بمجرد قراءة الأسطر الأولى من قصيدة الشاعر المغربي المغمور إدريس سراج ابن مدينة فاس العتيقة:
"السماء خفيضة هذا المساء
السماء تحمر
في وجوه اللاجئين لقلبي"
تكتشف أولا أنك أمام كاتب مرموق، وأن الأمر لا يتعلق بنص نثري عادي، بل أنك أمام قصيدة نثر حديثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وبامتياز.
كما أن...
أنا ياصديقي
لست متشائما
على الإطلاق
ربما كنت حالما أحيانا
وربما كنت واقعيا
أكثر مما ينبغي
أحيانا أخرى...
أنا فقط أراه
في كل مكان
حيثما قلبت وجهي
في هذه المدينة
وعلى هذا الكوكب
أرى ملامح ذاك المرعب
الذي يدعى "سرطان"
في الصحن على مائدة الغذاء
وفي البيض الفاسد
الذي آكله في الصباح عادة
في كل أشكال...
هنا على طريق السياج
انكسر ظهر عجوز
شموخا
وعنفوان..
هنا اختلط الزمان
في "مليلية" قلبي
وفي "سبتة" الشريان.
شمسنا محاصرة بالسياج..
حاضرنا محاصر
وماضينا محاصر
وانتصارنا في الزمان.. والمكان
مموه بزهور الأقحوان
وبلوحات دعائية..
شعبنا شعبان
وحلمنا واحد
وشعارنا واحد
"سينتصر الإنسان"
وواقعنا محاصر...
تساءلت هذا المساء
هل من مكان للشعر
في زمن الوباء
و أي موج يحمل هذا القصيد
و على أي شاطئ ترسو
حروف هذا النشيد.. ؟
من الشرق.. يهب البلاء
جيوش تحاصر قلعتنا
قيامة هادئة
جيوش تتربص
خلف سورنا المنهار
أي انكسار.. بعد هذا الإنكسار
وأي حصار.. بعد هذا الحصار
كان "الڤيروس" يخنق أنفاس المدينة
كنا سواسية...
أيها الطفل الذي توارى
فيّ وفي ماضي
هل ترى
كيف صار الليل قدري
وإذا ما عدت
هل كنت لأقدم جسدي
قربانا لغيبي؟
هل كنت لأهدي روحي قربانا لفينوس؟
متى أدمنت الحياة
حقيقة رسمتها عيناك..
في سمائي.. حلمك الطفولي
وفي حلمي أراك
ملاكا تناديني تعال
في حلمي..
ناداني وحي
أو ناديت نفسي
إذ أرهقني المنام :
"لا سلام...