وأنا أتصفح بعض وسائل التواصل الاجتماعي والتيك توك بالضبط، تفاجأت ببعض أشباه المؤثرين يدافعون عن عميد كلية بن مسيك، ويوهمونه بأنه كان على حق، وأن الطالبة التي ارتدت الكوفية في حفل التخرج سيّست الموقف، وأن الحرم الجامعي يجب أن يبقى في منأى عن السياسة. وأن كل المغاربة الذين وقفوا دفاعا عن الطالبة والكوفية مجرد رعاع لا يفقهون شيئا، وسيضيّعون البلد وقضيته الوطنية.. ثم جاءت التبريرات (تازة قبل غزة).. (الكوفية خرقة تشكل خطرا على الوحدة الوطنية).. (وجيب يا فم وقول)..
وأن هذا البعض يخلط بين احتلال إسرائيل لأرض فلسطين، واسترجاع المغرب لصحرائه، ويحاول ضمنيا خلق تشابه بين الوضعين رغم اختلاف القضيتين وبُعد بعضهما عن البعض بعد السماء عن الأرض.. وهو نفس الطرح الذي يستعمله أعداء الوحدة الوطنية في دول الجوار..
الصحراء كانت ولازالت جزءا من الأراضي المغربية خضعت في الفترة الاستعمارية للاحتلال الاسباني مثلها في ذلك مثل الريف المغربي.. ثم حررها المغرب في أواسط السبعينات بعد أن دعا الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله إلى المسيرة الخضراء سنة 1975. وقد عارضت إحدى المنظمات الصحراوية اليسارية انضمام الصحراء للمغرب بدعم من بعض القوى الإقليمية مثل الجزائر وليبيا، خاصة وأن الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي كانت آنذاك في أوجها..
أما بالنسبة لأرض فلسطين فالأمر مختلف. منذ وعد بلفور بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى والحركة الصهيونية تخطط، وتتغلغل في الأراضي الفلسطينية بتواطؤ مع القوى الاستعمارية والقوى العظمى في هذه الحقبة مثل بريطانيا وفرنسا التي اقتسمت النفوذ في المنطقة.. بعد ذلك بدأ التهجير وبدأت المذابح، وبدأ معها استعمار استيطاني جديد، يشجعه ويغطي عليه الانتداب البريطاني. وبعد انهزام الجيوش العربية في نكبة 1948، ستُعلن الأمم المتحدة الاعتراف بدولة إسرائيل، وتدعو إلى التقسيم..
وأتحدى من يدافع عن حق إسرائيل في فلسطين أن يسأل أغلب هؤلاء الإسرائيليين من أين قدموا إلى أرض فلسطين!؟. جماعات قادمة من أمريكا، وأخرى من أوروبا الشرقية أو الغربية، وثالثة من الوطن العربي نفسه، ورابعة من افريقيا السوداء.. ولكي لا نخلط بين تازة وغزة ونقول هذه قبل تلك، فالصحراء المغربية لم يستوطنها سوى سكانها الأصليون الذين ينتمون إلى قبائل استقرت أجزاء منها في مناطق متفرقة من المغرب، وبعض مغاربة الوسط أو الشمال الذين فضلوا الاستقرار في الجنوب بحثا عن لقمة العيش.. المغرب لم يأت بجماعات من الخارج، ويغريها بالمساعدات والمشاريع الممولة من أطراف داعمة للقضية الوطنية..
وهل سبق لهؤلاء العميان أن سمعوا العالم كله يحتج، ويخرج في مظاهرات يستنكر فيها تنكيل المغرب بأبنائه في الصحراء؟؟
المغرب لم يتجرأ بدعم من قوى عظمى على تحدي الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة حول قضيته الوطنية، كما ضربت إسرائيل بعشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، والتي تحجبها بعض القوى العظمى باتخاذ قرار الفيتو!!
البعض يتعلل بأن حماس والجهاد حركتان للمقاومة تنتميان للإسلام السياسي.. قد نختلف مع هذه الجماعة أو نلك حول بعض المفاهيم مثل مفهوم الوطن أو مفهوم الدولة.. حسنا بالأمس كانت فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وغيرها من الفصائل الفلسطينية المقاومة التي اجتمعت تحت مظلة منظمة التحرير، وقد لقيت نفس المعارضة من طرف القوى الاستعمارية الغربية المهيمنة على القرار الدولي.. وبالمناسبة فقمة الرباط 1974 هي القمة التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للتحدث باسم الشعب الفلسطيني بموافقة كل الدول العربية (باستثناء ملك الأردن الذي بقي موقفه الرافض سرا).
الإنسان حتى إذا رفض تقديم الدعم لقضية تشبه قضية الشعب الفلسطيني، وليحافظ على الحد الأدنى من إنسانيته عليه على الأقل أن يصمت، أو يدخل المنطقة الرمادية..
رجاء كفوا عن استعمال القضية الوطنية كفزاعة لترهيب المزاج الشعبي، وإبعاده عن مناصرة القضايا الإنسانية العادلة..
رجاء كفوا عن تشبيه المغرب بإسرائيل.. لا تُدخلوا شعبان في رمضان.. فشعب المغرب من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه مؤمن بقضيته الوطنية، ويشجب ويُدين ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تنكيل وإبادة جماعية، إلا من غضب عليهم ربك، وهم يشكلون أقلية على كل حال.. وهي أقلية تشكل سرطانا يهدد وحدة الشعوب في وجودها الحضاري والتاريخي..
الله يحفظ المغرب وفلسطين منهم.
مراكش 15 يوليوز 2024
"اساتذة جامعة القاضي عياض.."
.
وأن هذا البعض يخلط بين احتلال إسرائيل لأرض فلسطين، واسترجاع المغرب لصحرائه، ويحاول ضمنيا خلق تشابه بين الوضعين رغم اختلاف القضيتين وبُعد بعضهما عن البعض بعد السماء عن الأرض.. وهو نفس الطرح الذي يستعمله أعداء الوحدة الوطنية في دول الجوار..
الصحراء كانت ولازالت جزءا من الأراضي المغربية خضعت في الفترة الاستعمارية للاحتلال الاسباني مثلها في ذلك مثل الريف المغربي.. ثم حررها المغرب في أواسط السبعينات بعد أن دعا الملك الراحل الحسن الثاني رحمه الله إلى المسيرة الخضراء سنة 1975. وقد عارضت إحدى المنظمات الصحراوية اليسارية انضمام الصحراء للمغرب بدعم من بعض القوى الإقليمية مثل الجزائر وليبيا، خاصة وأن الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي كانت آنذاك في أوجها..
أما بالنسبة لأرض فلسطين فالأمر مختلف. منذ وعد بلفور بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى والحركة الصهيونية تخطط، وتتغلغل في الأراضي الفلسطينية بتواطؤ مع القوى الاستعمارية والقوى العظمى في هذه الحقبة مثل بريطانيا وفرنسا التي اقتسمت النفوذ في المنطقة.. بعد ذلك بدأ التهجير وبدأت المذابح، وبدأ معها استعمار استيطاني جديد، يشجعه ويغطي عليه الانتداب البريطاني. وبعد انهزام الجيوش العربية في نكبة 1948، ستُعلن الأمم المتحدة الاعتراف بدولة إسرائيل، وتدعو إلى التقسيم..
وأتحدى من يدافع عن حق إسرائيل في فلسطين أن يسأل أغلب هؤلاء الإسرائيليين من أين قدموا إلى أرض فلسطين!؟. جماعات قادمة من أمريكا، وأخرى من أوروبا الشرقية أو الغربية، وثالثة من الوطن العربي نفسه، ورابعة من افريقيا السوداء.. ولكي لا نخلط بين تازة وغزة ونقول هذه قبل تلك، فالصحراء المغربية لم يستوطنها سوى سكانها الأصليون الذين ينتمون إلى قبائل استقرت أجزاء منها في مناطق متفرقة من المغرب، وبعض مغاربة الوسط أو الشمال الذين فضلوا الاستقرار في الجنوب بحثا عن لقمة العيش.. المغرب لم يأت بجماعات من الخارج، ويغريها بالمساعدات والمشاريع الممولة من أطراف داعمة للقضية الوطنية..
وهل سبق لهؤلاء العميان أن سمعوا العالم كله يحتج، ويخرج في مظاهرات يستنكر فيها تنكيل المغرب بأبنائه في الصحراء؟؟
المغرب لم يتجرأ بدعم من قوى عظمى على تحدي الشرعية الدولية، وقرارات الأمم المتحدة حول قضيته الوطنية، كما ضربت إسرائيل بعشرات القرارات الصادرة عن مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، والتي تحجبها بعض القوى العظمى باتخاذ قرار الفيتو!!
البعض يتعلل بأن حماس والجهاد حركتان للمقاومة تنتميان للإسلام السياسي.. قد نختلف مع هذه الجماعة أو نلك حول بعض المفاهيم مثل مفهوم الوطن أو مفهوم الدولة.. حسنا بالأمس كانت فتح والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وغيرها من الفصائل الفلسطينية المقاومة التي اجتمعت تحت مظلة منظمة التحرير، وقد لقيت نفس المعارضة من طرف القوى الاستعمارية الغربية المهيمنة على القرار الدولي.. وبالمناسبة فقمة الرباط 1974 هي القمة التي اعترفت بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للتحدث باسم الشعب الفلسطيني بموافقة كل الدول العربية (باستثناء ملك الأردن الذي بقي موقفه الرافض سرا).
الإنسان حتى إذا رفض تقديم الدعم لقضية تشبه قضية الشعب الفلسطيني، وليحافظ على الحد الأدنى من إنسانيته عليه على الأقل أن يصمت، أو يدخل المنطقة الرمادية..
رجاء كفوا عن استعمال القضية الوطنية كفزاعة لترهيب المزاج الشعبي، وإبعاده عن مناصرة القضايا الإنسانية العادلة..
رجاء كفوا عن تشبيه المغرب بإسرائيل.. لا تُدخلوا شعبان في رمضان.. فشعب المغرب من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه مؤمن بقضيته الوطنية، ويشجب ويُدين ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تنكيل وإبادة جماعية، إلا من غضب عليهم ربك، وهم يشكلون أقلية على كل حال.. وهي أقلية تشكل سرطانا يهدد وحدة الشعوب في وجودها الحضاري والتاريخي..
الله يحفظ المغرب وفلسطين منهم.
مراكش 15 يوليوز 2024
"اساتذة جامعة القاضي عياض.."
.
