إيهاب خليفة
- تاريخ الإنشاء
- التحديث
-
- اسم الكاتب
- إيهاب خليفة كتاب مصر
يفرونَ إلى بيتِها العتيق ِ
يريدونَ مغفرتَها
وهي ميتة ٌ
العجوزُ التي تساقطتْ أسنانُها
وافترستْها تجاعيدُ
الموشومة في يدِها
المشوهة الآنَ
التي كلما سألوها عن شيء
راحتْ في خيال ٍ
ولم تردْ
التي تستفيقُ مرة في السنةِ
تحكي عن أبطال ٍ
وبطولاتٍ لم تحدثْ
معها خنجرٌ
عليه دمُ عشيقِها الوحيد .
ألم تكنْ...
من الميلادِ
أعلمُ أنني وطنٌ
لِمَا هو مهملٌ
و منفي .
حياتي أمام الأبواب
أو تحت
أحواض الغسيل .
كل وقت يأتيني زائرٌ
بلا ملامحَ
يحملُ ذكرياتٍ عفنة ً
الدجاجة كيف قصُّوا أعضاءَهَا
وألقوا أحشاءَهَا
الخبز لا يزورني إلا والفطرُ
طافرٌ على وجهه
كَحبِّ الشباب .
ممَّ صُنِعْتُ
من إطاراتِ السياراتِ الممزقةِ...
- نعم، انتقلَ الأحياءُ إلى المقابر،
وانتقلَ الموتَى إلى البيوتِ .
وُضِعَ في قصر الحاكم
جثة لحاكم قديم
على نفس الكرسيِّ
المرصع بالجماجم والدماء ،
ووُضِعَ حارسان مقنَّعَان
من نفس الزمن
كان يفضلهما ،
ويؤثرهما بالجلدِ
والسباب .
المتهمونَ بالخيانةِ
بُحِثَ عنهم في كلِّ قبر ،
ورغم التشوهاتِ
التي دمغتْ...
ضرس الماضي
….
إنه مخوخ
ويسبب لي ألما مزمنا
عصبه مكشوف
والهواء الساكن فوقه يدمي
لا قرنفل يجدي
ولا مسكنات
طالما ضرس الحاضر
يئن في الجوار
حيث لا يمكن حشو الزمن المتآكل
بزمن سيتهشم
أريد جراحا عبقريا
يخلع ضرس الماضي
ولا يخشى على روحي
من النزيف
يخلعه بأي شكل
حتى لو ظلت بعض الذكريات
متجذرة
حتى لو كان...
مارًّا علي المحيطِ،
لآخرِ مرةٍ،
لا سحابَ أكبرُ من دمع ٍ،
صنعَ الثلجُ مذبحة بالعشبِ الذي أحبني
شجرةُ الحلمِ دُفِنتْ حَيَّة ً
في البياض ِ،
أعلمُ أنَّ علي الشاطِئ ِ الآخرِ شَرَكـًا،
أعلمُ أنَّ بمجردِ هديلي سيبدأ العرضُ العسكـري ُّ،
أعلم أنَّ السماءَ ستسقط ُ مغشيًّا عليها،
والتراجيديا ستنظرُ مِنْ...
لي كتاب يوزع في كل العالم
عن الشعراء
ترجم إلى كل اللغات الحية و الميتة
بل توصلوا إلى محاكاة صوتية للتغريد ؛ لتفهمه الشعوب !
و حولوه إلى نبرات صارخة ذات مخالب ؛
لتردده العصافير !
لي كتاب اعتبرته الغابات بمثابة
إعادة اعتبار لأشجارها المسروقة ،
و عاجها المهيض !
لي كتاب مدهش ألفته عن الشعراء
قلبِ...
إلى أينَ هم هاربون
بحفاضاتِهم وعرائسِهم
بالكاد لهم سِنة أو سِنتان
بالكاد يمضغون القمحَ
المهروسَ في اللبن .
على ظهورهم لافتاتٌ
وأمامَ منافذ الهجرة
عرباتهم المشمَّسة ُ
تسدُّ الأفق .
لا هُويَّاتٌ معهم
ولا جوازاتُ سفر
وماذا يفعلُ ضباط الحدود
بقنابل الغاز
و خراطيم المياه .
أطفالُ الشرق
يلوحونَ...
نعم
انتقلَ الأحياءُ إلى المقابر،
وانتقلَ الموتَى إلى البيوتِ .
وُضِعَ في قصر الحاكم
جثة لحاكم قديم
على نفس الكرسيِّ
المرصع بالجماجم
والدماء ،
ووُضِعَ حارسان مقنَّعَان
من الزمن نفسه
كان يفضلهما ،
ويؤثرهما بالجلدِ
والسباب .
المتهمونَ بالخيانةِ
بُحِثَ عنهم في كلِّ قبر ،
ورغم التشوهاتِ
التي دمغتْ...
الأسودُ التي تحرسني
كلَّ ليلةٍ تقولُ :
لو كنا في حديقةٍ
لتشمَّسْنا في العبير
وأكلنا اللحم
الذي لم نشاركْ في صيده
اللحم الذي منهُ يهرِّبُ
العمالُ البؤساءُ لأبنائِهم
لو كنا في غابةٍ
لما استطاعوا اصطيادَنا
لأنَّ أظفارَنا التي تجرحُ
لن تداعبَ الغرباء
لكنْ
ها هو البرونز
الذي يطمسُ العيون
لا يلمعُ...
هنا في الطريق الغائم فرَّ شاعرٌ!
بالجفاءِ الذي يشنـقُ،
و بالدموع.
حول الأسئلة التي طارتْ مِنْ عينيهِ
كخيوطِ دم،
حامت طيورٌ مجهولةُ الاسم،
واقتنصتها؛
لتصنعَ أعشاشًا
فوقَ شجرٍ ومقابرَ
تشبه بشرًا يبتسمون !
( شيءٌ أغربُ منَ الخيال ِ، الكلماتُ ككتل حجريةٍ،
تقفزُ مدمِّرة ً اللافتاتِ، وإشاراتِ...
أقاطع اليد الملوثة بالدم النبيل،
أقاطع اليد التي تغلق النوافذ على الغيم،
أقاطع اليد التي لا يعرف كم عدد أصابعها،
ولا عدد الذين خبأتهم في النسيان،
ولا عدد الضحكات التي أرسلتها
إلى زوايا الخرس.
أقاطع العين التي غمزت للعين
التي تتلقى الغمزات
وتصوب الرصاصة على الحلم والفراشة،
أقاطع العين التي...