محمد حربي‎ - تجربة... إلى صابر رشدي لعله يرضى

إلى صابر رشدي لعله يرضى



أوصانا القاص الموهوب صابر رشدي أن نواصل الكتابة وان نجرب حتى تبقى أيادينا دافئة
وهآنذا التزم الوصية وأجرب على طريقته الحوارية التي صاغ بها قراءات متعددة للشعراء والكتاب
؟
******
‎ما الفارق بينك وبين بودلير ؟
‎كان شيطانا حقيقيا
‎وأنا على الحافة شيطان يستقيل
وبيينا فردوس ضائع في دهاليز اللغة وحقول المجاز بين المدنس في المدينة
والمقدس في رعوية الغيطان
والقبور تأويل ملتبس للجسور
وليس ثمة عاهرات زنجيات في القرى
يطمسن وجه الخضرة الشاحبة
‎*وما الفارق بينك وإليوت ؟
‎كان كاهنا على منبر وهمي
‎يرقص للخراب
‎ويترك للفاشي الأمهر تقطيع أوصال النشيد
‎وأنا على الخشبة أبكي
‎خرابي المقيم
‎في قرية ضامرة ولا أرض لي
‎وماذا بينك وبين باوند
‎نفس الجنون والجموح لكن الموسيقى
‎جعلته فاشيا
‎وانا التحقت بالطريقة صامتا
‎فانقذني صمتي
‎من طغيان البريق
‎فما الفارق بينك ووالت ويتمان ؟
‎لعشبه القصير نبتت أوراق تتكلم
‎وعشبي مسموم الجوارح في طين ترمّل
‎في خديعة الجغرافيا
‎وما الفارق مع رامبو؟
‎أنا لم أتاجر بالقصص الخرافية
‎أو الأسلحة أو الرقيق
‎وقدمي عاطلة عن السفر
‎لكنها مبتورة في الختام مثل قدميه
‎فما الفارق بينك وبين نيرودا ؟
‎ليس لي نشيد شامل
‎فالاكتمال استعارة مفخخة
‎ولم أقتل ابنتي
وادعي النبوة الحمراء
‎ وما الفارق مع مطر ؟
‎ثمة موسيقى تفصل بيننا
‎لكن حقلا واحدا يجمعنا
‎في شقوق الماء والظمأ
‎وبيننا سلالة قمح
‎وسنبلات خضر يعرفن معنى الأرغفة
في قيظ المجاعات وأسفارالتحاريق
‎وما الفارق بينك وعبد الصبور ؟
‎بكاء تجمد في لحظة عناق القصيدة بالنظام
‎ ودمعي يسيل في التراب
‎وحجازي ؟
‎ قال صديقي *
لكن الفقه خصيم الشعر
‎ولذلك أكره لغة الفقهاء
‎وكنت بعيدا أبحث عن رب يحب الشعراء
‎وماذا عن درويش ؟
‎لم اعش لحظتين خارج الوقت ولن اعبر جسرين بوقت واحد
‎ولم أبع سلعتين مطلقا للمشتري ذاته
‎ ولم أكن صدى
‎لكن صوتي شرحته المجاعات
‎وصوته صار ناعما طريا كما لو قد من حرير
‎وماذا عن حلمي سالم
‎سبقني للموت بقصيدة
‎وخنته بالبقاء في صدفة حامية
‎هل قلت استعارة أم خانني النهر والضابط يلقي بالتحية الكاذبة ؟
‎وماذا بينك وبين بقية العصابة ؟
‎دعني أصرخ جرح المجاز
‎وتكدس الصور
‎والشارع العقيم
‎ودعهم يهمسون
في الغرف الضيقة المكتظة بأجنة الكلام
‎وما الفارق بينك وبين أبيك ؟
‎كان ضحكة صافية تصعد المنبر كل جمعة
‎وكنت دمعة محبوسة كل مساد في منتصف الملعب
‎وبيننا جرح في الرأس يذكرني بما نسيت
*****
‎وماذا بقي من ظل أمك فيك ؟
‎بيننا فرن عليم
‎يعرف وجهها
‎ويصدقه
‎فتستجيب السنبلة لفكرة الرغيف
‎وانا مهووس بتحنيط السنبلات اليتامى على الجدار


*****


* المقولة للشاعر الراحل حلمي سالم
**لوحة الشاعر للفنان الفرنسي هنري مارتن
*** النص حوار متخيل مع صابر رشدي وتعجبت كيف لم يسألني في الحلم عن ادونيس وسعدي وسان جون بيرس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى