المهدي ضربان - هؤلاء هم في القلب: مع الناقدة والروائية المتميزة ليلى تباني...، نوستالجيا جمالية من بريق التجربة..!!!

يرصد جديد تفاصيل وتراجم الناقدة والروائية المتميزة ليلى تباني حيث عايشت حرفها وإبداعها وجدادا راقيا من اضافاتها وهذا الهاجس الفلسفي الذي يسكنها منهجا ولغة من بوحها المتميز جديدا هو من تفاصيل عرفتها عن قرب في هذه الكبيرة التي سعدت كثيرا أن أتناول مسارها الحافل بالعطاءات المختلفة ..

الناقدة والروائية ليلى تباني :
نوستالجيا جمالية من بريق التجربة ..!!!



شد إنتباهي إسمها الذي ما كنت لأعرفه لولا مبادرة الشاعرة الكبيرة نادية نواصر باستضافتها في صالونها المعروف ..
" صالون نادية نواصر "..الذي صنع مجدا إبداعيا كي نعيش في زخمه تفاصيلا جادة.. لأسماء عايشنا حرفها وإضافاتها وإبداعاتها المختلفة ..نعم شد إنتباهي إسم في الساحة الأدبية.. يلون مشهدها عطاءات من بريق معنى واكب تخمين كاتبة وروائية.. عرفت كيف تصدر إلينا إسمها من محطات تجربتها التي جاءت.. تمنحنا خلاصة بعث من رنين المعاني التي كانت تطربنا تحسم الموقف الأدبي.. وتراهن على جديد متجدد ..هو عين تواجدها في منصات البحث.. نواكب إسما صنع مجده وبريقه وخلاصات من تثوير فكر لازم هذه الكاتبة والناقدة والروائية ..بل هذه الفيلسوفة تصنع من تخصص الفلسفة إطارا لتفكيرها المخصب ..بل نبهتنا في خلاصات تجربتها أنها تعيش لتلك الومضة من البوح الذي يشتغل على ناصية الفلسفة إطارا لمنحنا زبدة من تفكير. راهنت عليه رواياتها وكذا دراساتها النقدية.. وكل ومضة كتبتها وشاركتنا عصارتها الفكرية والإبداعية...
وكان لي أن أستشير الشاعرة "نادية نواصر" لتمنحني بريقا من تجربة الروائية الناقدة "ليلى تباني".. فقالت لي نادية:
"الكتابة عن ليلى تباني تتطلب الكثير من المرجعيات الأدبية والثقافية لوصف إبداعها كما يتطلب الوصف الدقيق للكلمة:
وإستطردت قائلة :
" دعوتها في صالوني في موضوع أخلقة النقد مع كبار الأكادميين فكانت الفارسة التي التزمت بحدود النقد وأخلقته في زمن سقط فيه النقد في هوة المحاباة والمجاملات حتى كرس الرداءة.. ليلى العارفة كناقدة وروائية تقف على أرضية صلبة مؤثثة بكل ماهو إبداعي أصيل.."..
تواصل نادية كلامها :
"ليلى تباني قارئة نجمة بدأت كبيرة في قراءاتها لكتابات الكبار لها باع في الرؤى الفلسفية من كتابها (فيلوثيرابيا) لغتها عميقة تحيلنا إلى المتعة والتأمل والمكان مطولا دخلت عالم الرواية من روايتها "تنهنان".. قلم وارف سامق يمشي على خطى من الزمرد..هي مفتشة في سلك التعليم وربة بيت بامتياز خلوقة ولينة وراقية.." ..
سيرة ذاتية :
ليلى تباني متزوجة، كاتبة مقالات ، خريجة قسم الفلسفة من جامعة قسنطينة ،أستاذة باحثة وكاتبة في المجال الفلسفي، مهتمّة بالشأن التربوي، وناقدة في المجال الأدبي، خريجة جامعة قسنطينة (الجزائر) قسم الفلسفة ، متحصّلة على شهادة الكفاءة في علوم التربية من المعهد التربوي ” مريم بوعتّورة ” بقسنطينة، حاليا تشغل منصب مفتّش تربية.. بالطور الابتدائي،، فرغم ظروفها كربّة بيت رفعت التحدي لتترك بصمتها في كل محطات الكتابة، تسعى إلى التألق في فضاء الإبداع ، يبدو عليها الطموح من أجل الإرتقاء و بلوغ التميّز و أن تحمل في المستقبل صفة أديبة...
للكاتبة الناقدة ليلى تباني وجهات نظر مختلفة في مجال الكتابة وكيف توفق بين التفتيش والكتابة الإبداعية النقدية الفلسفية بحكم تخصصها الجامعي. حيث تقول في حوار أجرته معها الكاتبة الإعلامية والباحثة " علجية عيش " حينما عايشت تجربتها وما يؤسس لمنهجها في الكتابة.. حيث تؤكد ليلى تباني توجهها في عالم الكتابة :
" لا أرى الكتابة هواية زائدة، بل هي جزء من كياني لو أتوقف عن القراءة يوما أو لا أكتب عبارة أو جملة، لا يحسب من عمري، فكما السمكة لا تفارق الماء ، لا يفارقني القلم حتى و أنا داخل المطبخ، أعشق القراءة و في كل المجالات و خاصة المجال الفلسفي، أما الوقت أفضل الليل أجد فيه الراحة و السكون، في الليل تلتقي مع نفسك أكثر، تسامرينها ، تعانقينها و كأنك تعانقين النجوم في السماء.."..
وكذلك تحوز الكاتبة والمفتشة ليلى تباني رؤى هي من صميم تخمينها التجربوي في منحى وظيفتها.. حينما تعي جيدا الخلاصة من منهج سياق عملها.. فتؤكد بنظرة متفحصة ولها صلة بالإختصاص .. فتقول في هذا المجال :
" منظومتنا التربوية مثقلة بتراكمات و الأسباب تتعلق بعدم إكتمال مشاريع و مناهج لا تتوافق مع معطيات المجتمع و العصر الذي نعيشه، فالتلميذ مثلا في عصر الذكاء الإصطناعي لا يجد نفسه مع محتوى المناهج، كاهله مثقل بكمٍّ من الدروس.. تقدم له في زمن محدد و بالتالي لا يستوعب كل المعارف و لا يستطيع أن يبني كفاءة في ظرف وجيز، لابد أن تكون الدروس في مستوى التلميذ..ثم لا ننسى غياب التكوين المتواصل للمعلم و الأستاذ و غياب التخصصات ، إلا أننا نسعى للخروج من النمطية و من التقليد الى التجديد، و المعاملة مع المعلم أو الأستاذ هي مرافقة و توجيه و تكوين و تأطير بصفة عامة، حتى نخرج من الصورة التي رسمها المفتش التقليدي منذ الأحادية حتى اليوم، في تلك الفترة كان المعلم أو الأستاذ محاصرا و مقيدا لدرجة أنه يرتعش عندما يحضر المفتش في حصّته و لا يتلقى الجديد .." ..
وتنتقل الكاتبة و الروائية و الناقدة و المفتشة و الفيلسوفة ليلى تباني الى مجال تخصصها لتحيلنا على مادة الفلسفية التي هي من صميم تخصصها ومنهجها في الكتابة النقدية ولذلك أجاب كتابها الصادر مؤخرا عن هذا المنحى.. كتاب بعنوان ( فيلوثيرابيا … philotherapi ).. الفلسفة إكسير الحياة..والذي هو كتاب فكري فلسفي…تنويري يساهم في النهوض بالفلسفة وإستغلالها في الحياة بصورة براغماتية تساعد الفرد على حل مشكلاته الحياتية وكذا في إنتاج الفلسفات الكبرى ذات الغايات والمقاصد البعيدة والتي تسبق المخططات الحياتية في الدولة ..
ولذلك فالكتاب يتحدث عن دور الفلسفة في الحياة الإنسان وكيف نؤثر إيجابيا و براغماتيا في حياة الإنسان و كيف نخرج في الفلسفة من العبثية الى التغيير، أي نعي الفكرة الفلسفية فنغير و ندرك قيم و معنى الوجود و الآدمية...
ولذلك فليلى تباني وعبر تجربتها الحياتية والعملية راحت تكتشف ظواهرا معينة بحكم ممارستها الوظيفية وكذا معرفتها بالواقع الذي نعيشه وملابساته فتقول :
" التكنولوجيا سلاح ذو حدين، فهي تفيد و تنفع إذا أحسنا إستعمالها بالرقابة و الترشيد، و هي تضر و تهلك إذا تركنا الحبل على الغارب خاصة مع ظهور بعض التطبيقات على مواقع التواصل الإجتماعي الـ: التيك توك مثلا فهو مفسدة للفكر و للأخلاق، فجيل اليوم نراه يمارس التفاهة و مالك بن نبي تحدث عن إفساد النهضات بإنتاج إنسان النصف و نحن نعاني من نفس المشكل، نحن في إنتاج الربع و الثمن و الإنسان السلبي و التكنولوجيا أنتجت لنا الإنسان التافه.." ..
عايشت حرف وكتابات لأجدها روائية ماهرة عرفت كيف تنسج بريق معانيها من كلام وزخم تراثي وفلسفي تعلمته ليشكل محطة من رؤى كبيرة لنا في مجال الرواية. فكتبت باقتدار ما شكل لديها خلاصة بعث من تراتيل بوحها المتميز كتبت باجتهاد قوي روايتها الجديدة المتميزة " تينهنان" ..
أعجبني كثيرا ما كتبته القاصة "نوال تلي" في رواية تينهنان التي إقتنتها خصيصا لأجل أن تعيش محطاتها وشخوصها الراقية. تقول نوال تلي :
" بداية لا أعلم كم من الوقت إستغرقته في قراءتها ، فلم أشعر إلا بأصابعي وهي تطوي آخر الصفحات وربما فرحة الإقتناء ولهفتي لما عانقة النص..أنستني الوقت وجعلتني أنغمس داخل العمل ، فقد كنت أشبه بذلك الأصم الأبكم لا يدري ما حوله ، فقط كنت أرى نفسي برفقة تينهينان وسط خيمة كبيرة في قلب صحراء تامنغست الساحرة نتقاسم كؤوس الشاي على إيقاعات موسيقى التيندي والأمزاد .
تينهينان ناصبة الخيم و ملكة التوارق من رحلة الإكتشاف الى البحث عن مدينة الفضائل ، إن القارىء للعنوان يعتقد بأن تينهينان هي البطلة المطلقة في الرواية ، غير أن الروايات الحديثة ما عادت تبنى على البطل الأحادي ، فقد كان للملكة خادم يدعى أخانوس . باعتباره المحرك للأحداث والذي إستمر وجوده الى آخر النص .
غاصت بنا الكاتبة في عمق الصحراء الشاسعة برمالها ونخيلها بسرابها الممتد وأسرارها الخفية وتفاصيلها العجيبة ، كما كان للشخصيات حضور بارز داخل الرواية.. على غرار الملك أدرار الذي نزلت تينهينان أسيرة عنده وهو بدوره من أطلق عليها هذه التسمية ، التي كانت تدعى تينرت .. إضافة الى الطفل هقار الذي سميت عليه جبال الأهقار فيما بعد .
أعطت الكاتبة وصفا دقيقا لجغرافية المكان بلمسة فلسفية وجودية تؤرخ لأقوام مرت من هنا منذ عصور خلت .
تنقلنا رفقة الكاتبة ليلى تباني بين مناطق تامنغست الخلابة وما تخفيه معالمها كقصر تامست الذي إستمدت منه المدينة إسمها ، وكذلك منطقة أباليسة والتي إتخذتها البطلة مستقرا لها ، بالإضافة الى إقليم توات ومدينة سيفار الضاربة في الغرابة ، كما أطلعتنا الكاتبة على المجتمع التارقي والرجل الأزرق بعاداته وتقاليده وإرثهم الحضاري المتميز .
وكان لي أنا أيضا بعد القاصة " نوال تلي " أن أركن الى رؤية تتعلق بتراتيل المكان والكينونة.. قسنطينة مدينتها التي علمتها أن تعيش عبرها عشقا يكتسح الذات بتفاصيل شخوص حالمة ..حيث تقول عبر مجلة عرب استراليا سيدني ما يشدنا الى حرف سحري عبد المكان والكينونة.. تقول ليلى تباني :
"قسنطينة مدينة الهواء والهوى… جوهرة الشرق، شاردة من شوارد الجمال وقطعة نوميدية خلّدها التاريخ لتُعرف باسم ”سيرتا”، وحملت بعدها اسم قسطنطين العظيم.، من أروع مدن الشرق العربي، ويُطلق عليها “عاصمة الشرق الجزائري”، فهي تُعدّ مكانا ساحرا لا يضاهيه أي مكان آخر في العالم، بُنيت مدينة قسنطينة فوق صخرة من الكلس القاسيّ وهذا ما ميّزها عن بقيّة مدن العالم أجمَع حتّى عرفت بتوأمة مدينة راندا الأندلسية، وقد بُنيت لها عدّة جسور عبر أزمنة مختلفة تعاقبت عليها من أجل الإنتقال من مكان لآخر، لذلك فإنه يطلق عليها اسم “المدينة المعلّقة "..كي يكتب لها أن تظل شامخة وتظل قلوب عشاقها معلّقة بجمالها تواقة لزيارتها..
كذلك عايشت حرف الناقدة والروائية والمفتشة ليلى تباني لأجدها من عشيرتي.. ومن قبيلتي .. بل يمكنك القول.. أنها فعلا.. تسكن القلب ..


1732887793915.png

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى