علجية عيش - السلطة في الجزائر و تكتيك الانتخابات

ما هو متعارف عليه أن السلطة في الجزائر و على غرار باقي الدول تملك كل اوراق اللعب على عقلية الجمهور و ، تملك كل الأساليب للتحايل عليه و خداعه إن صح القول، وما اشتراط فكرة جمع التوقيعات لكل راغب في الترشح للانتخابات الرئاسية إلا واحدة من هذه الأساليب و التي يمكن وصفها بالتعجيزية لمنع الراغبين في الترشح و بخاصة "المعارضة" من دخول قصر المرادية، فخمسون ألف ( 50 ألف) توقيعا عملية ليست سهلة حتى و لو كان المترشح له شعبية سواء في المحيط الذي يقيم فيه أو خارجه، و هذا مخالف للإجراءات التي تفرضها البلدان المتقدمة، و جمع التوقيعات يمكن القول عنها بأنها أسلوب قذر تستعمله السلطة للإطاحة بالمترشحين و تعجيزهم، حتى يظهرون أمام الرأي العام بأنهم عاجزين و غير قادرين على جمع توقيعات فكيف لهم أن يديروا شؤون دولة، و لو فرضنا أن زبيدة عسول (على سبيل المثال فقط) حديثة التجربة في مجال الترشح للانتخابات الرئاسية رغم ما تملكه من خبرة ميدانية في مجال التسيير وهي المعروف عنها كمحامية بدفاعها عن قضايا الرأي العام، لكنها لا تزال تجهل ألاعيب السلطة ، و كيف تدوس بأقدامها على كل من يقف أمامها بموقف الندّيّة .

فلويزة حنون المرأة العنيدة و التي وصفوها بالحديدية ، لها تجربة كافية بحكم ممارستها السابقة منذ أن أعلنت ترشحها للمرة الأولي و انسحابها رفقة الستّة المترشحين في عهدة الرئيس المخلوع، و ها هي تنسحب لمعرفتها بالنتيجة وهي تعلم جيدا كيف تلعب السلطة بالأوراق و ما يُدار في الكواليس و من يقف ورائها لدعم مرشحها من وراء البحار، المسألة لا تتعلق بالإيديولوجيا أو بالتيار الذي تنتمي إليه الأحزاب المعارضة، كما يروج البعض عن لويزة حنون بأنها "تروتسكية" .، فالسلطة تريد أن تظهر من هو الأقوى لا من هو الأكفأ ، ثم أن النظلم السياسي في الجزائر نظام علماني ، و هذا منذ عشية الإستقلال، و أن عبارة "الإسلام دين الدولة" المثبتة في الدستور ما هو إلا شعار لا غير، و هذه مسالة يعرفها القاصي و الداني، ثم أن المجتمع الجزائري مجتمعٌ رجوليٌّ لا يقبل بأن تقوده امرأة و يعمل بأوامرها، و ذلك من باب الجهل بتاريخ الأمم، و كيف كان للمرأة دور في مسائل الحكم و القيادة كـ: لالة فاطمة نسومر و الكاهنة و هناك نساء روي عنهن القَصَصُ القرآني كـ: بلقيس ملكة سبأ و غيرهن تحدث عنهن التاريخ في البلاد الأسيوية ( انديرا غاندي و بنظير بوتو و تاتشر و القائمة طويلة

لقد كشفت السلطة عن نواياها بفرض نفسها على الشعب و البقاء في الحكم وهذا يعني أنها لا تعترف بالإرادة الشعبية و لا بالديمقراطية، وأن السيناريوهات السابقة تتكرر في كل موعد انتخابي، و أن مشروع "لمّ الشمل الجزائري" مجرد رماد تذره السلطة في العيون، طبعا خارج عيون مؤيديها، الذين يُطَبِّعُونَ حفاظا علي مصالحهم من الأحزاب السياسية و المنظمات، فمن غير المنطق و من غير المعقول أن يخرج غربال السلطة بمرشحين فقط وهما الأفافاس و حمس (من مجموع 35 راغب في الترشح)، بينهم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي سيترشح حُرًّا ، رغم أن بعض الذين أعلنوا عن ترشحهم لهم ما يكفي من خبرة علمية و سياسية لقبول ملفاتهم، ضف إلي ذلك البيروقراطية على مستوى الهيئات المحلية التي مارست سياسة الإقصاء ضد المترشحين الغير مرغوب فيهم بحجة و بدون حجة، و لو كانت السلطة تحترم إرادة الشعب في اختيار من يمثله في الحكم لأمكن لها ان تلغي فكرة جمع التوقيعات باعتبارها شرط تعجيزيٌّ، و العمل بمبدأ الشفافية، يبقي السؤال هل ترشح رئيس الجمهورية حرا يعني عدم اعترافه بالأحزاب ؟ أم هو "تكتيكٌ" انتخابي تعتمد عليه السلطة و مرشحها لاستمالة الناخبين و حت تمر الانتخابات بهدوء يعمل ما بوسعه لإظهار أن الجزائر بلد ديمقراطي يحترم فيه الإرادة الشعبية.

علجية عيش

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى