فوز حمزة - محمداوي وصابرين... _ قصة قصيرة _

محمداوي رجل جزائري مجفف بالوحدة، مشدود للحلم، لم يلتقيها صدفة، ولم يكن على موعد معها،
استأنف حديثه:
محمداوي قَدِمَ إلى القاهرة بدعوة من مهرجان كبير نال فيهِ المركز الأول في الرواية ليمثل بها بلده، أما صابرين ابنة اليمن، فكانت شاعرة يشار لها بالقلب قبل البنان وبهذا استحقت أن تكون الأولى واستطرد بالقول:
لو تعلمين ما تقوله في الحب؟!
ظلتْ عيون المرأة تترقب، لكن هذه المرة بنفاذ صبر فيما كان إبهاماها يدوران خلف بعضهما. صوته قطع كل ذلك وهو يقول بعد تنهيدة طويلة:
ما إن تلاقتْ العينان بالعينين حتى تغير كل شيء، لون صابرين الأسمر لم يشكل أيّة أهمية لمحمداوي الذي كان راغبًا في الزواج من شقراء نحيفة حتى إنه لم يبدِ اعتراضًا على الثاّلول الصغير أعلى جبينها، على العكس من ذلك، زاده ذلك تعلقًا بها في محاولة منه للخروج من التقليدية.
لهجته الجزائرية المليئة بالكلمات الفرنسية والتي أحيانًا ما كانت تضطر الشاعرة للتوقف والاستفسار عن معناها، زادتها إعجابًا به مع أن الحديث بينهما كان ينتهي نهاية بعيدة عن بدايته، لكن لا بأس، نحتاج إلى دماء جديدةِ. بهذا العذر أسكتت صابرين هواجسها.
نظر إلى سقف الغرفة كأنه يحدث نفسه:
اشتعل الحب سريعًا في الغابات الخضراء فأنار الصحراء المظلمة، نشر الدفء في الزوايا الرطبة ليمنحهم حياة أخرى، أما لواعج الأنسام فقد ملأت قلبيهما بالفرح، تحضن كفه حين يلامس كفها وتذوب الثلوج حين تنضم الأذرع لبعضها فتستكين الأرواح.
أصبح نور القمر بهيًا والشمس تأبى المغيب لولا أجراس المساء.
السماء دانية تتدلى منها الغيوم لتحملهما بعيدًا ثم تعود بهما محملين بالنور والنجوم. حقًا إن الحب حين يجمع بين قلبين فأن سحره يغمرهما دون حدود!
- هل إنتهى كل شيء؟.
بلهفة سألت المرأة.
أخذ يحملق في الأوراق التي أمامه وبنبرة لا تخلو من حزن قال:
- هل شهدتِ يومًا انتزاع الأوراق من الأشجار؟! هل تعرفين كيف تغدو الحياة حين تتبعثر الأحلام؟!.
لكن هذه المرة لم يشق الفجر ثوبه، بل بقي متشحًا بالسواد حين رفضوا إعطاء محمداوي العاشق تأشيرة دخول إلى اليمن، وعلى الأرجح هو لم يفهم حديث موظف السفارة حينما قال له:
- اذهب وتعلم العربية جيدًا قبل التفكير في دخول بلادنا لتتزوج من بناتنا!.
أما صابرين فلم تعرف إلى الآن سبب الرفض القادم من بلاد محمداوي الذي وقع فوق قلبها كالصاعقة المدوية رغم أنها كانت تمني نفسها في دخول بلاد لم تفكر من قبل في زيارتها.
عاد محمداوي يبحث عن شقراء نحيفة تشبه أمه الفرنسية، فيما عادت صابرين تحفر ما جرى في خاصرة الوجع وفي حواشي الذاكرة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى