محمد خضير

إزاء خطاب الزيارة المأمولة لبابا الفاتيكان فرنسيس، يستقبل العراقيون قداستَه بخطاب يجرُّ وراءه ذيولَ التودّد المزيف والعاطفة المتذلّلة؛ ونقيضه خطاب آخر يحمل روح الشكّ المتأصل في العروق الموروثة من عداء أكبر امبراطوريتين مشرقيّتين: الإسلامية العثمانية والأرثوذكسية الرومانية. لقد مضت عهود سُحِقت...
ينعقد مجلسُ الحُكم في ميسوبتاميا، منذ زمن غير معروف، بأعضائه المؤبدين، خلف الزجاج السميك، المتّسخ بلمسات الجماهير الغاضبة، التي اعتادت محاصرة الموقع الرئاسيّ في خريف كل عام منذ عشرين عاماً. يتراءى أعضاء المجلس وهم يحكّون جِلودَهم المتقرّنة كلحاء شجرة معمَّرة، بمخالب أظفارهم المعقوفة، كان لقمان...
في اتصال هاتفي نادر، ظُهر هذا اليوم، مع الدكتور مالك المطلبي، ناقشنا مسائل كثيرة، منها مسألة الهامش الذي يتسع ليصبح متناً عريضاً بشروط خاصة. لماذا كانت نصوصنا مضغوطة في هامش "حر" من أجل دفع شكوك المتن المتاح على وسعه تحت ظلّ رقابة سلطوية شديدة ومحاسبة اجتماعية من جهة ثانية (قبل سقوط النظام...
يُشار الى مجتمعات العالم الثالث/ المجهول، بأنها ضحيّة الثالوث الخرافي: الجهل والفقر والمرض، غير أنّ للأثفية الاخيرة في أنثربولوجيا المناطق الاستوائية والصحراوية اسطورةً متأصلة في دراسات المستكشفين، مقرونةً بأشهى الطبخات وأجمل الأكلات الحرّيفة (كتُب ليفي شتراوس مثلا). ولا يكاد يخلو جسدٌ جميل من...
(إلى منى أنيس) نشرت صحف الأيام السالفة صورتَيْ عالمٍ لغوي وشاعر كلاسيكي في ساعات ما قبل الرحيل عن عالمنا، وكانا قبل هذه الساعات يرفدان الأحياءَ بصحيح القول ونافع الشعر. كانت المغادرة المحتّمة خطأ نحوياً لا يمكن تفاديه، وبيتاً من الشعر لا يُقرأ إلا بالتأسي على قوةٍ انفرط خيالُها وكلّت قدماها عن...
(مشاركة مع محمد سهيل أحمد) على عكس "بيت" مهدي عيسى الصقر الفخم على "دجلة"، فإنّ عدسة الرحالة مدام ديلافوا تحتفظ بإطلالة هذا البيت الطينيّ الصغير على صفحة نهر بَصريّ canal، مغمورٍ بظلال السَّعف. بقيَ دجلة الكبير شاهداً على هجرة "الصقر" الى بغداد، ستينيات القرن الماضي، وعلى أحداثٍ عنيفة تلَت...
جيلان: جيلٌ انتهى بانسداد الممر التاريخي للمستقبل، وضياعِ الأمل في بداية جديدة.. وجيلٌ ابتدأ بعبثِ البدايات، والوثبةِ القاتلة على حاجز النهايات. جيلانِ متعاقبان في صورة معلّقة على ستارة الزمن الرمادي. (أدعوكم إلى تمرين افتراضي لكتابة قصة على الشبكة، واعلموا أنّ المناخ صيفيٌّ حار..) أتذكرُ...
لطالما نظرنا للربيع فصلاً ليقظة الجسد قبل الشعور. صحوة الفكر بعد خمول القراطيس وعُطل المعاجم وفتنة التواريخ. ونستطيع أن نضيف الى هاتين اليقظتين، يقظة الطبيعة المتسيّدة صفحةً جديدة في كتاب الوباء الأسطوري. وليس في هذا الزفاف، المساق دورياً، غير استعادة محض من أجل استكمال أركان هويةٍ مُضعضَعة،...
خارج أرض الأحياء، المشغولين بتفاصيل يومهم المضجرة، يسير موكبٌ صغير بأفرادهِ وهواجسه: قافلة متمهلة، باتجاه مجهول.. عن هذا الموكب المرسوم برؤية استشراقية، كتبتُ في تسعينيات الحصر والقهر، عن شطر من أشطار الصحراء المحيطة ببصرياثا. تسربت القافلةُ من لوحة للرسام الفرنسي جان ليون جيروم (١٨٢٤- ١٩٠٤)...
في كتابي (حدائق الوجوه) جعلت البستانيَّ شخصيةً محورية يروي حكايات سبع حدائق منتظمة في تاريخ السرديات العالمية. فالحدائق أقدم ما تمثّلَه الفكرُ البشري لتأسيس مفاهيم مثل: الاتساق والانسجام والتناظر والبساطة والموسيقى والجمال. ومنها اخترع بستانيو العالم نظام مدينة الأرض الفاضلة،النظيرة لمدينة الله...
ليس سهلاً أن تتعامل مع موضوعات قديمة بأدوات فنية حديثة. فثمة تهيّب يقف وراء أشكال "السومريات" المجتلَبة من الماضي البعيد، وثمة تحديقة متسائلة تطل من العيون وتنفرش على مساحة الحاضر الملغومة بالاحتمالات والتغيرات المفاجئة. ولقد انتبه الفنان صبري المالكي الى هذه الإشكالية الموضوعية حين عنون معرضه...
أكثر من منفذ يمكن أن يؤدي الى ذلك الوكر الصحفي، مقرّ جريدة "الضباب". ومن وكر الصحفيين المغامرين هذا، نفرز صحفياً استعار من وليم غولدنغ تورية "ملك الذباب" ليسيطر على المدينة التي غدَت ساحةً للاحتجاجات السياسية العارمة، وأسلوباً في زرع التناقض الايجابي في صميم الانهيار الذي سُمّي ب"الفراغ...
تطالعنا صفحات الفيس بوك بين حين وآخر بصور الماضي، ولمحات متفرقة لبقاع الزمن المهجور. إن العين لتنجرح بضوء آفل يكاد يهرق شحوبه الرمادي، وقد عانى الاحتباس في افلام التصوير الشمسي، وانفلت من ذاكرة ضباط الحملات الاستعمارية والرحالة المغامرين الذين أتوا العراق طمعاً إلا من صورة فوتوغرافية يظهرونها في...
على جادة السكون المظللة بمراوح السعف كان فتى حليق الرأس يتحرم فوق دراجته الخفيفة، كالنائم، بين جدول واطئ مزبد بخيوط تشبه رغوة الصابون إلى اليسار، وجدار واطئ من الطين المتهدم إلى اليمين. تبدأ من حافة الجدول المعشب أرض تبعثرت فيها جذوع النخيل وأعشاب السوس والحلفاء المتوحشة، كما كان جدار الطين يحجز...
يُعد سرد الأحلام من أقدم الأنواع السردية في التاريخ: «وعندما نام أنكيدو رأى حلما، فنهض أنكيدو وقص رؤياه على صاحبه» (ملحمة جلجامش/ فصل 3). وفي هذا النوع من الأحلام ترى الذات الساردة نفسها في مركز العالم (مركز الكون السردي): «يا أبتِ إني رأيتُ أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين»...

هذا الملف

نصوص
58
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى