قبالة الباب الغربي للدكان القديم، كان يقيم وجهه شطر القدر السوداء الصغيرة، و بسرعة البرق.... كان يلتهم بقايا عشاء الليلة الماضية، قطع المعكرونة المحترقة ... كم هو طعام لذيذ ، عجبا لهؤلاء الناس، كيف يتركون مثله للدواب، تخيل نفسه بدون هذا الطعام ،...طبعا سيكون في عداد الموتى، لولا رئيسه " الهادي "، الذي كان يرشد كل عضو في الشلة إلى وكر يقتات فيه، دارت ذكرياته القاتمة على أطيط حبات الفاصوليا المتفحمة بين أضراسه دون أن ينسى مراقبة ذلك القادم ، لفتت انتباهه رزمة الأوراق النقدية التي اخرج من جيبه ، و هو يدفع ثمن اللحم للجزار.
رمى في شدقه ما تبقى في القدر ، ثم مسح يده في قميصه الأسود المتسخ، قبل أن يعرض خدماته على الشيخ ، مقترحا عليه أن يحمل عنه الكيس البلاستيكي الكبير، و بسرعة استجاب الرجل لطلب الفتى مثنيا على لطفه، و في الطريق سأله الشيخ بعفوية:
- ما أسمك يا بني؟
- اسمي جبريل .
- و أين يسكن أهلك ؟
- ليس لي أهل، غير خالتي (أطويلة) التي تظل في السوق و لا تعود إلا في المساء.
- حسنا ... ستظل معنا اليوم، أحس جبريل أن خطته نجحت، و أن صيدا ثمينا وقع في شراكه لأول مرة منذ احترافه لمهنته الجديدة.
وصلا إلى منزل بسيط، ليس فيه غير الرجل و ابنه ، كل شيء في المكان يدل على أن أهله حديثو عهد بالريف.
كاد جبريل يطير فرحا، و في وداعة الحمل قام بتنظيف المكان و تجهيز وجبة الغداء ، و هو يتحين الفرصة لتنفيذ ما بقي من الخطة .... و بنهم شديد كان يحتسي كؤوس الشاي المترعة بعد الغداء ، و ما هي إلا لحظات حتى نام الرجل و ابنه، و خفية تسلل إلى جيب شيخه ( الضحية)..... أخذ المبلغ و أختطف جهاز الهاتف، ثم أطلق ساقيه للريح ..... كان يعدو بكل ما أوتي من قوة ، و في آخر الشارع المؤدي إلى سوق الأشياء المستعملة (التبتابة) جلس .... ليلتقط أنفاسه ... و يتفقد غنيمته، أحس بالسعادة الغامرة، فلأول مرة سيثني عليه (الهادي) و يقربه، ماذا ؟ كيف ؟ ليس في جيبه غير النقود فقد سقط الهاتف... رفع بصره، ماذا يرى؟ إنه الشيخ ، و معه الجهاز ، و الشرر يتطاير من عينيه.... تجشأ بصوت مرتفع ، غطى فمه بيده ، كانت تفوح منه رائحة المعكرونة، و الفاصوليا ، و اللحم و الأرز ، و الشاي، و ربما النقود ....
كان كابوسا مرعبا ، لكن قبضة (الهادي) الخشنة، و شتائمه البذيئة كانت كفيلة بإزاحته:
ما بال هذا المعتوه، يفشل في كل شيء حتى في أحلامه، لا يحسن غير الأكل و النوم.
كانت الصفعة قوية على خده، لكنه كان شعورا جميلا، أن يكون الفشل في الحلم بدل الواقع لأول مرة.
رمى في شدقه ما تبقى في القدر ، ثم مسح يده في قميصه الأسود المتسخ، قبل أن يعرض خدماته على الشيخ ، مقترحا عليه أن يحمل عنه الكيس البلاستيكي الكبير، و بسرعة استجاب الرجل لطلب الفتى مثنيا على لطفه، و في الطريق سأله الشيخ بعفوية:
- ما أسمك يا بني؟
- اسمي جبريل .
- و أين يسكن أهلك ؟
- ليس لي أهل، غير خالتي (أطويلة) التي تظل في السوق و لا تعود إلا في المساء.
- حسنا ... ستظل معنا اليوم، أحس جبريل أن خطته نجحت، و أن صيدا ثمينا وقع في شراكه لأول مرة منذ احترافه لمهنته الجديدة.
وصلا إلى منزل بسيط، ليس فيه غير الرجل و ابنه ، كل شيء في المكان يدل على أن أهله حديثو عهد بالريف.
كاد جبريل يطير فرحا، و في وداعة الحمل قام بتنظيف المكان و تجهيز وجبة الغداء ، و هو يتحين الفرصة لتنفيذ ما بقي من الخطة .... و بنهم شديد كان يحتسي كؤوس الشاي المترعة بعد الغداء ، و ما هي إلا لحظات حتى نام الرجل و ابنه، و خفية تسلل إلى جيب شيخه ( الضحية)..... أخذ المبلغ و أختطف جهاز الهاتف، ثم أطلق ساقيه للريح ..... كان يعدو بكل ما أوتي من قوة ، و في آخر الشارع المؤدي إلى سوق الأشياء المستعملة (التبتابة) جلس .... ليلتقط أنفاسه ... و يتفقد غنيمته، أحس بالسعادة الغامرة، فلأول مرة سيثني عليه (الهادي) و يقربه، ماذا ؟ كيف ؟ ليس في جيبه غير النقود فقد سقط الهاتف... رفع بصره، ماذا يرى؟ إنه الشيخ ، و معه الجهاز ، و الشرر يتطاير من عينيه.... تجشأ بصوت مرتفع ، غطى فمه بيده ، كانت تفوح منه رائحة المعكرونة، و الفاصوليا ، و اللحم و الأرز ، و الشاي، و ربما النقود ....
كان كابوسا مرعبا ، لكن قبضة (الهادي) الخشنة، و شتائمه البذيئة كانت كفيلة بإزاحته:
ما بال هذا المعتوه، يفشل في كل شيء حتى في أحلامه، لا يحسن غير الأكل و النوم.
كانت الصفعة قوية على خده، لكنه كان شعورا جميلا، أن يكون الفشل في الحلم بدل الواقع لأول مرة.