(1)
تركتها هناك . كنت أصر على بقائها حيث استشهدت.. فليس هناك مكان أفضل من المكان الذي سقطت فيه .
تركتها هناك، كما لو أنها كانت بذوراً تدفن في قلب الأرض.. فتنبت خضرة بعد زمن..
تركتها هناك.. وفي ظني جعلها تتجذر في المكان، لتصبح إرثاً وذاكرة اباهي بها نفسي بعد سنوات ..
تركتها.. وفي بالي أنني احفظها...
(1)
هل هي اصابعي التي اعرفها حقاً ؟
هل يمكن لهذه الأصابع التي تخشبت وخشنت وصارت مبرداً؛ يمكن ان تخدش كل ماهو ناعم ورقيق وأملس ؟
هل هي الأصابع التي ضمها كف دائم الجفاف، دائم النزف، دائم الأعصاب الباردة والعظام النحيفة ؟
أسائل أصابعي.. فلا تجيب .
كنت اعرف ان وراء اصابع يدي.. أصابع عديدة من المآسي...
(1)
اعتادت الدابة التي أمتطيها كل أسبوعين، أن تتوقف في هذا المكان.كانت الدابة ترتاح في هذا المكان تحديداً، مثلما كنت أحس بالراحة كذلك، ومثلما تحس خوبي كذلك.
نحن الثلاثة: الدابة وأنا وخوبي.. ثلاثة مخلوقات من طراز مختلف ولغات متعددة وأماكن متباينة.. لا يجمعنا سوى هذا المكان.
لم يكن المكان.. مكاناً...
عندما تلقيت رسالة التهديد بالقتل؛ كنت في ذلك الوقت بالذات أعمل في تهذيب وتشذيب النباتات في حديقة منزلي، وقد أثار انتباهي أن النباتات الطفيلية والبرية كانت قد انتشرت في مدة قصيرة على نطاق واسع.
جاءت رسالة التهديد تلك لتجعلني أمام مقارنة لا سبيل لي للخروج من حقيقتها المرة، حيث اقترن اتساع تلك...
كان التيه والقلق والحزن الدامي.. كانت الحيرة والبحث المضني واللاجدوى.. كما تجمعنا على مائدة الانتظار .. !
نلتقي في الساحات وامام ابواب الوزارات، وعند المسؤولين، وعند ابواب السجون والمستشفيات ..كانت الأوقات.. كل الأوقات تضج بأوجاعنا ونداءاتنا وحسراتنا.. كانت الرياح تأخذ بأوراقنا ومستمسكاتنا وصور...
الى نقاء وبهاء ايزيديات وطني
أنا رجل مفتون بأصابع النساء .
أصابع النساء.. كائنات فاتنة متحركة تختلف عن جميع الكائنات التي تملأ الطبيعة بهاءً وألقاً .
وعلى وفق هذه الاصابع يمكن أن تقيس جمال المرأة بجميع تفاصيل جسدها.. وما من إمرأة تعنى بجمالها وأناقتها إلا وتبدأ بمراقبة أصابعها وجعلها السبيل...
منذ طفولتنا المبكرة.. عودنا أهلنا ومعلمينا أن رفع الأصابع.. يعني طلب الأشادة والامتنان والتأكيد على الرأي، وليس الأعتراض عليه أو تقديم رأي مختلف عن سابقه ..الأصبع الأولى، أصبع تأكيد لمن سبقنا عمراً وعلماً وتجربة.. واصبعنا المرفوع هو من طبع الوفاء والأخلاق الحميدة .أما الأصبع الثانية، فهي اصبع...
(1)
لأول مرة في حياتي، أمني نفسي بامتلاك أصابع غيري !
وإمتلاك أصابع الآخرين، معناه التخلي عن أصابعي التي تنتمي اليّ .
هذا أمر غريب أن يفكر المرء بإمتلاك أصابع سواه.. وكنت أعرف عدداً من (الأصدقاء) باعوا حناجرهم لسواهم وصاروا يتكلمون بحناجر اولياء النعمة عليهم.. كما أعرف آخرين ألغوا ضحكاتهم...
عندما وقفت امامه ذات مساء، تداركت انهياري، واتكأت على الجدار، متوسلة اليه حمايتي، واحتمال انهياري قبل أن أحدق في وجهه.. وهو يناديني :
- فيرونا.. ارفعي رأسك، اريد ان اتحدث معك .
فوجئت باسمي على شفتي إنسان لم اعرفه من قبل، ولم يعرفني من بعد.. كانت نبرات صوته مشدودة.. فيها أمر، مثلما فيها رجاء...