قصائد آخر الليل
مبصرة جدا
تتسكع وحدها على الأرصفة
تقبل في غفلة من النائمين
الفوانيس المضاءة
وتلك المعطبة
تقرأ في غفلة من البوليس
ما تبقى من شعارات الثورة
التي محيت بأمر من حكومات ما بعد الثورة
بدعوى أنها تلوث جدران المدينة
لكن الحروف المشاغبة
والمتنطعة والمارقة والجسورة
والعبقرية والصفيقة...
سأحتاج اخضرارك
واحتاج هذا المرمر الفضيّ في البسمات
وأحتاج انسكاب الضّوء في أعتاب دارك
وأحتاج ترنيم الرياح إذا علت
والخيل عادية يوشّيها غبارك
حاجات هذا القلب ما حاجات هذا القلب؟
حاجات هذا القلب جامحةُ
وأجمحها الطّيرالتي
رفّت على هدب الهوى كلَفا
ورنّاتٌ يبكّيها النّوى شغفا
فتدقّ بالأظلاف يغويها...
كل شيءٍ كان مدهشا
كضوء الفجر
وسريعا كضحكة في حلم
العين التي فاض بهاؤها
كانت ترتل في غفلة من المسافة
ترانيمها
النايات التي تصدح
كانت تردد ما استعجم عن البلابل
من اناشيد
الاطفال الذين كانوا يقفزون
من بين اناملنا استحالوا
تكات مسبحات
ونقر اقلام من القصب
فوق لوح خططنا
فيه ذات ميلاد
نون والقلم
فوز...
ويا سيدي مالذي قد وهبت
لنا
وماذا نثرت لنا
في الحقول
وماذا زرعت لنا في
اعالي
الهضاب
وماذا حصدت لنا
في
السهول
وماذا تراك وهبت السواقي
وأي رحيق أرقت. لنا
في الطلول
وياسيدي ما وهبت الجياع
وماذا منحت الفقير العليل
وذاك الصغير الذي قد تلظي بحر
ويرعبه القر حين يطول
وتلك التي فجعت في فتاها
ولم تدر من...
هل لا بدّ من هدهد
كي أتيه عن أصل النبع
ومن سحب كيما يمور الماء
في خلد السنابل
ومن بيد كي يعود الصّوت
الى حاديه
ومن ريح مؤجّلة كي يثور هذا الاعصار ليزوبعني
ومنك
كيما ينكّر قلبي لي
في طرفة عين
وتتبارى دموعي في إخضاعي؟
ليس قلبي هذا الذي نبتت
على حواشيه الأسنّة
وليس شغافي
هذا المصهور بالغظى
الجاهليّ...
تباعدنا
مثل غمامتين
غريبتين في أفق عاصف
توادعنا يوم قلنا
سنقطف معا من ذاك الزهر الاصفر
المجهول الاسم
قلت ستظفر لي منه اكليل الملائكة
هكذا كنت تسميه
تقول لي أنت النقية كدمع المحار
وانا غجري جرحته المواني
وصبغت رئتيه
السجائر المهربة الرخيصة.
كنا نغني كمجذوبين
ونمعن في الخصام والضحك الطفولي...
تظل تحتاج غصنا
تعلق عليه حزنك
ورابية تطل منها على الغرباء
وفنجانا تحترق بسره
ولا تقرأ فيه طالعك
تظل تحتاج معطفا ليقينك أن الشتاء قادم
ومطرية كي لا تخيب ظن السماء
ومكواة لتساير المجتمع .
تظل في حاجة إلى الصيف
لتشتري العنب
وإلى الليل كي تثقب عين القمر
تظل محتاجا للاغبياء
لتثبت أنك مدني بالطبع...
قليل من الكبرياء.
وتنسى
قليل من الاحتراق البطيئ
علي جمر هذا المساء
قليل من اللازورد
ومن شهقة النجم
إذا خاصمته
بروج السماء
قليل من الاحتضار لتنسى
ومن وجدك الشفقي
ومما يسمونه جلدا جاهليا
قليل من المشي صبحا
بعكس اتجاه الطريق
قليل من الصمت
أو من كلام بلا اي معنى
ومن غض قلبك
إذا بزغت وردة في الحريق...
يعادونني
ويلقون في بركتي حجرا
وإمّا زهت وردة في سياجي
يسلّون أوراقها
ويستقطرون النّدى هكذا ترفا
ويستبعدون الطيور
لكي لا تحطّ على شرفتي
وينتثرون كملح الطعام بلا سبب
كي أصير أجاجا
وأنسى الرحيق
ويسرون مثل الشكوك هنا قرب بيتي
ويتّهمون الفراش إذا راقه
أن يعيد الرّبيع إلى لغتي
يعادونني
هكذا بلا أيّ...
لست خجلى
ولا أخفي شيئا
أنا كما ليمونة باحت بأصفرها
للعابرين
وكما قرنفلة ضجّت بعطرها
فعضّت على سبّبتها لينفجر الدم
أنا الغيمة التي انتظرت طويلا خريفها
فكيف إذن ستهطل دون ضجيج
انا لست خجلى
ولا أخفي شيئا
أنا امرأة تبدّدت في أغنية
وانهمر قلبها في نشيد
أنا امرأة عشقت حدّالثمالة
حتى طار الحقدمن...
الرجال الاشداء المماليك
قالوا :
نحن حراس الجبل
لن يجرؤ عليكن غول .مارد .أو شيطان
ها نحن نوقد الحطب ونصطلي
وندخن نارجيلة الأعشاب
حتى إذا بلغ دخانها المردة
خروا غشيانا مصفدين
في الشتاء يدثرنا صوف انعامكن
ونحسو حسوة القمح والفرماس
ونأكل خبز الذرة المالح
ونستمرئ نقيع النجوم
حتى إذا جاء الصيف...
بالاحاسيس التي لا بد منها
لاستفاقات القمر
بالمطر
وهو ينثال على كفيك
وردا وزهر
بامانيك عذابا أن يظل الغصن
إما زرتني
خببا حلوا مباحا
وترانيم وتر
بالخزامى والعبارات اليتامى
صاغها الشعر دروسا وعبر
بالحميا خمرة الوجد سلافا
بالثريا
تنثر الضوء خلاسيا عليا
بالحداء في فلاة الصب غبا
بالنداء إذ تغيب فيظل...
راحلون
وراحلة قوافيهم
وما سكبوا من ماء غلتهم
وما تمنوا
وما رصدوا من ياسمين الشوق
وما غنموا من طيف ذاك الحب
مشتتة خواطرهم
وأبيات لهم صفرت
وغزلان لهم شردت
وأنغام من الأحلام طائرة
رحلوا وأسفار قد احترقت
وأشعار كما هشيم العمر
تذروها الرياح
بادوا وما بدتًُ
وأزهار من الأشواق سامقة
في أرض روحي
وأقمار...
ومالي إذا م رحلت
وجدت البلاد تحاصرني كالسوار
ومالي إذا ما وقفت
وجدت خطاك
تصاحبني فوق ماء الطوار
ومالي إذا ما سالت
عن الاقحوان الغريب هنا
أتاني نفح من الياسمين
وورد تسامق فوق الجدار
وما للعيون هنا لا تقول ظنوني
وما للكلام يطير كسنبلة
في ضمير الغبار
ومالي إذا مالمست الورود هنا
يشاغلني أحمر الجلنار...