انفلت الزمن منه بعدة دقائق، فإذا بسيارة رمادية تقف بجانبه، لامسها فقال :
ـــ إنها تشبه امرأة جميلة... وثمنها يأتي بخبز كثير ..
لم يتمالك نفسه ، وبدأ يعنف صاحب السيارة بصوت مبحوح :
ـــ أنت أيها الرقم البشري : سيارتك ...! مذياعها يشتكي الهوى . ونغمها إبرة تلسع جسمي، وأنت لا تبالي ..
أدخل رأسه من...
تنهل نصوص مجموعة " الظلال الخفية " للقاص المغربي بوعزة الفرحان من وقائع محيطه وما يعج به من حالات ومواقف بحمولات قيمية ووجودية واجتماعية تعكس صورا لأنماط حياة حبلى بالمفارقات والمتناقضات داخل منظومة علاقات موسومة بسلوكيات تفتقر للصدقية والصفاء لما يشوبها من زيف وخداع مما يفرز أوضاعا ترزح تحت نير...
بخفة صعدت القطار، استويت في مكاني بعدما وضعت أغراضي. أخذت كراستي كالعادة لأسجل حدثا صامتا، تفاهة انفلتت من البشر... قبالتي فتاة أعتقد أنها جميلة. شيء ما سرى في شارع قلبي. من تحت الأجفان كنت أسرق النظرات. نظراتها طائشة، حركاتها مستفزة، تبتسم وتتدلل.. بعيني شربت اللحظة، بقلبي أحرقت الدم الدافئ...
تنوء شخصيات المجموعة تحت ثقل عادات وتقاليد تكيف سلوكاتها وتصرفاتها، وتؤطر نظراتها لأمور الحياة وشؤونها. كما أن العلاقة بينها متوترة وصدامية، حيث تسعى الأطراف المتنافسة إلى تحقيق النصر بجعل وجهة نظرها راجحة. لكن الصراع الأشد والأقوى هو بين فئة الكبار المشبعين بالتقاليد الراسخة في وجدانهم...
عندما يُصلب كيان الإنسان فيأكل طير الضياع من أدميته، يصبح سؤال الأنا والوجود ضرورة ملحة، يفرضه واقع مأزوم. وسؤال «من أكون في هذا الوجود؟» قائم على رغبة في تحديد هوية الأنا، وتلك بداية مرحلية لعملية التفكير، أو لنسمها مخاض ولادة الوعي، الذي يدفع بالإنسان إلى البحث عن سُبل توصله إلى أن يعيش وجوده...
رقصة الهيْتي تدعو إلى تجاوز الأنا الأحادية.
وكلمة "هيت" معناها : هلم، هلم!
وهلم معناها: تعال، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث والمذكر، إلا أن العدد فيما بعده، تقول: هيت لكما، وهيت لك".(14)
هناك ثلاثة أنواع من الهيت في المغرب:
ا ــــــــ الهيت الحياني: وهو بطيء ويتـميز باستعمال المقص، إضافة إلى...
مدائن ليلات / مجموعة قصصية تضم 28 قصة ، ويأتي هذا الإبداع الجديد بعد إصداره لرواية تحت عنوان : قرية ابن السيد ، وقد اختار الكاتب حسن إمامي لمجموعته القصصية عنواناً : مدائن ليلات ، يشرق كالشمس على كل القصص ،فخلق مرايا متعددة للعنوان ، فأثقله بإيحاءات أسطورية تغرق في تاريخ الإنسان الأول ، وأخرى...
..عضت على شفتها السفلى ، من كثرة البلل انتشر أحمـر الشفاه بين أسنانها ، أخرجت منديلا من الورق ، مسحته بلطف ، رسمت مسافة بين عينيها وبين الورق المغمس في مزيج بلل أحمر .. بقوة لملمته ودسته في المطفأة ..
أخذت رشفة من الكأس ، تأملت حافته ، ابتسمت .. بدأت تبحث في محفظتها اليدوية عـن هاتـفها المحمول...
بردت الجدران، صفع زوايا غرفته بنظرات تتكسر على الجدران، أحس أن المكان يطارده.. ببصر حديد رأى حياة الفراغ تأكل ما تبقى من عمره، فوق سطح النسيان كتب آخر سره إلى من التقطته ليلا من الشارع. تداخلت الأجسام، تشابكت الأنفاس، تناقضت الأحلام وتساقطت مع الأيام. فكر وقدر. خط رسالة تضج بكلمات غير ناضجة...
تعتبر القصة فنا من الفنون الأدبية التي اهتمت عبر الزمن الطويل بنقل الواقع المعيش وتسجيله بطريقة فنية و جمالية .
وبهذا المعنى فالقصة تأريخ لمرحلة تاريخية يعيشها القاص وينقلها في عمله القصصي بطريقة فنية متخيلة ، ترقى بالواقع المعيش من مستوى الواقع الملموس المضطرب ، إلى المستوى الفني و الجمالي...