... الماء البارد المُنساب بغزارة على جسدها المُنهك لم يُحدث به تلك القشعريرة ربما فقدت الإحساس بالأشياء. تُحرّك أصابعها ببطء داخل شعرها و تغمض عينيها كى تنسى تلك الليلة الفاصلة ، أيعقل أن يغسل الماء أحداث نصف ليلة اختزلت قصة حب دامت ثلاث سنوات ونصف ليلة !؟ كانت تحُثّ الخطى حين دخل المصلون الجامع...
منذ خمس وثلاثين سنة خلَت تمّ تعييني مُدرّسة بمنطقة ريفية نائية. فرحتي بالتعيين والدموع التي رأيتها في عيون والديّ وأخواتي ، أنستني المكان المجهول الذي سأذهب إليه وأنا شابة لم تكمل التاسعة عشر ربيعا. كنتُ الأولى التي تحصلت على الشهادة بل الوحيدة في قريتي الصغيرة . كان يوما مشهودا تعالت فيه زغاريد...
قلتَ انكَ تكرهُ الإنتظار و لن تغادر حتى تسمعني أقول لك: (أحبك)
تلك العبارة ! كنتُ أردّدها كل يوم، بطرق لم تعرفها النساء قبلي. انهمرت فوق المطرية التي حملتُها لك تحت المطر،
علِقتْ بقاع فنجان القهوة الساخن الذي أسكبه لك كل صباح لأزيح ارتعاشك ... عَجنتها مع الخبز الأسمر بحبّات التّمر وخصصتك بالجزء...
... نعم سيدي الرئيس اغتصبت زوجي، اغتصبته مع سبق الاصرار والترصّد! لا يربكك اعترافي سيدي، المرأة أيضا تَغْتَصِبُ وبكل جنون الشبق...
أذكر أنها كانت ليلة خميس من شهر افريل في بلد أقل ما يقال عن طقسه في هذا الشهر " النار الحمراء" كنت أغادر الحمام.... طقطقات قبقابي كراقصة طانقو، نصف عارية، جدائلي...
مثل كل المراهقات، كان سبيلنا الوحيد إلى عالم الذكور هو اغراءهم في المدرسة وخارجها إذ لا حدائق ولا دور سينما تجمعنا .
كنا نراقبهم في ثياب الفتوّة، نعضّ على شفاهنا ونمسك حلمة صدورنا التي بدات بالنتوء و تكاد تخترق الميدعة ونتحسّر، ومن أسعفها الحظ بجار أو قريب مثير كانت عرضة للحسد والأسئلة: هل تغير...
حقيبة أقلام ملونة، تلك كانت هدية أبي الأولى عندما عاد من السفر من القطر الليبي الشقيق . كنت بسن ست سنوات تقريبا . أجلسني بجانبه واعطاني قرطاس السكر وقال لي: ارسمي عليه ما شئت ، بينما راح يصب الشاي لجدتي. لم أشأ أن أفتح علبة الأقلام الملونة خوفا من أن يفتكها مني ابن عمي المدلل الذي لا يُردّ له...
الخميس هو اليوم الأسود ، أتعس أيام الأسبوع . الكل في حالة استنفار، وجوه شاحبة وقلوب مرتجفة كيف لا وهو يوم الconjugaison فيه نلتقي بسيدي الغماري من الساعة الواحدة ظهرا الى الساعة الثالثة بعد الزوال. ساعتان تختزلان عدد ساعات الأسبوع بأكملها.
الرعب يتمكن منا قبل أن يدق الجرس فتجدنا نستعرض معا...
جارتي قامت ببيع كنبتها العزيزة لبائع اختص في شراء الاثاث القديم، المضحك في الأمر انها استبدلتها بسطل وصحفة بلاستيك، سألتها باستخفاف كيف هانت عليك العشرة وفرّطت في الكنبة لتجيب أن اليوم يوافق الذكرى الخامسة لوفاة زوحها والكنبة لم يعد يتسع لها مكان في البيت ثم أنها تذكرها بتلك الليالي التي يمضيها...
..وانا تلميذة لم تكن الصفوف الأولى تستهويني وحتى بعد ان تخرجت وتوظفت ، ورغم ذلك كنت لا تفوتني شاردة او واردة ولا افوّت حرفا مما يقوله الأستاذ. التفاصيل الصغيرة هي ما يستهويني كأن اظل طوال حصة الرياضيات الاحق ذبابة على نظارة استاذي، هو لا يهتمّ لها اصلا ولا حتى يهشّها حين تحطّ على باربيشه بل...