ثمة دمٌ كثير.. كثير..
لا كالذي كنا نقرأ عنه..
أو نشم رائحته على أصابعنا..
أو نخلّده في البيعات على قماش السياسيين..
كثير .. كثير..
كثير إلى الحدّ الذي لا يتّسع للدبابات تفادي انفجاره حول جنازيرها..
ولا يتسنّى للطائرات سدّ آذانها عن هديره..
وكثير بما يكفي لتخمير كبرياء جثث لا تنتظر القبور..
دم...
ألم تفهم السكينُ بعد :
أن خمسة عشر شهراً من الدم..
ليست جرحاً صغيراً في خاصرة الوقتِ..
وأن الضمادَ (الطائفي) لن يوقف هذا النزيف..
***
ألم تدرك الرصاصةٌ بعد :
أنها لم تعد قادرة على الذهاب أبعد من الأجسادِ..
وأن الموتى..
لا يموتون..
ثمّة حياةٌ يُسمعُ أزيزُها الآن وراء المتاريس..
في المنعطفاتِ...
الطائرُ الذي يحطُّ من عليائه كل حين..
يتفقّدُ الأرضَ وأحوالَ الناسِ..
الطائرُ الذي أتقن حسابَ تركةِ الدمِ..
والإفلاتَ من مصائد الطغاةِ..
الطائرُ الذي بنى عُشّه فوق كبرياء "يوسف العظمة"..
وشحذَ صوتَه بحنجرة "الكواكبي"..
وكست روحَه آلامُ "رياض الترك"*..
الطائرُ الذي يعقدُ قرانَ النخل على الريحِ..ِ...
يا أمي: كأن الرحيل كان البارحة
يا عكّازَ وقتي الكفيفِ
ويا مقاعدي على أرصفةِ التّعب الطويل
هـــــــــــا أنـــــــــــــا
الشاغرُ إلاّ مــنكِ
أبحثُ عن صُرّةٍ لمْلَمْتِ فيها أوجهي التي أنسربت
لمْلَمْتِ فيها براءتي . .
خسائري . . أنا الذي قايض َ الطمأنينة .. بالهزائم ِ
ويا وجعي الفسيح ِ ...