كانت الإلهة الكبرى تتأمل الكون عبر نافذتها الفضية حينما سمعت همسًا خلفها : إلهتي المبجلة، على طرف لساني كلمات تأبى إلّا أن ألقيها أمامك، هل تسمحين؟.
التفتتْ نحوه قائلة :
- تكلمْ أيها النبي، أراك قلقًا!.
سألها وعيناه متقدتانِ من الوجدِ :
- لماذا يا مولاتي حينما أراكِ، يولد في داخلي إحساس عميق من أننا نعرف بعضنا منذ دهور؟!.
تقدمت خطوات نحو عرشها وهي تقول :
- لأننا كذلك فعلًا، ألا تذكر لقاءنا في كوكب أبنادوسي في الحياة السابقة ؟.
ردَّ بحماس :
- أكنا عاشقين مولاتي الجميلة؟.
- العشق ليس لنا نحن!.
- مَنْ تقصدين بنحن؟.
- نحن الآلِهة، العشق خلق لكم أيها البشر!.
- لا علاقة لي بالبشر، أنتِ معشوقتي الأزلية!.
- كيف تجرؤ؟!.
- سامحيني مولاتي، أنتِ من زرعتِ بذرة الجرأة في قلبي.
- تعرف كيف تمتص غضبي!.
فَرَدَ النبي ذراعيه في الهواء وراح يدور حول نفسه مرددًا : الآن تلون الكون بلون الفرح!.
سألتهُ متعجبة :
- ما لون الفرح؟!.
- كل ألوان الطبيعة.
- وما لون الحزن عندك أيها البشري؟.
- الحزن يا مولاتي لا يملك لونًا، بل يحتل القلب ويرفع رايات الألم فوقه!.
- أيها المسكين !.
- لم أعد مسكينًا مذ عشقتكِ!.
- هل للعشقِ لون أيها النبي؟.
- نور العشق يشع من القلوب ليضيء العيون، هل دخل هذا النور قلبك إلهتي؟.
- لم يمر عليّ من قبل، أخبرني عن نور قلبك.
- لا أدري مولاتي، هل دخل نور الحب قلبي أم ولدت بقلب من نور؟!.
- أنت سعيد إذًا ؟!.
- أنتِ مَنْ وهبني السعادة، ما إن أراكِ، حتى أبدأ صلاتي والدوران حول نفسي.
- كم أنا تواقة لمعرفة عالمك!. عندي شوق لأكون بين الثملين وهم يرقصون! .
- ما رأيكِ في رحلة لعالمهم؟. هناك لا يفكرون بالمنزلة والجهات عندهم ست.
- لقد شوقتني، هيا أيها النبي!.
سارا نحو ساعة وحينما وصلا حديقة غنّاء، قال لها:
- انظري إليهم ، هذا يرقص، ذاك يحتسي وآخر يتأمل، وهذا الذي قرب النبع مزهو بنفسه، يعتقد أنه عثر على الحقيقة.
- إذًا عثر على نفسه!.
في طرف الحديقة، صعلوك يرسم على الجدار ملامح امرأة، ما إن رآها، حتى تجلى له شيء في الأفق، قال لها ونظرة عينيه توهجتْ بشكل غريب :
- أنتِ كالشمس حينما تشرق بعد يوم غائم!.
ابتسمت قائلة:
- وصفكَ انتفض له قلبي!.
- كنت أبحث عن شيء حتى رأيتكِ.
- من أنتَ ؟.
- أنا صعلوك المكان.
- تبدو مضطربًا، ممن ؟!.
- من حكمة حلّتْ عليّ اللحظة !.
وهي تنظر لما حولها كأنها ترى العالم للمرة الأولى، قالت :
- تلبسني إحساس غريب، كأن حكمتي تتسرب مني كما يتسرب الفجر من عتمة الليل!.
- شعر النبي بالغيرة فقال :
- مولاتي. إنه يغويك !.
- قالت بعد تنهيدة:
- لم أكن مستعدة للغواية كما هذه اللحظة، أشعر بالسكون.
- إنه التضاد لمعنى الجنون. أنتِ بين الثملين، لا تنسي ذلك !.
- أريد الخروج من ذاتي، أرغب بالرقص، ناولني كأسًا.
قال النبي متوسلًا :
- ليس لك سوى أن تكوني شمسًا!.
- سأكون شمسًا لأحرق كياني المظلم وأنير الآخر.
- إن فعلتها يا خالدة ستعودين مثلنا للعدم، الذي قدمنا منه !.
بانتشاء راحت الإلهة ترقص وتدور حول نفسها مغمضة العينين.
بحزن حدث النبي نفسه : كيف بهذه السرعة تخلت عن حكمتها ؟!. ثم بتوسل قال :
- عودي معي كما أتيتِ مولاتي!.
- سأعود، لكن لأحلق فوق أمواج النهر بأجنحة جديدة.
- هل تنوين الانتحار؟.
- بل سأذوب فوق حقول الورد!.
قالت له مندهشة بعد أن توقفتْ عن الرقص:
- أسمع صوتًا قادمًا من زمنٍ آخر يناديني.
- أرجوكِ مولاتي، لا تتركيني وحيدًا كريح لا تعرف وجهتها!.
عاد الصعلوك حاملا كأسين من خمر الأقحوان، ناولها واحدًا قائلًا:
- لونكِ يتخذ شكل الوهج المنير!.
قال النبي :
- تحلقين بعيدًا عن مصيركِ، من بقايا الجمر المحترق سيصليك الألم.
- بل سأكون أكثر اتقادًا. كأني بالربيع قادم من جديد.
قال الصعلوك :
- عاد ليجدد الولاء لك.
التفتتْ الإلهة كمن يبحث عن شيء متسائلة:
- ما هذا الصوت الذي لم أسمعه من قبل؟.
- ردَّ النبي :
- هذا صوت عاشق يتطهر، قضى الوجد على صبره، يعتصره الشوق فيئن قلبه.
قالت بحماس كبير :
- سأتخلى عن كل شيء وأصبح كهذا العاشق ؟!.
قال الصعلوك:
- تخلي إذًا عن أجنحتكِ وألوانك الغريبة !.
- وكيف السبيل لذلك ؟.
- عليك بتناول ثمرة من شجرة العشق، حينها ستتماهين مع كل شيء، ستفهمين لغة الطير وهمس الشجر، سترقصين لعزف المطر، ستصبحين إنسانة وستموتين من العشق.
- وأنتَ ؟.
- أنا سأغتسل بماء النهر كما يفعل القمر كل ليلة ثم أتلو لكِ صلاتي، هاتِ يدكِ وسيري معي صوب الشجرة.
زاد النور، الذي يحيط بالشجرة حينما اقتطف منها الصعلوك ثمرة كبيرة تقاسمها مع الإلهة، التي راحت تلتهمها بسرعة.
بقلب مثقل بالهم سألها النبي :
- أتتركين نبيًا هام بكِ وتذهبين مع صعلوك سلبك مجدكِ ؟!.
فقالت :
- إنه العشق أيها النبي!.
- العشق نهر دون ضفاف، ستغرقين فيه حد القاع إلهتي الجميلة !.
- في الأعماق سأجد ضالتي.
- قد لا تجدين زورقًا ينجيك !.
- تكفيني السعادة التي أشعر بها الآن !.
- ستلقين بنفسك في أتون العشق.
- بل أتدفأ به.
- ستكثرين من طرح الأسئلة !.
- كنت أظن أنني أدرك الأسرار كلها، الآن فقط عرفت كيف للروح أن تنساب في الجسد. الآن فقط عادت لي الحيوات التي منحتها لبني البشر.
وهو يهم بالمغادرة .. نظر النبي إلى الصعلوك، الذي بدا بهيئة نبي والإلهة التي تخلت عن أجنحتها لتصبح عاشقة.
أبصر الوهج يتسلل من الشجرة ويملأ المكان. ابتسم بحزن وهو يتذكر كلمات إلهته :
إنه العشق أيها النبي!.
..........
التفتتْ نحوه قائلة :
- تكلمْ أيها النبي، أراك قلقًا!.
سألها وعيناه متقدتانِ من الوجدِ :
- لماذا يا مولاتي حينما أراكِ، يولد في داخلي إحساس عميق من أننا نعرف بعضنا منذ دهور؟!.
تقدمت خطوات نحو عرشها وهي تقول :
- لأننا كذلك فعلًا، ألا تذكر لقاءنا في كوكب أبنادوسي في الحياة السابقة ؟.
ردَّ بحماس :
- أكنا عاشقين مولاتي الجميلة؟.
- العشق ليس لنا نحن!.
- مَنْ تقصدين بنحن؟.
- نحن الآلِهة، العشق خلق لكم أيها البشر!.
- لا علاقة لي بالبشر، أنتِ معشوقتي الأزلية!.
- كيف تجرؤ؟!.
- سامحيني مولاتي، أنتِ من زرعتِ بذرة الجرأة في قلبي.
- تعرف كيف تمتص غضبي!.
فَرَدَ النبي ذراعيه في الهواء وراح يدور حول نفسه مرددًا : الآن تلون الكون بلون الفرح!.
سألتهُ متعجبة :
- ما لون الفرح؟!.
- كل ألوان الطبيعة.
- وما لون الحزن عندك أيها البشري؟.
- الحزن يا مولاتي لا يملك لونًا، بل يحتل القلب ويرفع رايات الألم فوقه!.
- أيها المسكين !.
- لم أعد مسكينًا مذ عشقتكِ!.
- هل للعشقِ لون أيها النبي؟.
- نور العشق يشع من القلوب ليضيء العيون، هل دخل هذا النور قلبك إلهتي؟.
- لم يمر عليّ من قبل، أخبرني عن نور قلبك.
- لا أدري مولاتي، هل دخل نور الحب قلبي أم ولدت بقلب من نور؟!.
- أنت سعيد إذًا ؟!.
- أنتِ مَنْ وهبني السعادة، ما إن أراكِ، حتى أبدأ صلاتي والدوران حول نفسي.
- كم أنا تواقة لمعرفة عالمك!. عندي شوق لأكون بين الثملين وهم يرقصون! .
- ما رأيكِ في رحلة لعالمهم؟. هناك لا يفكرون بالمنزلة والجهات عندهم ست.
- لقد شوقتني، هيا أيها النبي!.
سارا نحو ساعة وحينما وصلا حديقة غنّاء، قال لها:
- انظري إليهم ، هذا يرقص، ذاك يحتسي وآخر يتأمل، وهذا الذي قرب النبع مزهو بنفسه، يعتقد أنه عثر على الحقيقة.
- إذًا عثر على نفسه!.
في طرف الحديقة، صعلوك يرسم على الجدار ملامح امرأة، ما إن رآها، حتى تجلى له شيء في الأفق، قال لها ونظرة عينيه توهجتْ بشكل غريب :
- أنتِ كالشمس حينما تشرق بعد يوم غائم!.
ابتسمت قائلة:
- وصفكَ انتفض له قلبي!.
- كنت أبحث عن شيء حتى رأيتكِ.
- من أنتَ ؟.
- أنا صعلوك المكان.
- تبدو مضطربًا، ممن ؟!.
- من حكمة حلّتْ عليّ اللحظة !.
وهي تنظر لما حولها كأنها ترى العالم للمرة الأولى، قالت :
- تلبسني إحساس غريب، كأن حكمتي تتسرب مني كما يتسرب الفجر من عتمة الليل!.
- شعر النبي بالغيرة فقال :
- مولاتي. إنه يغويك !.
- قالت بعد تنهيدة:
- لم أكن مستعدة للغواية كما هذه اللحظة، أشعر بالسكون.
- إنه التضاد لمعنى الجنون. أنتِ بين الثملين، لا تنسي ذلك !.
- أريد الخروج من ذاتي، أرغب بالرقص، ناولني كأسًا.
قال النبي متوسلًا :
- ليس لك سوى أن تكوني شمسًا!.
- سأكون شمسًا لأحرق كياني المظلم وأنير الآخر.
- إن فعلتها يا خالدة ستعودين مثلنا للعدم، الذي قدمنا منه !.
بانتشاء راحت الإلهة ترقص وتدور حول نفسها مغمضة العينين.
بحزن حدث النبي نفسه : كيف بهذه السرعة تخلت عن حكمتها ؟!. ثم بتوسل قال :
- عودي معي كما أتيتِ مولاتي!.
- سأعود، لكن لأحلق فوق أمواج النهر بأجنحة جديدة.
- هل تنوين الانتحار؟.
- بل سأذوب فوق حقول الورد!.
قالت له مندهشة بعد أن توقفتْ عن الرقص:
- أسمع صوتًا قادمًا من زمنٍ آخر يناديني.
- أرجوكِ مولاتي، لا تتركيني وحيدًا كريح لا تعرف وجهتها!.
عاد الصعلوك حاملا كأسين من خمر الأقحوان، ناولها واحدًا قائلًا:
- لونكِ يتخذ شكل الوهج المنير!.
قال النبي :
- تحلقين بعيدًا عن مصيركِ، من بقايا الجمر المحترق سيصليك الألم.
- بل سأكون أكثر اتقادًا. كأني بالربيع قادم من جديد.
قال الصعلوك :
- عاد ليجدد الولاء لك.
التفتتْ الإلهة كمن يبحث عن شيء متسائلة:
- ما هذا الصوت الذي لم أسمعه من قبل؟.
- ردَّ النبي :
- هذا صوت عاشق يتطهر، قضى الوجد على صبره، يعتصره الشوق فيئن قلبه.
قالت بحماس كبير :
- سأتخلى عن كل شيء وأصبح كهذا العاشق ؟!.
قال الصعلوك:
- تخلي إذًا عن أجنحتكِ وألوانك الغريبة !.
- وكيف السبيل لذلك ؟.
- عليك بتناول ثمرة من شجرة العشق، حينها ستتماهين مع كل شيء، ستفهمين لغة الطير وهمس الشجر، سترقصين لعزف المطر، ستصبحين إنسانة وستموتين من العشق.
- وأنتَ ؟.
- أنا سأغتسل بماء النهر كما يفعل القمر كل ليلة ثم أتلو لكِ صلاتي، هاتِ يدكِ وسيري معي صوب الشجرة.
زاد النور، الذي يحيط بالشجرة حينما اقتطف منها الصعلوك ثمرة كبيرة تقاسمها مع الإلهة، التي راحت تلتهمها بسرعة.
بقلب مثقل بالهم سألها النبي :
- أتتركين نبيًا هام بكِ وتذهبين مع صعلوك سلبك مجدكِ ؟!.
فقالت :
- إنه العشق أيها النبي!.
- العشق نهر دون ضفاف، ستغرقين فيه حد القاع إلهتي الجميلة !.
- في الأعماق سأجد ضالتي.
- قد لا تجدين زورقًا ينجيك !.
- تكفيني السعادة التي أشعر بها الآن !.
- ستلقين بنفسك في أتون العشق.
- بل أتدفأ به.
- ستكثرين من طرح الأسئلة !.
- كنت أظن أنني أدرك الأسرار كلها، الآن فقط عرفت كيف للروح أن تنساب في الجسد. الآن فقط عادت لي الحيوات التي منحتها لبني البشر.
وهو يهم بالمغادرة .. نظر النبي إلى الصعلوك، الذي بدا بهيئة نبي والإلهة التي تخلت عن أجنحتها لتصبح عاشقة.
أبصر الوهج يتسلل من الشجرة ويملأ المكان. ابتسم بحزن وهو يتذكر كلمات إلهته :
إنه العشق أيها النبي!.
..........