أ. د. عادل الأسطة - مساءات جنين...

وأنا أسير عصر هذا اليوم في شوارع نابلس التقيت بالصديق عطا يامين ، فسألته إن كان عاد حديثا من الدولة الاسكندنافية التي استقر فيها .
عرفت منه ، وهو فنان أقام غير معرض لمنحوتاته وأشغاله الخشبية ، أنه ، منذ لقائنا الأخير قبل عام تقريبا ، لم يسافر ، وأنه قرر البقاء هنا ، ليموت في بلاده ويدفن في ترابها ، فذلك أفضل من أن تحرق جثته بعد عشرين عاما من دفنه هناك إن مات .
- وهل تحرق الجثة بعد عشرين عاما من وفاة صاحبها ؟
- طبعا وإلا فلا بد من أن يدفع ورثتك مبلغا من المال ، فالقبور هناك تؤجر لفترة .
قال لي عطا إن الحياة هناك غدت أيضا صعبة ، ما ذكرني برواية الكاتبة الفلسطينية سامية عيسى " خلسة في كوبنهاجن " ( ٢٠١٣ ) وحياة الفلسطينيين في غيتوات لا تخلو من مشاكل ، وقد تجادلت مع الكاتبة حنان باكير في هذا . Hanan Bakir ، ولكني لم أعد أذكر حيثيات الجدال بحرفيتها .
هل نكرر مع محمود درويش :
- إلى أين نذهب بعد السماء الأخيرة ؟
لعلكم تذكرون قصيدته " تضيق بنا الأرض ، تحشرنا في الممر الأخير " من مجموعة " ورد أقل " ( ١٩٨٤ ) .
عندما سألني عطا عن أخباري وماذا أفعل أجبته :
- إنني أتسكع في شوارع المدينة ساعتين يوميا وأتابع أخبار غزة لأكتب يومياتها .
لا جديد سوى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي أعلنت عن انتهاء عمليتها العسكرية في قطاع غزة على الرغم من استمرار المقاومة الفلسطينية هناك وتكبيدها الجيش الإسرائيلي خسائر اعترف بها الناطق باسمه .
المساء هاديء في نابلس ومتوتر في جنين فقد قصفت مسيرة إسرائيلية سيارة يستقلها أربعة شباب زعمت المصادر الإسرائيلية أنهم منفذو عملية الأغوار قبل أيام .
مستقبلنا في هذه البلاد محفوف بالمخاطر ، ومع أنني أكرر غالبا سطر محمود درويش الشعري الوارد في " جدارية " وهو :
" لست النبي لأدعي وحيا وأعلن أن هاويتي صعود "
إلا أنني ، حتى قبل ٧ أكتوبر بكثير ، كتبت إننا في الطريق إلى جنوب أفريقيا ، وكنت أدرك أن القتل سيزداد وإن لم يكن بهذه الوحشية والقسوة والهمجية التي تجري في غزة .
مساء الخير يا جنين
خربشات عادل الاسطة
١٧ / ٨ / ٢٠٢٤

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...