أ. د. عادل الأسطة - يوميات السنة الثانية من المقتلة -ملف- الشهر الثالث عشر (367--397)

367- يوميات غزة ( ٣٦٧ ) : خرابيش مصطفى وهبي التل (عرار)

عندما تقدمت لامتحان التوجيهي في العام ١٩٧٢ كنت أحفظ قول الشاعر الأردني مصطفى وهبي التل (عرار):
" بين الخرابيش لا عبد ولا أمة
ولا أرقاء في أثواب أحرار
الكل زط مساواة محققة
تنفي الفوارق بين الجار والجار "
كنت أحفظه عن ظهر قلب ، وربما سحرني البيتان لتغني صاحبهما بالمساواة التي كنا نحن اللاجئين نفتقدها في أبسط الأشياء مثل الحصول على الماء ، فوجوهنا وجوه لاجئين ، وقاتل الله الجهل الذي دفع برئيس بلدية لقول عبارة أخجل من كتابتها ، دفعت بأهلنا اللاجئين إلى الطلب من الله أن يلم به ما ألم بهم وهو ما تحقق في حرب ١٩٦٧ ، علما بأنه لم يغد لاجئا ولكنه عاش مثلهم تحت الاحتلال . لقد فضل علينا حمير الحجارة وليغفر الله له لجهله .
ما كنت لأكتب الكلام السابق الذي كتبته في قصة مبكرة لي في مجموعتي القصصية الأولى " فصول في توقيع الاتفاقية " الصادرة في ١٩٧٩ ، لولا اصغائي صباح اليوم إلى إذاعة أجيال تحاور الدكتور محمود عساف من قطاع غزة .
أجاب الدكتور محاورته آلاء العملة بما يبعث الأسى في النفس وقال إن الحرب سوت بين الغزيين جميعا ، فجميعهم صاروا لاجئين سكان خيام ، ولم يعد هناك أي تمايز اجتماعي بين المتعلم وغير المتعلم والمحترم وغير المحترم المهذب وغير المهذب ، بل وصار المرضى النفسانيون يتطاولون على غيرهم رغبة في الانتقام منهم وحبا في التقليل من شأنهم .
ويأسف الدكتور لما آلت إليه الأوضاع حيث فقد المتعلمون مكانتهم التي كانوا يتمتعون بها ، وقد خمن أن أيا من هؤلاء لن يبقى في غزة إذا ما استقرت الأوضاع وتهيأ له السفر .
" لقد تبهدلنا نحن أهل غزة " قال لي ناشط فيسبوكي .
الجيش الإسرائيلي أيضا لا يميز بين مقاتل ومواطن وبين شاب وطاعن في السن وبين امرأة وطفل وبين من هم مع حماس ومن هم ضدها وضد ما قامت به وبين حي في مدينة ومخيم بجواره سواء أكان المولود ذكرا أو أنثى ف " طاسة وضايعة " .
مر عام على الحرب وبدأ عام ثان ، وأما زمن الاشتباك فمستمر منذ العام ١٩٤٨ .
كان اليوم الأول من الحرب في عامها الثاني منذ ساعاته الأولى يوما مجنونا ، فمنذ الساعة الأولى فيه كانت الطائرات الإسرائيلية تحرث في الضاحية الجنوبية لبيروت حرثا .
" ليس لليهودي الصهيوني قلب " . حلها يا ( شكسبير ) !
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٧ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

368- يوميات غزة ولبنان ( ٣٦٨ ) : "وحيفا من هنا بدأت"

منذ الصباح والصواريخ تقذف على حيفا ومحيطها . رأس برأس كما قال أمل دنقل ، مع أنه تساءل :
- أكل الرؤوس سواء ؟
وحيفا لنا وبيروت أيضا ، والحزن يلفنا ويخترق مسام جلدنا .
منذ الصباح وأنا أكرر قول محمود درويش من قصيدته " أعراس " :
" عاشق يأتي من الحرب إلى يوم الزفاف
يرتدي بدلته الأولى
ويدخل
حلبة الرقص حصانا
من حماس وقرنفل :

وعلى حبل الزغاريد يلاقي فاطمة
وتغني لهما
كل أشجار المنافي
ومناديل الحداد الناعمة
.....
......

قد تزوجت
تزوجت جميع الفتيات
يا محمد !
وقضيت الليلة الأولى على قرميد حيفا
يا محمد ! "
و
" وحيفا من هنا بدأت
وأحمد سلم الكرمل
وبسملة الندى والزعتر البري "
و ... وأقرأ ما كتبته د. هيا فريج في صفحتها عن الأوضاع القاسية في شمال قطاع غزة ؛ في مخيم جباليا حيث ما زالت منذ عام صامدة ترفض الرحيل وتصر على البقاء وتطلب منا إن ماتت أن نترحم عليها .
الغزيون يسخر قسم منهم من الخطابات التي أتت على الخسائر التكتيكية والخسائر الاستراتيجية ؛ لأن من بقي منهم هناك ولم يرحل قضى عاما من العذاب والألم والفقر والجوع والعطش والمرض وقلة الدواء .
اليوم أعددت كتابا عنوانه " تداعيات حرب ٢٠٢٣ / ٢٠٢٤ في ذاكرة فلسطينية " جمعت فيه مقالاتي الأسبوعية على مدار عام في جريدة الأيام الفلسطينية ، ولكن ...
فقدنا الشغف بالحياة . نعم فقدنا الشغف بالحياة !

مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٨ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

371- يوميات غزة ( ٣٧١ ) : استباحة وإباحة

لم أعد أواصل كتابة يوميات غزة ، لأنني لا أريد أن أكرر ما هو مكرر ، ولا لأن هناك يعتقد بمقولة " من يجرب المجرب عقله مخرب " . لم أعد أواصل الكتابة لأن شعورا بالعجز صار يلازمني . لهذا لم أكتب يوميات في اليومين ٣٦٩ و ٣٧٠ - أي في يومي ٩ و ١٠ / ١٠ / ٢٠٢٤ .
في اليومين المذكورين تابعت فعاليات مؤتمر الرواية في جامعة اليرموك الذي عقدته رابطة الكتاب الأردنيين عن أدب المقاومة وأدب السجون احتفالا بفوز الكاتب الأسير باسم الخندقجي بجائزة الرواية العربية وشاركت فيه بورقة عنوانها " موضوعة السجن في رواية الأسرى : كميل أبو حنيش نموذجا ".
بين آن وآن كنت أتابع أشرطة فيديو عن الحرب وغيرها ، فلفت نظري شريط لطفل تطلب منه معلمته أن يقرأ عبارة " هو عملية معاكسة " وكتب مدرج الشريط عليه عبارة " لما تكون راسب في الإملاء وتتفلسف " .
قرأ الطفل كلمة معاكسة " معا كسه " فصححته المعلمة .
أرسلت الشريط لصديق لي فعقب " هذا فيديو إباحي " ، وأما أنا فكتبت له :
بعد استباحة غزة لم تعد هناك استباحة وإباحة . كل الأشرطة تهون أمام الأشرطة التي نشاهدها عما يجري في قطاع غزة ، وأمس أدرجت شريطا يصور قتل المدنيين الأبرياء بلا رحمة .
غالبا ما أتذكر قصيدة مظفر النواب " في الحانة القديمة " .
لم يفن من البغي سوى اللحم الفاني أما أكثرنا فيبيع اليابس والأخضر ويهرب من وجه قضيته .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١١ / ١٠ / ٢٠٢٤ .

***

372- يوميات الحرب ( ٣٧٢ ) : الضفتان لنا والآن من القدس إلى دمشق :

ما زالت جبهات القتال تزداد اشتعالا . في قطاع غزة التي أعلن الجيش الإسرائيلي أنها غدت جبهة ثانوية وفي جنوب لبنان حيث تحارب أربع فرق رئيسة مقابل ثلاث في غزة ، وقد يأتي ، اليوم أو غدا ، الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني .
مناظر القتلى والجرحى والأراضي المحروقة والعمارات المسواة بالأرض ما زالت تتسيد المشاهد التي تبثها الفضائيات وليس ثمة بارقة أمل بانتهاء الحرب ، وعلى العكس فإن الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف ( بتسلوئيل سموترتش ) يصب الزيت على النار .
آخر شريط فيديو ، تداوله نشيطون فيسبوكييون ، هو مقابلة أجرتها صحفية إسرائيلية مع الوزير المذكور تحدث فيها ، بثقة تامة وبفرح باد ، وهو يرتشف مشروبه الساخن والكاميرا تركز على بريق عينه اليمنى ، تحدث فيها عن طموحاته وطموحات شعبه .
تسأل المذيعة الوزير :
- وهل ستحتلون الأردن ؟
فيجيب :
- لات لات . شوية شوية .
ويضيف :
- القدس دمشق .
هذا هو ما يطمح إليه ويعبر عن إمكانية تحقيقه بفرح .
" الضفتان لنا " أغنية عبرية لقصيدة عبرية كتبها شاعر يهودي ورد عليها في خمسينيات القرن العشرين الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد ، ولطالما كتبت عنها منذ العام ١٩٩١ .
" الضفتان لنا " وأمس قرأت الفصل الأول من رواية عارف الحسيني Aref F. Husseini " نص إشكنازي " ( ٢٠٢٤ ) وهو يأتي على طموحات المستوطنين التي عبر عنها الوزير ويأتي على احتقار اليهود للعرب :
" العرب والقانون لا يسيرون معا . هؤلاء هم العرب لا يحترمون أي قانون . يبنون بدون ترخيص ، وهم كالشوكة في المؤخرة ، لا نستطيع العيش معها ، وإن أخرجناها بالقوة ، ومرة واحدة لا نتمكن من الجلوس لفترة " .
هل نسيت شريط الفيديو الذي يقرأ فيه مستوطن على طفله قصة قصيرة يأتي فيها على لبنان وحق اليهود فيه والاستمتاع بطبيعته الخلابة ؟
كل ما سبق يوضح عبارة ( بنيامين نتنياهو ) " حرب وجود " وعبارة وزير الدفاع ( غالانت ) " إن أرض قطاع غزة هو ثمن أحداث ٧ أكتوبر المناسب " ، وهذا يفسر ما يجري في شمال قطاع غزة حيث تكرار الطلب ممن بقي من الغزيين بالإخلاء .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٢ / ١٠ / ٢٠٢٤ .

***

373- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٣ ) : شمال غزة يباد

الأخبار القادمة من شمال قطاع غزة كلها متشابهة : شمال قطاع غزة يباد والإبادة تتخذ أشكالا عديدة ؛ القصف وتدمير مربعات سكنية كاملة . طائرات ( الكواد كابتر ) تدخل إلى البيوت المدمرة وتفتك بالصامدين ، والدبابات في الشوارع تفخخ لتفجر بمن حولها ، والباقون المقدر عددهم بمائتي إلى ثلاثمائة ألف يموتون جوعا وعطشا ، ومن يستطيع منهم أن يكتب يناشدنا بأن لا نمل من تكرار الكتابة والنشر . المهم أن لا نصمت ولا نمل من الكتابة .
شمال غزة يموت والعالم لا يقوى على فعل شيء للمدنيين ، ويبدو أن إسرائيل بدأت تطبق خطة الجنرالات الطامحة إلى تفريغ شمال غزة من سكانه . خطة ( غيورا ايلاند ) .
في حرب النكبة الأولى ١٩٤٨ سممت إسرائيل المياه في حصار عكا وحصار غزة ، وعن هذا كتب نعيم جلعاصي جلعادي ، وورد تأكيد لهذا في كتاب ( إيلان بابيه ) " التطهير العرقي " ، والكتابة هنا مكررة للمرة الخامسة أو أكثر ، ولو كان المرحوم الشاعر مريد البرغوثي على قيد الحياة لكرر بعض مقاطع من قصيدته " طال الشتات " وربما كتب " طال الحصار " . هل تذكرون أبيات قصيدته ؟
" وطلبنا جرعة الماء فقالوا
نحن شئنا لكن الماء أبى
وطلبنا الخبز قالوا قد عجنا
وغفلنا فنسينا الحطبا
وطلبنا في انقطاع الضوء شمعا
نصحونا أن نضيء الكهرباء
وطلبنا سيفهم قالوا اعذرونا
كل سيف بين أيدينا نبا
غير أنا عندما جئنا إليهم
عن طريق البحر صاحوا مرحبا "
و
" أهذا صوتك المخذول نادى ؟
أم أنك قد يئست من المنادى ؟ "
ويبدو ... .
صواريخ حزب الله ما زالت تلبي ... .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٣ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

374- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٤ ) : أتحسبها الأندلس؟

في أكتوبر ١٩٨١ ؛ الشهر الذي اغتيل فيه الرئيس المصري أنور السادات ، اغتيل الكاتب والسياسي الفلسطيني ماجد أبو شرار ، فرثاه محمود درويش نثرا وشعرا في " صباح الخير يا ماجد " وورد في المرثية المقطع الآتي :
" أتبحث عني
لنمضي إلى مطعم هاديء ، لنقول : كبرنا
ولم يذهب العمر في درب حيفا سدى
- أتحسبها الأندلس ؟
- ولكنها طائر في يد مزقتها الرماح ولم تنبسط
سأرجع بعد قليل إليها
وأزرع مترا من الروح والخضروات
وأبني على عنقي غرفة ل " سماء "
وأبني على ركبتي غرفة ل " سلام "
وأبني على تلة الروح دارا ل " دالية "
- قريبا
- قريبا ، ثلاثون حيفا تعود .. "
ومنذ بدايةالحرب الدائرة حاليا وأنا أكرر :
" - أتحسبها الأندلس ؟
- ولكنها طائر في يد مزقتها الرماح ولم تنبسط "
فاليد لما تنبسط بعد ، وقبل أيام كتبت بأن قول السيد " حيفا مقابل الضاحية " قد تحقق على أرض الواقع .
أمس كان يوما مشهودا وفي فجر اليوم واصلت الطائرات الإسرائيلية الإغارة على خيام النازحين في النصيرات ودير البلح ، ما دفع بعض الناشطين الفيسبوكيين إلى تكرار ما غدا ، منذ بدء الحرب ، لازمة :
- يفشون غلهم ، كلما توجعوا ، بخيام النازحين والمدنيين .
وفي روايته " عائد إلى حيفا " كتب غسان كنفاني في ١٩٦٩ " تستطيعان البقاء مؤقتا في بيتنا ، فذلك شيء تحتاج تسويته إلى حرب " والحروب منذ ١٩٤٨ لم تتوقف .
أمس وأنا عائد مع أخي قلت له :
- مش لو حلوها اليهود مع أبو عمار وأعطوه الدولة كان ارتاحوا وريحونا !!
أحيانا أبدو ساذجا طيبا غبيا بسيطا أهبل ولا أعرف أن ورطتنا ورطة ؛ مع أمريكا والغرب وإسرائيل جابوتنسكي .
ما أحمقني !
ومنذ أيام وإسرائيل تحاول تكرار حكاية " ثغرة الدفرسوار " في حرب أكتوبر ١٩٧٣ ، ولكن عبثا .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٤ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

375- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٥ ) في المساء الأخير على هذه الأرض

١٧٠ ألف قطعة سلاح وزعها الجيش الإسرائيلي ، في الأشهر الثمانية الماضية ، على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ، ومنذ مطلع الشهر والقيادة الإسرائيلية تحكي عن قرارات اتخذت لمهاجمة إيران لقطع رأس الأفعى ، كما ردد بعض أعضاء القيادة في صباح هذا اليوم الذي صرح فيه أحد الضباط بأن دولته لم تستخدم أكثر من ١٠ بالمائة من مخزون سلاحها .
أمس تذكرت عبارة محمود درويش " أتحسبها الأندلس ؟ " وفي صباح هذا اليوم وجدتني أعود إلى قصيدته " أحد عشر مقطعا على آخر المشهد الأندلسي " وأقرأ مقطع " في المساء الأخير على هذه الأرض " .
هل نقطع أيامنا عن شجراتنا ونعد الضلوع التي سوف نحملها معا والضلوع التي سوف نتركها ههنا ؟ هل سيبدل المكان أحلامنا ويبدل زواره " فجأة لم نعد قادرين على السخرية ، فالمكان معد لكي يستضيف الهباء .. هنا في المساء الأخير نتملى الجبال المحيطة بالغيم : فتح .. وفتح مضاد " .
هل ستهاجم إسرائيل إيران فترد إيران ولا يبقى لدينا وقت للتساؤل :
" هل كانت الأندلس ههنا أم هناك ؟ على الأرض ... أم في القصيدة ؟ ".
صمدت إيران في حربها مع العراق في ١٩٨٠ ثماني سنوات وقلبت المعركة في نهايتها لصالحها وما طالب به صدام في بداية الحرب من أن المحمرة أرض عربية تراجع عنه في نهايتها .
صارت الضفة مخازن أسلحة وغزة خرابا والجنوب اللبناني والشمال الفلسطيني يتحول ساعة ساعة ويوما يوما إلى أرض محروقة . هل اقتربت نهاية دولتهم أم نهاية وجودنا على هذه الأرض ومن ثم تحقيق ما يدعو إليه اليمين الإسرائيلي " دولة يهودية " من النهر إلى البحر أولا ثم ...
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٥ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

376- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٦ ) : ما يجب أن لا يقال الآن

في تتبع صفحات بعض نشطاء التواصل الاجتماعي الفيسبوكيين من أبناء غزة المقيمين فيها أو في خارجها تقرأ :
" رسالة إلى الذين يدعون أن قلوبهم مع غزة
لما حدا من غزة ( بصورة فردية ) بيطلب منكم مساعدة ما تشككوا فيه ، وتمارسوا عليه أدوار المتفضلين بأسلوب التحري ، وكفروا عن تقصيركم قدر المستطاع ، ومن لم يفكر في مساعدته فليراجع دينه .
غزة كلها تحتضر "
وتقرأ :
" هناك شخص يدعي أنه طالب علم من شمال قطاع غزة يناشد المتبرعين بإرسال مبلغ حق عجل لأهل الشمال وهو أصلا فش لحمة عنا "
كم مرة كتبت أسماء الغول عن أشخاص في خارج قطاع غزة يجمعون المال باسم أهل القطاع ، فأثروا .
أعتقد - وتلافيا لأي أشكال - أنه يجب الخصم من رواتبنا من طرف السلطة الفلسطينية أو المؤسسات التي نعمل فيها وتأمينه كمساعدات . ليس في تقديم المساعدات فضل أو منة . هذا أقل ما يمكن فعله .
أعرف أن مثل هذه الكتابة في ظل ما يجري ليست في مكانها ولكن ...
اعذرونا !
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٦ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

377- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٧ ) : والشاعر افتضحت قصيدته تماما، وثلاثة خانوه

في كل حرب على لبنان يشنها الجيش الإسرائيلي أتذكر الشاعر خليل حاوي الذي انتحر في بداية حرب العام ١٩٨٢؛ لأنه رأى بلاده تستباح وعاصمتها تحاصر، أتذكره وأتذكر أيضا الأسطر التي خلده فيها الشاعر محمود درويش في مطولته "مديح الظل العالي":
" وثلاثة خانوه:
تموز وامرأة وإيقاع
فناما".
عندما أتذكره أعود إلى ديوانه "من جحيم الكوميديا" ( ١٩٧٩ ) وأقرأ:
" جولي سبايا الأرض
في أرضي
وصولي واطحني شعبي
جولي وصولي
لن يكتوي قلبي
لن يكتوي قلبي ولن يدمى
تنحل حمى العار
في غيبوبة الحمى
لن يكتوي قلبي ولن يدمى
قلبي الأصم الأبكم الأعمى " .
يبدو أن قلوبنا نحن البعيدين عن قطاع غزة ولبنان، يبدو أنها صماء بكماء عمياء / عمي.
هل خان الشاعر تموز؟
تموز انبعث في ٧ أكتوبر وها هو ينبعث في الجنوب اللبناني، وأمس كانت المروحيات الإسرائيلية مثل قطار (ثيودور هرتسل) في روايته "أرض قديمة جديدة" ( ١٩٠٢ ). ألم يكتب الأب الروحي للحركة الصهيونية عن شرق تمتد قطاراته الكهربائية من حيفا إلى بيروت؟
الصيد وفير والغلال كثيرة .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٧ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

378- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٨ ) : أدباء تنبأوا بمصيرهم [ يحيى السسنوار ]

الشوك والقرنفل . نهاية الرواية ونهاية المؤلف . هل تنبأ أبو إبراهيم بمصيره " نصر أو استشهاد " .
لم يخرجوا رافعين أعلاما بيضا . رفعوا شعارهم " نصر أو استشهاد " فظفروا بالثانية .
وداعا مؤلف " الشوك والقرنفل " .
هل كتبت عن بعض تشابه مع بعض أعمال كنفاني ؟
عادل الأسطة



[HEADING=2]=========[/HEADING]

يحيى السنوار " الشوك والقرنفل " ٣٦ :
نهاية الرواية : استشهاد إبراهيم
تنتهي الرواية بخروج إبراهيم من السجن ومواصلته ، في انتفاضة الأقصى ، النضال ، واستشهاده .
يفصح الراوي عن رأي إبراهيم في اتفاقية أوسلو التي لم تنجز شيئا ، فلم تسفر عن انسحاب كامل من المناطق المحتلة في العام ١٩٦٧ ، علما بأن الاحتلال كان " جاهزا للهروب من غزة ، وجاهزا للهروب من الضفة عام ١٩٩٣ ، يوم أعمته المقاومة بضرباتها النوعية ، وصرح الكثيرون من قادته أنهم سيفعلون ذلك ، فجئنا نحن الفلسطينيين ووضعنا لعدونا السلم لينزل عن شجرة جرائمه .. " .
ويرى الراوي أن القوة لا التفاوض هي ما أجبرت العدو على الانسحاب من جنوب لبنان ٢٠٠٠ ، ويسرد عن اغتيال قيادات حمساوية ومن الجبهة الشعبية في انتفاضة الأقصى ويرى أن لا بديل سوى المقاومة ويكرر عبارات " فهذا جهاد جهاد .. نصر أو استشهاد ، يجب أن نصنع السلاح على بساطته ، ويجب أن نسعى لتطويره ، في كل يوم لنزيد قدرته التدميرية ، ونزيد مداه ونضرب به العدو الذي يمتلك كل تلك القدرات العسكرية " ( ٣٣٩ ) ويستشهد بالحديث النبوي ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليه ..ود حتى يقول الحجر يا مسلم يا عبد الله هذا يه.. ودي تعال فاقت.. له ) .
وردا على قتل الإسرائيليين جمال منصور وجمال سليم وأبو علي مصطفى وكثرا آخرين تبدأ العمليات الاستشهادية ، فتودع الأمهات الأبناء " في سبيل الله ، وفي سبيل القدس والأقصى " ويعلن عن استعدادهن للتضحية بالأبناء من أجل عزة شعبنا وكرامة أمتنا .
تحضر الرؤيا لإبراهيم ويحدث الراوي - أي أخاه أحمد - بما يرى " ثم رأيتني يا أحمد صائما ورأيت رسول الله صلعم يقول لي إفطارك عندنا اليوم يا إبراهيم ، فأنا في انتظارك ، صرخت هل معنى ذلك .. " ( ٣٣٤ ) وتقصف سيارة إبراهيم ويرتقي شهيدا وتتلقى زوجته خبر استشهاده ببسمة لا تغادر شفتيها وزغرودة تعلو على صوت الحشد الهادر " إلى يمينها ياسر وإلى يسارها إسراء ، ورأس أمي يطل من ورائها وهي تمسح دمعتها بطرف منديلها "
وأما محمود فتحاوي الانتماء أخو الشهيد إبراهيم وأحمد الراوي فتمدهما مريم ببندقيتين رفعاها فوق الرؤوس وانطلقا والجماهير من ورائهما تهدد " خيبر خيبر يا يه ..ود جيش محمد سوف يعود ... " .
هكذا تنتهي الرواية التي انتهى الكاتب من كتابتها في كانون الأول من العام ٢٠٠٤ . ونحن اليوم في كانون الأول من العام ٢٠٢٣ . لقد مرت تسعة عشر عاما وها هي البندقية يعلو صوتها وها نحن نشهد ما قالته الرواية وما قاله يحيى السننوار وهو في " سجن بئر السبع ، ايشل فلسطين ، انتهت .. في زنازين سجن بئر السبع واكتملت بفصلها الثلاثين ولكن لا زالت مأساة كاتبها ورفاقه مستمرة في اقبية سجون الاحتلال " ( ٣٣٥ ) .
هل انتهت الحكاية التي ما زالت مأساة شعب كاتبها تتعاظم وتتزايد بوتيرة متسارعة وبمتوالية هندسية لا حسابية .
الحكاية طويلة .
هل عرفتم لماذا ندرس الأدب ولماذا أنفقت في العام ٢٠٢١ عشرة أيام ، وفي العام ٢٠٢٣ ستة وثلاثين يوما أكتب عنها .
يحيى السننوار أوقف العالم على رجل واحدة . هل هو ومحمد ضيف ومروان عيسى المسؤولون عما وصلنا إليه أم أنه ( ثيودور هرتسل ) و ( بلفور ) وبريطانيا العظمى وأمريكا والغرب ؟
راجعوا كتاب المؤرخ الإسرائيلي ( إيلان بابيه ) " عشر خرافات هزت إسرائيل " فقد تجدون الإجابة فيه .
صباح الخير
خربشات عادل الاسطة
١٢ / ١٢ / ٢٠٢٣

***

379- يوميات غزة ولبنان (٣٧٩ ) : يحيى السسنوار وعبد القادر الحسيني

كتابة كثيرة دونت في حادث ارتقاء مهندس ٧ أكتوبر المرحوم يحيى السسنوار، منها الإيجابي ومنها السلبي، الأولى كتبها محبوه والثانية كتبها كارهوه وأعداؤه، وأما أنا فتذكرت نهاية روايته الوحيدة "الشوك والقرنفل" ( ٢٠٠٤ ) ونهاية بطلها إبراهيم الذي رفع شعار "نصر أو استشهاد". ظفر إبراهيم بالاستشهاد على أمل أن يواصل أنصاره الطريق ويحققوا النصر.
ارتقى السسنوار كما لاحظنا وهو يقاوم ، مثله مثل عز الدين القسام ( ١٩٣٥ ) وعبد القادر الحسيني ( ١٩٤٨ ) .
الملاحظة اللافتة التي سمعتها وردت على لسان طرف إسرائيلي ذكر أن ارتقاءه شبيه بارتقاء الحسيني : في الميدان وبسلاح غير متكافيء.
مرة كتبت مقالا عنوانه " عبد القادر الحسيني في ثلاث روايات فلسطينية وعبرية ، والعبرية هي ل ( يورام كانيوك ) وعنوانها " ١٩٤٨ " ، وفيها رسم صورة كاريكاتورية لقتل الحسيني ، وكان كانيوك الفتى هو من قتله كما كتب وكما أبلغ لاحقا نجل عبد القادر فيصل ( جريدة الأيام الفلسطينية ٥ / ١٢ / ٢٠٢١ ) .
ما الصورة التي سيرسمها الروائيون لاحقا للمرحوم ؟
من المؤكد أن محبيه سيرسمون له الصورة التي رسمها هو لنفسه في روايته والصورة التي رسمها أيضا لإبراهيم ، فيما سيرسم كارهوه له صورة أشبه بالصورة التي رسمها كانيوك له - عدوه .
علينا أن ننتظر عشرين ثلاثين عاما لنعرف أثار أحداث ٧ أكتوبر ، وربما أكثر ، وإن تمكنا من لجم المشروع الصهيوني وإفشاله وتحرير فلسطين ، فسوف تتطابق صورته وصورة القائد الذي أراد أن يكونه وهو صلاح الدين الأيوبي.
عندما كتبت عن "الشوك والقرنفل" التفت إلى تطلعات شخصيتها إلى صلاح الدين باعتباره مثالا .
ماذا جرى الليلة في جباليا؟
كل الأخبار كانت تحكي عن إبادة جماعية ، وأهل غزة يعانون الأمرين .... .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١٩ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

380- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٠ ) مجزرة في بيت لاهيا

"أشلاء الأطفال والنساء معلقة على أعمدة الكهرباء وأسلاكها"
هذا ما يكتب في صفحات وسائل التواصل الاجتماعي ، وتتواصل الكتابة أيضا عن محو جباليا ومخيمها ، فإسرائيل تنفذ خطة جنرالاتها لتضم شمال قطاع غزة إليها خاليا من الفلسطينيين .
"- لات لات " أي شوية شوية . قطعة قطعة كما قال قبل أيام ( بتسلوئيل سموترتش ) حتى يصلوا إلى دمشق أولا قبل أن تصل حدود دولتهم إلى النيل والفرات .
منذ أيام وأنا استحضر قصيدة مظفر النواب في تل الزعتر ١٩٧٦ ، ونص ( جان جينيه ) " أربع ساعات في شاتيلا " ( ١٩٨٢ ) ولكني سرعان ما أقول إن ذلك لا يكاد يذكر إزاء ما يجري في قطاع غزة ولبنان . محو مربعات سكنية بالكامل . عشرات القتلى ومئات الجرحى يوميا والعالم صامت لا يتكلم ونحن عاجزون نتابع ما يجري ونتفرج على موت مدنيين يقتلهم الجوع والعطش وفقدان المأوى .
اقتبسنا من الأشعار والقصص ما امتلأت به الذاكرة ولم يبق المزيد وصارت الكتابة عادة . صار القتل عادة وصار مألوفا وتكررت العبارة : لا تعتد الأشياء .
إنه المحو .
إنها الإبادة .
إنه التطهير العرقي .
هل سنكرر قول الشاعر المصري أمل دنقل في قصيدته " كلمات سبارتكوس الأخيرة " وسبارتاكوس وثواره معلقون على أعمدة الكهرباء ؟ هل كررها يحيى السسنوار في دقيقته الأخيرة والطائرة المسيرة تنقض عليه ؟
" يا إخوتي : قرطاجة العذراء تحترق :
فقبلوا زوجاتكم
إني تركت زوجتي بلا وداع
وإن رأيتم طفلي الذي تركته على ذراعها بلا ذراع
فعلموه الانحناء
علموه الانحناء
علموه الانحناء "
أم أنه ، وهو رافع الرأس نحو المسيرة يريد إسقاطها بعصا ، ردد :
" وجبهتي بالموت محنية
لأنني لم أحنها حية " .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الأسطة
٢٠ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

381- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨١ ) : جباليا ومخيمها والموت

في صفحة Muhammad Al-Attar ( محمد العطار ) ، وهو ناشط فيسبوكي ومتابع لآخر أخبار شمال قطاع غزة ، تقرأ نعيه لأخيه أحمد وإبلاغه عن إصابة أخيه الثاني مصطفى .
كان محمد كتب خبرا عن ستة شهداء وإصابات دون أن يعرف أن أخويه بينهم ، ثم عرف الحقيقة وسار وأمه مشيا على الأقدام إلى المشفى المعمداني ، فلا مواصلات في شمال غزة . عرف أن حالتيهما خطيرة ثم نعى أخاه أحمد الذي نشر آخر كتابة له في اليوم ٣٦٥ - أي بعد مرور عام على ٧ أكتوبر :
" اليوم هو اليوم ٣٦٥ . كل عام وأنتم عالم منافق قذر سيء بشع يا أقذر فترة زمنية مرت بالتاريخ " .
ولأحمد ثلاثة أطفال صاروا يتامى هم عوض وميرال ورغدة . أطفال بعمر الورد كما يبدون من خلال صورهم ، وأبوهم بدا في الصورة التي أدرجها له أخوه محمد شابا مثل الورد ومثله أخوه مصطفى .
كتب محمد في نعي أخيه :
حسبنا الله ونعم الوكيل .
اللهم أجرنا بما يرضينا وأخلفنا خيرا .
لله ما أعطى ولله ما أخذ وكل شيء عنده بأجل مسمى .
ولا نقول إلا ما يرضي الله .
وأضاف لصورة أدرجها لابن أخيه :
شو ذنبو هذا الطفل الصغير يعيش يتيما .
كم كان محمد ينصح أخويه أحمد ومصطفى بعدم الخروج ولكن ...
" أكثر من ألف مرة أحكيلهم ما تظلوا تطلعوا وتلفلفوا بالشوارع في جباليا . بس ما يسمعون كلامي . أكلوا صاروخ إخواني أحمد ومصطفى وحالتهم حرجة كثير " . كان هذا قبل أن يرتقي أحمد ، كان حين كانت حالتهم متوسطة . وفي آخر منشور أدرجه محمد نعى زوج أخته أيضا وكتب عن قصف بيتهم .
الأخبار من شمال غزة لا تسر وعدونا لا يرحم ( هذه كتابة مكررة ) واليوم أدرج الناشطون صورة لأهل مخيم جباليا وقد جمعهم الجيش ليرحلهم نحو الجنوب . صمدوا ولكن ..
أخبار مواطني غزة القادمة تسم البدن ، ونحن لا حول لنا ولا قوة . نحن عاجزون تماما . عاجزون حتى أن نكون مثل زكي النداوي شخصية رواية عبد الرحمن منيف " حين تركنا الجسر " . عاجزون عن شتم أنفسنا . عاجزون عن أن نكون مازوخيين . عاجزون عن تفريغ ذاتنا مما تمتليء به .
يا لأيامنا القادمة إن لم يخرج البرابرة مندحرين !!
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢١ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

382- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٢ ) : مثل الخروج من اللد في العام ١٩٤٨

في صفحة محمد العطار Muhammad Al-Attar أخبار عن إبادة جماعية في جباليا وبيت لاهيا ، وأمس ارتقى أخوه أحمد وأصيب أخوه مصطفى ، واليوم يدفن الشهداء دون أن يكفنوا ، فلا أكفان ولا وقت والباقون على قيد الحياة يطلب منهم أن يغادروا وفق مسارات محددة .
وفي صفحة الكاتب الروائي عمر حمش نقرأ ، في هذا الصباح ، نعيه لابنه سامر ، فقد ارتقى في شمال قطاع غزة ولا حول ولا قوة إلا بالله ، والمرأة المسنة المقعدة تشكو أحوالها لأهل النخوة فينا ولا تعرف أننا بعجزنا مقعدون مثلها وأكثر .
نداءات الضابط الإسرائيلي لأهل جباليا ومناطق أخرى مجاورة ذكرني بما سمعته من أبي عن خروجه من يافا والدم ينزف منه ومن جدي لأمي ، فقد أصيبا بالرصاص ولم ينتبها إلا حين أبصر الجالسون في الحافلة قربهما الدم يسيل .
وذكرني منظر الفلسطينيين هناك في غزة في الشوارع يهيمون على وجوههم بما قرأته عن خروج أهل اللد منها في العام ١٩٤٨ وما قرأته في رواية ( ايثيل مانين ) " الطريق إلى بئر سبع " ، وفي مذكرات جورج حبش ، وفي رواية إلياس خوري " أولاد الغيتو : إسمي آدم " ، وقد كتبت عنه تحت عنوان " جورج حبش والخروج من اللد " ( ٢٨ / ٨ / ٢٠٢٠ ) و " إلياس خوري : رجل يشبهني " ( ١٣ / ١ / ٢٠٢٣ ) .
عندما شاهدت قبل سنوات شريط فيديو لإسرائيلي يخاطب فيه أهل القدس المعترضين على احتفالات اليهود في المدينة " نكبة ثانية في الطريق " وضعت يدي على قلبي . إنهم يعرفون بما يخطط له قادتهم ، وهو ما عبر عنه مؤخرا ( بتسلوئيل سموترتش ) في مقابلة معه " لات لات ) و " القدس دمشق " .
أحيانا تجري الرياح بما تشتهي السفن وأحيانا لا تجري بما تشتهي ، ويولد الحي من الميت ويولد الميت من الحي " . قد نخسر أكثر وقد يخسرون أيضا ومن كانت منيته بأرض فليس يموت في أرض سواها ، وأكرر مع محمود درويش في " جدارية " :
" لست أنا النبي لأدعي وحيا
وأعلن أن هاويتي صعود " .
قبل عام بالضبط نشرت بيتي الشاعر إبراهيم طوقان :
" يا قوم ليس عدوكم ممن يلين ويرحم
يا قوم ليس أمامكم إلا الجلاء فحزموا "
وقد يحزم الإسرائيليون أيضا .
رحم الله الشاعر !
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢٢ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

383- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٣ ) : رؤفاء رحيمون يباركون رحيلنا

عندما أرسلت بعض الدول العربية ، في بداية الحرب ، الأكفان ، نوعا من المساعدات لأهل غزة ، اعترضنا وقلنا : هذا ما يتمنونه لنا ، ولم نكن نعلم أن الدول العربية وحي يوحى ما كانت تنطق عن الغيب .
الآن في جباليا يموت الناس بالعشرات والمئات ويدفنون بلا كفن ، فالأكفان غدت شحيحة لدرجة صرنا ننشدها.
في كتابات أبناء شمال غزة ما يبعث على الأسى ويثير الاشمئزاز من البشرية كلها . النساء في جورة والأطفال في أخرى والدبابات تثير الغبار وكل من تخرج من الجورة تأخذ طفلا ما كيفما اتفق وتذهب .
المبكي والمحزن هو إنسانية جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يوزع المياه على النساء والأطفال المطلوب منهم المغادرة نحو الجنوب . بلغة عربية فلسطينية تبدو لهجتها جليلية يخاطب الجندي الخارجين المطرودين ، وهو يقدم لهم عبوات المياه ليتزودوا بها في هجرتهم الجديدة ، يخاطبهم بعبارة :
الله يسهل عليكم . طريقكم خضرة / خضراء .
وطريقنا منذ العام ١٩٤٨ وهي خضراء .
" إلى أين تأخذني يا أبي ؟
- إلى جهة الريح !"
مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢٣ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

384- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٤ ) : وعدنا نتقاتل على كل شيء

في قصته " الصغير يذهب إلى المخيم / زمن الاشتباك " يحكي غسان كنفاني عن العلاقات الاجتماعية بين اللاجئين . كانوا في بلادهم أعزاء مكرمين محترمين وصاروا لاجئين يتقاتلون على كل شيء " وصرنا نتقاتل على كل شيء " .
أذكر أننا في المخيم كنا أيضا نتقاتل على كل شيء : يوميا على عين الماء / الحنفية ، وشهريا في يوم توزيع الإعاشة الشهرية / المؤن ، وفصليا في يوم توزيع البقج ، وقد نتقاتل أطفالا في استلام حليب الصباح أو الوقوف أمام مطعم الوكالة للأطفال الذي كتبت عنه وأنا أخربش عن رواية يحيى السسنوار " الشوك والقرنفل " وذكره تحت مسمى " الطعمية " .
الآن في غزة صاروا أيضا يتقاتلون يوميا أمام التكايا ليحصلوا على وجبة طعام ، وهذا شريط لافت وهو الأكثر انتشارا ، ولسوف تستمر الحالة إلى سنوات ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . لقد عادت الأمور ، وبشكل مأساوي ، سبعين عاما وأكثر إلى الوراء . " كأنك يا أبو زيد ما غزيت " ولكن من يدري إلام ستؤول إليه الأمور !؟
هل أنا ( دون كيشوت ) فلسطيني أم الدولة الإسرائيلية التي تقاتل منذ ٧٦ عاما هي ( دون كيشوت ) زمن ما بعد الحداثة .
بعض النشطاء عادوا يدرجون مقاطع من قصيدة مظفر النواب " وتريات ليلية " :
"إن كنتم عربا بشرا حيوانات
تتحرك دكة غسل الموتى
أما أنتم لا تهتز لكم قصبة .
ما أوسخنا ما أوسخنا
ما أوسخنا
لا أستثني أحدا "
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢٤ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

385- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٥ ) : وجبات الأحرار

كل ما في غزة هو عدو للإسرائيليين . المشافي والجامعات والمباني والبيارات وأشجارها والأطفال والنساء والشوارع ومراكب الصيد الفقيرة والهواء أيضا .
أمس أعلنت الجهات الإسرائيلية أسماء ستة مراسلين غزيين يعملون في قناة الجزيرة وقالت إنهم من حماس . ببساطة تريد تصفيتهم في حرب دفع الصحفيون فيها ثمنا باهظا .
مقالي الذي كتبته للأحد القادم لجريدة الأيام الفلسطينية عنوانه " كتبوا أو رسموا واستشهدوا : صاحب " الشوك والقرنفل " شهيدا " ، وقد أتيت فيه على الكتاب والفنانين الذين ارتقوا منذ عشرينيات القرن العشرين . أتمنى أن يكتب صحفي عن الصحفيين مقالا شبيها .
مما لفت نظري أمس هو ما كتبه الصحفي فادي ثابت عن وجبته في الميدان هناك . أدرج فادي صورة لبضع حبات زيتون مع قليل من الزيت وبعض خبز غالبا ما صنع من الطحين المسوس المدود وكتب :
" وجبتي التي تناولتها بالأمس كانت تعادل نصف العالم ، تلك اللقيمات ، المحملة بالعزة والكرامة ، لا يعرف طعمها سوى الأحرار ، هي وجبة تليق بالكرامة ، ولا تناسب حياة العبيد " (عن موقع " غزة 24 " ٢٣ / ١٠ / ٢٠٢٤).
الأخبار القادمة من غزة ما زالت هي هي : تدمير البيوت في قطاع غزة وترحيل سكانها من الشمال إلى الجنوب ، وأما في الجنوب اللبناني الذي هجر أكثر سكانه فما زالت المقاومة على أشدها ، على الرغم من الخبر المفجع في هذا الصباح :
ارتقاء ثلاثة صحفيين قرب بلدة حاصبيا ، في جنوب لبنان ، اثر غارة جوية .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢٥ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

386- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٦ ) : الخروج من الأندلس / جباليا

للتو عرفت من صفحة Muhammad Al-Attar
ان الإسرائيليين يخرجون أهل جباليا منها بالحديد والنار ويفتشونهم ويذلونهم ويحرقون مدارسهم ويهدمون بيوتهم .
محمد يناشد العرب الواقفين يتفرجون كأنهم محايدون غير قادرين على إيقاف المذبحة والإبادة والمهلكة ، ويدعو الله أن ينتقم من الصامتين المتخاذلين وقلبه في منشور آخر على ما يجري في طولكرم حيث تحاصر شقة في عمارة وتقصف بالقذائف .
أكثر ما في صفحات التواصل الاجتماعي يخص الهجوم الإسرائيلي الليلة على إيران ، والعبارات الساخرة كثيرة .
" تولد الجرذون فولد فأرا "
و
" سمعنا جعجعة ولم نر طحينا "
و
" هل سترد إيران ؟"
و
" الصور التي عرضها الإسرائيليون قديمة ولمناطق في غير إيران "
و
" شو هالحرب المحوسبة والمتفق عليها "
و
" ضرب الحبيب زبيب "
و
وأنا لا أعرف شيئا . أنا أتابع وأرصد و ... .
نام أهل شمال قطاع غزة في الخيام ولم يجدوا ما يدفع عنهم برد الليل ، فلا أغطية ولا فراش ولا ... .
ومما قرأته:
غدا . عندما تنتهي الحرب . سيكتب العرب أن الفلسطينيين باعوا أرضهم لليهود وتركوها . وغدا . سيكتب اليهود الصهاينة إن العرب فرارون خوافون لا يقاتلون من أجل وطنهم وبالتالي فهم لا يستحقونه ، وسيخرج لنا دوف من رواية غسان كنفاني " عائد إلى حيفا " ليخاطب أباه البيوجولوجي سعيد . س :
" كان عليكم ألا تخرجوا من [ ( غزة ) ( كما خرجتم من حيفا ) ] .... لقد أمضيت عشرين سنة تبكي ... أهذا ما تقوله لي الآن ؟ أهذا هو سلاحك التافه المفلول ؟" " لو كنت مكانك لحملت السلاح " .
صباح الخير يا غسان كنفاني ويا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢٦ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

387- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٧ ) : "إلهي.. إلهي : لماذا تخليت عني "

وأنا أتابع آخر ما يجري في قطاع غزة تذكرت سربية سميح القاسم "إلهي.. إلهي: لماذا قتلتني". أتذكر منها:
" حولت خدي دائما
لصفعة العدو والصديق
يا ربنا وربهم متى تفيق ؟
يا ربنا وربهم ألا ترى
كلابهم تجرني من غرفة التحقيق
شلوا من الأحلام والحرارة
أنت ترى
دعني إذن أضربهم بقرحتي الجبارة
دعني إذن أهشم البريق
في أعين الكلاب ( ولتكن
قهقهتي مطرقتي ! )
يفتح باب غرفة التحقيق
( دورك أنت الآن يا فاطمة الزهراء !)
حولت خدي دائما
لصفعة العدو والصديق
يا ربنا وربهم
ولم أعد أطيق !
إلهي !
لماذا
نبذتني ؟
لماذا جعلت الموت فضيلتي الوحيدة ؟ " .
هل رصد راصد أو كاتب يوميات حكايات الكلاب والقطط والحمير والبغال والأحصنة في هذه المقتلة والمهلكة وحرب الإبادة ؟
كنت كتبت عن الأحذية ، وغاب عن ذهني رصد حكايات الحيوانات المذكورة . كلاب تنهش وكلاب وفية وكلاب شرسة مدربة تهاجم طفلا فلسطينيا أو امرأة عجوزا فلسطينية وكلاب ضالة حتى لا تموت جوعا تأكل لحم الفلسطيني في الشوارع .
أخبار المعارك في جنوب لبنان توجع الغزاة .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢٧ / ١٠ / ٢٠٢٣

***

388- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٨ ) : ( بن غفير ) في طريقه...

في الانتفاضة الأولى كتب الروائي الإسرائيلي اليساري ( ديفيد غروسمان ) كتابه " الزمن الأصفر " الذي نقله إلى العربية سلمان ناطور ومحمد حمزة غنايم .
في كتابه الذي أعود إليه أحيانا فصل أتى فيه على حياة جدته في المنفى ومعاناتها وعلى حياة امرأة لاجئة فلسطينية في أحد مخيمات اللجوء في الضفة الغربية وخلص إلى أن المعاناة تكاد تتشابه .
أمس شاهدت صورة بقايا سكان مخيم جباليا ؛ كبارا ونساء وأطفالا ورجالا ، وقسم من الرجال عرايا ، وقد جمعهم الإسرائيليون قرب بركة أبو راشد ، فتذكرت الصور التي شاهدتها في ألمانيا في العام ١٩٨٨ لليهود ، في مبنى ( البوندستاغ Bundestag ) - إن لم تخني الذاكرة - . إنها صور من واقع اليهود إبان الحكم النازي ، ولأنني في تلك الأيام أردت أن أعرف ما تعرض له الشعب اليهودي في الهولوكست ، فقد زرت في العام ١٩٨٩ معسكر ( داخاو ) قرب ميونيخ و ... .
ربما ننتظر الآن كاتبا يهوديا إسرائيليا يزور غزة ليكتب عن هذا حتى يصدقنا الغرب ، فلا بد ، كما كتب محمود درويش في إحدى رسائله لسميح القاسم ، من شاهد يهودي .
أردت أن أكتب عن الخبر الذي أدرجه موقع دوز Dooz أمس تحت عنوان " بن غفير في طريقه .... وأرصد التعليقات التي كتبها القراء لكي ألفت النظر إلى روح السخرية لدى شعبنا ثم ... ثم وجدتني أتذكر الصورة وغروسمان وجدته في بولندا إن لم أنس .. . كان بن غفير في طريقه لتفقد مكان حادث الشاحنة الذي أسفر عن جرحى وقتلى وارتقاء السائق العربي ابن قلنسوة رامي الناطور .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢٨ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

389- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٩ ) : كان عندي غزال ... كان عندي شمال

طالت الحرب وضاقت على أهل قطاع غزة الأرض وترك أهل جنوب لبنان منازلهم ويبدو ، حسب تصريح أخير لرئيس الوزراء الإسرائيلي ( بنيامين نتنياهو ) أنها ستطول اكثر : " إن الحرب في منتصفها " ، فهل سيهاجم سورية ؟
أمس أدرج الناشط الغزاوي تيسير عبد Taysir Abd فقرة مترجمة عن العبرية وأرفق معها النص العبري خلاصتها تحذير إسرائيلي للرئيس السوري بشار الأسد للانسحاب من محور المقاومة والممانعة وإلا فستطيح إسرائيل به رئيسا . عقبت شخصيا على المنشور ب " معقول هذا !" وأدرجته على صفحتي .
اللافت في أشرطة الفيديو التي يدرجها غزيون في هذه الأيام هو تعبيرهم عن حبهم لمكانهم الذي هجروا منه وتعبيرهم لحبهم الحياة .
الشاب الغزي أحمد ابو العنين حور وبدل في كلمات أغنية " كان عندي غزال كفو محني " وغناها " كان عندي شمال كفو محني وبيوته حلوة ومضوية " - أي شمال قطاع غزة . راق لي غناؤه وتحويره وتبديله فأدرجت شريطه على صفحتي .
ثمة شابة غزية في العشرينيات من عمرها تحدثت وفي يديها حبة خوخة وقرن موز ، تحدثت بفرح عن معاناتها وتنقلها لشراء الفاكهة على الرغم من سعرها المرتفع جدا . ٢٠ شيكلا لحبة الخوخ و ١٢ شيكلا لقرن الموز ، وهي لا تملك الكثير من المال لتشتري أكثر من الفاكهة ( حنين عاشور Haneen Ashour ). في نابلس تشتري في هذه الأيام بال ٢٠ شيكلا ثمانية كيلوات من الخوخ وإن فاصلت فقد تشتري أكثر .
وماذا عن الفانتا والكوكا كولا التي دخلت إلى أسواق قطاع غزة ؟
الأسعار جنونية جدا ، وهنا تنفع وصية الرئيس المصري السيسي ، بل ويجب الاخذ بها ، وهي " اللي برتفع ثمنه ما تشترهوش " - أي ما ارتفع ثمنه فلا تشتره .
حرب غزة هي حرب ما بعد الحداثة ، وهي تقول لنا إننا بلغنا ذروة البربرية والهمجية والتوحش ، بل وما بعدها . هل نستعير من السيد حسن عبارته " ما بعد بعد " لنقول إننا نعيش مرحلة ما بعد بعد الهمجية والبربرية والتوحش ؟
خريف من يدنو من الأبواب ؟! خريفنا أم خريفهم ؟

صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢٩ / ١٠ / ٢٠٢٤

،،،،

390- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٠ ) : شمال غزة ٢٠٢٤ وشمال فلسطين ١٩٤٨

ما يحكى عن التضييق على أهل شمال قطاع غزة يذكر بما حدث في العام ١٩٤٨ . التضييق للترحيل .
منذ فترة وأنا أتذكر ما قرأته في مذكرات الكاتب حنا إبراهيم "شجرة المعرفة :ذكريات شاب لم يتغرب " .
ما إن انتهت حرب ١٩٤٨ حتى بدأت مصادرة الأراضي لاستيطانها " عندما نادى ناطور القرية مبلغا الأهالي بأمر وزير الدفاع بإغلاق ما سمى بالمنطقة رقم ٩ لم يكن ذلك مفاجأة لأحد . فقد تحققت أسوأ توقعاتنا ، وأصبحت أراضينا ، بين عشية وضحاها ، أرضا محرمة ، لا يجوز الدخول إليها إلا بموجب تصريح عسكري كنا نعرف صعوبة الحصول عليه وما يعنيه ذلك الأمر بشكل عام... " .
هل صمت أهل الجليل أم تحدوا ؟
" وأرسلنا من يخبر الشرطة بعزمنا ، متحدين بذلك الأمر التعسفي ، ومنذ ذلك اليوم ارتفع نشيد :
نادى المنادي في الجليل
أرض العروبة للعرب
وشاغورنا مالك مثيل
وترابك أغلى من الذهب
ما نرتضي عيش الذليل
لو صرنا جهنم حطب
وتحولت أعراس القرية إلى مظاهرات كفاحية تنشد :
لو هبطت سابع سما
عن أرضنا ما ننزل
وأرواحنا لها فدا
ما نرضى تبقى مغلقة
والشعب اللي يريد السلام
رب الكرم والمرجلة " ( ١٧٣ )
ما زال في شمال قطاع غزة حوالي ٣٠٠ إلى ٤٠٠ ألف فلسطيني لسان حالهم هو ما نطق به المغني الشعبي على الرغم من أن ما يتعرضون له من إبادة أقسى بألف مرة مما تعرض له أهلنا في الجليل في حينه .
كل شيء تغير " عالمنا تغير كله " ووسائل الإبادة صارت تناسب هذه التغيرات . وسائل عالم ما بعد الحداثة.
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٣٠ / ١٠ / ٢٠٢٤ .

***

391- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩١ ) : تشهي زغاريد النساء

لم أحفظ للشاعر الجليلي ابن قرية البقيعة سميح صباغ سوى بيت شعري واحد ورد في رواية إميل حبيبي " الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد ابي النحس المتشائل " (١٩٧٤) هو :
" إني تشهيت زغاريد النساء يحملن شوق ألف عام للأغاني والفرح "
وغالبا ما استشهدت به ، ولو راجعت مقالاتي وخربشاتي التي كتبتها لوجدت أنني ضمنتها إياه ما لا يقل عن عشر مرات .
من يومين ثلاثة أدرجت شريط فيديو لعرس شابين يافعين من غزة أقيم في إحدى مدارس الإيواء هناك ، ويبدو أن الشريط راق لعديدين فعقبوا عليه مبدين رأيهم ، ومن لم يكتب وضع إشارة إعجاب ، ما ذكرني ببيت سميح صباغ .
في مراجعة الأدبيات التي يكتبها أبناء قطاع غزة الباقون ؛ سواء من بقي في الشمال أو تركه إلى الجنوب ، تلحظ ضربا من الحنين إلى المكان في المكان ولكن كما كان عليه قبل ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ ، وتلحظ أيضا تحسرا على الماضي وندبا للحاضر . ثمة حنين إلى الشوارع المزدهرة والمقاهي وجلسات الأصدقاء فيها وشط البحر وليالي رمضان وأيام العيد ، وتلحظ تذكرا للأصدقاء الذين ارتقوا وتعقيبا :
- وإن عادت الديار فهل سيعود سكان الديار الراحلون ؟
لقد شغف المكان قلوبهم وشغفها أكثر حب من سكنها . هل سيأتي يوم على من غادر الشمال ولم يتمكن من العودة إليه يقرأ فيه قصيدة محمود درويش وهو في باريس " أنا من هناك ولي ذكريات " ؟ وماذا سيكتب عن مرض الحنين ؟
ما زال القتل في قطاع غزة وفي جنوب لبنان بالجملة . " قال العرب أبناء الصحراء قال " . تعالوا وشوفوا أبناء الحضارة القادمين من أوروبا وأحفادهم . شوفوا أحفاد الناجين !
شخصيا ما عدت أجادل في أن ٧ أكتوبر هو السبب ، وربما يعود ذلك إلى ربط ما يجرى بما جرى منذ ١٩٤٨ وبالفكر الصهيوني وأدبياته ، ولأنني لست ذا ذاكرة عذراء ، ورحم الله إميل حبيبي الذي نعتنا ، نحن العرب ، بأننا ذوو ذاكرة عذراء .
" احصدوهم "
خاطب الضابط ( شدمي ) جنوده في كفر قاسم في العام ١٩٥٦ ، فحصدوا المزارعين الغلابى ودفع قرشا واحدا غرامة وخرج من السجن . في هذه الأيام نعيش ذكرى مجزرة كفر قاسم ، وكم من ضابط إسرائيلي حصد المدنيين في غزة منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٤ وما زال .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٣١ / ١٠ / ٢٠٢٤

***

392- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٢ ) : ليل غزة الطويل الدامي

لا يتوقف الموت في غزة . أكثر من مائة قتيل في هذه الليلة حتى الساعة الواحدة والعداد يعد يعد يعد والشمال هناك يباد والناس تهيم على وجوهها والعالم غارق في صمته وإن عبر صاحب جريدة ( هآرتس ) الإسرائيلية ، وهو في لندن ، عن رأيه بأن ما يجري في غزة هو تطهير عرقي وأن دولته ترتكب جرائم حرب ينبغي أن تحاسب عليها وتقدم قيادتها إلى المحكمة ، إن عبر عن رأيه هذا يحظر التعامل مع صحيفته ويدعى إلى اتخاذ قرار قضائي يسجن من يتفوه بكلام مثل هذا مدة عشر سنوات .
عن ( يسرائيل هيوم ) نقرأ :
" أعلنت وزارة الداخلية تجميد كافة أشكال التعاون مع صحيفة هآرتس ، وذلك بعد تصريحات أدلى بها ناشر الصحيفة ( عاموس شاكين ) خلال مؤتمر في لندن والذي تحدث فيه ضد سياسات إسرائيل ووصف الفلسطينيين ب " المقاتلين من أجل الحرية " وقال إن الجيش الإسرائيلي ينفذ " نكبة ثانية " في غزة ، بالإضافة إلى ذلك دعا إلى فرض عقوبات على إسرائيل وقادتها " .
نعم نكبة ثانية وفي صفحة محمد العرجة ( Mohammed Alarja ) الصامد هناك تقرأ :
" نباد في بيت لاهيا منذ الفجر !
لم يتوقفوا ثانية عن قتلنا .
أشلاؤنا متناثرة "
وفي صفحته نفسها صورة لحبة بندورة كتب أعلاها :
" اشتهينا حبة البندورة " .
أما في صفحة محمد العطار Muhammad Al-Attar فنشاهد صورة لترحيل جديد هناك . هل كتب محمود درويش المتوفى في ٢٠٠٨ قصيدته " سنخرج " في أهالي بيت لاهيا أمس :
" قلنا : سنخرج ، فلتقصفوا ظلنا .. ظلنا
خذوا أسيرا إلى أمه الأرض أو علقوه على شجر الكستنا
تكونون أو لا نكون ! ادخلوا وهمكم ، واحرثوا وهمنا
قلنا : سنخرج من أول البحر
بعد قتيل وخمسة جرحى وخمس دقائق
وبعد سقوط الطوائف حول اشتباك الحديد المدوي مع العائلة
سنخرج من كل بيت رآنا ندمر دبابة قربه أو علينا
سنخرج من كل متر ومن كل يوم كما يخرج البدو منا
سنخرج
قلنا سنخرج قليلا إلينا : سنخرج منا
إلى بقعة البحر - أبيض أزرق - كنا هناك وكنا هنا " .
أما قائد كتيبة في فرقة غزة وهو الضابط ايال شاليط سنير فيغرد :
" آمل أن يبدأ الاستيطان اليهودي في منطقة غوش قطيف ومدينة غزة السابقة ، وأن يتمركز سكان غزة في منطقة محددة للغاية ، ويعيشون كلاجئين طوال حياتهم بدون ماء أو كهرباء حتى يقرروا من تلقاء أنفسهم الهجرة ، ويفضل أن يكون ذلك إلى كندا أو أوروبا ، وأنه في غضون عشر سنوات سيكون ٧ أكتوبر مرة أخرى " والتغريدة قابلة لقراءات مختلفة قد اكتب عنها لاحقا ( عن صفحة الناشط الغزاوي تيسير عبد Taysir Abd ٣١ / ١٠ / ٢٠٢٤ )
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
١ / ١١ / ٢٠٢٤

***

392- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٢ ) : "دبع ورا دبع"

للتو قرأت في صفحة وائل الحزام هذه العبارة التي صارت تتردد كلما كان هناك صوت قصف صاروخي .
أمس قرأت في صفحة باسم النادي Basem Alnadi أو في صفحة ثانية أن هناك هدوءا مريبا على الجبهة اللبنانية ، فلم تشهد قصفا مشابها لقصف الأيام السابقة . لقد كان القصف أمس هو الأقل ، فهل انتهى مخزون السلاح أم أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة.
عندما سأل بعض متابعي صفحة وائل عما يجري أجاب بأن هناك حديثا عن سقوط صواريخ في منطقة كفار سابا قرب تل أبيب وقلقيلية ، وعندما سأل قاريء عن الجهة التي أطلقت الصاروخ أجابه قاريء ساخرا : ربما مصر أو الإمارات ؟ فعقب قاريء ثان أيضا ساخرا : السعودية !
السخرية بدأت تحضر بقوة والكل يسخر من الكل . من أسامة حمدان ومن طاهر النونو ومن الدول العربية ومن ... ومني أنا أيضا .
صفحات أبناء غزة تحفل كالعادة بذكر ويلات الحرب ، ومثلها بعض صفحات أبناء لبنان . جباليا تباد . بيت لاهيا تباد . عائلة أبو النصر تباد . عائلة كذا تباد . النصيرات تشهد أهوال يوم القيامة . ياسمين العابد . شهيد الليلة الصحفي براء دغيش وهو شاب مثل النقطة في المصحف كما يقولون . عن صفحة أسامة ابو الجود . معلمة اللغة الانجليزية فاطمة يونس في مدارس الصرفند في لبنان ترتقي مخلفة أطفالا جرحى . الطفل الناجي في الحرب . والأرامل وأطفالهن الكثر تعينهن قوة الإيمان على مواصلة الحياة . والنسوة ينتظرن عودة أزواجهن الأسرى أو أولادهم الذين لا خبر عنهم ، وهناك من يتحسر على شبابنا الذين يرفعون أيديهم ويسيرون إلى المجهول أمام مجندة إسرائيلية لا يزيد طولها عن المائة وخمسين سم " تفضلوا وحدة قد علبة الصلصة تعمل فينا هيك " ، وثمة أطفال يرقصون في الخيمة ويرقص معهم طفل بترت يداه .
دبع ورا دبع ، ولأول مرة صارت صفحتي التي أكتب فيها تحفل بالمشاركة ؛ مشاركة المنشورات وأشرطة الفيديو التي أعتمد عليها في كتابة يومياتي .
أمجد في دولة أوروبية يهاجم أسامة الذي ترك لبنان مع أول صاروخ وصار يتنقل بين تركيا والجزائر يتحدث عن الصمود والمقاومة وعن ضعاف النفوس ، وفي الجو في هذه اللحظات من فجر الثاني من تشرين الأول أصوات طائرات حربية .
اليوم ذكرى وعد بلفور المشؤوم ٢ / ١١ / ١٩١٧ وكنت أود أن أضمن يومياتي مقطعا من مطولة سميح القاسم " ثالث اؤكسيد الكربون " وسيرة بريطافور / بريطانيا بلفور .
أكثر شريط فيديو أحزنني أمس شريط الطفلين في العربة . كانت أمهما تجر عربتها فقصفت بصاروخ . ارتقت الأم وبقي الطفلان في العربة التي جرها مواطن إلى المشفى ليودعا أمهما .
إلهي ! إلهي ! لماذا تخليت عنهم ؟
اغفر لي فإن أهل قطاع غزة يرددون : الحمد لله الحمد لله ويبدون راضين بقدرهم . ولمن يريد المزيد فليشاهد الأشرطة التي أدرجتها أمس وفجر اليوم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم واتوب اليه واستغفره .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٢ / ١١ / ٢٠٢٤

***

394- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٤ ) : التخزين والتعطيش والتقطير

أمطرت السماء أمس واليوم وكنا نتمنى ألا تمطر ، تعاطفا مع أهل قطاع غزة الذين يقيمون في خيام لا تؤوي جيدا ، فهي لا تقي من برد ولا تمنع تسرب الماء ولا تشعر بخصوصية . راح زمان " يالله الغيث يا ربي خبزي قرقد في عبي " فلا خبز في العب ، والطحين مسوس يتكاثر فيه الدود .
البضائع صار قليلها يصل إلى بعض المناطق في القطاع ، ولكن إلى المخازن لا إلى بيوت الناس ، فالتجار يبقون تجارا ، وأهل الخليل ممن هم ليسوا تجارا يرددون " لا أوسخ من تاجر " ، وقد قرأت المثل في رواية أماني الجنيدي " قلادة فينوس " ، وظل منقوشا في ذاكرتي ، ويتعزز فيها في هذه الأيام لما أقرأه في صفحات أبناء غزة ، واصفين ما يعانون منه . اقرأوا هذا المنشور من صفحة الناشط تيسير عبد Taysir Abd :
" لا يزال السوق خاليا من البضائع ، والموجود فيه قليل وشحيح وغالي الثمن . يساوي العشرين أو الثلاثين ضعفا ، رغم مئات الشاحنات التي دخلت .
سألت أحد التجار قبل قليل عن السبب ، فأجابني :
- تجار غزة ومن يقف خلفهم يستخدمون مع المواطنين ثلاثة مصطلحات تجارية في الحرب يجب أن تفهمها وتعرف معناها وتتوقعها دائما .
أول مرحلة هي التخزين - أي عدم نشر البضائع من المعبر مباشرة في السوق حتى يضمنوا السبطرة والتحكم .
قلت له :
- أنت صادق ، فقد لاحظت في الآونة الأخيرة إقامة العديد من المخازن الضخمة في منطقتي .
ثم أكمل قائلا :
المرحلة الثانية هي التعطيش - أي إبقاء السوق في حاجة ماسة للسلع يبحث المواطن عنها بجنون ويكون مستعدا لدفع عشرين وثلاثين ضعف ثمنها .
المرحلة الثالثة هي التقطير - أي نشر البضائع في السوق بكميات قليلة جدا ، حتى تبقى تحافظ على سعرها ويظل المواطنون يبحثون عنها . ومن أجل ذلك ترى الأسعار فلكية والمواطن دايخ في الأسواق ، فيما المخازن مكدسة بالبضائع .
قال لي وهو يبتسم :
- احفظ حتى لا تتفاجأ أو تصدم : التخزين والتعطيش ثم التقطير " .

مرة قرأت أن الإسلام في الصين والهند وتلك المناطق لم ينتشر بالسيف ، بل من خلال التجار وأخلاقهم الحميدة .
شتان بين تجار وتجار وأسوأ أنواع التجار هم تجار الحروب .
سامحونا !

مساء الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٣ / ١١ / ٢٠٢٤ .

،،،

395- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٥ ) : بس الجوع كافر

أرسل إلي صديق من غزة ، بعد جدل حول ما يجري ، هذا المنشور الذي أدرجته حمامة الأيك :
" عارف شو يعني جعانين
يعني يا دوب عايشين على
النواشف
يعني مفيش طحين
يعني معدتك تهتريء وتكتوي
من حامض الدقة والمعلبات
وطبايخ الصلصة المتكررة
يعني لما تاكل تتقيأ من
الالتهابات اللي حتتحول لقرحة
في معدتك
يعني تروح متنامش الليل وأنت
بتتلوى من الوجع
يعني الحموضة تسلخ صمودك
وأنت بتحترق
وبيقلك مزاجك مضروب ليش ؟
تعال نبدل الأدوار أنا أنظر
وأنت تجوع "
شخصيا أعدت مشاركة المنشور وأوردت مقولتين ؛ سطرا لزياد الرحباني " أنا مش كافر ، بس الجوع كافر " وسطرا لمظفر النواب " لا تلم الكافر في هذا الزمن الكافر ، فالجوع أبو الكفار " . هل أكمل ما كتبه مظفر ؟ " مولاي ! أنا في صف الجوع الكافر ما دام الصف الآخر يرزح من ثقل الأوزار " .
والله يا أهل غزة ويا شجاع الصفدي أننا عاجزون ، ومنذ عام تقريبا كتبت عن الفارق بين الكتابة عن قرب والكتابة عن بعد و " يدنا في الماء ويدكم في النار " وكتبت " الصمت عار " ولكننا وجدنا أنفسنا مثل ذئاب الشنفرى :
شكا وشكت ، ثم ارعوى بعد وارعوت ،
وللصبر إن لم ينفع الشكو أجمل " .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٤ / ١١ / ٢٠٢٤

***

396- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٦ ) : قلعة متسادا الإسرائيلية

وأخيرا دوت صافرات الإنذار في قلعة " متسادا / مسعدة " .
هل حياة الإسرائيليين في فلسطين منذ ١٩٤٨ تختلف عن حياتهم في مسادة ، وهل سيأتي يوم ينتحرون فيه انتحارا جماعيا ؟
تساؤل أبله ساذج !
في العام ١٩٨٢ كتب الشاعران معين بسيسو ومحمود درويش قصيدة خاطبا فيها الجندي الإسرائيلي الذي يحاصر بيروت متسائلين :
- إلى متى تقضي العمر في دبابة ؟
بعد ٤٢ عاما عادت الحرب إلى سيرتها ، وبعد عام على اشتعالها احتج بعض طلاب الجامعات الإسرائيلية على مواصلة القتال ، فقد ضاع عليهم عام دراسي ولم يريدوا أن يخسروا عاما دراسيا ثانيا .
سينفق الإسرائيليون أغلب الظن حياتهم قلقين غير مطمئنين ، وكلما تواصلت الحرب مع المحيط اتسعت الكراهية وازداد الحقد واشتعلت الرغبة في الانتقام ، وربما رددت الأجيال القادمة قصيدة أمل دنقل " لا تصالح " أكثر وأكثر ، وربما صدق في قوله " إنه ليس ثأرك وحدك ، لكنه ثأر جيل فجيل " .
هل ذهبت طروحات سميح القاسم وإميل حبيبي ومحمود درويش أدراج الرياح ؟
كتب الأول " إلى الجحيم أيها الليلك " ودعا الثاني إلى التعايش حتى لو جلس على الخازوق ، وقدم الثالث " سيناريو جاهز " لاثنين ؛ فلسطيني وإسرائيلي ، وقعا في حفرة وانقضت عليهما معا أفعى ، واحتار النقاد في مدلول دال الأفعى .
الصواريخ تتساقط على المدن والقرى والحفرة تتسع ، وصور الحفر في قطاع غزة ، وفيها يلقى بالشباب والرجال والأطفال والنساء ، بدأت تغزو وسائل التواصل الاجتماعي والصحف ، وصور الإسرائيليين يهرعون إلى الملاجيء صارت أيضا مألوفة .
من سيفوز اليوم في الانتخابات الرئاسية الأمريكية : المرشح الجمهوري ( دونالد ترامب ) أم المرشحة الديموقراطية ( كامالا هاريس ) ؟
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٥ / ١١ / ٢٠٢٤

***

397- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٧ ) : رحل (غالانت) وبقيت

كما قرأت في صفحات التواصل الاجتماعي فإن هناك عبارة نسبت إلى سامي أبو زهري الحمساوي الذي عاد للظهور مجددا بعد غياب هي " رحل غالانت وبقيت حماس " ، وغالانت هو وزير الدفاع الإسرائيلي الذي أقاله رئيس وزرائه ( بنيامين نتنياهو ) .
العبارة استثارت غزيين معارضين لحماس يعانون من ويلات ما يجري ، فعلقوا ساخرين :
- " رحل غالانت وبقي أسامة ابو الجود " وأسامة هو ناشط يقيم في مخيم النصيرات ويطلب من الله أن تنتهي الحرب التي فقد فيها كثيرا من أصحابه ومعارفه ورأى بعينيه دمار غزة التي يحبها .
- " رحل غالانت وبقيت مايا خليفة " عقب محمد العطار الذي يعارض طوفان الأقصى ويرى فيما أقدمت عليه حماس عملا غير سوي و ... .
- " رحل غالانت وبقيت غزة " عقب كامل الركابي أيضا .
- وهناك من تمنى أن يعاقب غالانت كمجرم حرب ، وناشد الله أن تتفكك دولة الكيان .
بخصوص الحدث نفسه فإن ناشطين كثرا هللوا وكبروا ورأوا في المظاهرات التي جرت ليلة أمس في الشارع الإسرائيلي ، احتجاجا على ما أقدم عليه نتنياهو ، بادرة خير لتفكك دولة الكيان .
هدأت الجبهات أمس وتقلصت العمليات العسكرية في الشمال والجنوب ، ولم يبق في بيت لاهيا أحد ، فقد هجر الإسرائيليون أهلها ، وانفجرت الأوضاع في الضفة الغربية ؛ في طمون وقباطية ومخيم نور شمس والفارعة ، وارتقى سبعة شباب في ريعان الشباب .
الإسرائيليون بدأوا يبثون مقاطع لأشرطة فيديو تري إسرائيليين مدنيين يتناولون الطعام في قطاع غزة وتري بنايات اسمنتية في محور فيلادلفيا في رفح ، حيث سويت مناطق كثيرة بالأرض .
وماذا عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية ؟
لا خبر .
واليوم نقفل الشهر الثالث عشر لطوفان الأقصى . هل خسرنا الحرب والطوفان والقطاع وال ... .؟
لست أدري .
صباح الخير يا بلاد الشام
خربشات عادل الاسطة
٦ / ١١ / ٢٠٢٤








=============
367- يوميات غزة ( ٣٦٧ ) : خرابيش مصطفى وهبي التل (عرار)
368- يوميات غزة ولبنان ( ٣٦٨ ) : "وحيفا من هنا بدأت"
371- يوميات غزة ( ٣٧١ ) : استباحة وإباحة
372- يوميات الحرب ( ٣٧٢ ) : الضفتان لنا والآن من القدس إلى دمشق
373- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٣ ) : شمال غزة يباد
374- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٤ ) : أتحسبها الأندلس؟
375- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٥ ) : في المساء الأخير على هذه الأرض
376- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٦ ) : ما يجب أن لا يقال الآن
377- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٧ ) : والشاعر افتضحت قصيدته تماما، وثلاثة خانوه
378- يوميات غزة ولبنان ( ٣٧٨ ) : أدباء تنبأوا بمصيرهم [يحيى السنوار]
379- يوميات غزة ولبنان (٣٧٩ ) : يحيى السنوار وعبد القادر الحسيني
380- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٠ ) مجزرة في بيت لاهيا
381- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨١ ) : جباليا ومخيمها والموت
382- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٢ ) : مثل الخروج من اللد في العام ١٩٤٨
383- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٣ ) : رؤفاء رحيمون يباركون رحيلنا
384- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٤ ) : وعدنا نتقاتل على كل شيء
385- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٥ ) : وجبات الأحرار
386- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٦ ) : الخروج من الأندلس / جباليا
387- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٧ ) : "إلهي.. إلهي : لماذا تخليت عني"
388- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٨ ) : (بن غفير) في طريقه...
389- يوميات غزة ولبنان ( ٣٨٩ ) : كان عندي غزال... كان عندي شمال
390- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٠ ) : شمال غزة ٢٠٢٤ وشمال فلسطين ١٩٤٨
391- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩١ ) : تشهي زغاريد النساء
392- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٢ ) : ليل غزة الطويل الدامي
393- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٢ ) : "دبع ورا دبع"
394- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٣ ) : التخزين والتعطيش والتقطير
395- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٥ ) : بس الجوع كافر
396- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٦ ) : قلعة متسادا الإسرائيلية
397- يوميات غزة ولبنان ( ٣٩٧ ) : رحل (غالانت) وبقيت

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...