على الجانب الآخر من مفكرات الكتابة وملاحظات الفن الخالصة، تنتظرنا مفكرات التجربة والحياة، خلاصات العمر ونحت وجوه الأيام، مفكرات ألبرتي ونيرودا وماركيز وباث وغاليانو وأخيرا ًساراماغو. وتبدو الإسبانية -اللاتينية أكثر تفصيلاً لعروق اليد وندوب الظهر والصدر، من الأوربية والأمريكية التي تنسج بذلات...
تدخل الرسائل البريدية خطابَ السرد باعتبارها عتبات أو محفزات ثانوية. ومن النادر أن يتألف النص القصصي من القوام التراسلي وأسلوبه الحقيقي وعنوان مرسله على اعتبار رئيسي. وما جعلني أحصي نصوص الرسائل، ولعي في الدخول على عمليات الارسال واعتراض الدلالة المرسلَة بكتمان شديد. بل تجاوزتُ ذلك الى الاشتراك...
تتصف لغة الماء بالانحدار من الشمال الى الجنوب، انحدار الطبائع البشرية والأحوال الطبيعية، في دورات متعاقبة من الخصب والجدب، والثورة والهدوء. ويبدو أن لغة الانسان العراقي، غير المحصورة بلسان أبجديّ، هي تلك المرتبطة بهذين الانحدارين الطبيعيين والبشريين، أو الدورتين المائيتين: الغضب والهدوء.
في...
يهمل النقدُ الأدبي الشكلاني قضية الانحدار الاجتماعي لكتّاب القصة والرواية وتأثيرها في تحديد الهوية الساردة واشتباكها الاجتماعي والثقافي بهويات الشخصيات ومفارقات اختيارها. وشاهدي هنا الانحدار الأسريّ لكاتب من جيل التغيير هو ضياء الجبيلي، اختار لقباً أدبياً مخففاً له، مع عنايته الشديدة بموضوعاته...
في وسط طوفانٍ من النصوص السردية، يكون الحديث عن تجربة خاصة معتّقة بالجهد والاخلاص فرصة نادرة وجزيرة ترسو على ساحلها رؤى قصصية بعد تطوافٍ وضياع.
لقد وجدت الأجيال الماضية مثل هذه الاستراحات الاضطرارية، ولعل اقدمها استراحة الفترة الستينية؛ اما جماعة البصرة، فقد ألقتها انكساراتُ الحرب الثمانينية...
كلما هبط السكان تحت الأرض، مع اشتداد حرارة السطح، أخذوا معهم سجيناً واحداً، استبقوه رمزاً لماضٍ سياسيّ خانق عانوه، مع سجّانه الذي يرافقه دوماً. وربما وضعوا تاريخاً ثابتاً يذكرهم بيوم السجين السياسي، أسوة بأيام الأسبوع المتسلسلة في رموزها الأبدية.
في بداية صيفٍ لاهب، أعفِي المساجين جميعُهم من...
انطلقت رحلة الشعراء في قطار سريع، من المحطة العالمية في بغداد، جنوباً باتجاه آخر محطةٍ في البصرة. ومن هنا نُقل الضيوف تحت الحراسة إلى فندق "شط العرب" الكبير.
كانت قائمة المهرجان تضمّ أسماء مئتي شاعر، من المتزوجين والعزّاب، ضجّت صالة الفندق الاستعماري الفخمة بأصواتهم. خُصّصت غرف خاصة للضيوف...
حين يهبط السكان تحت الأرض، كلما اشتدّت حرارة السطح، يأخذون معهم سجيناً واحداً، يستبقونه رمزاً لماضٍ سياسيّ خانق عانوه، مع سجّانه الذي يرافقه دوماً. وربما وضعوا تاريخاً ثابتاً يذكرهم بيوم السجين السياسي، أسوة بأيام الأسبوع المتسلسلة في رموزها الأبدية.
في بداية صيفٍ لاهب، أعفِي المساجين جميعُهم...
ما من نفع في توضيح مقاصد القراءة القياسية (نمو، تقويم، تطهير، متعة، فهم، اندماج) ولا طائلة من الأدلّة التي يضعها خبراء القراءة العالميون (الروائيون والنقاد والمؤرخون), وأعظمها دليل الأرض الممتدة شمالي خط العرض 29، أرض البشر وفوق البشر ودون البشر، البدء والنهاية في تاريخ الملوك والأقوام التي...
1. الدرس الافتتاحي والدرس الختامي:
غالباً ما يواجه الكاتب، وأيّ منتِج في جنس من الأجناس الأدبية، موقفين في حياته الإبداعية، موقف الافتتاح وموقف الاختتام. غير أنه بالنسبة لكثير من الكتّاب فإن الموقف الافتتاحي قد يكون هو الموقف الختامي في الوقت نفسه، لأن الثاني يشكل "امتداداً دورياً في التاريخ"...
مع اقتراب الشتاء، يترتب عليَّ البحث عن جحر آمن، مأوى ليلي لا يلفظني في وقت مبكر من المساء. وهذا مقهى داخلي، صغير لا يحتوي إلا على القليل من المقاعد المتسخة، في قلب الخشب العتيق. هذا المقهى، يبقى عادة آخر ملجأ في الليل بعد أن تكون مقاهي السوق الداخلية الأخرى قد سدت أبوابها على التوالي. قد تكون...
بعد أن انتهوا من صلاة الفجر، أوقد الحجاج ناراً صغيرة في قطعة الحديقة المحاذية للنهر، وتحلقوا حولها. كانوا يرتدون العمائم البيض، ولهم لحى طويلة متناثرة. يزدادون اقتراباً من النار، وينكمشون تحت جببهم الصوفية وسراويلهم الفضفاضة، مصغين لصوت ارتطام الموجات بصخور الشاطىء. أحياناً يلتفتون خلفهم إلى...
بغداد آب 1972
"مرت الساعات لا تشبهنا إلا قليلا
أهو الطفل الذي
يسبق النومَ إلى اليقظة والذئبُ الذي يسمع صوته
أهي بغداد التي نذهبُ فيها لأقاصي الذاكره
قاطعين الطرق المزدحمه
كاسرين الجمجمه؟"
(عبد الرحمن طهمازي: صباح التعارضات)
طُبعت أول ببليوغرافيا وطنية كاملة للمطبوعات العراقية في دار الرشيد...
طبعةُ الكفّ
ثمّة ألعاب يُدمِنُها سكّانُ باصورا، مثل لعبة طبْعة الكفّ ولعبة طبْعة القَدَم، دونما اكتراثٍ لعواقبها المشؤومة. فما يبدو أنّها لعبة بريئة يمارسها اللاعبون في ضوء النهار، قد تتلاعب بأقدار لاعبيها كلما دخلوا جبّ الظلام. وما يبصمه الكبارُ والصغار على لوح طريّ من الطين أو على الحيطان...
آخر من شاهد الإله المتوطن، إِله الأنوفلس (الذي اعتبر حتى وقت قريب منقرضاً) طيار طائرة إبادة بعوض الملاريا التابعة لمديرية الصحة الوقائية. كان عائداً من الأهوار الشرقية القصية إلى مدرج طائرته في مركز محافظة ميسان، فلاحظ من ارتفاع (300) قدم غمامة كثيفة تتصاعد من مستنقع محاط بالبردي والقصب. خصصت...