د. محمد الهادي الطاهري - قتلوه يا محمد

قتلوه يا محمد، قتلوا نصر الله يا محمد. ظلت زوجتي تردد هاتين الجملتين وهي تقطع المسافة بين مكتبي حيث كنت أعدّ درسي وبين قاعة الجلوس حيث شاشة التلفزيون. أوَ مات سماحة السيد يا روضة؟ قتلوه يا محمد. لم أر في وجهها ولم أسمع في صوتها كل هذا الوجع منذ جاءها نعي أمها قبل أربع سنوات. أنا أيضا كنت في عينها لحظة الفاجعة كما كنت تماما يوم جاءني نعي أبي قبل عشرين سنة أو نعي أمي قبل ثلاث سنوات. كان الوقت وقت غداء وكانت مائدة الغداء جاهزة. أبنائي ينتظرون قدومنا. لم نأت. جاؤوا إلى حيث كنا. نظروا إلينا. رأوا دمعة في عيني ودمعة أخرى في عيني أمهم روضة. قالوا: ما الأمر ؟ أخبرناهما بما جرى. ظلوا واجمين. هل مات نصر الله يا أبي؟ نعم مات يا بني. وطوينا صفحة الغداء. كانت لحظة مرة . آمال تبخرت وأحلام طارت وأحزان تولّدت وتفجرت بعد أن خلناها قد انطفأت. تذكرت أبي وموته وتذكرت أمي وموتها وتذكرت أني بعد شهر من موت أبي خفت عليه من البرد حين حل الشتاء، واني بعد نصف عام من موت أمي هاتفت أخي وسألته عن أحوالها. أنا اليوم أيضا وبعد رحيل نصر الله بيومين سارعت إلى زوجتي أسألها : هل تكلم نصر الله؟ بكت وقالت: تعني نعيم قاسم؟ انظر كم هو حزين .و حط الحزن من جديد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى