ولد عمر سيف الدين في كونان ، في الإمبراطورية العثمانية (حاليا تقع هذه البلدة في تركيا، في شمال غرب الأناضول).
يعتبر من روّاد الأدب التركي الحديث وعمود ومؤسس القصة التركية الحديثة.
عمل على تبسيط اللغة التركية وعلى تطهيرها من الكلمات الأجنبية. يستعمل عمر سيف الدين في كتاباته لغة تركية مبسطة وقريبة من لغة عامة الناس.
أحب أن يكون عسكريا مثل أبيه، وارتاد المدرسة العسكرية بـ"إدرنة" (مدينة في شمال غرب الجزء الأوروبي لتركيا). في سنة 1903 تخرّج برتبة ملازم مشاة من مدرسة إسطنبول الحربية. ترك الجيش بعد أن أدى مهامه العسكرية في إقليم روميليا (جزء من الدولة العثمانية سابقا). هنا بدأت حياة عمر سيف الدين الأدبية، إذ شرع في نشر كتاباته في مجلة "كنج قلملر" (الأقلام الشابة) وفي جريدة "روميلي" الصادرتين في مدينة سيلانيك (حاليا مدينة سالونيك في اليونان)، إلا أنه سرعان ما أجبر على ترك مؤقتا هذا العمل والتحق مجددا بالجيش عند اندلاع الحرب التركية-الإيطالية (1911-1912). بعدها شارك في حرب البلقان الأولى (1912) ووقع خلالها في الأسر. لكنه لم يكف أثناء مدة أسره عن الكتابة، إذ كتب حينها حكايات مثل "المهدي" و"رايات الحريّة". عند إطلاق سراحه عاد إلى إسطنبول وترك الجيش. في سنة 1914 درّس الآداب في ثانوية "قاباطاش" (اسم حيّ في إسطنبول)، واشتغل هناك كمعلّم إلى غاية وفاته في 1920. بين 1917 و1920 كتب عمر سيف الدين ما يعادل 125 قصّة.
يتناول عمر سيف الدين في قصصه مواضيع شتى أهمها: مرحلة التغريب في تركيا، عنف حرب البلقان ومعاناة المدنيين فيها، هجرة الجالية التركية من بلدان البلقان وبؤسهم جراء الحروب بين تركيا ودول المنطقة، وضع الأسرة التركية في بداية القرن العشرين .
من بين أهم أعماله نذكر منها:
- أصحاب كهفنا.
- الربيع والفراشات
- حكاية الشوارب
- المعبد السري
- القصر المسكون
- القنبلة
- وردة التوليب البيضاء.
- العقد.
- الأشجار اليابسة.
القصر المسكون
كتبها: عمر سيف الدين، كاتب تركي (1884-1920)
ترجمها من التركية: محمّد وليد قرين
التفت سرمت باي إلى الحارس وقال له:
- ها هو قصر واحد آخر فارغ.
كان المبنى، المتواجد أمام غابة صنوبر صغيرة، يجذب الانتباه ويلمع. كانت الأعشاب المتوحشة قد غطّت حقول القصر. وكانت لوحة كبيرة مكتوب عليها "للكراء" معلقة على باب البستان الفضّي. فلوّح الحارس برأسه وقال:
- فوت يا أفندي (سيدي)، فوت. هاد القصر خردة، ما يسوى والو.
- وعلاش يا صاحبي؟
- خيّر هاديك الدار اللي ورّيتها لك شوية هكّا. دار صغيرة بالصح تجيب الخير للي يسكنها. اللي يسكنها، ربّي يرزقو بطفل في العام.
- إيه، صحّة. ودوقا اطناش عباد كيما احنا كيفاش رايحين يكفونا خمس بيوت؟ هيا نشوفو هاد القصر، هيا. هادي الدار توالمنا بالدات...
فكرر الحارس كلامه وقال:
- لازم تسكن في هاد الدار الصغيرة يا سيدي. (عليك أن تسكن في هذه الدار الصغيرة، يا سيدي).
لم تكف عينا سرمت باي من النظر إلى القصر. في كل جهة من الكشك كانت هناك شرفات عريضة. كان ذلك الكشك يبدو أرجوحة معتمدة على أسسها. منذ عشرين سنة من الآن، أي منذ أن رزق بالكثير من الأطفال، لم ينقطع سرمت باي عن حلمه بالسكن في عش مثل ذاك الكشك. وبنبرة ازدراء عصبية قال:
- وعلاش ما نقدروش نسكنو هنا؟ ولما لا يمكننا السكن في هذا القصر؟
- أفندم، لأنه مسكون بشبح. على خاطر مسكون بجن يا سيدي.
- عن أي شبح تتكلم؟ على أما جن راك تهدر؟
- الجميع يعلم ذلك. في الليل يخرج الشبح ويزعج من يسكن القصر.
لم يكن سرمت باي من المؤمنين بما تراه العين وتسمعه الأذن فحسب، بل لم يكن يؤمن بوجود أي شيء ما دام لم تمسك به يده بإحكام وتلمسه. كانت العين والأذن بالنسبة إليه ثغرتين يدخل منهما الكذب. فالكذبات كانت تتسلل إلى داخل أنفسنا عبر هذه الأبواب الأربعة. أما اليد، يعني حاسة المس، فلم تكذب أبدا. فكل الخرافات والاعتقادات الباطلة كانت تهدف إلى الهجوم على ذهننا، تسلل عبر العين والأذن. فقال سرمت باي ضاحكا:
- ياو الجن ما يدير لنا والو. (لن يمسنا الشبح بمكروه).
فنظر الحارس إلى سرمت باي وكأنه سمع كفرا، ثم قال له:
- هكذا يقول كل من يدخل الكشك، ولكنه لا يستطيع السكن فيه ولا لمدة شهر واحد.
- واشبيك انت؟ هيا لنزر الدار.
- المفتاح راهو عند مول الدار.
- وشكون هو مول الدار؟ (ومن هو صاحبها؟)
- الحاج نيازي أفندي. ها هو ذا، ذلك الشخص الجالس قرب القصر...
- هيا نروحو مالا ونجيبو المفتاح من عندو. (لنذهب إذا ونأخذ المفتاح منه).
- حسنا، ولكن.
يعتبر من روّاد الأدب التركي الحديث وعمود ومؤسس القصة التركية الحديثة.
عمل على تبسيط اللغة التركية وعلى تطهيرها من الكلمات الأجنبية. يستعمل عمر سيف الدين في كتاباته لغة تركية مبسطة وقريبة من لغة عامة الناس.
أحب أن يكون عسكريا مثل أبيه، وارتاد المدرسة العسكرية بـ"إدرنة" (مدينة في شمال غرب الجزء الأوروبي لتركيا). في سنة 1903 تخرّج برتبة ملازم مشاة من مدرسة إسطنبول الحربية. ترك الجيش بعد أن أدى مهامه العسكرية في إقليم روميليا (جزء من الدولة العثمانية سابقا). هنا بدأت حياة عمر سيف الدين الأدبية، إذ شرع في نشر كتاباته في مجلة "كنج قلملر" (الأقلام الشابة) وفي جريدة "روميلي" الصادرتين في مدينة سيلانيك (حاليا مدينة سالونيك في اليونان)، إلا أنه سرعان ما أجبر على ترك مؤقتا هذا العمل والتحق مجددا بالجيش عند اندلاع الحرب التركية-الإيطالية (1911-1912). بعدها شارك في حرب البلقان الأولى (1912) ووقع خلالها في الأسر. لكنه لم يكف أثناء مدة أسره عن الكتابة، إذ كتب حينها حكايات مثل "المهدي" و"رايات الحريّة". عند إطلاق سراحه عاد إلى إسطنبول وترك الجيش. في سنة 1914 درّس الآداب في ثانوية "قاباطاش" (اسم حيّ في إسطنبول)، واشتغل هناك كمعلّم إلى غاية وفاته في 1920. بين 1917 و1920 كتب عمر سيف الدين ما يعادل 125 قصّة.
يتناول عمر سيف الدين في قصصه مواضيع شتى أهمها: مرحلة التغريب في تركيا، عنف حرب البلقان ومعاناة المدنيين فيها، هجرة الجالية التركية من بلدان البلقان وبؤسهم جراء الحروب بين تركيا ودول المنطقة، وضع الأسرة التركية في بداية القرن العشرين .
من بين أهم أعماله نذكر منها:
- أصحاب كهفنا.
- الربيع والفراشات
- حكاية الشوارب
- المعبد السري
- القصر المسكون
- القنبلة
- وردة التوليب البيضاء.
- العقد.
- الأشجار اليابسة.
القصر المسكون
كتبها: عمر سيف الدين، كاتب تركي (1884-1920)
ترجمها من التركية: محمّد وليد قرين
التفت سرمت باي إلى الحارس وقال له:
- ها هو قصر واحد آخر فارغ.
كان المبنى، المتواجد أمام غابة صنوبر صغيرة، يجذب الانتباه ويلمع. كانت الأعشاب المتوحشة قد غطّت حقول القصر. وكانت لوحة كبيرة مكتوب عليها "للكراء" معلقة على باب البستان الفضّي. فلوّح الحارس برأسه وقال:
- فوت يا أفندي (سيدي)، فوت. هاد القصر خردة، ما يسوى والو.
- وعلاش يا صاحبي؟
- خيّر هاديك الدار اللي ورّيتها لك شوية هكّا. دار صغيرة بالصح تجيب الخير للي يسكنها. اللي يسكنها، ربّي يرزقو بطفل في العام.
- إيه، صحّة. ودوقا اطناش عباد كيما احنا كيفاش رايحين يكفونا خمس بيوت؟ هيا نشوفو هاد القصر، هيا. هادي الدار توالمنا بالدات...
فكرر الحارس كلامه وقال:
- لازم تسكن في هاد الدار الصغيرة يا سيدي. (عليك أن تسكن في هذه الدار الصغيرة، يا سيدي).
لم تكف عينا سرمت باي من النظر إلى القصر. في كل جهة من الكشك كانت هناك شرفات عريضة. كان ذلك الكشك يبدو أرجوحة معتمدة على أسسها. منذ عشرين سنة من الآن، أي منذ أن رزق بالكثير من الأطفال، لم ينقطع سرمت باي عن حلمه بالسكن في عش مثل ذاك الكشك. وبنبرة ازدراء عصبية قال:
- وعلاش ما نقدروش نسكنو هنا؟ ولما لا يمكننا السكن في هذا القصر؟
- أفندم، لأنه مسكون بشبح. على خاطر مسكون بجن يا سيدي.
- عن أي شبح تتكلم؟ على أما جن راك تهدر؟
- الجميع يعلم ذلك. في الليل يخرج الشبح ويزعج من يسكن القصر.
لم يكن سرمت باي من المؤمنين بما تراه العين وتسمعه الأذن فحسب، بل لم يكن يؤمن بوجود أي شيء ما دام لم تمسك به يده بإحكام وتلمسه. كانت العين والأذن بالنسبة إليه ثغرتين يدخل منهما الكذب. فالكذبات كانت تتسلل إلى داخل أنفسنا عبر هذه الأبواب الأربعة. أما اليد، يعني حاسة المس، فلم تكذب أبدا. فكل الخرافات والاعتقادات الباطلة كانت تهدف إلى الهجوم على ذهننا، تسلل عبر العين والأذن. فقال سرمت باي ضاحكا:
- ياو الجن ما يدير لنا والو. (لن يمسنا الشبح بمكروه).
فنظر الحارس إلى سرمت باي وكأنه سمع كفرا، ثم قال له:
- هكذا يقول كل من يدخل الكشك، ولكنه لا يستطيع السكن فيه ولا لمدة شهر واحد.
- واشبيك انت؟ هيا لنزر الدار.
- المفتاح راهو عند مول الدار.
- وشكون هو مول الدار؟ (ومن هو صاحبها؟)
- الحاج نيازي أفندي. ها هو ذا، ذلك الشخص الجالس قرب القصر...
- هيا نروحو مالا ونجيبو المفتاح من عندو. (لنذهب إذا ونأخذ المفتاح منه).
- حسنا، ولكن.