عبدالرحيم مركزو - بالواضح...

طفولتنا هل كانت علمانية بقصد"١"..!!
بعيداً عن تعاريف، و مقاصد دعاة العلمانية و ارتباطها بفلسفتها تجاه الدولة مدنية-وطنية حسب تقلبات - حال الدولة السودانية.
ولدنا و ترعرنا في جبال النوبة-مركز دلامي، كل حيز جغرافي له مثيل بالجوار و السكن... وجدنا في مركز دلامي مسجد-كنيسة-بيوت من القطاطي كثيرة على قمم الجبال المحيطة بالبلدة تخص الكجرة، و هي لخشوم بيوت مختلفة لمجموعة دلامي "لقورانق"، تمارس فيها الطقوس الخاصة بالزراعة-سبر التذوف"الضواقة" -و سبر الحصاد يتوج في محفل كبير يحضره كثير من الناس .
مركز دلامي الحضري ضمن خمس مراكز في جبال النوبة رشاد، دلامي، الدلنج، كادقلي و هيبان... موظفو الحكومة من جنود الشرطة و السجون و التمرجي و المعلمين من كل مناطق السودان المختلفة . لهم مساكن خاصة بهم بالقرب من مقار عملهم ، في حي الجنوبية يوجد مقر مركز تحسين سلالات الأبقار، كل العمال و البياطرة من قبائل الاستوائية، يدينون بالمسيحية. توجد استراحة كبيرة ينزل بها ضيوف البلد من الزوار "الخواجات".
كنا نزور أقربائنا عماتنا، حبوباتنا أكثر مما هم أقرب . أول ما يقدم لنا كأساً من الخمرة البلدية "المريسة" و الذرة و الذرة الشامي المحمص "بليلة" و سلطة المالوتة بالسمسم، لا يسمح لنا بتذوق المحصولات الجديدة إلا بعد سبر التذوق "أوتني" و بعد إجراء الطقوس الخاصة بذلك...
في فصل الخريف يكثر مرض الحمى الليلية كنا نتعالج و نتعافى منها بعد أن تمسح جسومنا بزيت السمسم من قبل مساعدة الكجور المختصة بالعلاج و المداواء"كيماو"، و هي خبيرة في علاج السحر "العين" و حساسية الجلد "كوالة" و كذلك الأمراض التي يصعب علاجها طبياً...كنا نذهب و نشارك في أعياد التذوق و الحصاد في ساحات الإحتفالات المخصصة بذلك ،تجهز في كل بيت المأكولات الجديدة من صفق نبات اللوبيا و الذرة الشامية المشوية و الخمور البلدية كنا تناولها دون إكتراث لخلوها من كل سؤ... الكجور صفة مشتركة بين الرجال و النساء، يوجد في دلامي عدد من الكجرة و المساعدين لهم يعتنقون دين الإسلام .
كنا نذهب إلى خلوة المسجد لتلقي علوم الدين و نحفظ القرآن في أيام عطلات المدارس... كان واجب علينا نظافة المسجد كل صباح يوم جمعة. و كذلك نحتفل كل عام بعيد المولد و أعياد رمضان و الأضحى و التي تمثل لنا كل جديد.
كنا نجلس خلف موائد شهر رمضان، نلتهم ما تبقى من عصائر و ما لذ و طاب من طعام. عيد الأضحى له مذاق خاص لكثرة تناول اللحوم في كل بيت ، أما عيد المولد فتضّج ساحة السوق بالناس ليلاً ، حيث حلقات الذكر بالنوبة و الطار و يختتم بيوم القفلة حيث يتناول الطعام "الفتة" كرامة لوجه الله.
نواصل

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...