أسامة الخولي - مهيبًا مهيبًا كأيِّ انكسارْ

مهيبًا مهيبًا كأيِّ انكسارْ
كطفلٍ يحاولُ فكَّ الحصارْ

تشكَّلتَ حتى نَفَتْكَ الجسومُ
تصلَّبْتَ حتى رثاكَ الجِدارْ

وهيَّأت نفسكَ قبل الوداعِ
وأودعتَ سرَّكَ قلبَ الصغارْ

وعلّمتَ صوتك ألَّا يبيعَ
وكانوا جميعا فمًا مستعارْ

فصرتَ مع الوقتِ أطغى حضورا
وصاروا مع الوقتِ دُفًّا وزارْ

وأيقنتَ أنَّ الأماني عجافٌ
وعمرٌ تولَّى يلوكُ انتظارْ

وأنّ العروبةَ وهمٌ كبيرٌ
وعاصفةٌ لا تثيرُ الغبارْ

وأنَّ البلادَ التي شردتنا
ترمَّد في مقلتيها النهارْ

فماذا لديكَ سوى النارِ دربًا
تسيرُ وخلفكَ يبكي المسارْ

هنا كل شبر يَدُعُّ الثواني
ويسألُ عنك الرؤى والمدارْ

ودارٌ تُهامسُ عنكَ الدوالي
سيغريهِ بالعوْدِ دمعُ المزارْ

سينبتُ من أغنياتِ الثكالى
ومن تحتِ جلدِ البكا والمرارْ

ومن لافتاتِ الحدودِ البغايا
ومن ذعرِ طفلٍ يودُّ الفرارْ

ومن حشرجاتِ الجنودِ الغلاظِ
وصوتِ الرصاصِ ولونِ الدمارْ

ومن صوتِ أمي التي ودعتني
وملءُ العيونِ دمٌ وانهيارْ

ومن فوَّهاتِ البنادق يأتي
كربٍّ أبى أنْ يموتَ انكسارْ

ومن طينِ يافا سيطلعُ نخلا
وشمسا تعانق شوق البحارْ

ومما رواه جدودُ الجدودِ
عن الحقِّ يضربُ دونَ اعتذارْ

ومن كربلاءَ تعودُ حسينا
لتهدمَ فوقَ الرؤوسِ (ضرارْ)

كعيسى سترجع للقدس حيًّا
برغمِ الذي عنونوهُ انتحارْ

وما الموت إلا انبعاثٌ نبيلٌ
يَزيحُ عن الروحِ عبءَ الستارْ

وأحلِفُ أنكَ تأتي مهيبًا
وراءكَ تسعى جموعُ النهارْ

فعلِّمْ عيونَكَ ألا ترانا
وعلِّمْ جبينكَ ألا اختيارْ

م / أسامه الخولي

تعليقات

أعلى