د. خالد شاكر حسين - ماكنة الاستعارة وهندسة الحالة الشعرية

ربما لم تشهد (الحالة الشعرية) في العراق سابقاً هذا الضجيج وهذا التزاحم على حجز مقاعد الصف الأول في قاطرة الشعر المتخمة أصلا بمنشورات ومطبوعات تدعي جميع نصوصها أنها أحرزت ما أسميناه (الحالة الشعرية). وعادة ما يبرز الدور الفاعل لقاطع التذاكر (الناقد الفاعل) في هذا السياق حينما يهم بتفحص تذاكر (نصوص) الركاب, فيصادق على بعضها ويلفظ بعضها الأخر ويطالب أصحابها بالترجل من هذه القاطرة التي أخذت عجلاتها تقعقع هذه الأيام وهي تنوء بحملها الثقيل من مدعيّ (الحالة الشعرية).
إن الغياب السافر للنقد بصفته آلية فرز تعمل على تشخيص ورصد النصوص التي تعيش الحالة الشعرية وتعزلها عن تلك التي لا تعيشها هو المسؤول المباشر حتما عن تفاقم حالة التخمة في منتجات النصوص التي تدعي وقوعها ضمن ممالك الشعر. لكن كيف بوسعنا تحقيق حالة الفرز هذه؟ وقبل ذلك هل تبدو الأمور على هذا النحو من البساطة والقطعية؟ وكأننا نتحدث عن عملية رصد بسيطة تُراكِم النصوص ضمن مساحتين معزولتين بوضوح عن بعضهما: مساحة الحالة الشعرية ومساحة الحالة اللاشعرية. المشكلة في طبيعة الحالة الشعرية تكمن في طيفيتها وتدرجها اللوني الذي ينتقل بنا على نحو لا محسوس من تخوم الحالة الشعرية إلى تخوم الحالة اللاشعرية. وليس هذا فحسب, بل توجد نصوص تصطبغ بأكثر ألوان الطيف سخونة وتشبعا بالحالة الشعرية ونصوص أخرى تصطبغ بأكثر ألوان الطيف شحوباً وافتقارا لجوهر تلك الحالة الشعرية, نصوص تشغل المركز وأخرى تعيش الهامش. أن هندسة الحالة الشعرية بحاجة إلى ماكنة بوسعها احترام هذه الطبيعة الطيفية والمتدرجة لها.
أعتقد أن الاستعارة بطبيعتها قادرة على أن توفر لنا تلك الماكنة التي بوسعها تميز مختلف الدرجات الصبغية للنصوص, من أغمقها إلى أكثرها شحوبا, من أكثرها تمركزا إلى أكثرها هامشيةً وتطرفاً. إذ بعد تنصل النص الشعري النثري من الكثير من سمات الشعر التقليدي البارزة من وزن وقافية وتفعيلة باتت ماكنة الاستعارة ملاذنا الأخير ونحن نحاول أن نضفي نوعاً من النظام التصنيفي, نوعاً من الاتساق على هذا الصخب والهرج الشعري المتصاعد. إذ لم يتبقى من عنفوان النصوص الشعرية الأصيلة سوى هذا البعد الإبداعي من البُنية الاستعارية للنص. ماكنة الاستعارة هذه هي الكشاف الموثوق بيد (الناقد/ قاطع التذاكر) وهو يتفحص أصالة وزيف تلك (النصوص/ التذاكر).
ولكن ماكنة الاستعارة هذه, كيف تعمل؟ ومتى يشغل النص الشعري مركزاً إستراتيجيا في طيف الحالة الشعرية ومتى ينحسر نحو هامش هذا الطيف؟
نعتقد أن كلا السؤالين مرتبطان ببعضهما البعض. فالنص الشعري يندرج في صنفين: نص يصنع الدلالة, و نص أخر يجتر الدلالة. يقع الأول في قلب الحالة الشعرية في حين يفترش الثاني أرصفة الهامش الشعري. ولكن كيف يصنع النص الدلالة بل وكيف يجترها أيضا؟ إن عمليتي التصنيع والاجترار هاتين تجريان عبر ماكنة الاستعارة. فالاستعارة بصفتها ماكنة تعمل على تعشيق, إذا صح القول, مجالات وحقول دلالية مختلفة لم يظن القارئ سابقاً أن مسنناتها الدلالية قابلة للتداخل والتعشيق لا بل وقابلة للتدوير بانسيابية مدهشة لم يألفها هذا القارئ من قبل.
ولكن قبل الخوض في طبيعة المسافات الفاصلة بين الحقول الدلالية التي تعمل الاستعارة على تعشيقها وربطها معا, لا بد لنا أولا من رسم الخارطة الهندسية الأساسية التي تعمل بموجبها ماكنة الأستعارة هذه. فتلك الماكنة (الموجودة في أذهاننا جميعا وبلا استثناء سواء كنا نعيش الحالة الشعرية أم لا) تنكب على تعشيق البُنية اللغوية (الاستعارة بشكلها اللغوي) مع البُنية المفاهيمية (الاستعارة بشكلها المفاهيمي). فمثلا, عبارة (كارل ماركس):

الدين أفيون الشعوب

ما هي إلا بُنية لغوية تتكون من ثلاثة كلمات تنتظم في جملةٍ إخبارية واحدة. وتنطوي هذه البُنية اللغوية على بُنية من نوعٍ أخر تدعى (البُنية المفاهيمية) وهي:

"الدين عَقارٌ مخدر"

إن الماكنة الأستعارية الموجودة في ذهن (كارل ماركس) عملت على تعشيق هاتين البُنيتين (اللغوية والمفاهيمية) معاً في نسق نصي واحد.
لكن مجرد إسقاط البنية اللغوية على البنية المفاهيمية لا يكفل مركزا متقدما لهذه العبارة الماركسية ضمن إحداثيات خارطة الحالة الشعرية. إذ أن البنية المفاهيمية بحد ذاتها تنطوي على نوع أخر من التعشيق أكثر أهمية بكثير من مجرد اكساء الجوهر المفاهيمي للعبارة بلباسٍ لغويٍ مادي. فمخيلة ماركس في الحقيقة تنطلق من نفس البيئة المفاهيمية القياسية التي تحكم رؤية القارئ العادي للدين في المجتمعات الإنسانية. فالجميع يُعَشِق بين حقلين دلاليين أساسيين هما: الدين و العَقاقير الطبية. فالدين لدى البعض ترياق, علاج شافٍ, وصفة سحرية, . . . الخ, وجميعها تنتمي إلى حقل دلاليٍ واحد هو العَقاقير الطبية.

إلا أن الماكنة الأستعارية في ذهن ماركس قادته إلى الخروج عن الاقتران المفاهيمي المألوف بين الحقل الدلالي للدين وذلك الحقل الخاص بالعقاقير الطبية الشافية من الأوجاع والأمراض, وجعلته يُعدِّل من التعشيق بين هذين الحقلين الدلاليين ويستبدل العجلة المسننة للعقاقير الطبية الشافية بعجلة أخرى تنضوي تحت نفس الحقل الدلالي القياسي ( أي العقاقير الطبية) لكنها من فئة دلالية فرعية مختلفة فهي عقاقير من النوع التخديري (الأفيون), وهو عَقار يزرع الأوهام ويوفر نوعاً طارئاً من الطمأنينة والسلام. هذا الانحراف في البنية المفاهيمية للأستعارة, في عبارة ماركس, بعيداً عن تلك البيئة المفاهيمية القياسية المعتادة هو ما يكفل لتلك العبارة قفزة نوعية في مقياس الحالة الشعرية اعتمادا على درجة مألوفية الاقتران البنيوي بين مفهومين يعودان إلى حقلين دلاليين مختلفين إلى حدٍ ما:

أن نص ماركس (الدين أفيون الشعوب) يصنع الدلالة عبر خلق حالة من التعشيق الغير مألوف بين حقلين دلاليين من المفاهيم التي لم يعتد القارئ على رسم أي خارطة تجمعهما معاً ضمن حدود الأقترانات المفاهيمية المألوفة لديه والمتعارف عليها ضمن سياق النسق الثقافي والمفاهيمي لمجتمع ذلك القارئ. أما نص من قبيل (الدين علاج الروح), مثلا, فهو ينطوي على اقترانات استعارية لكنها أقترانات مألوفة ولا تصنع أي دلالة جديدة نسبياً وبالتالي فهي لا تعيد تعريف حدود الخارطة المفاهيمية للقارئ بل تقتصر فقط على اجترار أو ترسيخ الحدود المفاهيمية الموجودة أصلا. وتدعى إستراتيجية ماركس الأستعارية في عبارته هذه (التوسع), فهو يُفعِّل استعارة مفاهيمية شائعة ومتاحة في المستودع المفاهيمي للقارئ وهي ( الدين عقار طبي ) ثم يعمل على توسيع أبعاد هذه الاستعارة المفاهيمية التقليدية ويضعها في خانة تصنيفية أكثر دقة أو يملأ بعض فراغاتها الدلالية بجعل العَقار الطبي عقارا من نوعٍ محدد فهو عَقار مخدر بل هو الأفيون تحديدا.
ولا يقتصر صنع الدلالة في نص ما على درجة مألوفية الأقترانات الأستعارية التي يعقدها ذلك النص بل أيضا على درجة تعقيد الماكنة الاستعارية وعدد التعشيقات التي تجريها تلك الماكنة بين حقول دلالية ومفاهيمية متجافية في العادة وذات مسافات دلالية بعيدة يصعب قطعها عادة بماكنة استعارية بسيطة. إذ أن تعقيد الماكنة الاستعارية وبساطتها يعتمدان على المسافات الدلالية التي بوسع تلك الماكنة قطعها وعدد العوامل الدلالية التي تدخل في صناعة الاستعارة المعنية.
فمثلا الماكنة الأستعارية لدى (ماركيز) غاية في التعقيد حينما يكتب هذه العبارة في روايته (حب في زمن الكوليرا):

" هذا الشيء له مذاق نافذة "

إن ماكنة الأستعارة لدى ماركيز ترسم مسارات دلالية جديدة وتستكشف تضاريس مفاهيمية لم يعهدها القارئ من قبل في نسق المفاهيم الذي يحكم حياته اليومية, فهذا النص الأستعاري ينطوي على تعشيق مفهومين ينتميان إلى حقلين دلاليين غايةٌ في الغرابة وغايةٌ في البعد:

كيف يكون لشاي البابونج مذاق نافذة؟ كيف توفر النافذة نوعاً من الطعم أو المذاق؟ كيف تمكنت ماكنة ماركيز الأستعارية من تعشيق حقل دلالي يتعلق بالسوائل المنبهة (من شاي وقهوة) مع حقلٍ أخر يتعلق بأجزاء المنزل (من نافذة وباب وقطع أثاث . . . الخ)؟ كل هذه الأسئلة تخلق حالة من القلق والتوتر في منظومة القارئ المفاهيمية المعتادة.
إن الاستعارة فن الخيال المستحيل. ومخيلة ماركيز المتوثبة ترفد ماكنته الأستعارية بالعديد من الحقول الدلالية التي يصعب على مخيلة القارئ العادي نسج أي علاقة محتملة بينها. فماركيز يلجأ إلى إستراتيجية أخرى مغايرة لإستراتيجية التوسع لدى ماركس, تدعى هذه الإستراتيجية التوليف وأحياناً تدعى التأليف.
تنبع أصالة الحالة الشعرية, ضمن السياق الأستعاري, من ظاهرتين أساسيتين لدى كاتب النص: الأولى, حينما يعمد هذا الكاتب إلى استخدام استعارات لغوية جديدة تنطوي على استعارات مفاهيمية مألوفة وتقليدية, كما هي عليه الحال في مقولة ماركس (الدين أفيون الشعوب) إذ أنها استعارة لغوية جديدة نوعاً ما لكنها تنطوي على استعارة مفاهيمية تقليدية مع بعض الانحرافات المفاهيمية عنها وهي (الدين عقار طبي); أما الظاهرة الثانية فهي أكثر أصالةً من الأولى إذ تكمن في خلق أو تأليف أو حتى تركيب استعارات مفاهيمية جديدة ناتجة عن نشاط المخيلة لدى الكاتب مما يمكن ماكنته الأستعارية من رصد إمكانيات مدهشة لخلق تعشيقات واقترانات دلالية غايةٌ في الغرابة والأصالة.
وتمثل عبارة ماركيز (هذا الشيء له مذاق نافذة) على لسان بطل روايته (الحب في زمن الكوليرا) مصداقاً استثنائيا للظاهرة الثانية. أن ماكنة الاستعارة لدى ماركيز غاية في التعقيد لأنها تقتضي تفعيل عنصر السياق أثناء عملية تصنيع الاستعارة المطروحة. إن إدراك القارئ لأهمية ودور السياق النصي في تصنيع وإحكام استعارة ((هذا الشيء له مذاق نافذة)) ستكفل له مساراً سلساً في معالجة وتفكيك هذا النوع الغريب من الاستعارة.
أن كل ما يحتاج إليه القارئ لفهم الآلية الأستعارية التي وظفها هنا ماركيز هو أدراك السياق النصي الذي وردت فيه هذه الاستعارة فضلا عن تحليل طبيعة الحقول الدلالية التي ركبها ماركيز في علاقة مفاهيمية غريبة. إذ تتحدث الزوجة في الفقرة التي وردت فيها استعارة ماركيز عن تبرمها من العادات الغذائية لزوجها النزق:

". . . لكنه حين يجلس إلى المائدة لا يقبل أي شيء, بل ما يريده بالضبط, وبلا أدنى نقصان: فاللحم ليس له مذاق اللحم, والسمك ليس له مذاق السمك . . . ولا للفروج مذاق الريش . . . كانت تكفيه عثرة شك ليزيح الطبق على المائدة قائلا: " هذا طعام صُنِعَ بلا حب". وكان يصل في هذا المنحى الى حالات خيالية من الإلهام, ففي أحد الأيام, تذوق قليلاً من شاي البابونج, ثم أعاد ما شربه بعبارة واحدة: " هذا الشيء له طعم نافذة". وقد فوجئت هي كما فوجئت الخادمات, لأنهن لم يتعرفن يوماً على أحد شرب نافذةً مغلية. ولكنهن حين تذوقن الشراب ليفهمن . . فهمن: كان له مذاق نافذة."
(197)

إننا أمام زوج لا يجد مذاقاً في الأطعمة المُقدمة إليه. وبالتالي فهو لا يجد مذاق شاي البابونج في ذلك الشراب الذي تناوله. بل والأدهى أنه يجد فيه مذاق شيءٍ أخر: مذاق نافذة! أن الحيرة التي وقعت فيها الزوجة والخادمات هي انعكاس حتمي لحيرة القارئ . . فالمنظومة المفاهيمية العامة والمألوفة للقارئ (فضلا عن الزوجة والخادمات) لا تحتوي في حقلها الدلالي الخاص بمفهوم المذاق على جزئية مذاق النوافذ. بل أن الحقل الدلالي الخاص بالنافذة يفتقر تماماً لمفهوم المذاق. ويُظهِر الشكل التالي الاحتمالات الدلالية لمفهوم المذاق, وتحديداً مذاق شاي البابونج, إزاء ألاحتمالات الدلالية المتوفرة لمفهوم ماركيز الجديد مذاق النافذة:

غرائبية الاستعارة لدى ماركيز هنا تعمل على تنشيط جزئية المذاق في حقلي الدلالة الخاصين بالشاي والنافذة, لكن هذه الجزئية الدلالية تحديداً غائبة تماماً عن حقل النافذة, فالنافذة ببساطة لا مذاق لها. هذا الغياب الدلالي بحد ذاته لعنصر المذاق مقروناً بالسياق النصي الذي وردت فيه الاستعارة يساعد القارئ كثيراً في معالجة وتفكيك الرسالة المخبوءة في تلك الاستعارة اللغوية وهي ببساطة: "أن شاي البابونج بلا طعم" كما أن "النافذة بلا طعم". إن الأصالة الشعرية التي تبديها ماكنة ماركيز الأستعارية لا تجعلها تعمل على تعشيق حقلين مع بعضهما لمجرد وجود جزئيات دلالية مشتركة إلى حدٍ ما بين الحقلين, بل إن مفهوم التعشيق الأستعاري بحد ذاته يتغير لدى ماركيز من تعشيق وجود جزئية دلالية بوجود جزئية أخرى مماثلة لها إلى تعشيق غياب تلك الجزئية في أحد الحقلين الدلاليين بغيابها أيضاً في الحقل الدلالي الأخر.
ومع ذلك, يبقى السؤال مشروعاً, لِمَ وقع اختيار ماركيز على مفهوم النافذة لخلق إشارة أستعارية لغياب المذاق في شاي البابونج؟ إذ ينتمي مفهوم النافذة إلى حقل دلالي واسع يتعلق بأجزاء المنزل (الباب, المنضدة, الأريكة, الشرفة, والنافذة), لِمَ لمْ يقل مثلاً: "هذا الشيء له طعم باب"؟
إن تعقيد ماكنة الاستعارة لدى ماركيز يقترن بعنصر أخر إلى جانب السياق النصي للاستعارة, أنه عنصر الخيالية الموغلة في التجريد. إذ أن هذا العنصر وفر لماركيز رؤية دلالية غاية في التجريد لمفهوم النافذة بوصفها ممراً شفافاً (كما أن شاي البابونج تحديداً يكون شفافاً أيضاً), بلا لون, تمر عبره الأشكال بلا إضافات, بلا نكهات دخيلة, كما هي. تنبثق فرادة الأصالة الشعرية لاستعارة ماركيز اللغوية من استحضاره العبقري لاستعارة النافذة المفاهيمية بكل أقتراناتها الدلالية الفريدة فالنافذة ممر محايد, واقعي, مجرد, بلا أنحيازات. يُشرِع ماركيز بتناول جميع هذه السِمات الدلالية لمفهوم النافذة ويُعشِق الغيابات اللونية والأنحيازية فيه مع غيابات المذاق التي أحسها في شاي البابونج. فالنافذة بلا طعم هي أيضاً.

حتى الآن يحتل نص (ماركيز) الاستعاري مركزاً أكثر تقدما في خارطة الحالة الشعرية من نص (ماركس) الأستعاري. إذ لم يتطلب نص (ماركس) سوى الاعتماد على استعارة مفاهيمية مألوفة لدى العامة بخصوص الحقل الدلالي المتعلق بظاهرة الدين ثم أجرى حالة من التوسع والأسهاب التصنيفي في البيئة الدلالية للحقل الأخر (بيئة العقاقير الطبية بصنفيها العلاجية والتخديرية). أما نص (ماركيز) فانطوى على تأليف أو تركيب بنية أستعارية مفاهيمية جديدة لم تكن موجودة أصلا في المستودع الدلالي والمفاهيمي المتاح للقارئ, بنية أكثر تعقيداً في تركيبها ومعالجتها من نص (ماركس) لأنها لا تقتضي مجرد استكشاف الحقول الدلالية المتعشقة في أقتراناتها الاستعارية فحسب بل أيضاً تفعيل عاملين جوهريين لا غنى عنهما في تفكيك البنية المفاهيمية لنص (ماركيز) الأستعاري وهما: عامل السياق النصي وعامل الخيالية المجردة. ناهيك عن عامل المسافة الدلالية الفاصلة بين الحقل الدلالي (للشاي) وحقل (النافذة), وهي مسافة ابعد بكثير من تلك التي قطعتها ماكنة (ماركس) الأستعارية للتعشيق بين حقلي (الدين) و (العقاقير الطبية المخدرة).
لكن أحياناً تتحول معالجة البنية الأستعارية في النص الشعري إلى تحدٍ بالغ الصعوبة وذلك لعوامل عديدة, منها وأهمها: الذاتية المرتفعة للنص, والغرائبية الفائقة للأقترانات الدلالية, فضلا عن خيالية أصيلة تصعب الإحاطة بمدياتها الرحبة.ومما يفاقم من مشقة تفكيك البنية المفاهيمية للأستعارة غياب عامل السياق النصي الصريح والذي لاحظناه لدى (ماركيز) مثلا. وتبلغ الذاتية أحياناً, مقترنة بعامل الخيالية تحديداً, مراحل تصل بالاستعارة بشقيها اللغوي والمفاهيمي الى حالة من التلغيز المحير للقارئ. تمثل نصوص الشاعر العراقي (عقيل علي) مثالاً صارخاً على استحضار حقول دلالية يكون بعضها غاية في البعد الدلالي, إذ تعد المسافات الدلالية الفاصلة بين تلك الحقول المتعشقة مع بعضها مسافات هائلة, ومع ذلك فأن ماكنة هذا الشاعر الاستعارية لا تصنع أي دلالة مفاهيمية خارج حدود الدلالات القابعة أصلا في دائرة المسافات الدلالية قصيرة المدى.
سنتناول بشيءٍ من الإسهاب استكشاف طبيعة البنية الاستعارية في أحدى قصائد الشاعر (عقيل علي), وهي قصيدته (الوقت), حتى يكون بوسعنا تحديد مكانها من خارطة الحالة الشعرية وفقاً لاحداثيات المسافة الدلالية الفاصلة بين حقول الاستعارات المفاهيمية ضمن القصيدة ناهيك عن أصالة خلق وتأليف وحدات مفاهيمية تفتقر إليها منظومة القارئ الاستعارية ضمن ذخيرته أو مستودعه المفاهيمي العام.

"الوقت
كل شيء استوائيّ تحت النّظر
كل شيء يبتدئ من أجل الصباح
الوهم
وعقود الزينة
صقيع الستائر
وذلك السبات الذي حولنا يطوف
والوجوه تتحسس بدائيتها
في اللحظة ذاتها
حين تقعي
أعزل
حتى من الوقت."

هذه قصيدة تمجد الصباح, والضوء, والحياة. فهي تشتمل على مجموعة من الاستعارات المتفاوتة في أصالتها الشعرية لكنها رغم هذا التفاوت تتضافر مع بعضها البعض وتؤلف أستعارتين مفاهيميتين مركزيتين لكنهما مألوفتين للقارئ وتأتي أحداهما شرطٌ تكميلي للأخرى كما تدور كلاهما حول مفهومٍ واحد هو الحياة:

الحياة ضوء
الحياة رحلة

القصيدة برمتها نزاعٌ يرصده الشاعر بين الضوء والعتمة, بين الاستوائية والصقيع. تنطوي الاستعارة اللغوية في عبارة (كل شيء استوائي تحت النظر) على محاولة تعشيق مفهومين دلاليين هما: الدفئ و المرئية في بنية أستعارية مفاهيمية واحدة (الدفء أن تكون حاضرا في مجال الرؤيا). ربما تكون دلالات هذا الاقتران بين مفهوم الدفئ (الاستوائية) ومفهوم التواجد ضمن دائرة الرؤيا (تحت النظر) قائمة على رسم خارطة قياسية تجمع بين مقتضيات الدفئ بصفته مفهوماً أستعارياً ايجابياً (يقترن بالاسترخاء والتوازن) وبين المقدمات المنطقية التي تفضي إلى تحقق مفهوم الدفئ ومنها ضرورة التواجد في دائرة الضوء. فالاستوائية هي أن تكون تحت النظر لا خارجه. وترفدنا العبارة التالية (كل شيء يبتدئ من أجل الصباح) ببنية مفاهيمية تعمل على ترسيخ المنطلقات الاستعارية للعبارة الأولى. فمفهوم الصباح (الضوء والوقوع تحت النظر) يقترن بمفهوم الغاية من حركة الأشياء. وهذه استعارة مفاهيمية غاية بالغرابة ( الصباح غاية الحركة). ثم تتوالى سلسلة من الاستبدالات المفاهيمية تقترن جميعها بدور ( الشيء المتحرك), وبوسعنا استبدال هذه المفاهيم بمفهوم الحركة في ( الصباح غاية الحركة):

الصباح غاية الوهم
الصباح غاية عقود الزينة
الصباح غاية صقيع الستائر
الصباح غاية ذلك السبات الذي حولنا يطوف

فالوهم يتحرك من دائرة العتمة نحو الصباح (اليقظة), نحو دائرة الضوء أما ليتلاشى أو ليستحيل إلى حقيقة, عقود الزينة هي الأخرى تتحرك نحو الصباح . . تستيقظ من عتمة الأدراج لتأتلق تحت الضوء دعوةً خالصةً للحب . وهذه الدعوة لن تتحقق ما لم تكن تحت النظر. صقيع الستائر يتحرك أيضاً نحو الصباح, لكن هذه الاستعارة اللغوية الغريبة بحاجة إلى نظرة عن كثب, فما هو وجه الاقتران والتعشيق الدلالي بين مفهومي الصقيع و الستائر؟ أن جميع الاستعارات اللغوية في هذه القصيدة تستدعي من القارئ تنشيط جزئيتين دلاليتين غايةٌ في الأهمية, هما: جزئية العتمة و جزئية الضوء. إذ أن عبارة (صقيع الستائر) تقتضي ضمنيا نوعاً من التصنيف المفاهيمي لهذا النوع من الصقيع: صقيع الستائر يقابله أستوائية الستائر. صقيع العتمة الباردة واستوائية الضوء الدافئ. وبقفزة أستنتاجية قياسية يقترن مفهوم صقيع الستائر الغريب بحركة أنسدال الستائر وارتخائها مع ما يرافقه من دلالات الغياب البارد لدائرة الضوء وحضور العتمة كما يقترن مفهوم استوائية الستائر بدوره بانقباضها وانحسارها أمام دائرة الضوء القادم مع دفئ الصباح. حتى السبات يتحرك (يطوف حولنا) ويتحول إلى يقظة بمجرد انتقاله من دائرة العتمة إلى دائرة الضوء الصباحي.
جميع هذه المفاهيم تنضوي تحت مظلة استعارية مفاهيمية واحدة تستدعيها لغة الشاعر في القصيدة وهي توليفة من استعارتين مفاهيميتين تقليديتين هما: (الحياة ضوء) + ( الحياة رحلة) فينتج عنهما الاستعارة التالية:

الحياة رحلة من العتمة إلى الضوء

هنالك نسق دلالي واضح من حركة الأشياء باتجاهية واحدة تشير إلى الضوء, وهي اتجاهية كفيلة بتغير هوية هذه الأشياء بحد ذاتها: فالوهم يتحول إلى حقيقة, وعقود الزينة تتحول إلى دعوة حقيقة للحب, وصقيع الستائر المنسدلة يتحول إلى دفءٍ تنحسر عنه تلك الستائر, والسبات يتحول هو الأخر إلى يقظة, جميع هذه التحولات ناجمةٌ عن رغبةٍ في الحياة, عن حركة, عن رحلة من صقيع العتمة إلى دفئ الضوء, ضوء الصباح الذي تبتدئ كل الأشياء من أجله. وبالتأكيد أن لهذه الاستعارة المفاهيمية المثيرة والتي تُظِل القصيدة برمتها أساساً معرفياً في منظومة المفاهيم الاستعارية التقليدية للقارئ. إذ كل ما فعلته ماكنة عقيل علي الاستعارية أنها وسعت وأسهبت من الاقترانات الدلالية في استعارتين مفاهيميتين مألوفتين عند القارئ هما: ( الحياة ضوء) و ( الحياة رحلة ). إستراتيجية التوسع هذه (التي لاحظناها لدى ماركس سابقا) تعمل على إضافة تعشيقات دلالية تتجاوز حدود الأقتران التقليدي بين مفاهيم الحياة و الضوء و الرحلة وتُضيف حقلين دلاليينً جديدين يتعلقان بمفهومي الحركة و العتمة. وبذلك ينقل عقيل علي مفهوم الحياة من استعارة مفاهيمية استاتيكية, (الحياة ضوء), إلى استعارة مفاهيمية أخرى أكثر ديناميكيةً ومفعمةً بالحركة والانتقال بل والتحول. كما ينقل مفهوم الحياة من مجرد رحلة عشوائية فضفاضة تفتقر إلى الاتجاهية, ( الحياة رحلة), إلى مفهوم انتقالي باتجاهية محددة (فالحياة رحلة من العتمة إلى الضوء).




الحياة

ومرةً أخرى يستفز (عقيل علي) منظومة القارئ المفاهيمية المستقرة ويؤلف استعارةً لغوية جديدة تعشق بين مفهومي النوم و البدائية. إذ تختزن عبارته الأستعارية (والوجوه تتحسس بدائيتها) استعارةً مفاهيمية تقول:

النوم عودةٌ للبدائية

حتى هذه الاستعارة المفاهيمية لا زالت محكومة هي الأخرى بثنائية العتمة و الضوء. فالنوم يقترن عادةً بالعتمة أما الجزئية الدلالية التي تقتنصها ماكنة (عقيل علي) الاستعارية لكي توفر تبريراً تعشيقياً مع مفهوم البدائية فهي جزئية الوعي. فالنوم ببساطة شديدة هو شكل من أشكال غياب الوعي بكل الدلالات المرتبطة مع هذا الغياب واقترانها مع مفهوم العودة لحالةٍ من حالات البدائية. وبالطبع تقتضي استعارة ( النوم عودة للبدائية) ضدها النوعي, ( اليقظة عودة للحضارة ), وهو استعارة مفاهيمية أخرى تتسق مع الإطار المفاهيمي العام لعتمة النوم وضوء الاستيقاظ.

ولا يزال هذا التعشيق الجديد بين النوم والبدائية منضوياً تحت نفس المظلة المفاهيمية الكبيرة لهذه القصيدة وهي استعارة (الحياة رحلة من العتمة إلى الضوء ). لكن (عقيل علي) يؤكد على الإسهاب المفاهيمي أكثر فينتج بدائل لغوية غايةً في الثراء ويحشر فيها بدائل مفاهيمية أقل ثراءً ربما لأنها لا تُضِيف شيئاً جديداً للبنية المفاهيمية الاساسية للقصيدة. لا شك أن ترف البدائل اللغوية يشير إلى ثراء مدهش في ذخيرة الشاعر اللغوية غير أن تكرار المنظومة المفاهيمية ذاتها يشير حتما إلى محدودية المستودع المفاهيمي للشاعر. إذ لا يزال البناء المفاهيمي العام مستقراً عند نفس الاستعارة العامة وهي (الحياة رحلة من العتمة إلى الضوء ) لكنه يُسهِب في خلق مجرد بدائل لغوية لهذه الاستعارة المفاهيمية دون أن يحقن هذه البدائل بمنظومة مفاهيمية جديدة أو مُضافة. إذ أن جميع العبارات اللغوية في القصيدة لا تكتنز, على مستوى البنية المفاهيمية, سوى امتدادات, قد تكون ذات خيالية أصيلة, لمنظومتها المعرفية الأساسية فتتحول استعارة (الحياة رحلة من العتمة إلى الضوء ) إلى بدائل مفاهيمية أكثر إسهابا مقرونة ببدائل لغوية مدهشة:

(الحياة رحلة من العتمة إلى الضوء )
(الحياة رحلة من الغياب إلى الحضور).
(الحياة رحلة من الوهم إلى الحقيقة).
(الحياة رحلة من الصقيع إلى الدفء).
(الحياة رحلة من السبات إلى اليقظة).
(الحياة رحلة من النوم إلى الاستيقاظ).
(الحياة رحلة من البدائية إلى الحضارة )

جميع هذه الاستعارات لا تعد سوى تنويعات اشتقاقية على نفس البنية المفاهيمية للاستعارة الأولى.
بل حتى العبارة الأخيرة في القصيدة لا تختزن سوى تنويع مفاهيمي أخر للاستعارة الأساسية نفسها وهو تنويعٌ مفاهيمي غايةٌ في المألوفية:

"في اللحظة ذاتها
حين تقعي
أعزل
حتى من الوقت."

إذ تستدعي مفردة "أعزل" مفهوم السلاح وتلقي به في الدائرة المفاهيمية المباشرة للوقت. فالوقت سلاح, هذه استعارة مفاهيمية تقليدية جداً ومستهلكة تماماً في المستودع المفاهيمي اليومي للقارئ. تشكل هذه الاستعارة هبوطاً حاداً في أبداعية (عقيل علي) بشقيها المفاهيمي واللغوي. غير أن ثنائية العتمة والضوء لا زالت توفر إطارا استعارياً مرجعياً ضمن مركزية مفهوم الحركة. فهذه العبارة الاستعارية الأخيرة في القصيدة تنشطر إلى جزئين لغويين يتمركزان حول الفعل (تقعي), الجزء الأول,(في اللحظة ذاتها), يغص بحضور واضح لمفهوم الوقت مقترناً بمفردة (اللحظة), بينما يغص الجزء الثاني, (أعزل/ حتى من الوقت), بغياب سافر لمفهوم الوقت. هذا هو التعشيق الدلالي الأخير في القصيدة بين مفهوم الوقت و مفهوم الحركة. أن صرامة وبراعة الأقتران المفاهيمي عند (عقيل علي) هنا قد تغفر له استهلاكية البنية الاستعارية مفاهيمياً, إذ أن بصيرته النافذة جعلته يرصد جانباً من التعشيق الدلالي بين الوقت و الحركة اعتمادا على مدخلية تعريفية صارمة للوقت باعتباره مقياساً للحركة. هنالك رحلة أيضاً لكنها هذه المرة رحلة باتجاهية معكوسة: من الحضور إلى الغياب, من الضوء (وحركية الوقت) إلى العتمة (وغياب تلك الحركية للوقت), إذ ما الوقت سوى ترادف متواتر للضوء والعتمة.
يوفر تحليل مفهوم الاستعارة لغوياً ومفاهيمياً في الأمثلة الثلاث التي سقتها في هذه المقالة مدخلاً تشخيصياً لطبيعة الحالة الشعرية في كل منها لكنه مدخلٌ بحاجة إلى الكثير من العمل والمزيد من التفحص, ولا تشكل محاولة قياس الحالة الشعرية في عبارات (كارل ماركس وغابريل ماركيز وعقيل علي) أي نتائج قطعية أو تامة المصداقية. لكنني حاولت قدر ما استطيع أن ألتزم معايير القياس التي حددتها في بداية هذه المقالة لرصد جودة وأصالة الحالة الشعرية لكل عبارة استعارية.
ووفقاً لهذه المعايير تحتل عبارة (ماركيز) قلب الحالة الشعرية الأصيلة إذ أنها شكلت إضافتين لغوية ومفاهيمية جديدتين اعتمدتا على تأليف استعارة لم يعهد القارئ وجودها في منظومة مفاهيمه اليومية ناهيك عن المسافة الدلالية الهائلة بين المفاهيم المُقتَرِنة في الاستعارة وتفعيل عنصري (السياق النصي والخيالية المجردة) في معالجة المفاهيم المطروحة, وذلك كله كافٍ لتأكيد رصانة وتعقيد الماكنة الاستعارية لدى (ماركيز). ويأتي (عقيل علي) بالدرجة الثانية قرباً من الحالة الشعرية الأصيلة بعد (ماركيز), فهو اقل أصالة من (ماركيز) لأن قصيدته امتازت ببنية لغوية جديدة وغريبة لكنها اشتملت على استعارات مفاهيمية مألوفة لدى القارئ إلى حدٍ ما إذ لم يكترث عقيل علي بالبنية المفاهيمية لقصيدته بقدر اكتراثه ببنيتها اللغوية الجريئة. بالطبع لم تخلو المفاهيم التي أستحضرها في القصيدة من إبداعية مفاهيمية لكنها إبداعية محدودة قائمة على تفعيل آلية (التوسع والإسهاب المفاهيمي) لاستعارات مفاهيمية موجودة أصلاً كما أن المسافات الدلالية الفاصلة بين تلك المفاهيم كانت أقصر من تلك التي قطعتها ماكنة (ماركيز) الاستعارية. وأخيرا يأتي نص (ماركس) بالدرجة الثالثة ضمن خارطة الأصالة الشعرية, فعبارته الاستعارية لم تشهد سوى إضافة لغوية طفيفة كما أنها لم تستحضر بنية مفاهيمية جديدة تعيد تعريف منظومة القارئ فيما يتعلق بمفهوم الدين, وتكمن ابداعيته الاستعارية, كما هي عليه الحال لدى (عقيل علي), في اللجوء إلى إستراتيجية (التوسع والإسهاب التصنيفي). كما لم يستلزم نص (ماركس) قطع مسارات دلالية طويلة وجديدة تماماً, مقارنةً (بماركيز وعقيل علي), لمد أواصر الاقتران والتعشيق بين مفهومي الدين و العقاقير الطبية المخدرة.
لا بد للمشهد الشعري العراقي تحديداً أن يدرك أن مقدار الأصالة الشعرية التي يحرزها النص الأدبي (وقصيدة النثر بالتحديد) لا تعتمد على مقدار الثراء اللغوي للنص بقدر اعتمادها على مقدار التحدي الذي يشكله ذلك النص للطرق التقليدية التي يحاول فيها القارئ فهم العالم من حوله. كما تعتمد تلك الأصالة على مقدار تحدي النص لطرق القارئ المألوفة في صياغة مفاهيم تجاربه الحياتية المُعاشة ومفاهيم عالمه الذي يحيا فيه مع غيره. إن النص الشعري الأصيل يزج القارئ في مواجهة مباشرة ومقلقة وحتمية مع منظومته المفاهيمية التقليدية كما يعمل على إعادة رسم حدود تلك المنظومة وذلك بخلق أدوات استعارية إبداعية. تكمن إبداعية هذه الأدوات في تفعيل عدة استراتيجيات معرفية منها: مساءلة المشروعية المزعومة لمفاهيم الحياة اليومية للقارئ, محاولة رفد ذخيرة القارئ المعرفية بمفاهيم جديدة, العمل على توسعة وصقل المفاهيم التقليدية الموجودة أصلا وبث الحياة فيها من جديد. أي نص يدعي الحالة الشعرية دون أن يتصدى لهذه الاستراتيجيات المعرفية هو نص كاذب وينبغي إزاحته فوراً من خارطة الحالة الشعرية الأصيلة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...