فوزية العلوي

النساء اللائي تعبن من نشر الغسيل ومن تقشير الثوم في المطابخ المظلمة ومن رتق جوارب العصافير والنسور المتغطرسة ومن تذوق وجبات الملح الشاكيات من الدوالي ومن عرق الأسى ومن فراغ قاموس الحب الزراعات العطرشاء في أصص لا تخضر والغارسات شجرا من الزيتون في حقول الاحلام المسجلات في دفاتر اليأس لأنهن بتن...
تلك امرأة لا تعرفني لكني اعرف عنها معظم التفاصيل الزر الضالع من قميصها لطخة الخوخ التي في تنورتها والتي تحاول إخفاء ها بخقيبة يدها غرامها بزوجي وادعاؤها انها تشتري منه اللوز الذي لا تجده في البقالة المجاورة حديثها الذي يشبه نصا هيروغليفيا والكلمات المتقاطعة التي تريد أن نتشارك فيها في لعبة...
نستعيض عن العالم بالنص . وعن زهور البرية بألوان المجاز وعن الشوق بالاستعارات البعيدة وعن عناق الفراق بالتشابيه البليغة نسري في ليل الأحبة أبياتا منجمة نثرتها الصعاليك في ثرى محل وربوع محصبة . تمطر احداقنا فلا يتلقّاها صدر ولا عنق ولا راحة يد ولا معصم يرجفه النبض تمتد دلاء العين والفاء والقاف...
لم أكن أعلم بوجود شاعرة كبيرة و متميزة و هامة لها حضور خاص و متميز في المشهد الشعري التونسي و العربي ، و إني لآسي حقا لأنني لم أتمكن من معرفتها أو التعرف على تجربتها الشعرية منذ سنوات ، و سأبقى ممتنا لليوم الذي عرفتها ، حيث أهدتني إسمها إنها الشاعرة فوزية محمود العلوي . من خلال قراءتي لأوراق...
سأكون مشغولا فلا تقلقوا بشاني ولا تكتبوا لي فوق السياج حروفا ولا أيقونات تخافون شراسة البوليس الذي عاد معتمرا قبعة بألوان الربيع لكنه أبدا يكره الشعارات التي تسوي بين سكان اسبرطا وسكان اثينا لا ترسلوا لي سلالا من العنب ولا حتي سجائر شقراء سأكون مشغولا ولربما اجد وسط الرواق علامة حمراء ممنوع...
انتظرك دائما بقلب مشفق وكف شفافة كاثواب العصافير طفلي انت الضائع في أزقة الضوء أم بعض اطيافي القديمة سورة الإخلاص في خلوة ابي رائحة السعف المغبر ونحن نرقب تسريح المؤدب لنا كي نأكل البسر الحلو من مصطبة الجريدي الأسمر جلجل الفرس البيضاء التي يبخرها عمي بالجاوي والملح صخبنا ونحن نجري لنتسلق...
فارغ هذا العالم كفنجان خزاف وقلبى ساحة حرب اقفرها القنّاص من يوحي لشجرة البن ان تكبر وللأذرع النحيلة ان تحمّص قلبي كي اترع روحك بالقهوة ونترشف معا رغوتها القهوة اخت الشوق وبنت الغياب ولابد لي من حريق هنا في ضلوعي لكي أعرف أني عشقت .... نايات اضلعي وانت الريح التي لا بد منها لايقاظ رنات الجبال...
راحلون وراحلة قوافيهم وما سكبوا من ماء غلتهم وما تمنوا وما رصدوا من ياسمين الشوق وما غنموا من طيف ذاك الحب مشتتة خواطرهم وأبيات لهم صفرت وغزلان لهم شردت وأنغام من الأحلام طائرة رحلوا وأسفار قد احترقت وأشعار كما هشيم العمر تذروها الرياح بادوا وما بدتًُ وأزهار من الأشواق سامقة في أرض روحي وأقمار...
لا تستقطر الحب من أحد ولا تترك دلاءك للريح غيمة ماطرة تفاجئك فتترع أكواب قلبك حتى يسحً الماء على الأرصفة والشرفات ويغرق أحذية المارة فيحملقون في وجهك المعشوشب وفي السوسن المزهر فوق حاجبيك لا تنثر الحَبَّ للحساسين هي وحدها تبحث عن برعمك المخفيّ في هسهسات النّسغ تنتظره حتى إذا بزغ جاءته زمرا وطافت...
كاد حيّنا يصبح بستانا لو أن تلك المرأة بقيت امام بيتها إلى الظهيرة كل الابواب التي كانت أشارت اليها اخضرّت وبدت تطلق روائح الغابة الحطاب الذي اعتاد قطع الجذوع أصابه الارتباك وهو ينظر إلى الاصابع التي بدأت تنمو مع الاوراق بلا طلاء أظافر النجار الذي كان سعيدا بصناعة الكراسي لم يعد قادرا على فهم...
من اين عدنا؟ كل الطرق موصدة صرنا هواء وتسللنا عبر ثقوب الشوق. متى وصلنا؟ نحن لم نذهب ظللنا عالقين في اصوات البكاء الذي سفحته امهاتنا. لأننا كبرنا ماذا حملنا في قلوبنا افرغناها من الحنين فامتلات من جديد حتى جرفتنا إلى هنا الى قاع الحجر والطين والسلاحف المحنطة نحن نذهب لكننا نعود حتما إلى حفر...
فارغ هذا العالم كفنجان خزاف وقلبى ساحة حرب اقفرها القنّاص من يوحي لشجرة البن ان تكبر وللأذرع النحيلة ان تحمّص قلبي كي اترع روحك بالقهوة ونترشف معا رغوتها القهوة اخت الشوق وبنت الغياب ولابد لي من حريق هنا في ضلوعي لكي أعرف أني عشقت .... نايات اضلعي وانت الريح التي لا بد منها لايقاظ رنات الجبال...
تنتهي الحرب ونتزوج وندعو للحفل ما تبقى من المدينة الفتاة التي بعين واحدة ستحمل ذيل فستاني والشاب الذي على العجلة سيعزف لي فوق النخل فوق والمراة التي فقدت كل أبنائها ستناديهم جميعا وسيطلون من تحت الركام برؤوس عفرها الوقت تنتهي الحرب وابوح لك بالحب وساهديك ديوان ابن زيدون وقميصا كنت خباته لك من...
القهوة الأولى يتيمٌ المساحات أناَ ورحيل شمس الوقت من شُرُفاتها الصّباحات التي لا معنى لزرقتها وحجارة القبو القديم تشيرفي قلق إليْ القهوة الثانية مرارة اللّحظات إذ لا يسائلني عن محنة المعنى ولا عن الطّير التي كانت تسافر في حرير النّبض تبدّد الفنجان في خزفٍ كانت خسارته مضاعفةَ إذ لم يستعد...
تلك المرأة أكرهها بقدر كرهي لللبن الحامض تبدو لزجة وسائلة ورموشها لا تتطابق مع نظرتها. لا ادري لماذا يبدو حديثها مكعّبا كلما جاءت سيرة الحرب على لسانها مع أن كل البيوت تشظت والجماجم طارت شهبا في السماء والبيت الذي كانت تسكنه صار أشبه بخيوط العنكبوت حديثها عن الحبّ اكثر بؤسا من حديث الحرب...

هذا الملف

نصوص
329
آخر تحديث
أعلى