انتصار ابراهيم عمران (أليسار عمران) - الزهايمر...

وأنا أعبىء حباتِ الزيتون في القطارميز، تذكرت صديقي الطبيب، نهضتُ من المطبخ وقمت بالاتصال به
- مساء الخير دكتور
بدا صوته متعباً، اعتقدتُ أني أيقظته من نومه فقمت بالاعتذار فقال:
لا أبداً أنا في قيلولة وأشعر بالكسل وحسب
سألته عن أقرب عنوان إلى منزله لكي أرسل له قطرميز زيتون، شعر بالخجل ورفض فقلت له:
- والله أحببتُ أن أقدمه لكم بطيب خاطر سأتصل بمكتب التاكسي جارنا وأعطيه عنوانك
حسناً سجلي:
-الصناعة جانب روضة دار السلام

اتصلت بالمكتب:
مرحباً أنا جارتكم جنب المكتب أريد أن أرسل معكم قطرميز من الزيتون وأعطيكم العنوان ويستلمون حين تصلون

رد صاحب المكتب وقال:
حسناً تكرمي يا ابنتي
يبدو رجلاً طاعناً في السن، أعدت الاتصال به أكثر من مرة، أخذت القطرميز وانتظرته في الشارع، عاودت الاتصال به، فقال
حسنا أنا قادم باتجاهك تاكسي لون أسود،
بعد دقائق توقفت سيارة لون أسود وانفتح بابها الأمامي ارتبكت هل أتقدم نحوها أو لا، بقيت على حالي لدقائق، حاولت أن أدقق داخلها فلمحت طفلتين صغيرتين، استبعدت أن تكون هي السياره التي أنتظرها في الشارع

عاودت الاتصال به لمحت سيارة سوداء تصتف جنب المكتب، توجهت إليه ومعي قطرميز الزيتون، قلت له منذ نصف ساعة أنتظرك، رجلٌ عجوزٌ بشعر أبيض وثيابٍ رثّة بدأ يعتذر مني لقد كان يبرم طول الوقت مضيعاً العنوان.
قلت هل أعطيك رقم صديقي الطبيب حين تصل جانب روضة دار السلام تتصل به فينزل ويستلمه منك!؟
شعرت بارتباك أصابعه قلت هاتِ رقم هاتفك وسجلته على هاتفي، قلت حين تصل اتصل بي وأنا بدوري ساتصل بصديقي الطبيب
عدت إلى المطبخ لأكمل جلي الأواني المتراكمة محاولةً دفع الكآبةِ عني وإذ به يتصل بي، فاتصلت بصديقي الطبيب وقلت له: لقد وصل سائق التاكسي فقال لي حسناً سأنزل إلى جانب الروضة وأنتظره، قلت له سيارة سوداء سائقها عجوز شعره أبيض، ثم اتصلت بالسائق وقلت له أين صرت !؟
فقال لي لقد أعطيته القطرميز أنا بالعمارة فصعقت قلت له: لمن أعطيته!؟ فأجاب: للراكب الذي رافقني قلت أي راكب!؟
فقال لي: حسناً ماذا أفعل الآن!؟، أنا جاهز لخدمتك يا ابنتي.
فاتني أن أنتبه أن عقل السائق خارج الخدمة، فهو كان يلف لمدة نصف ساعة وأنا بجواره كمن يلف باحثاً عن عقله المصاب بالألزهايمر، كان حرجي كبيراً حين عاودت الاتصال بصديقي الطبيب لأشرح له ماحدث، فأصابته نوبةٌ من الضحك وأنا أقدم له اعتذاري عن مريض الألزهايمر، ثم قلت ليكن عطاءً مجهول الهوية وحسب لابأس، فتحت الفيسبوك أتابع أخبار الحرب في غزة وإذ بمسيرة تعاني من الألزهايمر جعلت جنود الكيان يلفون حولها طيلة الوقت من دون أن يعثروا عليها
أحاول أن أغفو فأتذكر ما حدث وأصاب بنوبةٍ من الضحك وسط هذه الضبابية والقلق الذي يحيط بنا من ألزهايمر حرب لم تعرف وجهتها إلى أين لحد الآن

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى