الكلمة والشعر أقوى من الرصاصة والقذيفة
المارد العربي قوي، ولكن لابد من مواجهة محققة؛ ولو بالكلمات، آه لو توحّد العرب والمسلمون!
الأدب والشعر لهما الدور الكبير في الثقافة البشرية منذ القِدَم حتى اليوم، الشعر هو خلاصة التجارب الإنسانية، وهو مصدر المعارف الإنسانية، ووعاء ثقافي لا غنى عنه، يُحاكي الشعر الأحداث التي تسود في كل عصر وزمان، وهنا يبرز دور الشاعر، فيبدأ بوصف الأحداث، والتجارب، والقيم المعنوية.. أما الأحداث الأخيرة التي جرت في غزة، أصبحت موضوعا مهما لكثير من الشعراء الذين قاموا بإنشاد قصائدهم، فمنهم الشاعر والناقد والباحث المصري “حاتم عبد الهادي محمد السيد” الذي نشرنا قصيدته حول غزة في مقال سابق تحت عنوان “عندما تصنع الكلمات طوفان الشعر دعماً لغزة العزة”.
حاتم عبدالهادي السيد ناقد أدبي وشاعر تناول بالنقد والمناقشة مئات الكتب والدواوين والروايات والقصص في الوطن العربي، ومعارض الكتاب المصرية والعربية، كما كتب دراسات ومقدمات لعشرات الكتب الأدبية في العالم العربي، وترأس تحرير مجلة الأدباء العرب، ورابطة الأدباء العرب، وهو عضو اتحاد كتّاب مصر، وعضو الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، وحصل على الكثير من الدروع والأوسمة والجوائز الثقافية وتم تكريمه من قبل وزارة الثقافة المصرية في عدة مؤتمرات، وله أكثر من ثلاثين كتاباً في عدة مجالات أدبية وسياسية وثقافية وتراثية، منها رواية “دماء على جسر تايمز”، وكتاب “القدس أرض السلام والزيتون” ودواوين شعر وموسوعة أعلام سيناء، وغيرها – كما له دور بارز في العمل الاجتماعي والثقافي والسياسي المصري والعربي، وفي ظل الأحداث الأخيرة اغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً معه وفيما يلي نص الحوار:
دور الأدب والشعر في دعم القضية الفلسطينية
بداية سألنا الشاعر والناقد المصري الكبير حاتم عبدالهادي السيد عن دور الأدب والشعر في دعم القضية الفلسطينية، خاصة بعد الأحداث التي حدثت أخيراً، فقال: لا شك أن للأدب دوراً كبيراً في دعم القضية الفلسطينية؛ عبر بنية الخطاب الأدبي الذي يمثل قوة الدعم المعنوي الذي يرفع من معنويات الشعوب والمقاتلين؛ فالكلمات أقوى من الرصاص أحياناً، وهي التي توجه الرأي العام العربي والعالمي باتجاه الحقيقة واليقين والبرهان؛ وتدحض الشائعات التي تحاول قوى الاحتلال كما في حرب غزة الآن نشرها؛ وذلك لإخفاء الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في محاولة لتجميل وجههم القبيح أمام العالم.
لقد قدّم الشعر تحديداً الكثير من الأعمال الأدبية التي رسخت فكرة المقاومة، ومناهضة المحتل وعدم الركون إلى الإستسلام؛ وتحفيز المقاومين معنوياً وهو الأمر الذي يمكن أن يغير معادلة القوة في الحروب.
لاشك أن الشعر هو الرصاصة والقذيفة التي تحفز الطاقات نحو مواصلة القتال ودعم معنويات الجندي الفلسطيني؛ والشعب عموما لتشجيعه واستلهام نخوته وقوته للتكاتف والصبر وتحمل الصعاب لتحقيق النصر في النهاية على أعداء الانسانية؛ الصهاينة النازيين الذين يتلذذون برؤية مشاهد القتل والدمار؛ ومنظر الدماء المسكوبة من شرايين الأطفال والعجائز والأبرياء وينتهكون كل القوانين الدولية والإنسانية ويقومون بإبادة جماعية ومجازر تئن لها الجبال ضد سكان غزة الأبرياء؛ بل ضد سكان الضفة الغربية؛ ويستبيحون حرمة المسجد الأقصى المهيب.
الرواية أوسع رؤية للتعبير عن القضية الفلسطينية.
وفيما يتعلق بدور الأديب وكيفية كتابة رواية للدفاع عن فلسطين والميزات التي يجب أن تكون في الرواية أو الشعر، قال حاتم السيد: أرى أن الرواية أوسع رؤية وفضاءً للتعبير عن القضية الفلسطينية؛ ولكن الشعر هو صاحب التأثير المباشر الآني؛ لأنه يواكب الحدث ويكثفه بما يجعل الخطاب الشعري أكثر تأثيراً في اللحظة الحالية، ومن يريد أن يكتب رواية -كما أرى – فإن أبلغ شكل هو الكتابة التوثيقية عبر سرد دافق ومخيال يعدد مشاهد المآسي والقتل والدمار وحرق أشجار الزيتون وانتهاك المسجد الأقصى وغير ذلك.
ان أبلغ رواية تكتب للتأريخ لما يحدث في غزة الآن هو السرد الوصف للأحداث؛ وأعني بذلك الرواية التسجيلية التي تسجل الواقع الذي بلغت تأثيراته على النفس والذات كل تخيل؛ ولا يحتاج الروائي إلى إضافة مخيال مواز لفجيعة الحقيقة المنظورة عبر مشاهد الدم والدمار والموت والمآسي التي نراها عبر شاشات التلفاز؛ فنبكي ونشجب؛ ولا حول ولا قوة للشعوب العربية أمام نصرة الأقصى وأهالي غزة بسبب العجز العربي دون النظر لنصرة دين أو تحرير مقدساتنا المنتهكة في فلسطين الخالدة.
المقاومة بالشعر والكلمات
بعد ذلك طلبنا من الشاعر والناقد المصري لكي يُبدي لنا رأيه عن طريقة مواجهة ماكينة الإعلام الغربي والصهيوني في نشر الأكاذيب، خاصة بعد الأحداث الأخيرة، فقال السيد: يحاول الكيان الصهيوني تبرير جرائمه عبر الشائعات والدعاية المضللة التي تمثل في المنظور العسكري إحدى وسائل حروب الجيل الرابع لما لها من تأثير عاطفي لإستمالة الدول والشعوب للوقوف معها؛ وهذا ما فعله الكيان الصهيوني الآن عبر الأكاذيب والدعاية المدللة الأمبريالية الأمريكية ووقوف الرئيس الأمريكي جو بايدن ورؤساء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرهم للدفاع عن الكيان الصهيوني الغاصب؛ وقد حركت ماكينة الإعلام الصهيوني الكاذبة أساطير العالم نحو الشرق الأوسط بدعاوي حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها متناسين حقوق الشعب الفلسطيني وحصار وتجويع غزة ومنع الوقود والغذاء عنهم بل وقصف المستشفيات والمساجد والمدارس التي أصبحت تمثل مراكز إيواء للمدنيين ولمجابهة هذه الآلة الاعلامية المعادية فإن المقاومة بالشعر والكلمات والخطاب المقاوم والإدانات والتظاهر واستخدام الميديا ومنصات التواصل الإجتماعي هي أهم مقومات التصدي لهذه الالة الاعلامية المضللة.
وعلى إعلامنا العربي أن ينشر الحقيقة وصور الشهداء والدمار والقصف وقتل الإنسانية. وعلى الشعوب أن تخاطب حكّامها للضغط وتعرية أكاذيب المحتل الغاشم وهذا يمكن أن يمثل مواجهة لاحداث المعادلة أمام الآلة الإعلامية الكاذبة. ولقد رأينا الفيسبوك يحارب مع الصهاينة بحجة انتهاك المعايير؛ ويعرفون أنّهم يشّجعون العنصرية ويشاركون في وليمة الدماء التي طهيت من أجساد أهل غزة الشرفاء.
كتابة المقاومة لا تحتاج القناع.
وحول غالبية الرموز التي يستخدمها في كتاباته، قال الأديب المصري: لا تحتاج الكتابة المقاومة استخدام قناع؛ أو تورية وأدوات وبلاغ مضمر يخفيه الكاتب؛ فالذي يتصدى للمقاومة بالكلمات يجب أن ينطق بخطاب الشعر المباشر فنياً؛ ليصل إلى هدفه بسرعة وقوة عبر بلاغة تأثير الخطاب السياسي؛ كما فعل أبو القاسم الشابي حين قال مخاطباً الشعب مباشرة :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر
ومن لا يحب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر
أو كما قال غيره: وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
فهنا الخطاب تكون له صفة السرعة والمباشرة الموظفة فنياً؛ والتي تصل بخطاب الشعر المعاصر إلى قلوب المستمعين؛ لإحداث الأثر الآني؟ والتأثير على مشاعر الشعوب لتتحرك نحو المقاومة؛ ورفع الظلم وتحقيق التعادلية للقوة؛ والسلام للكون والعالم والحياة.
الأدب والفن هما القوة الناعمة.
وفيما يتعلق بوحدة الأقلام لكتابة تأليفات تدعم فلسطين، قال حاتم عبدالهادي السيد: يمكن للأدباء والشعراء والمترجمين والفنانين التشكيليين إحداث حراك عالمي للتأثير على الرأي العام العالمي عن طريق كتابة القصائد الموجهة لنصرة فلسطين وتصوير حقيقة الأمور والإبادة التي يمارسها المحتل ويتم نشرها عبر الشبكة العنكبوتية وشبكات ومنصات التواصل الإجتماعي وتوجيه رسائل لأدباء وأحرار العالم للإنضمام إليهم والضغط على شعوبهم ومن هنا تتحقق مقولة: ان الأدب والفنون هما القوة الناعمة التي توجّه الرأي العام العالمي وتؤثر في خطاب القوة وآلة الحرب الهوجاء. كما أن ترجمة هذه الأعمال للغات العالم يمكن أن تستقطب شعوباً بل دول للتدخل لوقف الحرب وإعادة التعادل لميزان القوى؛ وإلّا فإن الصمت ضعف، والكلمة قوة وليس هناك أقوى من الكلمات لمجابهة الدبابة والصواريخ.. ولو تكلم وهدد حكام العرب ولو بالكلمات ولوحوا بالتدخل في الحرب في غزة ستقف آلة الحرب فوراً ويتحقق النصر للكلمة والخطاب. وهنا تنتصر الدول بقوة الخطاب الأدبي والثقافي ضد ارادة القوة؛ وخطاب الاعلام ضد خطاب المجنزرات ولعزاء للخائفين ولا حياة ولا سلام لمقهور ومهزوم.. القوة تجابها قوة موازية؛ وقوة القلم رادعة؛ ولا يمكن لأحد أن يستهين بها على الإطلاق.
المثقفون يرفضون التطبيع.
يتابع الناقد المصري كلامه حول التطبيع ومقاطعة الكيان الصهيوني وإيصال صوت فلسطين للعالم ويقول: المثقفون يرفضون التطبيع طوال الوقت وموقفهم يتسق مع موقف كل الشعوب في العالم الرافضة للظلم والقتل واغتصاب واستعمار الأرض والفكر؛ ولا يختلف أحد على أن الكيان الصهيوني يرتكب المجازر ضد الأبرياء والبشر والشجر وهو ما ترفضه الإنسانية التي تسعى إلى الحرية والعدل وتحقيق العدل والسلام لكل شعوب العالم؛ ونحن نتمنى من الشعوب التي قامت بالتطبيع مع العدو أو إتفاقيات ومعاهدات معه أن تقطع علاقتها فوراً مع ذلك الكيان العنصري؛ ومن ينصره من دول الظلم الكبرى؛ ولكي تكون المقاطعة فاعلة ومؤثرة اقتصادياً فعلى الشعوب أن تعلن عن مقاطعتها لكل البضائع والسلع لكل الدول التي تدعم الكيان الصهيوني؛ وعلى الدول أن تقطع البترول عنها وتعلن مقاطعة شاملة حتى ترجع عن دعمها المعنوي والعسكري لـ “إسرائيل” مع ضرورة الوقوف لنصرة أهل غزة وفلسطين كل بحسب إمكاناته ومن هنا يصل صوت فلسطين وتتوقف الحرب. ويحفظ للشعوب والحكّام والزعماء مكانتهم وهيبتهم أمام شعوبهم وأمام التاريخ الذي يسجل ولا يرحم.
ان اتحاد العرب يمّثل قوة عظمى وليتهم يستقيظون. فالمارد العربي قوي ولكن لابد من مواجهة محققة؛ ولو بالكلمات، والقوة العربية لا يستهان بها.. وآه لو توحّد العرب والمسلمون!!.
الإبداع الأدبي والتمسك بالتعاون.
وحول الإبداع الأدبي، قال الباحث المصري حاتم عبدالهادي السيد: تمكين الإبداع العربي يكون كما أرى في التمسك بتعاوننا العربي واستلهام البطولات العربية.. وتوحيد القوى الناعمة وعمل مؤتمرات تستنهض الفكر العربي دون تنصر لمذهب ودون تشدد عرقي؛ فالثقافة توحّد الفكر وتقرّب الشعوب والأمم وتقضي على الخلافات بين الدول والممالك؛ وتقرب الشعوب لفهم الآخر واحترام حرية العقيدة ومن هنا يستيقظ المارد العربي الشرق اوسطي الأفريقي الآسيوي من جديد ليصبح قطباً فاعلاً في معادلة القوة العالمية؛ يومها ستخشانا الدول؛ ولابد من التعاون والإتحاد وخلق شرق أوسط جديد بإرادتنا نحن؛ لا بإرادة الامبريالية الأمريكية والغطرسة الأوروبية والعولمة وصراع الحضارات الرهيب.
ان الحروب يمكن أن تكون فرصة جيّدة لتوحّد الشرق الأوسط وتعاونه ضد أساطيل الغرب التي تريد محو الهوية والعروبة والإسلام والمسلمين في كل خارطة الشرق أوسطية والتي تحاربهم بالتمذهب والعرقيات عبر صراعات سياسية وحروب استعمارية ومؤامرات تستهدف تغييب العقيدة وطمس الهوية وإذكاء الصراع المذهبي والعقائدي وطمس وتغريب العقيدة الإسلامية ومحو الأديان عبر صراع الأيديولوجيات والصراعات وغيرها.
وأقول ما أحوج المسلمين الآن إلى نبذ كل الخلافات؛ والوقوف بقوة ضد قوى الشر التي تريد الهلاك لنا جميعاً، ولابد من جمع شمل العرب والمسلمين؛ فالإتحاد قوة؛ ليستيقظ المارد الإسلامي من جديد.
حاتم عبدالهادي السيد
المصدر: الوفاق/ خاص
المارد العربي قوي، ولكن لابد من مواجهة محققة؛ ولو بالكلمات، آه لو توحّد العرب والمسلمون!
الأدب والشعر لهما الدور الكبير في الثقافة البشرية منذ القِدَم حتى اليوم، الشعر هو خلاصة التجارب الإنسانية، وهو مصدر المعارف الإنسانية، ووعاء ثقافي لا غنى عنه، يُحاكي الشعر الأحداث التي تسود في كل عصر وزمان، وهنا يبرز دور الشاعر، فيبدأ بوصف الأحداث، والتجارب، والقيم المعنوية.. أما الأحداث الأخيرة التي جرت في غزة، أصبحت موضوعا مهما لكثير من الشعراء الذين قاموا بإنشاد قصائدهم، فمنهم الشاعر والناقد والباحث المصري “حاتم عبد الهادي محمد السيد” الذي نشرنا قصيدته حول غزة في مقال سابق تحت عنوان “عندما تصنع الكلمات طوفان الشعر دعماً لغزة العزة”.
حاتم عبدالهادي السيد ناقد أدبي وشاعر تناول بالنقد والمناقشة مئات الكتب والدواوين والروايات والقصص في الوطن العربي، ومعارض الكتاب المصرية والعربية، كما كتب دراسات ومقدمات لعشرات الكتب الأدبية في العالم العربي، وترأس تحرير مجلة الأدباء العرب، ورابطة الأدباء العرب، وهو عضو اتحاد كتّاب مصر، وعضو الأمانة العامة لمؤتمر أدباء مصر، وحصل على الكثير من الدروع والأوسمة والجوائز الثقافية وتم تكريمه من قبل وزارة الثقافة المصرية في عدة مؤتمرات، وله أكثر من ثلاثين كتاباً في عدة مجالات أدبية وسياسية وثقافية وتراثية، منها رواية “دماء على جسر تايمز”، وكتاب “القدس أرض السلام والزيتون” ودواوين شعر وموسوعة أعلام سيناء، وغيرها – كما له دور بارز في العمل الاجتماعي والثقافي والسياسي المصري والعربي، وفي ظل الأحداث الأخيرة اغتنمنا الفرصة وأجرينا حواراً معه وفيما يلي نص الحوار:
دور الأدب والشعر في دعم القضية الفلسطينية
بداية سألنا الشاعر والناقد المصري الكبير حاتم عبدالهادي السيد عن دور الأدب والشعر في دعم القضية الفلسطينية، خاصة بعد الأحداث التي حدثت أخيراً، فقال: لا شك أن للأدب دوراً كبيراً في دعم القضية الفلسطينية؛ عبر بنية الخطاب الأدبي الذي يمثل قوة الدعم المعنوي الذي يرفع من معنويات الشعوب والمقاتلين؛ فالكلمات أقوى من الرصاص أحياناً، وهي التي توجه الرأي العام العربي والعالمي باتجاه الحقيقة واليقين والبرهان؛ وتدحض الشائعات التي تحاول قوى الاحتلال كما في حرب غزة الآن نشرها؛ وذلك لإخفاء الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في محاولة لتجميل وجههم القبيح أمام العالم.
لقد قدّم الشعر تحديداً الكثير من الأعمال الأدبية التي رسخت فكرة المقاومة، ومناهضة المحتل وعدم الركون إلى الإستسلام؛ وتحفيز المقاومين معنوياً وهو الأمر الذي يمكن أن يغير معادلة القوة في الحروب.
لاشك أن الشعر هو الرصاصة والقذيفة التي تحفز الطاقات نحو مواصلة القتال ودعم معنويات الجندي الفلسطيني؛ والشعب عموما لتشجيعه واستلهام نخوته وقوته للتكاتف والصبر وتحمل الصعاب لتحقيق النصر في النهاية على أعداء الانسانية؛ الصهاينة النازيين الذين يتلذذون برؤية مشاهد القتل والدمار؛ ومنظر الدماء المسكوبة من شرايين الأطفال والعجائز والأبرياء وينتهكون كل القوانين الدولية والإنسانية ويقومون بإبادة جماعية ومجازر تئن لها الجبال ضد سكان غزة الأبرياء؛ بل ضد سكان الضفة الغربية؛ ويستبيحون حرمة المسجد الأقصى المهيب.
الرواية أوسع رؤية للتعبير عن القضية الفلسطينية.
وفيما يتعلق بدور الأديب وكيفية كتابة رواية للدفاع عن فلسطين والميزات التي يجب أن تكون في الرواية أو الشعر، قال حاتم السيد: أرى أن الرواية أوسع رؤية وفضاءً للتعبير عن القضية الفلسطينية؛ ولكن الشعر هو صاحب التأثير المباشر الآني؛ لأنه يواكب الحدث ويكثفه بما يجعل الخطاب الشعري أكثر تأثيراً في اللحظة الحالية، ومن يريد أن يكتب رواية -كما أرى – فإن أبلغ شكل هو الكتابة التوثيقية عبر سرد دافق ومخيال يعدد مشاهد المآسي والقتل والدمار وحرق أشجار الزيتون وانتهاك المسجد الأقصى وغير ذلك.
ان أبلغ رواية تكتب للتأريخ لما يحدث في غزة الآن هو السرد الوصف للأحداث؛ وأعني بذلك الرواية التسجيلية التي تسجل الواقع الذي بلغت تأثيراته على النفس والذات كل تخيل؛ ولا يحتاج الروائي إلى إضافة مخيال مواز لفجيعة الحقيقة المنظورة عبر مشاهد الدم والدمار والموت والمآسي التي نراها عبر شاشات التلفاز؛ فنبكي ونشجب؛ ولا حول ولا قوة للشعوب العربية أمام نصرة الأقصى وأهالي غزة بسبب العجز العربي دون النظر لنصرة دين أو تحرير مقدساتنا المنتهكة في فلسطين الخالدة.
المقاومة بالشعر والكلمات
بعد ذلك طلبنا من الشاعر والناقد المصري لكي يُبدي لنا رأيه عن طريقة مواجهة ماكينة الإعلام الغربي والصهيوني في نشر الأكاذيب، خاصة بعد الأحداث الأخيرة، فقال السيد: يحاول الكيان الصهيوني تبرير جرائمه عبر الشائعات والدعاية المضللة التي تمثل في المنظور العسكري إحدى وسائل حروب الجيل الرابع لما لها من تأثير عاطفي لإستمالة الدول والشعوب للوقوف معها؛ وهذا ما فعله الكيان الصهيوني الآن عبر الأكاذيب والدعاية المدللة الأمبريالية الأمريكية ووقوف الرئيس الأمريكي جو بايدن ورؤساء بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرهم للدفاع عن الكيان الصهيوني الغاصب؛ وقد حركت ماكينة الإعلام الصهيوني الكاذبة أساطير العالم نحو الشرق الأوسط بدعاوي حق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها متناسين حقوق الشعب الفلسطيني وحصار وتجويع غزة ومنع الوقود والغذاء عنهم بل وقصف المستشفيات والمساجد والمدارس التي أصبحت تمثل مراكز إيواء للمدنيين ولمجابهة هذه الآلة الاعلامية المعادية فإن المقاومة بالشعر والكلمات والخطاب المقاوم والإدانات والتظاهر واستخدام الميديا ومنصات التواصل الإجتماعي هي أهم مقومات التصدي لهذه الالة الاعلامية المضللة.
وعلى إعلامنا العربي أن ينشر الحقيقة وصور الشهداء والدمار والقصف وقتل الإنسانية. وعلى الشعوب أن تخاطب حكّامها للضغط وتعرية أكاذيب المحتل الغاشم وهذا يمكن أن يمثل مواجهة لاحداث المعادلة أمام الآلة الإعلامية الكاذبة. ولقد رأينا الفيسبوك يحارب مع الصهاينة بحجة انتهاك المعايير؛ ويعرفون أنّهم يشّجعون العنصرية ويشاركون في وليمة الدماء التي طهيت من أجساد أهل غزة الشرفاء.
كتابة المقاومة لا تحتاج القناع.
وحول غالبية الرموز التي يستخدمها في كتاباته، قال الأديب المصري: لا تحتاج الكتابة المقاومة استخدام قناع؛ أو تورية وأدوات وبلاغ مضمر يخفيه الكاتب؛ فالذي يتصدى للمقاومة بالكلمات يجب أن ينطق بخطاب الشعر المباشر فنياً؛ ليصل إلى هدفه بسرعة وقوة عبر بلاغة تأثير الخطاب السياسي؛ كما فعل أبو القاسم الشابي حين قال مخاطباً الشعب مباشرة :
إذا الشعب يوماً أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلي
ولابد للقيد أن ينكسر
ومن لا يحب صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر
أو كما قال غيره: وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
فهنا الخطاب تكون له صفة السرعة والمباشرة الموظفة فنياً؛ والتي تصل بخطاب الشعر المعاصر إلى قلوب المستمعين؛ لإحداث الأثر الآني؟ والتأثير على مشاعر الشعوب لتتحرك نحو المقاومة؛ ورفع الظلم وتحقيق التعادلية للقوة؛ والسلام للكون والعالم والحياة.
الأدب والفن هما القوة الناعمة.
وفيما يتعلق بوحدة الأقلام لكتابة تأليفات تدعم فلسطين، قال حاتم عبدالهادي السيد: يمكن للأدباء والشعراء والمترجمين والفنانين التشكيليين إحداث حراك عالمي للتأثير على الرأي العام العالمي عن طريق كتابة القصائد الموجهة لنصرة فلسطين وتصوير حقيقة الأمور والإبادة التي يمارسها المحتل ويتم نشرها عبر الشبكة العنكبوتية وشبكات ومنصات التواصل الإجتماعي وتوجيه رسائل لأدباء وأحرار العالم للإنضمام إليهم والضغط على شعوبهم ومن هنا تتحقق مقولة: ان الأدب والفنون هما القوة الناعمة التي توجّه الرأي العام العالمي وتؤثر في خطاب القوة وآلة الحرب الهوجاء. كما أن ترجمة هذه الأعمال للغات العالم يمكن أن تستقطب شعوباً بل دول للتدخل لوقف الحرب وإعادة التعادل لميزان القوى؛ وإلّا فإن الصمت ضعف، والكلمة قوة وليس هناك أقوى من الكلمات لمجابهة الدبابة والصواريخ.. ولو تكلم وهدد حكام العرب ولو بالكلمات ولوحوا بالتدخل في الحرب في غزة ستقف آلة الحرب فوراً ويتحقق النصر للكلمة والخطاب. وهنا تنتصر الدول بقوة الخطاب الأدبي والثقافي ضد ارادة القوة؛ وخطاب الاعلام ضد خطاب المجنزرات ولعزاء للخائفين ولا حياة ولا سلام لمقهور ومهزوم.. القوة تجابها قوة موازية؛ وقوة القلم رادعة؛ ولا يمكن لأحد أن يستهين بها على الإطلاق.
المثقفون يرفضون التطبيع.
يتابع الناقد المصري كلامه حول التطبيع ومقاطعة الكيان الصهيوني وإيصال صوت فلسطين للعالم ويقول: المثقفون يرفضون التطبيع طوال الوقت وموقفهم يتسق مع موقف كل الشعوب في العالم الرافضة للظلم والقتل واغتصاب واستعمار الأرض والفكر؛ ولا يختلف أحد على أن الكيان الصهيوني يرتكب المجازر ضد الأبرياء والبشر والشجر وهو ما ترفضه الإنسانية التي تسعى إلى الحرية والعدل وتحقيق العدل والسلام لكل شعوب العالم؛ ونحن نتمنى من الشعوب التي قامت بالتطبيع مع العدو أو إتفاقيات ومعاهدات معه أن تقطع علاقتها فوراً مع ذلك الكيان العنصري؛ ومن ينصره من دول الظلم الكبرى؛ ولكي تكون المقاطعة فاعلة ومؤثرة اقتصادياً فعلى الشعوب أن تعلن عن مقاطعتها لكل البضائع والسلع لكل الدول التي تدعم الكيان الصهيوني؛ وعلى الدول أن تقطع البترول عنها وتعلن مقاطعة شاملة حتى ترجع عن دعمها المعنوي والعسكري لـ “إسرائيل” مع ضرورة الوقوف لنصرة أهل غزة وفلسطين كل بحسب إمكاناته ومن هنا يصل صوت فلسطين وتتوقف الحرب. ويحفظ للشعوب والحكّام والزعماء مكانتهم وهيبتهم أمام شعوبهم وأمام التاريخ الذي يسجل ولا يرحم.
ان اتحاد العرب يمّثل قوة عظمى وليتهم يستقيظون. فالمارد العربي قوي ولكن لابد من مواجهة محققة؛ ولو بالكلمات، والقوة العربية لا يستهان بها.. وآه لو توحّد العرب والمسلمون!!.
الإبداع الأدبي والتمسك بالتعاون.
وحول الإبداع الأدبي، قال الباحث المصري حاتم عبدالهادي السيد: تمكين الإبداع العربي يكون كما أرى في التمسك بتعاوننا العربي واستلهام البطولات العربية.. وتوحيد القوى الناعمة وعمل مؤتمرات تستنهض الفكر العربي دون تنصر لمذهب ودون تشدد عرقي؛ فالثقافة توحّد الفكر وتقرّب الشعوب والأمم وتقضي على الخلافات بين الدول والممالك؛ وتقرب الشعوب لفهم الآخر واحترام حرية العقيدة ومن هنا يستيقظ المارد العربي الشرق اوسطي الأفريقي الآسيوي من جديد ليصبح قطباً فاعلاً في معادلة القوة العالمية؛ يومها ستخشانا الدول؛ ولابد من التعاون والإتحاد وخلق شرق أوسط جديد بإرادتنا نحن؛ لا بإرادة الامبريالية الأمريكية والغطرسة الأوروبية والعولمة وصراع الحضارات الرهيب.
ان الحروب يمكن أن تكون فرصة جيّدة لتوحّد الشرق الأوسط وتعاونه ضد أساطيل الغرب التي تريد محو الهوية والعروبة والإسلام والمسلمين في كل خارطة الشرق أوسطية والتي تحاربهم بالتمذهب والعرقيات عبر صراعات سياسية وحروب استعمارية ومؤامرات تستهدف تغييب العقيدة وطمس الهوية وإذكاء الصراع المذهبي والعقائدي وطمس وتغريب العقيدة الإسلامية ومحو الأديان عبر صراع الأيديولوجيات والصراعات وغيرها.
وأقول ما أحوج المسلمين الآن إلى نبذ كل الخلافات؛ والوقوف بقوة ضد قوى الشر التي تريد الهلاك لنا جميعاً، ولابد من جمع شمل العرب والمسلمين؛ فالإتحاد قوة؛ ليستيقظ المارد الإسلامي من جديد.
حاتم عبدالهادي السيد
المصدر: الوفاق/ خاص