محمد خيري حلمي - حذاء زوجتي أم حذاء أورلان/اضاءة نقدية على قصة( أحذية وكلمات)

وانج لنج بطل رواية الأرض الطيبة لبيرل بك زوج أورلان التي أغنته،يحقق مقولة المثل المصري القديم الذي تردده زوجتي دائما : خذوهم فقراء يغنيكم الله.
ولربما تقصدني أنا كاتب هذه السطور
..
ولكن وانج لنج حين أغناه الله في الأرض الطيبة، تخلي عن زوجته أورلان وتزوج بغيرها،، وصارحها بأن قدميها كبيرة الحجم، ولا ترتدي حذاء صغيرا.
الرواية أحداثها في الصين، وهناك يضعون قدمي الطفلة في حذاء من الحديد لإيقاف نمو القدم لتظل صغيرة رشيقة حتى يعجب بها الرجل الصيني.
زوجتي لديها حذاء لميع بكعب عالي تحتفظ به للسفريات فقط، أو زيارة أمها، أو المشاوير الهامة..
ويوم تنتعل هذا الحذاء أتعرض لمشاكل لا حصر لها، مرة الحذاء ضاق على قدميها، ومرة أخرى أتسع عليها، وتسير في الشارع قدميها تلق في حذائها، أو تتألم لأن الحذاء يخنق قدميها،، وتتخبط، حتى أتأفف وأغتاظ منها فأتمتم: اليوم ده مش حايعدي.
فترد على غاضبة: ما أنا عارفة... إنت عايز واحدة تمشي في الشارع ترقص لك بالكعب العالي.
فأحاول أن أرضيها متذكرا وانج لنج، وأنني لست قليل الأصل مثله، فهو صيني، وأنا رجل مصري أصيل، فأقول لها :
لا والله يا حبيبتي.
فترد ساخرة :
حبيبتك... أنت لا تقولها لي في البيت تقولها لي في الشارع.
أما شريف محي الدين في قصته عندما قال لحبيبته :
: أحبك.
التفتت إلى ثم طوقت عنقي بذراعيها، وأطبقت بشفتيها اللذيذتين على شفتي.
كان الورق يتدافع خارج السيارة فيملأ الشارع في كل مكان...
أسفل الأتوبيسات، والسيارات،، وكعوب النساء، فوق النارجيلة المشتعلة، وداخل نوادي الفيديو، وتحت حذاء البنت الصغيرة وهي تنط الحبل....
بطل القصة أخلص لنفسه أي خطيبته، فلا الإعلام و لا الإذاعة، ولا التليفزيون، أوالصحافة أفادته بشئ، والعودة لحضن خطيبته هو نداء الحياة الحقيقي الخصب،، كما وانج لنج كانت نزوةحين تزوج على أورلان، فقد عاد إليها ثانية، معجبا بها يحترمها، ويبجلها، وهناك مثل آخر تردده زوجتي : القديمة تحلي ولو كانت وحلة.
وهذا المثل ينطبق على ناس كثيرين في الواقع يتزوجون على زوجاتهم ثم يعودون ثانية إلى زوجاتهم القديمة.
شريف هنا وفق تماما بأن أعاد الأشياء إلى موضعها الصحيح، أعاد الشاب إلى خطيبته، وترك أحداث العالم الدامية.
عاد إلى الحياة الطبيعية التي فرضها الله علينا في قوله عز وجل :
وجعل منكم الذكر والأنثى لتصبحوا شعوبا وقبائل...
إن الحروب والدمار والخيانة هي أشياء من صنع الإنسان.
جلس اعرابيان يلعبان في مواجهة بعضهما، فجاء الذي أراد أن يثبت أنهما ليسا مخلصين لبعضيهما
جاء من وراء أحدهما يشير باصبعه للثاني بأن يصمت، وانه سيفعل مقلب في زميله ويأخذ حذاءه المجاور له، ولف ودار وقال للثاني مثلما قال للأول بالإشارة الصامتة.
وأخذ أيضا حذاءه.
في غفلة منه، وفي وعى من الأول، وحين انتهت اللعبة بينهما، الصديقان، اكتشفا اختفاء حذائيهما، وخاف كل واحد منهما من الآخر بمفاتحته بما كان..
...
شريف يبدأ بالأحذية والكلمات ونجيب محفوظ ينهي
بمجموعته الفجر الكاذب.
في الأربع صفحات الأولى من قصة أحذية وكلمات تشعر أن بطل القصة تقوده نفسه وليس زوجته كما الوهلة الأولى
من أول تضئ النور...
وهو شكل من أشكال سليمان فياض في قصته القرين، فتشعر في الأربع صفحات بأن هذه ليست زوجة بأي حال من الأحوال وإنما هي نفس البطل، أو حتى الكاتب نفسه.
بينما في الست صفحات الباقية من القصة فإنك تشعر أنك أمام عروسة فعلية لبطل القصة، ولكن استعمال مانشتات الجرائد هو هو لم يتغير، فكيف يعاني بطل القصة في كلتا الحالتين، نحن أمام عروسة مخلصة ومحبة، وجادة، ووفية تعرف هدفها جيدا.
عندما وضع المأذون الشرعي يدي في يدها كدت أهرب....
فهو متعلل بتأليف الكتب...
ما يعجبني في القصة أن الزوجة هي( النفس) في أول القصة التي هي( الحياة) ... وهي التي تنتصر وهذه سنة الحياة، في دوامها.
حتى أنك تشعر بأن تأليف الكتب كانت نزوة لديه وليست قضية أصيلة.
وهي تجربة شخصية خصبة لو تأملنا فيها جيدا.
والحقيقة إن قصص شريف محي الدين تذكرنا بقصص نجيب محفوظ، وخاصة مجموعة تحت المظلة.
.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى