الحرير الأحمر

انسكب قلبي على الورق.. لطخه بحبرٍ دامٍ.. التهم ما نسجت من مشاعر.. وظل يحدق بي كزجاجة عطرٍ فارغة.. تخشى فراق صاحبها.. طرق الحب بابي كشتاءٍ حزين.. فاختبأت خلفه حتى رحل.. تألمت لكنني لم أندم.. أغلقت عيني كي أحلم.. ورسمت في مرآتي وجهاً جديداً.. أجده متى احتجته.. فهجرت المرايا وأحرقت صوري.. رأيت انصهار ملامحي في منفضة الرماد.. كأنشودة تختنق في حنجرة غريق.. تركته يتلاشى دون أن أحرك ساكناً..

لعلها الصدمة.. أو اعتياد الخيبة في زمنٍ لا مكان فيه للإنسان.. لا شيء فيه يشبه نفسه.. أو ما ينبغي أن يكون عليه.. غربته تملأ قلبه بدلاً من حبه.. فما يعاد يؤمن به.. لم تراه يزورني وأنا الذي لا ينتظره ؟ لماذا جاء الآن ؟ ومن يبدأ بعد النهاية ؟ من يلقي القصائد على مقاعد خاوية ؟ من يضع مساحيق التجميل لجثثٍ نابضة ؟ ومن يعانق تمثالاً ينتصب في وسط المدينة ؟ الضحك فاكهةٌ انقضى موسمها.. لم نقدر على ابتياعها يوماً.. فكنا نسرق بعضها من حدائق السعداء دون أن نشعر بالذنب.. والصدق خطيئة ينفض الجميع من حول صاحبها.. لكنهم يبكونه بعد الرحيل.. أي مكانٍ للحب وأي وطنٍ قد يحتضنه بعد أن فقد ذراعيه واكتسب بصيرته ؟ لم يعد الحب أعمىً.. ولم يعد بريئاً كما كان..

فقد تعلم من غفلته.. فهم مفردات عصره.. وأصبح له أنيابٌ لامعة.. غير اسمه لكنه لم يغير لونه.. مشى على السجادة الحمراء.. مضغ الكلمات وابتذلها.. ابتسم لبريق العدسات ثم بكى.. عرف متى يرتدي ثوب (الواعظ) ومتى يعيش دور (الثائر) ومتى يظهر ك(نجمٍ) بعيد.. صنع لنفسه هالةً من الوهم.. بات حديث الناس وحلمهم.. جواز عبورهم نحو (السعادة).. كلمة السر خلف كل (توهج).. (جمهوره) العريض لا يرى سواه.. (بصماته) في كل مكان.. لغته هي الأرقام التي لا تنحني للعواطف إلا في لحظة انهيار..

فكيف استمع لمعزوفته والنشيج يسكن أذني ؟ كيف أراه والصور تتقاطر أمامي ؟ كيف أعيشه والعدل يباد ؟ كيف أسكنه قلبي وهو من أدار ظهره لي ؟ كيف أتبرأ من نفسي لأجل سراب ؟ وكيف أخلع جلدي الذي حضن ارتعاشي ؟ كيف أغير الأسماء وكيف أبدل معالم الطريق ؟ عدت يا حب بعد أن حزمت حقائبي.. ترفل في حريرك الأحمر فيما أصارع ما تبقى من ذكرياتي.. تغويني بما تمنيته لكنني.. لن أختارك لأخسر مرتين.. فقد خسرت الآخرين وربحت ذاتي..

#خالد_جهاد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى