بعد أن أنهى أبي، بناء معمل
(الزّجاج)، في منطقة (المسلميّة)، الذي كان موقعه، ما بين معمل (الإسمنت)، و (السّجن) المركزيّ، وكنت قد رافقته، على مدار أكثر من سنتين، في بناءه، في هذا المعمل، تعلّمت، من أبي مهنة البناء، وتحوّلت من (طيّان)، إلى معلّم.
بدأ أبي يعتمد عليَّ في أصعب الأمور، ويعطيني نصف...
طوال الليل لم يهدأ أزيز الرّصاص، ودوت الانفجارات في سماء مدينة (حلب). لم أستطع أن أخلد للنوم، وحمدت الله أن مرّت الحكاية على خير في سهرتنا عند (سعيد).. وكنت أسمع وقع خطوات راكضة في حارتنا أو أصوات لكلمات مبهمة.. وهناك من أسفل الحارة، يتناهى إليّ صوت هدير الدّبابات، والمراكب العسكريّة.. فكَّرت أن...
لا أحبّ (أبو أحمد)، ولا أطيق مجالسته، لكنّ بيت (سعيد) يكاد لا يفرغ من أقربائه، فأقاربه كثر، وهكذا هي عاداتهم.. وكان على (سعيد) أن يتحمّل، رغم أنّه لا يحبّ معظمهم، كما أنّه يريد أن يدرس، و يمارس هواية الرّسم، أو أن يستمع إلى الموسيقا، أو يقرأ الكتب والمجلات.
و(أبو أحمد)، هذا إنسان مجرم، وحقير، لا...
بلغ عدد عناصر دورة الأغرار، التي أنا منها إلى ما يقارب الأربعمائة فرد، وكنّا بعد حصة، درس الرّياضة، الذي ننفذه، ونحن بكامل بذلاتنا العسكريّة،وأبواطنا السّوداء الضّخمة، ولكن.. كان مسموح لنا، والحقّ يقال،أن لا نضع على رؤوسنا الحليقة (السّيدارة)، التي يغطس كامل الرأس بها.. كنّا نهرع لإستلام الفطور،...
في الصّفّ الرّابع الابتدائي، شدّد علينا أستاذنا، (المعرّاوي) الخناق،
بحجّة أن مستوانا التّعليمي هابط، فأخذ يحاسبنا، ويعاقبنا، ويضربنا، ضرباً مبرحاً، على تقصيرنا، لعدم حفظنا لدروسنا، أو لإهمالنا كتابة وظائفنا، الكثيرة، التي لا ترحم.
وخطرت له.. فكرة أن يراقبنا، خارج المدرسة.. فكلّف ثلاثة، من...
في طريقه إلى السّوق الرّئيسيّ، كان (جدّي) يمرّ، متّجهاً إلى المقهى الوحيد، الذي يكتظّ بأبناء البلد والغرباء، في مثل هذا الوقت، يلتقون هناك، يرتاحون ، ويشربون الشّاي، ويلعبون بورق الشّدّة، أو بطاولة الزّهر، أو بلعبة اسمها
(الضّامة)، وكان المقهى، يتحوّل في المساء إلى حانة، يقدّم فيها العرق، و...
عند مدخل مقهى الشّام، الكائن في ساحة (الجابري)، قرب الفندق (السّياحي)، التقيت صديقي (لقمان) صدفة، فدخلنا المقهى، وطلبنا قهوة (الإكسبريس)، وجلسنا بعد أن طلبنا من النّادل، إحضار الشّطرنج، وبدأنا اللعب، بقصد التّسلية.
كان عليَّ أن أمضي ساعة، ريثما يجهّز لي، بائع القطع الكهربائيٍة، فاتورتي.
على...
أعصرُ المـاءَ
فلا يبتلُّ موتي
أدقُّ إسفيناً بنبضي
لأهرقَ النّدى
ولأطردَ عنّي ذاكرتي
لن أتـركَ لعطرِكِ مصيري
ابتعدي عن سماءِ قصيدتي
وحلّقي مع النّسيانِ
هجرت قسوتَكِ
لم تعد طلَّـتُكِ تبطشُ بي
وحضورُكِ صار لا يؤثّرُ
أنتِ مجردُ شمسٍ مظلمةٍ
عبارةٌ عن نسمةٍ متهالكةٍ
نهرٌ جافُّ الجريانِ
موسيقى مقطوعةُ...
ألتهمُ نفسي
حين تجوعُ قصيدتي
أنقضُّ على أحلامي
ونبضي
وبشراهةٍ أقبلٌ على
ذكرياتي
ألوكُ دمي
أمضغُ روحي
وأعضُّ بسمتي
وبالشوكةِ والسّكينِ
أقطّعُ حنيني
وآكلُ صدري
وما فيه
من صبرٍ وانتظارٍ
أطوّقُ فضائي
لأخلعَ مسافاتي
وأقبض على شمسي
وأصطادُ من بحاري الموجَ
ومن الشّطآنِ الظّلالَ
ومن...
حزينٌ هو الفرح
لا أحد يلقاهُ
أو يتعاملُ معهُ أحدُ
يَقِفُ بعيداً
كالشيطانِ المنبوذِ
كلٌّ يخافُهُ
ولا يثقُ بِهِ
يسمونه بالغادرِ
يتّهمونَهُ بعدمِ الوفاءِ
إذ سرعانَ ما يختفي
متتخلِّياً عن أصحابِهِ
يستبدلُ جلدَهُ
يغيّرُ قِناعَهُ
يسخَرُ من محبِّيهٍ
وحينِ يناديهِ أحدٌ
يصمُّ أذنيه ولا يستجيبُ...