمال الكاملة لعلي المعمري في طبعة ثانية وصدرت في العام الجاري 2014م.
[20] تلتها صدور مجموعته القصصية الرابعة "الصفرد يعود غريبا" في العام 2012م
[21] درس هذه الرواية الباحث والروائي سالم آل توية في كتابه "الثورة والانقلاب الإنكليزي، دراسة في شخصيات أحمد الزبيدي وفضاءاته السردية"، بيروت، دار الفارابي، 2012م.
[22] انظر: امرأة من ظفار أم ثورة من ظفار، جريدة القدس العربي، الصادرة بتاريخ 3 من مايو 2014م http/www.alquds.co.uk/?p=163883
[23] انظر: امرأة من ظفار أم ثورة من ظفار، المرجع السابق http/www.alquds.co.uk/?p=163883
[24] راجع كتابنا: الطبيعة في الرواية العمانية، مرجع سابق، الفصل الثاني: الطبيعة المؤنسنة في رواية تبكي الأرض يضحك زحل.
[25] لمقدمة هذه الورقة قراءة في رواية أم الدويس حملت عنوان "البطولة المقلوبة أو سلبية المذكر" ضمن فعاليات معرض الكتاب 2013م، علما أنها الرواية التي فازت بالمركز الأول في مسابقة المنتدى الأدبي لعام 2012م.
[26] كتب عنها محمد بن سيف الرحبي في كتابه: سرديات عمانية، بيت الغشام، مسقط، 2013، ص27 وما بعدها.
[27] انظر سرديات عمانية، مرجع سابق، ص43 وما بعدها.
[28] ثمة نصوص سردية أتقنت تصوير الحادثة بعمق إنساني، على سبيل المثال: قصة خمسة ستة لمحمد بن سيف الرحبي ضمن مجموعته القصصية "الصفرد يعود غريبا"، ومثله ما كتبه عبدالرزاق الربيعي تحت عنوان "مدن تئن وذكريات تغرق" وهو عبارة عن يوميات الإعصار الذي متد من 5 – 7 يونيو 007م.
[29] كتب عنها محمد بن سيف الرحبي، سرديات عمانية، مرجع سابق، ص35 وما بعدها.
[30] قال ذلك في لقاء أجرته معه اللجنة الوطنية للشباب في معرض مسقط الدولي للكتاب 2014 بتاريخ 4 من مارس، إثر فوزه بأعلى الأصوات على استفتاء أجرته اللجنة عن أكثر الكتّاب العمانيين مقروئية من الشباب.
[31] كتبت ميسلون هادي: بسيوني الذي لا يحب جمال عبد الناصر وسليمان الذي أدخله في غيبوبة، ملحق شرفات بجريدة عمان، العدد 441 بتاريخ 25 فيراير 2014م.
[32] لمقدمة الورقة قراءة غير منشورة عن رواية "الذي لا يحب جمال عبدالناصر.
[33] كتب عنها الدكتور ضياء خضيّر في مجلة أكثر من حياة: Save BIG with $9.99 .COMs from GoDaddy!
[34] راجع: تحليل خطاب الرواي، مرجع سابق، ص14
[35] الشكيلي، حمود: كادت حياة "ا الأعمى" أن تكون رواية، ملحق شرفات، جريدة عمان، العدد (445) بتاريخ 25 من مارس 2014م
[36] أطلق سؤاله هذا في لقائي به بمعرض الكتاب بمسقط 2014م
[37] تخصيص مبحث خاص للرواية للنسوية لدواع بحثية لا أكثر.
[38] الشحات، محمد: نحو كتابة جديدة، دار الدوسري، البحرين، 2012، ص145
[39] نحو كتابة جديدة"، مرجع سابق، ص140 وما بعدها
[40] انظر: اللواتي، إحسان: في السرد العماني المعاصر، كتاب نزوى، مسقط، 2013، ص95 وما بعدها.
[41] راجع: نحو كتابة جديدة، مرجع سابق، ص131 وما بعدها
[42] لمقدمة الورقة قراءة نقدية غير منشورة في رواية "التي تعد السلالم" قدمت ضمن احتفاء الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالإصدارات العمانية بتاريخ 21 من مايو 2014م.
[43] انظر: زرّوق، محمد: الشعلة والمرآة، بيروت، مؤسسة الانتشار العربي، 2014م، ص69 وما بعدها
[44] الشعلة والمرآة، مرجع سابق، ص69- 70
[45] ورقة قدمتها هدى حمد في ندوة سبقت هذه الجلسة بأسبوع في الكويت أيضا، حملت عنوان "الرواية الخليجية من الكلاسيكية إلى التجريب".
* نقلا عن مدونة الكاتبة