"قال الملك سيف: يا عيروض اين هذا المكان، فقال له: إذا كان الإنسان يسير في الليل والنهار وفي العشى والأبكار ولا يتوانى في طريقه في البراري الآكام فانه يصل في ثلثمئة [كذا] عام وأما أنا فأروح في ثلاثة أشهر وأعود في مثلها وأنت معك اللوح فإذا غبت بعد الستة أشهر فإمعك اللوح فإن أتيت أول مرة إلا فافركه الثانية وإياك أن تفركه ثالث مرة لأني يا مولاي إذا كنت عند الكنوز وأنا خالص وفركته أول مرة أحضر إليك بوقتها لأن الأسماء تحملني بسرها ولو كنت أنا في المشرق واللوح في المغرب وإن لم أحضر في الأولى فأعلم أني من داخل الكنوز وإذا فركته الثانية، ولم أحضر فاعلم أني محبوس لا محالة فلا تفركه الثالثة، فأهلك لوقتي وساعتي وأنا توكلت في هذا الأمر على ربي".
يختلف الزمن بين إنسان وآخر اختلافه بين مكان وآخر، هذا الاختلاف يتولد من أسباب لا يمكن حصرها، فالشعور هو الذي يجعل زمن ما قصيراً أو طويلاً. ففي المقطع السابق من سيرة الملك سيف بن ذي يزن، فإن الزمن لدى الجن غير الزمن لدى البشر، لأن الجن يسيرون بسرعات تخترق حاجز الصوت، حسب ما تروي الكتب القديمة. أما نحن، فنعيش عوالمنا، مع احساسنا المختلف بين شخص وآخر.
هذا ما يتحدث عنه محمد مفتاح في أكثر من مكان، فيقترح ثلاثة مفاهيم للزمن، الأول الزمن المستقيم أو ما يسمى بالدهر، وهو زمن متجه لا يدري أي أحد منتهاه، وثانيهما الزمن الدائري الذي يتجلى في تكرار السنوات والفصول والاحتفالات الدينية والدنيوية، وثالثهما الزمن التداولي الذي يتم بين الأفراد والدول والأمم. لكنه يعود مرة أخرى ليتحدث عن المضمون في الزمن، وهو الذي يرتبط بالأطر الاجتماعية، إذ هناك زمن الفلاحين، وزمن التجار، وزمن العباد، والزهاد، وزمن أهل اللهو واللعب.
وإذا كان الزمن يختلف بين مواطن وآخر حسب مهنته أو اهتماماته وكيفية قضاء أوقات فراغه، فهو بشكل تلقائي يختلف بين بلد وآخر، فضلاً عن الديانات المختلفة التي وزعت الزمن من حيث الشكل والمضمون بحسب خصوصيتها الاجتماعية والدينية؛ وهذا المفهوم- حسب ما يقول مفتاح- جعل أناس العصور الوسطى، في هذا المجال، يعيشون في خوف دائم منتظرين نهاية العالم مخففين من الخوف بتلك التجمعات الدينية والدنيوية.
وفي مقارنة زمن أي مجتمع بآخر، فإن بعض الأوروبيين؛ مثلاً، يحسبون العام من ميلاد السيد المسيح إلى ميلاد آخر، أي اثنا عشر شهراً يتخللها عيد الفصح وغيرها من المناسبات الدينية. في حين يحسب آخر العام حسب العطلة الصيفية التي ينتظرون أسابيعها الستة لكي يعيشوا سنتهم الحقيقية في السفر والابتعاد عن ثقل العمل ووقته الذي سرق حياتهم تماماً على مدى عشرة أشهر ونصف الشهر.
بينما نقيس نحن زمننا بشهري رمضان ومحرم، فلكل منهما مناسبة خاصة. يبدأ العام من رمضان ولا ينتهي بمحرم، نعيش الزمن بشكل مقلوب، لأننا نبحث عن دوافعنا الخاصة في حياة خططت لنا كيف يمكن أن نكون من دون أن تكون لدينا يدٌ في هذا التخطيط.
إلا أن الزمن الحقيقي الذي نعيشه نحن العراقيين، هو الزمن الفاصل بين سيارة مفخخة وأخرى، وعبوة وثانية، فالحياة بين تفجيرين هو الزمن المنسي الذي لا نتذكره قطُّ. أما التفجير بحد ذاته، فهو الذي يبدأ منه الزمن لحساب المتبقي منه حتى بداية تفجير آخر...!
الزمن هنا هو الوقت الذي ننجو فيه من موت محتم، أما ما خلاه فهو انتظار لنجاة ثانية.
* عن الصباح
يختلف الزمن بين إنسان وآخر اختلافه بين مكان وآخر، هذا الاختلاف يتولد من أسباب لا يمكن حصرها، فالشعور هو الذي يجعل زمن ما قصيراً أو طويلاً. ففي المقطع السابق من سيرة الملك سيف بن ذي يزن، فإن الزمن لدى الجن غير الزمن لدى البشر، لأن الجن يسيرون بسرعات تخترق حاجز الصوت، حسب ما تروي الكتب القديمة. أما نحن، فنعيش عوالمنا، مع احساسنا المختلف بين شخص وآخر.
هذا ما يتحدث عنه محمد مفتاح في أكثر من مكان، فيقترح ثلاثة مفاهيم للزمن، الأول الزمن المستقيم أو ما يسمى بالدهر، وهو زمن متجه لا يدري أي أحد منتهاه، وثانيهما الزمن الدائري الذي يتجلى في تكرار السنوات والفصول والاحتفالات الدينية والدنيوية، وثالثهما الزمن التداولي الذي يتم بين الأفراد والدول والأمم. لكنه يعود مرة أخرى ليتحدث عن المضمون في الزمن، وهو الذي يرتبط بالأطر الاجتماعية، إذ هناك زمن الفلاحين، وزمن التجار، وزمن العباد، والزهاد، وزمن أهل اللهو واللعب.
وإذا كان الزمن يختلف بين مواطن وآخر حسب مهنته أو اهتماماته وكيفية قضاء أوقات فراغه، فهو بشكل تلقائي يختلف بين بلد وآخر، فضلاً عن الديانات المختلفة التي وزعت الزمن من حيث الشكل والمضمون بحسب خصوصيتها الاجتماعية والدينية؛ وهذا المفهوم- حسب ما يقول مفتاح- جعل أناس العصور الوسطى، في هذا المجال، يعيشون في خوف دائم منتظرين نهاية العالم مخففين من الخوف بتلك التجمعات الدينية والدنيوية.
وفي مقارنة زمن أي مجتمع بآخر، فإن بعض الأوروبيين؛ مثلاً، يحسبون العام من ميلاد السيد المسيح إلى ميلاد آخر، أي اثنا عشر شهراً يتخللها عيد الفصح وغيرها من المناسبات الدينية. في حين يحسب آخر العام حسب العطلة الصيفية التي ينتظرون أسابيعها الستة لكي يعيشوا سنتهم الحقيقية في السفر والابتعاد عن ثقل العمل ووقته الذي سرق حياتهم تماماً على مدى عشرة أشهر ونصف الشهر.
بينما نقيس نحن زمننا بشهري رمضان ومحرم، فلكل منهما مناسبة خاصة. يبدأ العام من رمضان ولا ينتهي بمحرم، نعيش الزمن بشكل مقلوب، لأننا نبحث عن دوافعنا الخاصة في حياة خططت لنا كيف يمكن أن نكون من دون أن تكون لدينا يدٌ في هذا التخطيط.
إلا أن الزمن الحقيقي الذي نعيشه نحن العراقيين، هو الزمن الفاصل بين سيارة مفخخة وأخرى، وعبوة وثانية، فالحياة بين تفجيرين هو الزمن المنسي الذي لا نتذكره قطُّ. أما التفجير بحد ذاته، فهو الذي يبدأ منه الزمن لحساب المتبقي منه حتى بداية تفجير آخر...!
الزمن هنا هو الوقت الذي ننجو فيه من موت محتم، أما ما خلاه فهو انتظار لنجاة ثانية.
* عن الصباح