الموجودون في الصور هم خيرة ابناء الجزائر راحوا ضحية غدر و خيانة و هم في عز شبابهم ، إن التي انجبتهم جف ضرعها بعدما "عقرت" و لن تنجب أمثالهم، ثم يأتي مختص في التاريخ ( م، ع) ليقفز علي التاريخ ويريد أن يطوي صفحة أليمة جدا من تاريخ الجزائر، يا شباب الجزائر اقرأوا تاريخكم و احفظوه..، هناك من ينشر ثقافة النسيان و سيأتي غدا من يرمي تاريخ الجزائر في القمامة
إن الذي دفعني لإصدار هذا الكتاب " كرونولوجيا الاغتيالات في الجزائر من الثورة إلى العشرية السوداء" هو ما حدث من أخطاء و جرائم وقعت أيام الثورة و عشية الإستقلال و في عهد التعددية و مسلسل الإنقلابات، راح ضحيتها مجاهدون و قادة تاريخيون، و سياسيون و حتى علماء ، فمنهم من اغتيل و منهم من أعدم ظلما، هو الواجب فقط و أشكر دار الأوطان التي تحمل صاحبها ( الطاهر يحياوي) مسؤولية طبع هذا الكتاب، الذي يعرّف بالجريمة السياسية في أبعادها التاريخية و السياسية و العسكرية، لأن الذين تلقوا الطعنات من طرف إخوانهم قادة عسكريون سواء بالقتل أو الإنقلابات و الإقالات
هو الصراع من أجل الزعامة و السلطة و المناصب، تحوّل فيه الإخوة إلى أعداء، لنجد اليوم من يحاول طي صفحة أليمة جدا من صفحات تاريخ الجزائر و يجعلها "طابو" ، يتكتم عن قول الحقيقة و يخشي من أن يكشفها للأجيال، خاصة و أن هناك عائلات تألمت لمقتل ابنائها و أزواجها أو إعدامهم ظلما و لا زال جرحها ينزف، فعندما نقرأ عن ظروف إعدام عباس لغرور بتونس، و شيهاني بشير و العقيد شعباني، و مقتل عبان رمضان بالمغرب ، و غيرهم ، هي جرائم لا يمكن نسيانها، لأن الجرح عميق، فتاريخ الجزائر لم يكتب بموضوعية و بروح نقدية، وهو بحاجة إلى إعادة قراءة و تحليل
إن الإحتفال بالمناسبات الوطنية أصبحت سُنّة حميدة عند الجزائريين ، و هو واجب وطني، لكن يبقي السؤال: هل حافظنا على رسالة الشهداء و نحن نقف على مظاهر الفساد الذي أنهك البلاد و العباد و جرائم النهب و السرقة للمال العام و التلاعب بالعقار و المشاريع و تضخيم الفواتير، و نحن نقف على مواطنين يقتاتون من القمامة و شباب يتعاطون المخدرات و الأمثلة كثيرة
إن الإصلاحات في الجزائر لا تتوقف عند إصلاح المنظومات التربوية ، السياسية و الإقتصادية فحسب، بل بحاجة إلى إصلاح المنظومة التاريخية و إعادة مراجعة التاريخ و كيف كُتِبَ؟، كنت قد شاركت في لقاءات تاريخية و كلما أطرح سؤالا إلا و أجد نفسي أهاجمُ من قبل المحاضر، مرة عندما تم الحديث عن فرحات عباس و وصفه مجاهد بأنه بطل و كان سؤالي ، كيف لقائل فرنسا هي أمّي يعيت رئيسا للحكومة المؤقتة، و مرة ثانية لما قال محاضر و هو الدكتور مومن معمري بأن عباس لغرور باع ممتلكاته من أجل الثورة و كان سؤالي: لماذا إذن أعدموه بتونس، لكن المحاضر لم يكلف نفسه بالرد و التوضيح، بل راح يهاجمني و نحن بمتحف المجاهد بعاصمة الشرق وقال وجب اليوم أن نطوي هذه الصفحات من تاريخنا و ننساها و ننسى الأخطاء و الجرائم التي ارتكبت أنذاك
ربما ننسى لكن التاريخ لا ينسى ، و عندما نتكلم عن الجريمة السياسية، وجب أن نعرف من هو المجرم الحقيقي؟ هل الذي رسم و خطّط و أمر بقتل فلان أو إعدامه؟، أو نفيه، أم الذي نفّذ الجريمة و هو مغلوب على أمره؟ ، هو مُجْرٌِم كُلُّ من تجرد من إنسانيته و تنكر لإخوانه الذين تقاسم معهم الخبز و الماء و الألم أيام المحن، ليس المطلب هنا معاقبة هؤلاء المجرمين ، لأن معظمهم اليوم يرقد تحت التراب، و لكن على الأقل رد الاعتبار لعائلات هؤلاء الضحايا الذين دافعوا عن الوطن و لم يكن لهم طموحٌ في الزعامة و لا المسؤولية، بل كانت غايتهم طرد الإستعمار من البلاد و استقلال الجزائر
و كما يقال : " الرجال مواقف و بالمواقف تمتحن معادن الرجال ولا يرفع قدر الرجال إلا المواقف"
تغمدهم الله برحمته الواسعة و اسكنهم فسيح جناته و رحم الله كل الشهداء
علجية عيش كاتبة صحفية الجزائر