صبري مسلم حمادي - إستلهام ملحمة كلكامش في الفن السردي المعاصر .. الفن السردي العراقي أنموذجاً

ما من فن سردي أو شعري إلا وله جذور أسطورية ، إذ امتدت تلك التجارب الأولى التي حفظتها الذاكرة الجماعية إلى فنوننا الأدبية كافة ولا سيما الفن السردي ، ألم نغادر أوروك مع كلكامش الملك الخامس بعد الطوفان باتجاه المجهول ومن أجل أن نعرف معه سر الحياة والموت (1) ومضينا مع يوليسيس بطل الأوديسة من إيثاكا إلى طروادة ، وعدنا معه إلى زوجته بنيلوب وولده تليماك منتصرا قويا (2) وشهدنا هرب إينياس في إنياذة فرجيل من حرب طروادة إلى روما كي يؤسس امبراطورية هناك تعوضه عن وطنه الذي أطاح به الإغريق. (3) ولأننا موصولون بتجارب الإنسان الأول فإن الأسطورة – وينطبق هذا على الفولكلور عامة – تثري نصوصنا المعاصرة وتهبها أبعادا جديدة مستمدة من عمقها في نفوسنا وحضورها في ذواكرنا ، على أن نستلهمها لا أن نعيدها كما هي عليه ، بمعنى إعادة صياغتها بما يتناسب مع عصرنا هذا ، وهو ما نعنيه في استلهام ملحمة كلكامش التي تضمنت أول نص أدبي يصلنا كاملا ، ويتضمن أسئلة ما زالت تهم الإنسان وتستثير اهتمامه على الرغم من القرون الطويلة التي تفصلنا عن زمن كتابتها . ويتطلب استلهام المأثور الشعبي وبضمنه ملحمة كلكامش حرصا من الكاتب المعاصر على طرفي معادلة صعبة هما : الأثر التراثي وما يمكن أن يعطيه من مضامين أو من أشكال وصيغ وتقنيات من جانب والعمل الإبداعي الذي يرتكز إلى ذلك الأثر أو يستلهمه ، وضرورة أن يعبر عن زمننا وهمومنا الآن ، فإذا مال الكاتب إلى كفة الأثر التراثي على حساب عصرنا هذا ، فإن الكاتب المعاصر في هذه الحالة لا فضل له علينا لأننا نستطيع أن نعود إلى الأثر التراثي وهو في مظانه ، وإذا مال إلى زمننا هذا بحيث لا تبدو فيه بصمات الأثر التراثي فإن عملا إبداعيا كهذا لا يدخل في مجال اهتمامنا في هذه الدراسة.

استلهام الملحمة

ولعل من الضروري أن نذكر أن استلهام ملحمة كلكامش أو سواها من ضروب الفولكلور في الأعمال الإبداعية المعاصرة لا يبرر ضعف التقنيات الفنية في النتاج الإبداعي سردا كان أم شعرا ، فالشرط الأول إذن هو توافر البنية الفنية للعمل الإبداعي ، ثم حضور ملحمة كلكامش في النص ، على أن لايكون هذا الحضور قسريا أو مفتعلا. وتتفاوت بالضرورة تجارب الروائيين العراقيين وكتاب القصة القصيرة في هذا الشأن ، وكما ستفصح عنه السطور اللاحقة من هذه الدراسة.

ومن الواضح أن للإلهام والاستلهام جذرا مشتركا ، ومصطلح الإلهام عريق في الأدب والفن منذ نظرية المثل لأفلاطون ومنذ كتاب الشعر لأرسطو طاليس ونظرية المحاكاة إذ كان السؤال قائما حول الأدب والفن عامة وهل هما إلهام من القوى العليا الخفية أم أنهما صنعة ودربة وممارسة ؟ ، والجدير بالذكر أن الجذر اللغوي لمفردتي الإلهام والاستلهام كلتيهما ذو صلة وثيقة بالجانب الروحي والديني للإنسان ، يرد في لسان العرب: ” ألهمه الله خيرا: لقنه إياه . واستلهمه إياه: سأله أن يلهمه إياه . والإلهام: ما يلقى في الروع . ويستلهم الله الرشاد ، وألهم الله فلانا “(4) يستقى من هذا أن مصطلح الاستلهام استعير من الحقل الديني أو الروحي عامة ، ونقل إلى حقل الأدب والفن ، وينطبق هذا على المصطلح الانجليزي ( إنسبايريشن ) الذي يستقي جذره من الروح (سبرت) وله صلة بالإيحاء من قوى ما وراء الطبيعة.(5) وأما الاستلهام اصطلاحا ، فثمة من يرى أنه: ” رؤية معاصرة تتطلب قناعة راسخة بخطورة التراث عبر صلته المباشرة بالهوية ، ويترتب على ذلك عودة واعية إلى فنونه وأجناسه الثرية من أجل إعادة صياغتها وتوظيفها ، ويمكن النظر إلى الاستلهام على أنه بنية إبداعية ترتكز إلى الذاكرة الجمعية وما صاغته المخيلة الشعبية من رموز وإسقاطات فنية وأقنعة وصور ميثولوجية لتنشد من خلالها وبها السفر إلى آفاق مستقبيلة تارة ومواجهة مكابدات الراهن المعاش تارة أخرى ، إنه حركة واعية ومتوازية بين الشعور الجمعي المخزون في الذاكرة الشعبية وهي الملكة الفكرية المشاعة وبين اللاشعور الشخصي وهو ملكة ثقافية خاصة.(6) إذن فالاستلهام يعني ضمنا موقفا من الأصل التراثي ، وهو يحتاج إلى وجهة نظر خاصة في الانتقاء منه وبما ينسجم مع التجربة المعاصرة للفنان أو الأديب . إنه تأويل للأصل التراثي واستنتاج منه ومحاولة لإبداع عمل جديد يضاهي ذلك الإبداع الخالد أو يقترب منه في الأقل وأن يستقي منه تلك القدرة على البقاء والاستمرار، إنه فتح ثغرة في الأصل التراثي والنفاذ إليه وربما التضاد معه.

حكايات شعبية

وثمة رأي في مصطلح الاستلهام ورد في دراسة الأستاذ أحمد نبيل أحمد الموسومة: استلهام الحكايات الشعبية للتنشئة الاجتماعية في مسرح الطفل ، إذ يشير الكاتب إلى هذا المصطلح بقوله: ” رغم استلهام بعض كتاب مسرح الطفل الحكايات الشعبية إلا أنهم قاموا بالحذف والتطوير في أصل الحكاية الشعبية ، وذلك بغية تقديم مضمون تربوي يتناسب مع مقتضيات العصر ومتطلباته.” (7) ويستقى من هذا النص أن الأستاذ أحمد نبيل ليس مع هذا الحذف والتطوير اللذين أشار إليهما ، في حين أن هذا التغيير في الأصل التراثي حد التضاد معه يدخل في صميم مصطلح الاستلهام من وجهة نظر هذه الدراسة التي تتخذ من ملحمة كلكامش ميدانا تطبيقيا للاستلهام – الذي أفضله على مصطلح (التوظيف) ذائع الصيت – ، لا سيما أن ملحمة كلكامش تعد أول عمل أدبي يصل إلينا ، وهو مكتمل من حيث مضمونه وأحداثه وشخصياته وحواره وأسلوب سرده الشعري ولغته أيضا ، وقد بدت وعلى الرغم من ملامح التكرار البدائي فيها ولوازم النعوت المترددة ، فإنها لم تكن بدائية بأية حال من الأحوال ، بل هي على العكس من ذلك قد صيغت صياغة محكمة. (8) وقد ألهمت هذه الملحمة أجيالا من الساردين والشعراء والفنانين إذ قدمت لهم مادة خصبة استلهموا من خلالها نتاجهم الإبداعي المعاصر، فعلى صعيد الشعر حلق شعراء كثر في أفق ملحمة كلكامش واستمدوا منها رؤى ومضامين لا حصر لها (9) كما أنها كانت ركيزة لأعمال مسرحية (10) وسينمائية أيضا (11) فضلا عن أعمال غنائية.(12)

ونحن في هذه الدراسة بصدد الفن السردي العراقي الذي أتيحت له ريادة رصينة منذ قصص الرؤيا والرواية الإيقاظية لسليمان فيضي الموصلي التي صدرت عام 1919 وهي محاولة روائية تضمنت رؤيا بعراق أفضل ، وترد الرؤيا بمفهومها الشعبي ، وكما وردت في ملحمة كلكامش وسواها من الآثار الشعبية

بيد أن أول محاولة لاستلهام ملحمة كلكامش هي التي جاءت في رواية “سبي بابل” للروائي العراقي عبد المسيح بلايا (13) حيث يوالف الكاتب عبد المسيح بلايا بين أسطورة كلكامش السومرية وروايته “سبي بابل” حين يتصارع كلكامش البابلي في الرواية – وهو حفيد كلكامش الملك السومري الخامس بعد الطوفان في الملحمة – مع أحد الكهنة المتمردين في معبد (إي زيدا) في بورسيبا ، وبعد صراعهما تنشأ علاقة ود عميق بينهما ، وهو بذلك يذكرنا بالصراع الذي نشب بين كلكامش وأنكيدو والذي كان بداية لصداقتهما . يضاف إلى هذا أن عبد المسيح بلايا حاول أن يجد بديلا للوحش خمبابا الذي قهره الصديقان في الأسطورة ، حين يخاطب آسو (أنكيدو) صديقه كلكامش في الرواية قائلا: ” ولنحقق الأسطورة بقتل التنين

-أي تنين

– نرجل شراصر ، ألا تظن أن شكله لا يختلف عن شكل التنين؟ ” (14)

كما أن (إينانا) – وهو اسم إلهة سومرية قدست في أوروك – (15) وردت في رواية سبي بابل على أنها أم كلكامش ، وقد لعبت هذه الأم دورا مشابها لدور ننسون أم كلكامش في الملحمة حيث رعته وساعدته مع صديقه في نيل حبيبتيهما (نيبادا وكيتانا).

وحسنا فعل عبد المسيح بلايا حين لم يتقيد بصورة كلكامش السومري (الجد) ، فبطل روايته وهو كلكامش (الحفيد) في الرواية ” كان يستلفت الأنظار بجماله ورشاقته ، فشغفت بحبه الكثيرات من فاتنات بابل وتحرشن به بمختلف الطرائق ، فكان يتغاضى عن تحرشهن ، ويبتعد عنهن قدر استطاعته ” (16) في حين أن كلكامش في الأسطورة ” لم يترك ……… عذراء طليقة لأمها ، ولا ابنة المقاتل ولا خطيبة البطل” . (17) وكان طموح كلكامش في الملحمة أكبر من مجرد حب امرأة ، حتى أنه رفض حب عشتار وأدان تقلبها وأهواءها ، ولهذا كان الصراع في الرواية ضعيفا إذ اقتصر على حب امرأة في حين كان الصراع عنيفا في الأسطورة وبما يتناسب مع هدف كلكامش في تحدي المستحيل.

وهناك مشهد آخر في الرواية يغني فيه آسو (أنكيدو) إثر صعوده برفقة كلكامش إلى (الجنائن المعلقة) ، وهناك التقيا بسرب من الفتيات غنى لهن أنكيدو ، ولكنه في النهاية يهرب مع صديقه كلكامش منهن ، أما أنكيدو في الأسطورة السومرية فإنه تحير واضطرب حين رأى الخبز ” أجل لا يعرف أنكيدو كيف يؤكل الخبز ، لأنه شب على رضاع لبن حيوان البر.” (18)

ومن خلال النفاذ إلى جوهر تعامل عبد المسيح بلايا مع ملحمة كلكامش يتبين لنا أنه استلهم بعض الجوانب في الملحمة ولا سيما شخصيات الملحمة وأجواؤها ، ولو أن المؤلف تجاوز الاهتمام بالإطار التاريخي وحده لكانت لروايته قيمة أكبر من الناحية الفنية ، فالتقيد بالتاريخ لا يعني التضحية بالعنصر الفني في الرواية ، بل إن تنسيق الصلة هي التي تعكس براعة الروائي الفنان . على أن لرواية سبي بابل فضل الريادة في مجال استلهام ملحمة كلكامش. (19)

وحين صدرت رواية خضير عبد الأمير “ليس ثمة كلكامش” (20) كانت بصمات الملحمة واضحة فيها منذ صفحتها الأولى التي طالعتنا بنصيحة سدوري لكلكامش بالعودة إلى وطنه أوروك، مشيرة إلى مصير الإنسان وهو الفناء المحتم، إذ يرد :

” إلى أين تسعى يا كلكامش

إن الحياة التي تبغي لن تجد

حينما خلقت الآلهة العظام البشر

قدرت الموت على البشرية ، واستأثرت هي بالحياة

أما أنت يا كلكامش ، فليكن كرشك مليئا على الدوام

وكن فرحا مبتهجا نهار مساء.” (21)

ولكن كلكامش وكما جاء في الملحمة لم يثنه شيء عن عزمه ، وأصر على أن يواصل رحلته الشاقة من أجل اكتشاف حقيقة الوجود البشري . وقد حاول خضير عبد الأمير أن يستلهم من ملحمة كلكامش هذا الجانب ، وأعني به الإصرار من أجل الوصول إلى الهدف المستحيل. بدأ كل من كلكامش وخليل مغامراته وهو كبير، إذ لا نعرف شيئا عن طفولة خليل ولا طفولة كلكامش ، لذلك لم يرافق ولادة البطل في بعض القصص الشعبي من إمارات البطولة ، على أن كلكامش كان قويا جبارا منذ اللحظة التي يطالعنا فيها في الملحمة ، يرد في الملحمة: ” بعد أن خلق كلكامش وأحسن الإله العظيم خلقه ، حباه شمش السماوي بالحسن وخصه أدد بالبطولة ، جعل الآلهة العظام صورة كلكامش تامة كاملة.”(22) وأما خليل فإنه بدأ حياته ضعيفا مدللا غارقا في ضياعه وغربته الروحية ” كره رتابة الحياة ، المال ، الجنس ، المتعة ، البطالة المغلفة بالعطف ” (23) حتى أن المتلقي يحس بالفجوة بين ضعف خليل من ناحية واندفاعه في مغامراته من ناحية أخرى .

وليس من الصعب تمييز مرحلتين في حياة كل من كلكامش وخليل ، مع اختلاف طبيعة المرحلتين ، وإذا كان أنكيدو رفيق رحلة كلكامش في مغامراته ، فإن مبرقان المارد يلعب دورا مقاربا له في الرواية . وكلا البطلين فقد توازنه عندما فقد مساعده إيذانا بمرحلة جديدة في حياتهما. على أن موقف البطلين من المرأة يتناقض تماما ، وهو موقف يعيه خضير عبد الأمير وهدفه أن يكون بطله أقرب إلى الإنسان العادي الذي يعاني معاناة حقيقية أمام مشاعر الضعف التي قد تعتري الإنسان حتى في غمرة شعوره بالقوة والقدرة.

وإذا كانت الملحمة تبدأ بأجواء لا تثير عاطفة معينة ، ثم يشيع جو المأساة بعد موت أنكيدو فإن رواية ليس أمل لكلكامش وإن كانت تثير فينا إحساسا بمأساة الإنسان وقدره وهو يسعى لاكتشاف حقيقة هي ليست في وسعه ، إلا أن الكاتب لم يستطع أن ينمي مأساة بطله بحيث ترقى إلى مأساة كلكامش إذ بدت الرواية أقل عمقا على الرغم من تقارب مضمون الملحمة والرواية كلتيهما إذ يحاول كل من البطلين تحقيق ذاته وبما يتناسب مع طبيعة السياق السردي الذي وجد كل منهما نفسه فيه ، وقد حرف خضير عبد الأمير مسار الملحمة راسما لبطله خليل أهدافا أخرى وطابعا آخر ، مما يعكس وعي الروائي بعملية الاستلهام ، وأنها ليست متابعة حرفية لشخصية كلكامش الأسطورية. (24)

وأما عبد الرحمن الربيعي في روايته الأنهار فقد استلهم جانبا من ملحمة كلكامش وبوعي منه ، وقد هدف الروائي من خلال هذا الاستلهام أن يمنح كلكامش أبعادا معاصرة ، وفي هذا يورد الكاتب على لسان بطله صلاح الذي كان فنانا تشكيليا ” وتلح عليه رغبته في أن يمنح كلكامش الأسطوري سمات معاصرة ، محاذرا أن لا يكون عمله مجرد تسجيل فوتوغرافي سريع لعالم الملحمة وأبعادها.” (25)

اذن فالكاتب يدرك طبيعة الاستلهام وما ينبغي له أن يفعل ، فهو حين يورد في روايته نصا من الملحمة : ” جعل الآلهة العظام صورة كلكامش تامة كاملة ، كان طوله أحد عشر ذراعا ، وعرض صدره تسعة أشبار ، ثلثان منه إله وثلثه الآخر بشر ………هو راعينا القوي ، كامل الجمال والحكمة” (26) فإن هدف الكاتب من هذا أن يشير إلى المؤهلات الجسدية التي تتناسب مع بطل روايته الواقعي (صلاح) . وليس من الضروري أن تتطابق صورة كلكامش الجسدية ذات الأبعاد الأسطورية مع كائن واقعي مثل صلاح ، إلا أن ثمة سمات عامة متشابهة في شخصية كل منهما، وقد ركز المؤلف على السمات المعنوية في شخصية كلكامش التي تتضاءل أمامها بعض السمات الجسدية التي تجمع بين البطلين وكما ورد في الرواية ، فأهداف صلاح وطموحه أبعد من الأهداف الاعتيادية التي يقنع بها الانسان العادي ، كان صلاح يبحث عن ( المجد والتسلط والطموح) – كما عبرت الرواية – ، وعبد الرحمن الربيعي يعي أيضا مجالات الصراع لدى كل من البطلين ، فبينما يتصارع كلكامش مع خمبابا والثور السماوي ومع المصير الأزلي للإنسان (الموت) ، نجد بطل الرواية (صلاح) يتصارع مع عوامل القهر والإحباط في الظروف السياسية والاجتماعية والنفسية التي كانت تحكم الطوق عليه ، وكان عليه أن يتصرف من خلال أطر حديدية قاسية ، ولكنه كان يتحدى ولا يقتنع بمصير الأجيال ، كان يريد أن يتفرد بشيء كما تفرد كلكامش وأن يتجاوز ذاته وظروفه.

وفي اللوح السادس من الملحمة تقع عشتار في حب كلكامش المنتصر على خمبابا بعد أن يغسل شعره ويصقل سلاحه ، إلا أن كلكامش يرفضها لأن طموحه كان أكبر منها ، يرد في الرواية والملحمة كلتيهما: ” تعال يا كلكامش ، وكن عريسي الذي اخترت ……. سأعد لك مركبات من حجر اللازورد والذهب ……. سينحني لك الملوك والحكام والأمراء.” (27)

وقد نجح الربيعي عندما وظف هذا الجزء من الملحمة في روايته ، فهذا النص الذي أورده في روايته ينسجم مع أحداث روايته ، إذ تبعث هدى (عشتار) رسالة إلى صلاح تطلب فيها منه أن يتزوجها ، فيتصاعد الصراع داخل صلاح وتتلاحق أفكاره وتتداعى الصور في ذهنه ، فيستعيد حوار كلكامش مع عشتار ” أي خير سأناله لو أخذتك زوجة ، أنت ما أنت إلا الموقد الذي تخمد ناره في البرد ، أنت كالباب الخلفي ، لا يحفظ من ريح ولا عاصفة” (28) وبهذا يربط الكاتب معاناة صلاح بمعاناة كلكامش ، فكما أن عشتار كانت تريد أن تكون نهاية لطموح كلكامش فإن هدى كانت تستدرج (صلاح) من أجل أن تكون غاية طموحه ، يرد في الرواية : ” ها أنا مسور بهذه المرأة المدانة ( قرينة عشتار اللعوب في الملحمة) ، المجد والتسلط والطموح ، امرأة كالأخريات.” (29) وبقدر ما أخذ صلاح من كلكامش روح البحث والطموح الذي لا يحد ، أخذت هدى من عشتار روح العبث واللعب بعواطف عشاقها ، فقد أحبت عشتار تموز وطير الشقراق والأسد والحصان وراعي القطيع وبستاني أبيها . (30) وبالمثل كانت هدى – كما تصفها الرواية – بأنها لن تهدأ ما لم توقع كل ذكور الكلية في شباكها ، وكانت تتنقل من رجل لآخر بسهولة وبدون معاناة تذكر .

ويبدو واضحا أن استلهام هذا الجزء من الملحمة والخاص برفض كلكامش لعشتار من أدق ما ورد في الرواية وهو الأقرب للاستلهام الفني كما ورد في السطور الأولى من هذه الدراسة.

كلاب كلكامش

ونلمس وعي الروائي العراقي الدكتور شاكر نوري بملحمة كلكامش في روايته “كلاب كلكامش” التي أراد كاتبها أن يستلهم ملحمة كلكامش . ومن المؤكد أن شاكر نوري أفاد من التراث الروائي العالمي أيضا ، ولاسيما رواية (يوليسيس) للروائي الآيرلندي جيمس جويس – وقد صرح شاكر نوري بذلك في حوار له مع الصحفي الأردني معن البياري في صحيفة الغد الأردنية – ، إذ نسج على منوالها ، وكان جويس قد شهد مأساة الحرب العالمية الأولى وخرج منها محبطا تماما ولذلك كان بطل روايته (مستر بلوم) من نمط البطل المضاد أو اللابطل ، وهو بذلك يكون نقيض يوليسيس بطل ملحمة الأوديسة ، بمعنى أن جويس فقد ثقته بحكمة الإنسان الأوربي بعد مقتل الملايين من الناس خلال الحرب العالمية الأولى ، وينطبق هذا على مسز بلوم (زوج مستر بلوم) إذ تبدو على النقيض تماما من شخصية بنيلوب ، فبقدر ما كانت بنيلوب نبيلة وصابرة ووفية حين انتظرت عودة زوجها يوليسيس عشرين عاما فإن مسزبلوم تخلو من هذه المزايا تماما من وجهة نظر رواية يوليسيس. وفي هذا يكمن الاستلهام من الملحمة الإغريقية ولكن بشكل معكوس ، وهو ما أطلق عليه الدكتور علي عشري زايد (التوظيف العكسي) . وينطبق هذا تماما على رواية كلاب كلكامش التي ظهر أبطالها وكأنهم على الطرف المضاد لأبطال ملحمة كلكامش ، فهذا

جلال رديف كلكامش – كما تشير الرواية – رأى كل شيء ، وهو استهلال تبدأ به ملحمة كلكامش ” هو الذي رأى كل شيء ، فغني بذكره يا بلادي ، وهو الذي عرف جميع الأشياء وأفاد من عبرها ، وهو الحكيم العارف بكل شيء ” (31)يرد في الرواية :

“تذكر بعض سنواته برضىً وأخرى بأسف، فقد سافر الى كل مكان، ووصل الى تخوم العالم، ورأى كل شيء، وحصل على أعلى درجاته العلمية بنجاح، دكتوراه في علم الجينات من لوس أنجلوس، تعرّف خلالها على أسرار وخفايا ونظريات، ووجد فيها حكمة العالم رغم عجزها عن تقديم أي حل للبشرية، ومن هنا جاء تعلقه بخيوط واهية الى تاريخ بلاده السحيق، الى زمان ما قبل الطوفان.” (32) فضلا عن أن جلال كان عالم جينات طموح إذ يسعى إلى “تلك النظرية التي طالما حلم بتحقيقها ولكن عبثا: ماذا يحدث لو تمّ تلقيح جينات إنسانية مع جينات إلهية مختبريا ؟ طار من مكانه صارخا بأعلى صوته: ستكون النتيجة: كائن ثلثه إنسان وثلثاه إله ” (33) وهذه لفتة غرائبية طريفة تجعل هذه الرواية وبطلها جلال موصولين بأجواء الملحمة .

ادوار شخصية

وثمة إشارة إلى أنه كان مولعا بملحمة كلكامش ، فقد مثل دور كلكامش وكان مايزال طالبا في المدرسة الابتدائية ، في حين مثل أنور دور أنكيدو ، ورضي سرمد بأن يمثل دور سيدوري. وتكون أدوار هذه الشخصيات مقاربة لتلك الشخصيات الأسطورية. ولذلك يلقى أنور حتفه مبكرا في سياق روائي مقنع إذ ينهش جسده السرطان. ويسعى صديقه كلكامش (جلال) إلى أن يدفنه في أرض وطنه (سواديا) بناء على وصيته ، وبعد أن يستلم برقية من ممرضة اسمها زهرة ، تعمل بمستشفى بباريس تخبره بأن صديقه أنور قد مات في المستشفى وترك له وصية يطلب فيها أن يدفنه في بلدهما (سواديا). ، واستجابة لنوازع دفينة تتجاذبه وهي تنبع من هذا النزوع الخفي في معرفة سر الحياة والموت. وقد اختار أنور (أنكيدو) أرض سواديا مكانا لموته بعد أن فشل في أن يتخذ منها مكانا لعيشه، “كل ما أطلبه منك أن تقوم بنقل جثتي، وتعمل على دفني في بلدنا «سواديا». لا أريد أن أدفن في بلاد الغربة، بل أعانق الأرض التي ولدت فيها. لا تحزن. الموت حق.. أو هكذا علمتنا الكتب السماوية منذ الصغر، وحفظناها عن ظهر قلب دون أن نعي معانيها. لقد رتبت كافة الأمور المالية لهذا الغرض لأنني لا أريد أن أرهقك بموتي بعد أن أرهقتك بحياتي. لا تنس أن تودّع بالنيابة عني صديقنا سرمد” (34)

وفي هذا دلالة مضادة لرحلة كلكامش الذي كان يحلم بأن يبقى في هذه الحياة إلى الأبد ، ومع أن كلكامش فشل في مهمته وأيقن بأنه هالك لا محالة ، فإنه عاد إلى مدينته أوروك ليعلي أسوارها ويبني حصونها ويفتح الباب لمتخيل المتلقي كي يتخيل حياة أفضل لأوروك العراق بعد أن نضج كلكامش وأدرك قصر هذه الحياة واستحالة أن يخلد فيها بنو البشر، إذن فعلى الإنسان أن يعيش حياته ، فهذا هو نصيبه منها وبناء على نصيحة سدوري وحكمتها في نص الملحمة.

وقد لعبت الشخصية الثالثة (سرمد) دور سدوري عبر الإشارة المباشرة إلى ذلك في الصفحات الأولى من الرواية. وتكون نصيحته لجلال في الرواية معاكسة تماما لنصيحة سدوري لكلكامش في الملحمة ، فهذه سيدوري تشير على كلكامش بأن يبقى في أوروك بلده ، وأن يتجنب المغامرة المستحيلة التي أصر عليها بالرغم من هذه النصيحة ، فإن سرمد (سدوري) يلوم جلال على هذه الحماقة إذ يصر على العودة إلى بلده سواديا مع جثة صديقه أنور.

ويتعمد شاكر نوري أن يخلق أجواء أسطورية جديدة غير مسبوقة حين يكتشف بطل الرواية أن أهالي سواديا قد حققوا حلم كلكامش ، فلم يعد يموت فيهم أحد – في حين أن ما يحصل في سواديا وعلى أرض الواقع عكس ذلك تماما – ولذلك فإن منطق الحياة لديهم قد تغير . ويكون دور جثة صديق كلكامش في النص السردي هو إعادة الحياة إلى سواديا عبر موت أنور (أنكيدو) داخل النص السردي ونقله إلى أرض سواديا ، “كان يتفسّخ، وتنتشر رائحته مع الرياح. واكتظت الطرق المؤدية الى المرصد المهجور، يتدافعون الى صعود السلالم الحديدية الى أعلى برج المرصد ليشمّوا تلك الرائحة، عطر غريب ينعش رئاتهم، وما أن يستنشقوه حتى يسقطوا موتى لا تقف في وجوههم لا الأسوار ولا الرياح.” (35) وإذ يعود الموت إلى أرض سواديا تعود الحياة، فهما أي الموت والحياة رديفان يكتسب كل منهما معناه من حضور الآخر. وفي هذا مضمون فلسفي ، بيد أن الروائي لم يبتكر حكايته الأسطورية من أجل ذلك ، بل من أجل أن يدين هذا الجيل من أبناء سواديا ممن يتصارعون ويقتتلون دون حكمة ، ومن هنا جاء عنوان الرواية إشارة إلى أن هؤلاء الناس هم ليسوا أحفاد كلكامش الملك الخامس بعد الطوفان – من وجهة نظر الرواية – إذ ينهش بعضهم بعضا. ولعله قصد أن الموت جلبه أبناء سواديا لأنفسهم ، ومن خلال جثة أنور (أنكيدو) التي حملها جلال من بلاد الغربة إلى وطنه (سواديا). وهذه سمة لا تخطىء للأثر الأدبي الخصب الذي يمكن تأويله في اتجاهات شتى مختلفة يستحضر الروائي طالب كاظم في روايته الموسومة ” تراتيل أوروك وملحمة كلكامش ” ملحمة كلكامش بكل شخصياتها الرئيسة: كلكامش ، أنكيدو ، أوتونبشتم ، خمبابا ، آنو ، إنليل ……. ، وقد ظهر كلكامش وكما عهدناه في الملحمة جبارا ومتسلطا ، وأما أنكيدو فإنه يندفع ليحد من طغيان كلكامش ، ولتنشأ صداقة حميمة بين البطلين تعزز رغبة كلكامش في المغامرة والصراع مع خمبابا ومع الثور المقدس والانتصار عليهما ، ثم يرين الحزن والأسى على أجواء الملحمة إثر موت أنكيدو . وتبدأ رحلة كلكامش باتجاه جده الخالد أوتونبشتم من أجل معرفة سر الخلود. (36) وبذلك يظل الروائي طالب كاظم محافظا على نسق الملحمة إذ لم يحدث فيها شرخا ينفذ منه من أجل أن يضيف إليها أو يتضاد معها بحيث يمكننا أن نقول بأنه استلهم الملحمة – وحسب تنظيرنا للاستلهام في السطور الأولى من هذه الدراسة – ، لقد استعاد الروائي الملحمة كما هي عليه ، ولعله أراد أن يذكر الإنسان العراقي بأولئك الأجداد العظماء الذين صاغوا أول ملحمة في تاريخ الإنسان ونقشوها على الحجر ، وأن يقارنوا بين ما كان في الماضي وما هو حاصل الآن . وآية ما تقدم ذكره أن استلهام ملحمة كلكامش في السرد العراقي بوصفه عينة من عينات هذا الاستلهام ، قد كشف أن هذه الملحمة الرائدة أمدت الساردين العراقيين من كتاب الرواية بما يؤصل لأعمالهم الإبداعية وما يثريها ويضيف إليها ، سواء أكان هذا على صعيد مضامينها أو تقنياتها السردية ، بحيث أبعدت نتاجهم عن المباشرة والتقريرية وأعانتهم تماما على أن يرمزوا وأن يقولوا كل مايريدون قوله بعيدا عن بطش السلطة وهيمنتها على كل ما يقال أو ينشر آنذاك. وقد تفاوتت أعمالهم من حيث اقترابها من مفهوم الاستلهام – كما ورد في هذه الدراسة – وابتعادها عنه وعلى النحو الذي شهدناه في تحليل النصوص السابقة ، بيد أن من المؤكد أن ملحمة كلكامش مثل شهاب لامع يشع في أكثر من اتجاه ، وإذا شاء الروائي أو القاص أن يستلهمها فإنه سيجد بالضرورة ما يعينه على تجذير تجربته السردية حين يتواصل فيها مع أقدم أثر سردي في تاريخ الإنسان وأن يستمد منها بعض أدواته السردية من شخصيات أو أحداث وربما من حوارات أو مشاهد وأجواء ورموز وعلى النحو الذي يتسق مع تجربته السردية الخاصة به.

الهوامش

(1) تنظر: ملحمة كلكامش ، ترجمة وتقديم الأستاذ طه باقر ، دار الحـــــــــــرية للطبــاعة ، ط 4 بغداد 1980

(2) ينظر: هوميروس ، الأوديســـــــــــة ، ترجمة: عنبرة الخالدي ، دار العلم للمـلايين ، بيروت 1974

(3) ينظر: فرجيل ، الإنيادة ، ترجمة عنبرة سلام الخالدي ، دار العلم للمـــــــــلايين ، بيروت 1975

(4) ابن منظور ، لسان العرب ، دار صادر ، ط3 بيروت 1994 مادة (ل ه م)

(5) ينظر: منير البعلبكي ، المورد ، دار العلم للملايين ، ط 35 بيروت 2001 ص470

(6) علي عبد الله خليفة ، استلهام التراث الشعبي في الأعمال الإبداعية بمنطقة الخليج والجزيرة العربية ، مجلة الثــــــــــــقافة الشعبية ، السنة الثانية ، العدد الرابع ، البحــــــــرين شتاء 2009 ص16

(7) أحمد نبيل أحمد ، استلهام الحكايات الشعبية للتنشئة الاجتماعية في مسرح الطفل مجلة الثقافة الشعبية ، السنة الثالثة ، العدد الحادي عشر ، خريف 2010

(8) ساندرز ن. ك. ، ملحمة كلكامش ، ترجمة: محمد نبيل نوفل وفاروق حافظ القاضي ، دار المعـــــــــــــــارف بمصر ، القاهرة 1970 ص42

(9) لا تكاد تخلو مجموعة شعرية عراقية معاصرة من ذكر كلكامش ، حتى أن أحد الكتاب أطلق اسم (أحفاد كلكامش) على الشعراء العراقيين ، ونذكر على سبيل الاستدلال: نشيد أوروك للشاعر عدنان الصائغ ، مجموعة شعرية طبعتها المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، ط2 بيروت 2006 . وينطبق هذا على “خذ الحكمة من سيدوري” للشاعر عبد الرزاق الربيعي ، مجموعة شعرية طبعتها مؤسسة شمس للنشر والإعلام ، ط2 القاهرة 2011

(10)شغلت ملحمة كلكامش المسرحيين العراقيين منذ الستينيات والسبعينيات ، وممن كتب عملا مسرحيا استلهم فيه ملحمة كلكامش المسرحي العراقي عادل كاظم في مسرحية الطوفان. ولعادل كاظم مسرحية أخرى مستلهمة من الملحمة عنوانها : تموز يقرع الناقوس ، وللفنان العراقي سامي عبد الحميد مسرحية تسجيلية عن ملحمة كلكامش في الثمانينيات ، وأشهر من مثل دور كلكامش الفنان طعمة التميمي والفنان كريم عواد

((11ثمة فيلم عنوانه كلكامش 21 للمخرج العراقي طارق هاشم ، لا حظت أنه يستلهم ملحمة كلكامش ويستقي منها أفكارا أثرت الفيلم ، وأسبغت عليه طابعا خاصا لا يخفى على المتلقي. تنظر: مقالة سلام كاظم المنشورة في موقع الحوار المتمــــــدن ، العدد1843 بتاريخ 3-3- 2007

(12) غنى المطرب العراقي كاظم الساهر أغنية مضمونها معاناة كلكامش وطموحه ، وقد كتب كلماتها الشاعر كريم العراقي.

((12 سليمان فيضي الموصلي ، الرواية الإيقاظية ، مطبعة الحـــــــــــــــــــــكومة ، البصرة 1919

(13)عبد المسيح بلايا ، سبي بابل ، مطبعة الخبر ، البصرة 1955

(14) نفسه ص 27

(15) د. فوزي رشيد ، الشرائع العراقية القديمة ، منشورات وزارة الإعــــــــــــــلام ، بغداد 1973 ص154

(16) سبي بابل ، ص12

(17) ملحمة كلكامش ، ص77

(18) ملحمة كلكامش ، ص89

(19) د. صبري مسلم حمادي ، أثر التراث الشعبي في الرواية العراقية ، المؤسسة العربية للدراســــــــــــات والنشر ، بيــــــروت 1980 ص33

(19) خضير عبد الأمير ، ليس ثمة أمل لكلكامش ، دار العودة ، بيروت 1971

(20) ملحمة كلكامش ، ص135-138

(21) ملحمة كلكامش ، ص77

(22) ليس ثمة أمل لكلكامش ، ص 9

(23) ينظر: صبري مسلم ، التوظيف الشعبي والأسطوري في ليس ثمة أمل لكلكامش ، مجلة الطليعة الأدبية ، دار الجاحـــــــــظ ، بغداد شباط 1979 ص28

(25) عبد الرحمن مجيد الربيعي ، الأنهار ، مطبعة الرأي الجديد ، بيروت 1974 ص243

(26) الأنهار، ص55-56 : ملحمة كلكامش ، ص77

(27) الأنهار ص219 : ملحمة كلكامش ، ص108

(28) الأنهار ص243 : ملحمة كلكامش ، ص109

(29) الأنهار ، ص218

(30) ينظر : ملحمة كلكامش ، ص110-111

(31) ملحمة كلكامش ، ص 73

(32) شاكر نوري ، “كلاب كلكامش” ، الدار العربية للعلوم ناشـرون ، بيــــــــــــروت والجزائر 2008 ص7

((33 نفسه ، ص9

(34) نفسه ، ص 11-12

(35) نفسه ، ص99

(36) ينظر : طالب كاظم ، “تراتيل أوروك وملحمة كلكامش” ، دار الشؤون الثقافية العامة ، بغداد 2012


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
{ أستاذ اللغة العربية بقسم اللغات الأجنبية في كلية واشتناو – أن آربر – مشيكان – الولايات المتحدة الأمريكية
أستاذ الأدب الحديث بجامعتي الموصل وذمار سابقا
التفاعلات: فائد البكري

تعليقات

لا توجد تعليقات.
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...