ضجّت القرية بالنبأ الذي انتشر بين بيوتها انتشار النار في الهشيم، علمتْ به فطوّش الصباغة من أم خليل، وسرعان ما نقله زوجها إلى ربعة المختار، وخلال ساعات كان كل من في القرية يعرف أنّ (خليل بك) سيزور القرية.. وهذه هي الزيارة الأولى له منذ أن أصبح وزيراً قبل سنوات.. وكلمة (بك) هي اللقب الجديد لخليل...
هذه هي المرة الثانية التي تتبدى فيها أمام عينيها صورة عنزتها (هرجة) التي كانت تحلب ضرعها في المعمورة، قريتها الغافية بين صخور الجبل الجنوبي في بلدها..
في المرة الأولى عندما كانت واقفة في شرفة برج (إيفيل) تطل منها على باريس.. أما المرة الثانية فهي الان، ويدها تمسك بكأسٍ مليئة بعصير الأناناس في...
قفز إلى ذهنه سؤال جديد:
-. ترى.. هل ستكون هذه أيضاً من القطيع؟. أليست متميزة؟. لقد قرأ في عينيها البنيتين سيرة جديدة لم يقرأ مثلها في أية عينين مرتا به أو مرّ بهما.. فهل يتابع الطريق ويدخل معها تجربة جديدة؟. أما يكتفي بما في صدره من سهام؟.
كان يومئذ جالساً في مكتبه بإدارة الجريدة يدخن وحيداً...
السكين في الخاصرة، والأمل حرون، وليس في المرتجى الداني أو في الأفق المياسر، أي بشير للخلاص..
في هذه اللحظة، تنهي سفينة فضائية دورة جديدة في المدار، وتشحذ سكرتيرة كاعب ابتسامة متجددة للمدير وتكشيرة للمراجعين.. ويستوي أحد أباطرة المال فوق أريكة مصرفية وهو يلوي عنق الخط البياني للبورصة العالمية،...
هذا هو اسمه الذي عرف به في أحياء دمشق القديمة في الأربعينات.. لم أرو حكايته لأحد إلا واستملحها، بل أن أكثر من كاتب قال أنها تصلح مادة لأقصوصة قصيرة، أو حتى لسهرة تلفزيونية إذا أضيفت إليها بعض التوابل، واستأذنني في ذلك كأنني صاحبها في حين أنني أحد رواتها، وقفت عليها مصادفة من صديق عايش تفاصيل...
تطامن القلم بين أنامل الصحفية الشابة الحسناء، وداهمتها خيبة أمل طاغية وهي تحاور الأديب الذي رد على أسئلتها بطريقه الخاصة، فكان الحوار بينهما مثل (حوار الطرشان).
– ولدت أيام (الثلجة الكبيرة) التي ما تزال الطرق والمنافذ حتى الآن.
* ولكن يا أستاذ..
– ولدت على يدي الداية بهية التي شدتني عنوة...
نصف مثقف، وربع سياسي، و(نسونجي) متقاعد هذا أنا..
أما لماذا، نصف مثقف، فلأنني انصرفت عن كتب الثقافة والمعرفة بعد أن اكتشفت أن ما طالعت منها، على كثرته، لم يضف شيئاً إلى ماكنت قد قرأته في إلياذة هوميروس.
أما لماذا، ربع سياسي، فلأنني بدأت النضال السياسي مبكراً وهجرته مبكراً.. بدأت من مقاعد...
قبل أن يعتدل خليل في سريره الحديدي القديم، تثاءب، ثمّ تمطى.. ودار بعينيه في أرجاء الغرفة المستطيلة التي تضمّ أفراد العائلة.
كان أبوه جالساً قرب النافذة الخشبية ببجيامته المخططة المهترئة عند الركبة، وقرب الدكة كان أخوته الصغار قد تجمعوا بشكل غير منتظم حول صينية الألمنيوم وعليها صحن كبير من...
جان الكسان - أهلاً معالي الوزير
ضجّت القرية بالنبأ الذي انتشر بين بيوتها انتشار النار في الهشيم، علمتْ به فطوّش الصباغة من أم خليل، وسرعان ما نقله زوجها إلى ربعة المختار، وخلال ساعات كان كل من في القرية يعرف أنّ (خليل بك) سيزور القرية.. وهذه هي الزيارة الأولى له منذ أن أصبح وزيراً قبل...