تأمل أسراب السيارات التي تمرق عبر الشارع الطويل، تنساب كما لو أنها كريات صغيرة. لم تكن لها ألوان ولا أشكال مميزة، مجرد كريات مستديرة تتدحرج بسرعة في اتجاه مجهول.
الناس أيضا يتحركون مثل كريات في خيط سبحة، تتقاطع اتجاهاتهم كأنها مرسومة سلفا، ومحددة خارج اختياراتهم.
يعلو الغبار في...
منذ مدة وهما على هذا الحال كأنهما في حالة انتظار جالسين جنبا إلى جنب صامتين. إلى جانبها يجلس وفي سيماه سرت نظرة استسلام…
لا تظهر عليهما في المعتاد رغبة في تبادل الكلام، لم يعد ينظر إليها مثلما لم تعد تنظر إليه
كأنما أنهيا معا اكتشاف بعضهما البعض .
جنبا إلى جنب وجدا دائما وما يزالان ، اعتاد كل...
تحركت أجفاني حركات سريعة، كنت أشعر وكأنني خارج لتوي من حالة نوم عميق، نوم غمرتني فيه كوابيس شتى …
رغم لحظة اليقظة لم أكن أميز بين الحلم و الواقع، فقد كنت كالمومياء ملفوفا في الضمادات من قمة رأسي إلى أخمص القدمين.
عضلاتي واهنة و ذهني مشتت و كأنني أعيش حالة هذيان، شفتاي متشققتان و ملتصقتان، تنزفان...
طقس جليدي، سماء رمادية حبلى بسحب ثقيلة، بين الفينة والأخرى يلمع برق خاطف وتسمع في الآفاق قعقعة رعد ترتعد له الفرائص، تصفع وجهه سياط ريح باردة ، قدماه متعبتان .. ما عادتا تسعفانه كما سلف من الأيام …
شعور بالغضب يكتمه صامتا يخشى الكلام مع الناس خوفا من الانفجار ، يناضل ضد ظلام غامض ، لا يشعر...
خاصم الكرى أجفانه ، لم يعد قادرا على النوم إلا لماما تتوالى الليالي على إيقاع رقاص الساعة... حالات يقظة تتخللها إغفاءات متقطعة يقوم متثاقلا شفتاه تخنقان أنين آلام تمزق جسده.
يساعد رجليه على مغادرة السرير يرتعش جراء برودة الأرض و برودة جسده الهزيل وكيف له أن يشعر بالدفء بعد أن أصبح جسده مجرد هيكل...
وتدور عجلة الزمن أو على الأقل يبدو الأمر كذلك …
في عينيها تظهر آثار وعلامات خوف . منذ فترة تجلس داخل بيتها القصديري وهي في حالة انتظار ..سنوات من الانتظار وهي تعتقد أنه سيعود و أن الباب سينفتح ويكون كل شيء سهلا وسائغا كالحليب.
ويستمر الانتظار…
كانت في ما مضى شابة جميلة عاشت الحب، وما تزال...
أدار عينيه في كل اتجاه ناظرا لما حواليه دون كبير اهتمام باحثا عما يسترعي البصر . لم يثر انتباهه شيء عدا جمع من الأطفال يجرون وراء الكرة وصياحهم البهيج الذي يبثا في الآفاق بعض الحيوية و البهاء ...
تذكر أيام الصبا والمعارك مع الأقران ..كانت لحظات يقيس فيها الشباب قوتهم في المصارعة وكأنها...
تتقافز الكلمات في ذهني كالضفادع ، تنزلق من بين خلايا دماغي ،أعجز عن الإمساك بها عساني أقول ما يراودني ، وثمة غيم رمادي في الذهن كأنني تائه في الغيهب ... فتأبى العبارة حمل قولي ، يغمرني الأسى فأنسى الكثير، وفي ظلمة الليل أتامل روعة السماء ولمعان النجوم ...
عذرا أيها السادة دعوني أعرفكم بنفسي...
وحده كان الطفل فوق السرير، مستغرقا في قراءة كتاب. كان لديه من الوقت ما يكفي، ولذلك لا أحد سيزعجه لمدة طويلة.
يشعر الآن بأنه بحال أفضل، ولو أنه يرغب في مزيد من النوم. انخفضت حرارة جبينه، وتخلص من أحلامه المضنية التي جعلت نومه محموما: رأى نفسه سابحا في الفراغ وسط بنايات متهاوية كان يخشى أن تدفنه...