المحامي علي ابوحبله - هل حسمت إسرائيل خياراتها للرد على طهران فما هي السيناريوهات

لأول مرة منذ شهرين، تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، في محادثة هاتفية ركزت على خطط إسرائيل للرد على إيران ، ، لم يذكر المسئولون الأميركيون شيئا عن خطط إسرائيل، أو ما إذا كان نتنياهو قد أشار إلى أنه سيستمع إلى تحذيرات بإيدن بعدم ضرب المواقع النووية أو مواقع الطاقة، والتي يخشى البيت الأبيض أن تؤدي إلى تصعيد الصراع.

وجاءت المكالمة في وقت يعتقد فيه مسئولو الأمن القومي الأميركيون أن الشرق الأوسط على حافة السكين، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز"

وفي تفاصيل المكالمة الهاتفية ، قال البيت الأبيض في بيان إن بايدن أكد خلال المكالمة التزامه القوي بأمن إسرائيل " وبحسب البيان " :_

أدان بإيدن بشكل لا لبس فيه الهجوم الصاروخي الباليستي الذي شنته إيران ضد إسرائيل في الأول من أكتوبر ، وفيما يتعلق بلبنان، أكد الرئيس على الحاجة إلى ترتيب دبلوماسي لإعادة المدنيين اللبنانيين والإسرائيليين بأمان إلى منازلهم على جانبي الخط الأزرق.

وأكد الرئيس على حق إسرائيل في حماية مواطنيها من حزب الله، الذي أطلق آلاف الصواريخ والقذائف على إسرائيل خلال العام الماضي وحده، مع التأكيد على الحاجة إلى تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، وخاصة في المناطق المكتظة بالسكان في بيروت.

وفيما يتعلق بغزة، ناقش كلا من بإيدن ونتنياهو الحاجة الملحة لتجديد الدبلوماسية لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس ، كما ناقش الرئيس الوضع الإنساني في غزة والضرورة الملحة لاستعادة الوصول إلى الشمال، بما في ذلك إعادة تنشيط الممر من الأردن على الفور ، واتفق الجانبان على البقاء على اتصال وثيق خلال الأيام المقبلة سواء بشكل مباشر أو من خلال فرق الأمن الوطني .

ومع الترقب الكبير للضربة الإسرائيلية المحتملة على إيران، رداً على الهجوم الذي شنته طهران الثلاثاء الماضي على تل أبيب بنحو 200 صاروخ، تستمر النقاشات في إسرائيل على أقل تقدير بشأن الأهداف المحتملة.

وبحسب المحللين والمتابعين ، إن "خيارات إسرائيل (في الرد على إيران) تتعدد بين توجيه ضربات رمزية لأهداف عسكرية، أو شن هجمات مدمرة على قطاع النفط الحيوي في إيران أو على برنامجها النووي السري بالغ التحصين".

ورغم وجود تأييد أمريكي للقيام برد على إيران، هناك اختلاف في الآراء بين الجانبين بشأن أي الأهداف التي يجب أن تُستهدف: النفطية، أم النووية، أم مواقع أخرى، خاصة وأن الرئيس الأميركي جو بايدن أكد ، أنه لا يؤيد استهداف المنشآت النووية الإيرانية.

ووفق كل المؤشرات فان إسرائيل حسمت أمرها بالرّد على الهجوم الصاروخي الإيراني غير المسبوق على منشآتها العسكرية والأمنية، وسط تعالي الأصوات الداعية إلى استغلال ما يعتقد في إسرائيل أنها " حالة الضعف" التي تعانيها " حلقة النار" ، وخصوصاً في غزة ولبنان، من أجل معالجة أمر المشروع النووي الإيراني. وفي هذا الإطار، انشغل صنّاع القرار في إسرائيل، خلال الأيام الأخيرة، بالبحث في طبيعة الرّد، وذلك خلال اجتماعات أمنية انعقد بعضها في مقر وزارة الحرب في تل أبيب (الكرياه)، وأخرى تحت الأرض في مقر الاجتماعات السرّي المضاد للهجمات النووية، والمقام في مدينة القدس.

بحسب التسريبات عبر العديد من وكالات الأنباء والتقارير الصحفية أن الرد سيكون حازم ومزلزل من دون أن تُحدد طبيعة الأهداف المستهدفة ، وإن كانت التقديرات أنه قد يتراوح بين استهداف المنشآت الإستراتيجية كالصناعات النفطية الإيرانية بهدف تدمير اقتصاد إيران وشل قدراتها ، وتنفيذ اغتيالات مُركّزة، وضرب الدفاعات الجوية، أو قواعد عسكرية وأمنية، وصولاً حتّى إلى استهداف المنشآت النووية الإيرانية نفسها. ولم تقتصر الأصوات الداعية إلى إدخال العالم في " متاهة النووي" على المستويات السياسية، بل امتدت لتشمل جزءاً من الباحثين والمحللين، ما يعني أن الموضوع كان محط تداول بالفعل في أروقة صنع القرار. وفي السياق، تناول الباحث والمحاضر في قسم " دراسات الشرق الأوسط والإسلام» في " جامعة حيفا" ، يارون فريدمان، الرد بضرب المنشآت النووية باعتباره " فرصة ينبغي استغلالها"، على أساس أن التهديدات الإستراتيجية لإسرائيل، والمتمثلة في " حزب الله" و" حركة حماس"، قد زالت بعد عام كامل من الحرب، والتطورات الأخيرة التي تخللها تصعيد مجنون في لبنان، فضلاً عن امتلاك إسرائيل قنابل خارقة للت حصينات التحت أرضية، بـ" إمكانها قصف هذه المنشآت " واعتبر فريدمان أن من يؤيدون الانتظار حالياً، ويتخذون موقفاً مخالفاً لدعاة الهجوم على المنشآت النووية، ويؤيدون التوصل إلى اتفاق، " هم على خطأ"، كما كانوا خلال "مراهنتهم طوال سنوات على أن نظام آية الله سيؤول إلى السقوط". والسبب، كما يفسره، قائم على أن تحليل التاريخ الإيراني منذ الثورة سنة 1979 حتى الآن، يثبت أن الآمال التي قام عليها الاتفاق النووي مع إيران "كانت فارغة"؛ إذ إن " القيادة الإيرانية لن تنصاع أبداً للقوانين الدولية، ولن تسمح لمراقبي وكالة الطاقة الذرية بالوصول إلى كل المنشآت". وحتى لو وُقّع اتفاق ثانٍ، فإن إمكان سماح هذا النظام برقابة فاعلة تشمل كل المنشآت "ضئيل جدا"أمّا في ما يتعلق باستقرار نظام الجمهورية، فيدل التاريخ على أنه صمد في مواجهة اضطرابات أقسى، بينها الحرب ضد العراق، والتي استمرت 8 سنوات، والاضطرابات سنة 2009، وموجات الاحتجاجات المتكررة منذ ذلك الحين.

مع ذلك، يكشف تحليل معمّق أجرته صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن ضرب المنشآت النووية الإيرانية هو واحد من أعقد التحديات العسكرية بالنسبة إلى إسرائيل، وأن فرص نجاحه منخفضة من " دون دعم أميركي" ؛ إذ إن سلسلة من التحديات اللوجستية المعقدة تنتظر القوات الجوية والحال هذه، في مقدمتها المسافة البعيدة التي تتجاوز ألف كلم، ما يتطلب رحلة عبور في مجالات جوية لعدد من الدول، من ضمنها السعودية والأردن والعراق وسوريا، وربما حتى تركيا. وبالتالي، يمكن لأيٍّ من هذه الدول رصد الطائرات وتنبيه إيران، ما يسمح للأخيرة بالاستعداد للدفاع. أمّا التحدي الثاني، بحسب الصحيفة، فهو إعادة ملء خزانات الوقود؛ حيث تتطلب الرحلة الطويلة إلى الأهداف والعودة استنفاداً كاملاً لقدرات التزود بالوقود الجوي. ووفقاً لتقرير صادر عن " خدمة أبحاث الكونغرس" الأميركي، فإنه "لن يكون هناك أي مجال تقريباً لحدوث أخطاء أو تأخيرات غير متوقعة. حتّى إن عطلاً فنيّاً صغيراً أو ظروف مناخية طارئة قد تعرّض العملية بأكملها وحياة الطيارين للخطر".

وفي ظل هذه الظروف المعقدة، يُطرح السؤال الأساسي حول ما إذا كانت إسرائيل تمتلك القدرات اللازمة للقيام بمهمة كهذه؛ فحتّى لو كانت لدى إسرائيل قنابل كتلك، فإن الطائرات المقاتلة (F-15 وF-16 وF-35) غير قادرة على حملها بسبب وزنها الثقيل، فيما يستبعد الباحث السابق في وزارة الأمن الإسرائيلية، إيهود عيلام، أن تكون لدى إسرائيل فرصة لضرب هذه المنشآت، لأنها لم تتمكن من شراء قاذفات إستراتيجية أميركية مثل «B-2 Spirit»، المطلوبة لإسقاط مثل هذه القنابل الثقيلة.

وبالخلاصة عملية كهذه قد يكون مستحيلاً أن تتم من دون مساعدة أميركية مباشرة، وبالتالي، قد تخطط إسرائيل لضرب المنشآت النووية، ولكن من طريق عمليات سرية وسيبرانية وفق ما دأبت عليه في الماضي، عندما استخدمت فيروس «ستوكسنت» الذي نجح في تأخير المشروع النووي، فضلاً عن العملية التي قُطعت فيها الكهرباء عام 2021، وأدّت إلى إتلاف نظام الطاقة الداخلي في منشآت نطنز.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى