د. محمد عبدالله القواسمة - الموضوع الغائب في ندوة منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان عن القصة القصيرة...

أقام منتدى مؤسسة عبد الحميد شومان الثقافي ندوة عن القصة القصيرة الأردنية يوم السبت 2024//9/28 تحت عنوان "الخطاب الثقافي والجمالي في القصة القصيرة الأردنية (2001 - 2024)، وتوزعت أعمال الندوة على خمس جلسات، تناول المشاركون والمشاركات فيها القصة القصيرة من منظور ثقافي ومنظور الأنواع الأدبية والفنية، وتوظيف التراث النثري والتراث الشعبي والوطني، كما تناولت الندوة تطور القصة القصيرة وجمالياتها، وموضوع القصة القصيرة والتجريب في قصة ما بعد الحداثة، وقُدمت شهادات لثلاثة من كتاب القصة القصيرة.

إن المتمعن في برنامج الندوة والاطلاع على البحوث التي قدمت فيها يتبين له غياب موضوع الحرب على غزة ومحاولة الإبادة الجماعية لأهلها عن الندوة؛ فلم يُقدم أي بحث في هذا الموضوع الذي يتصدر اهتمام العالم كله في المجالات كلها.

لعل غياب ما يجري في غزة، من إبادة جماعية عن ندوة في منتدى مؤسسة وطنية مهمة مثل مؤسسة عبد الحميد شومان في هذا الوقت، يثير الإحساس بالغرابة لدى المثقفين والنقاد والمبدعين العرب عن السبب وراء ذلك.

هل الموضوع لا يتناسب مع موضوع الندوة العام، وهو الخطاب الثقافي والجمالي في القصة القصيرة الأردنية؟ هل خلت القصص القصيرة الأردنية من قصص تتحدث عن الحرب على غزة، التي لم تتوقف منذ سنوات ولازالت مستعرة؟ هل غاب دور المثقف، وصمت كاتب القصة القصيرة عن التفاعل مع الواقع والتأثير في المجتمع، واكتفى بالإقامة في برج من عاج أو من زجاج، بعيدًا عن أهم القضايا العربية والإنسانية في هذا القرن؟

في الحقيقة نرى بأن موضوع الحرب على غزة يصلح ليكون الموضوع الرئيسي لهذه الندوة، ليصبح عنوانها جماليات الخطاب الجمالي والثقافي في القصة القصيرة الأردنية، التي تناولت الحرب على غزة، أو المقاومة للاحتلال الإسرائيلي منذ مطلع هذا القرن. لكن للأسف لم يحظ الموضوع حتى ببحث واحد. وهذا يخالف، في الدرجة الأولى، النظرة الموضوعية والمنهج العلمي بإهمال ندوة علمية لموضوع مهم ومن صلب اختصاصها، وما زلنا نعايشه، ونعاني منه.

كما لا شك في أن كثيرًا من كتًاب القصة القصيرة في هذا الوطن العزيز قد تناولوا حرب غزة في إبداعاتهم، كما شال بعض المبدعين الآخرين في الشعر والرواية والمقالة.

أما عن موقف المثقف العربي عامة والأردني خاصة فعلينا أن نعترف بأن بعض المثقفين أدار ظهره لما يحدث، وكان له دور المتفرج أو اللامبالي، وبعضهم انصرف إلى الكتابة في موضوعات تراثية وخيالية لا علاقة لها بالواقع، ولكن كثيرين اهتموا بتقديم صورة عن المثقف العربي، الذي يحرص على أن يؤدي واجبه نحو بني جلدته، وما يعانونه من ظلم المحتل وقهره.

إذن، بعد هذه الأسئلة والإيضاحات والآراء حول ندوة القصة القصيرة الأردنية في مؤسسة شومان، ألا يحق لنا التساؤل عن المسوغ في غياب موضوع الحرب على غزة ومقاومة المحتل في ندوة بمؤسسة وطنية، في الوقت الذي يباد فيه الإنسان العربي في فلسطين، وتهدم على أرضه المنازل، وتدمر المستشفيات، والمساجد؟ فليس أقل من أن يتناولها الدارسون والنقاد ويبحثون عنها في القصة القصيرة!

ليتنا نفهم هذا المسوغ! حتى لا يتبادر إلى أذهان بعض المثقفين من العرب والأجانب أن المثقفين ونقاد الأدب والباحثين وكتاب القصة القصيرة في الأردن لا يهتمون بما يجري حولهم، ويديرون ظهورهم لقضيتهم ولواقعهم المعايش، أو أنهم ابتعدوا عن الخلق والإبداع، واتبعوا منهج النقل والاتباع، ووقعوا في فخ التبعية للمذاهب الفكرية المتنوعة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى