عبدالرزاق دحنون

(بمناسبة ذكرى ربع قرن على رحيل المفكر العراقي هادي العلوي البغدادي) حوارية مسرحية في مشهدين المشهد الأول: يُفتح الستار عن شخصين مُتقاربين في العمر، يقفان على الرصيف الأيمن نهاية الشارع الذاهب من ساحة الحجاز (محطة القطار) باتجاه سوق الحميدية، وهما أقرب إلى مدخل سوق الحميدية في وسط العاصمة...
(قال عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص عامله على مصر، وكان ابنه قد ضرب قبطياً سابقه فسبقه: يا عمرو، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً) تُرى كيف ينسج "الطَّاغية" رداءه؟ وكيف يطرز قميصه ويشكّل يديه ولسانه وأنفه ثم جسده كي يكون في خدمة الآلة الكبرى التي تطحن القيم الإنسانية في الفرد؟ أي قوة...
الصالح في اللغة: خال من الفساد، مُتسم بالبرّ والخير، مُستقيم، سليم. يُقال ماء صالح للشرب، عذب فرات. والصالح المستقيم المؤدي لواجباته. ومن مستلزمات الحاكم أن يكون صالحاً مستقيماً. ولو عدنا إلى المفكر العراقي هادي العلوي-طيَّب الله ثراه- حيث يقول: هناك قاعدة فكرية خطيرة ترجع إلى كونفوشيوس وتوسع...
حين التقى الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون زعيم الحزب الشيوعي الصيني ماو تسي تونغ، في 21 فبراير/ شباط 1972، قال له: أنا معجب بما فعلته لتغيير العالم. فردّ ماو: أنا بالكاد غيَّرت الشارع الذي أعيش فيه. ثم أضاف: أنا أعتقد أنَّ اليمين أقدر على تنفيذ ما يقوله اليسار من دون أن يفعله. ذكّرني كلام ماو...
صديقان يحتسيان الشاي في مقصف كلية الطب البشري المطلة نوافذه على ساحة الجامعة. فجأة ارتفعت ضجة وأصوات هرج ومرج، وتردت أصوات استغاثة، وأنات شاكية، وشتائم عنيفة، ونوبات ضحك واضحة شامتة. أطلَّ أحد الصديقين من نافذة مقصف كلية الطب ليستطلع ما الأمر. قال: - انهم يضربون شخصاً ما في ساحة الجامعة. سأل...
في كتاب مارك كيرلانسكي الملحمي "تاريخ الملح في العالم" والذي حمل العنوان الفرعي التالي: "الإمبراطوريات، المعتقدات، ثورات الشعوب، والاقتصاد العالمي" يصل في بحثه إلى ثورة الملح التي قادها المهاتما غاندي في الهند ضد بريطانيا العظمى التي لا تغيب الشمس عن مستعمراتها تلك الأيام. ذُهل الكثير من أعضاء...
جلس المأمون بن هارون الرشيد يوماً للمظالم، فكان آخر من تقدم إليه -وقد همَّ بالقيام- امرأة عليها هيئة السفر، ثيابها معفرة، رثة، وقفت بين يديه، وقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين. نظر المأمون إلى نديمه وصاحب مجلسه يحيى بن أكثم، وقال لها يحيى: وعليك السلام يا أمة الله؛ تكلمي بحاجتك. قالت: يا خيرَ...
اتصل بي من سوريا قائلاً: ابن عمي، أتذْكُر لما قلتَ لي من زمان: يوماً ما سيفتح الأطباء بطنك ليكتشفوا أن أحشاءك مختلطة ببعضها، فلن يجدوا ما يفصل الكبد عن المعدة عن البنكرياس؟ هذا تماماً ما يحصل معي اليوم. قالها، ثم انفجر ضاحكاً بطريقته الخاصة في الضحك التي يعرفها أهلي جيداً. كانت تصلهم قهقهاته...
كنت وصديقي الدكتور المهندس فهد مرتيني والمهاجر إلى كندا من سنوات، نخطو بصعوبة عبر منحدرات جبلية شديدة الوعورة، تكاد تستعصي على الغزلان، نجول على الأقدام حول مستوطنة بشرية تتألف من كهوف طابقية منقورة في صخور كلسيَّة في السفوح الجبلية لقرية "معترم" التابعة لمدينة أريحا في محافظة إدلب شمال سورية...
قال أبو طالبٍ شاعرُ داغستان المشهور: إذا أطلقتَ نيرانَ مسدّسكَ على الماضي؛ أطلقَ المستقبلُ نيرانَ مدافعِهِ عليكَ. روايةٌ قصيرةٌ من رواياتِ أعظمِ الأدباءِ الروس كتب مسوداتها العشر خلالَ السنوات من 1896 إلى 1904، لكنّها لم تنشرْ إلا بعدَ وفاتِهِ سنة 1910. لذلك لا نجدُ نصًّا ناجزًا بيدِ المؤلّف...
وتسأل لماذا هي إمبريالية؟ لأنها، يا صاحبي، وببساطة شديدة، تستعمر وتضمُ بلا وازع الأراضي المحيطة وتتوّسع على حساب أرض جديدة تستكشفها بين الحين والحين، فهي تستعيد استخدام ثيمات وطرائق الكوميديا، والقصة، والهجاء، والقصيدة الغنائية، والقصيدة التعليمية، والتفكير الفلسفي، والأسطورة، والموروث الهائل من...
وحدها المصادفة من قادني لأتعرَّف على قصَّة نزلاء ذلك السجن الرهيب في "تازمامارت" في المغرب العربيّ، وأنا ابن بلاد الشام، ونادراً ما كانت تصلنا أخبار المغرب العربيّ قبل ظهور البث الفضائي. كنا نتلقَّف أخبار ذلك المغرب العربيّ البعيد عن طريق بعض الصحف والمجلات العربيّة التي كانت تصدر في بيروت...
تعزُّ عليَّ لوحة صغيرة من أيام طفولتي، أحبّ استرجاع تفاصيلها بين الحين والحين، ولحظة عودتها أُحسُّ كأنها رُسمت يوم أمس. ها أنا ألمح تفاصيلها بألوانها الحيّة الزاهية: إذا فتحت باب دارنا في حيّ المنطرة في الجنوب الغربي من مدينة إدلب في الشمال السوري في أوائل سبعينيات القرن العشرين، سترى على الفور...
رفيقي العزيز توفيق كناعنة الشيوعي المُخضرم المُقيم ما يزال في بلدة "عرابة" في فلسطين بعد التحية والسلام آمل من كلّ قلبي أن تصلكم كلماتي هذه وأنتم في تمام الصّحة والعافية والعمر المديد إن شاء الله أسعدني كثيراً وفرحتُ به -وأقولها صادقاً- تقريظكم في جريدة الاتحاد لمقالي المنشور في ملحق الجمعة...
في يوم خريفي حزين من عام 1998مات هادي العلوي البغدادي ابن كرادة مريم بنت عمران أو الكرادة الغربية الحيُّ البغداديُّ العريق الذي يقع في وسط بغداد ويمتد من جسر الجمهورية إلى الجسر المعلق، ودفن في مقبرة الغرباء في حيّ السّيدة زينب في دمشق العاصمة السوريّة، وترك بذلك الموت المُبكّر فراغاً، أو لنقل...

هذا الملف

نصوص
130
آخر تحديث
أعلى