د. محمد عباس محمد عرابي - عبادة جبر الخواطر(أقوال وشواهد)

‏‏

عرض /محمد عباس محمد عرابي​

جبر الخواطر من الأخلاق الإسلاميةالعظيمة التي تدل على سمو النفس وعظمة القلب وسلامة الصدر ورجاحة العقل، يجبر بها المسلم نفوساً كسرت وقلوباً فطرت وأجساماً أرهقت وأشخاص أرواح أحبابهم أزهقت.

وهيعبادة يتقرب بها المسلم (خير الناس أنفعهم للناس) ومن يقوم بها من أحب الناس إلى الله (عنابْنِ عُمَرَ: " أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ وَأَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تَطْرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلِأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ، شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ أَمْنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ ، أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ .((روى الطبراني في "المعجم الكبير" (13646)، و"المعجم الأوسط" (6026)، و "المعجم الصغير" (861) عن عَبْد الرَّحْمَنِ بْن قَيْسٍ الضَّبِّيُّ قَالَ: حدثنا سُكَيْنُ بْنُ سِرَاجٍ قَالَ: حدثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: ")

وقد حث القرآن الكريم على جبر الخواطر:

{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَىٰوَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا}. النساء: 8

قال -سبحانه-: (إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ قَوْلًا مَّيْسُورًا)

وفي قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} سورة الضحى9-10

وجبر الخواطر المنكسرة، مثل المطلقة قال -تعالى-: (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)،فجبر خاطرها بالمتعة وهي العِوض المادي.

ومثل قوله تعالى :(قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ).

وجبر اللهخاطر يوسف عليه السلام بأن جعله عزيز مصر بعد سجنه في قوله -جل وعلا-: (فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا).

وجبر الله تعالى خاطر أم موسى -عليه السلام-قال-تعالى-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).

وفي السنة النبوية:

نجد جبر الخواطر في قوله -عليه الصلاة والسلام-: (والكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ).

وجبر الرسول (صلى الله عليه وسلم) خاطر المريض بالزيارة: (أَطْعِمُوا الجائِعَ، وعُودُوا المَرِيضَ، وفُكُّوا العانِيَ)وجبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم أيضًا خاطر -فقراء المهاجرين بقوله: (أَوَليسَ قدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ ما تَصَّدَّقُونَ؟ إنَّ بكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عن مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وفي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ)

قالوا عن جبر الخواطر:

-إذا أردت أن تعيش مجبور الخاطر، فلا تكسر خواطر الآخرين.

-من سار بين الناس جابرًا للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر.

يقول سفيان الثوري رحمه الله (ما رأيت عبادة أجل وأعظم من جبر الخواطر)

‏يقول أحد الكتاب:" إماطة الأذى عن مشاعر وقلوب الناس لايقل درجة عن إماطة الأذى عن طريقهم اجبروا الخواطر وراعوا المشاعر وانتقوا كلماتكم وتلطفوا بأفعالكم ولا تؤلموا أحداً وقولوا للناس حسنا وعيشوا أنقياء أصفياء سنرحل ويبقى الأثر."


يقول رجل محب لجبر الخواطر:" رحم الله أمي وأسكنها فسيح جناته، كانت دائما تجبر الخواطر، وكانت دائما تقول: جبر الخواطر على الله؛ لذا فإنه منذ نعومة أظفاري، أجبر الخواطر لا أرد من يقصدني مادام في استطاعتي، وأبذل قصارى جهدي في ألا أجعله كسير الخاطر أو النفس!! :

قصة حقيقية:

يقول أحد الكتاب "انتهت إجازته وركب الطائرة عائداً إلى بلده .. بجانبه امرأة مسنة من الفلاحات

‏في الطائرة قاموا بتقديم وجبات الطعام ومع كل وجبة قطعة حلوى بيضاء .. المرأة المسنة فتحت قطعة (الحلوى) و بدأت تأكلها بقطعة خبز ظناً منها أنها قطعة جبنة بسبب اللون الأبيض .. وعندما اكتشفت أنها (حلوى) شعرت بإحراج شديد ونظرت إلى الرجل الذي بجانبها، فتظاهر بأنه لم يرَ ما حصل .. ثوان قليلة، قام بفتح قطعة (الحلوى ) من صحنه

‏وقام بما قامت به المرأة المسنة تماماً فضحكتْ المرأة .. فقال لها: سيدتي لماذا لم تخبريني أنها حلوى وليست جبنة .

‏فقالت المرأة: وأنا كذلك كنت أظنها جبنة مثلك !!

‏بالتأكيد كان يعرف أنها ليست جبنة، ويعرف أنها رحلة وتنتهي، ويعرف أنها مجرد امرأة بسيطة .."

جعلنا الله وإياكم من الذين يجبرون الخواطر.

المراجع:

مهدي راسم، عبادة جبر الخواطر

من اقرأ إلى واسجد واقترب - إسلام أون لاين/

موضوع، أكبر موقع عربي بالعالمأجمل ما قيل في جبر الخواطر

رغد غنام،٣ يوليو ٢٠٢٣

درجة حديث ابن عمر: أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ - الإسلام سؤال وجواب

منى شامية، ٢٢ أغسطس ٢٠٢٣

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى