أحمد عبدالله إسماعيل

قبل أن تتوسط الشمس السماء، في هذا اليوم الذي انتشرت فيه روائح الفل على المنطقة كلها، انتهيت من إعادة شحن عداد الكهرباء، ثم سرت متثاقل الخطوات إلى البيت، أفكر في تناول الفطور قبل فوات موعد الدواء، تلقيت اتصالًا مفاجئًا، أبهج روحي، من صديق افتقدت تواصله لشهور طوال، قال إنه عاد في زيارة خاطفة...
عادا برفقة والديهما، بعد صلاة الفجر ، ينظر الأول في صمت كمن يحمل همًّا، أما الآخر فيمشي خفيف القلب، بعد شهرين من زواجه، وقال مبتهجًا : -" نويت أسمِّيه على اسم جدي، أو على اسم أمي، السونار يحسم لنا الأمر" في حجرته التي يتزين أحد جدرانها بصورة والديه أثناء أداء فريضة الحج، بينما يزدان الجدار...
جلستُ بصحبة هاتفي المحمول، ونيسي البغيض، سجاني الذي استعبدني؛ فصرت لا أقوى على تركه رغم يقيني أنه اختطفني من حياتي الهادئة. هل أصدق ما تراه عيناي؟! أقابل أعز أصحابي مصادفة؟؟ إنهم أصدقاء الدراسة، اعتاد أهل الحارة رؤيتهم طوال أيام الجامعة معي في المقهى، انقطعت أخبارهم إلا من الفيس بوك؛ ملوك...
تجرأتْ عليه وعلى غير انتظار قالت ما لا يتوقع سماعه: - أريد أن أحتسي القهوة، ممتزجة بالحليب، من صنع يدك! هزَّ كتفيه، ثم وقف صامتًا كما لو كان فاقدًا الوعيّ، فأردفت: - تذكُر أنك أعددت لي في الأيام الأولى من الزواج، بكل الحب، فنجانًا من القهوة، وتعلم أني لا أجيد صنعها؛ أتمنى أن أجلس، كأني ملكة...
تهب ريح عاتية شديدة، في عصر يوم ربيعي مثير للرمال والأتربة، أجلس في المحطة، أنتظر القطار الذي تأخر كعادته، أشرب القهوة التي يفضلها معظم أبناء جيلي سادة. أمسك بهاتفي المحمول أمرر الوقت؛ فطلبت شقيقتي أسأل عن أحوالها. تلمح عيني، في أثناء حديثنا، منظرًا صادمًا! سألتها في استياء: - ماذا يحدث في هذه...
هل تعرف ما سر الحب؟ الحب حياة قد بدأت، وقضاء يكمن في حرفين، بين الكاف وبين النون، سر مكنون، كلمته حقٌ قد نفذت، يتقلب قلبك، حين يشاء، فالحب بناء، ما بين بقاء وفناء. الحب شعور، وبعض الأحاسيس نفور، فالحب بَوْصلة العشق، والعودة لنظام الرق، وجهاد البحث عن السيد. بالحب تلتئم اللُّحمة، نقتسم...
الروايةُ هي الفنُّ الذي يُوفِّقُ ما بين شغف الإنسان بالحقائق وحنينه الدائم إلى الخيال، ولعل هذا الوصف ينطبق على الفن بصفة عامة وعلى الرواية ورواية السيرة الذاتية بصفة خاصة، حتى لو ادعى الكُتَّابُ أنْفُسُهُمْ غيرَ ذلك إلاَّ أنَّ روايةَ السيرة الذاتية تبقى إلى جانب ذلك عملاً أدبياً؛ لأنها حكي...
يتلقى التهاني بمناسبة شراء حذاء جديد، بعد سنوات أحجم فيها عن الإقدام على تلك الخطوة؛ إذ كانت تتطلب منه، في كل مرة، تفكيرًا عميقًا وتدبيرًا طويلًا، وبحثًا شاقًّا عن حذاء بمواصفات خاصة. وبعد انقضاء عملنا اليومي المعتاد، الساعة الثالثة عصرًا، في يوم غائم شديد برده، يمشي إلى جواري واضعًا يده في...
يتحسس الخُطا، وببطء شديد يتحرك على إيقاع نغمات هادئة، يتمايل بجسده وهو يراقصها ليلة الزفاف، يمسك بها بحرص شديد كأنه غريق يتشبث بطوق نجاته، اتسعت ابتسامته أوسع من شحمتي أذنيه، عاهدها أن يكون وأن يكون وأن يكون. لم يدر بخلد الحاضرين إلا جبال السعادة التي ستعيش فوق قممها تلك الفاتنة، أخذوا يرسمون...
تساءلَتْ في صراع يستعر بداخلها: "هل أستبدل ميكانيكي بطبيب؟! ماذا يقول الناس والأهل والمعارف على عتبات بيوت القرية؟! هل يشمت بي طليقي وعائلته؟!" تجلس وحيدة تصارع حيرتها، لا تقوى على اتخاذ القرار؛ تعلم أن الناس سوف يلوكون سيرتها كثيرًا، لكن ليس في مقدورها التوقف عن التفكير، لم ولن تحجم عن الانشغال...
شغل القاص في مجموعته التي تناهز العشرون قصة قصيرة، بالميزان القصصي، بفكرة فلسفية ناقشتها العديد من الثقافات الأدبية والمسرحية وهي فكرة "أقنعة السعادة السبع"، فكرة فلسفية جدلية وواقع حقيقي ميداني معاش عن كيفية تحقيق السعادة الذاتية والإنسانية على حد السواء؛ لينتقل ببراعة لغوية وقصصية عبر...
ليل/ خارجي، ساحة مولد سيدي عبدالرحيم القناوي، لقطة عامة، حشد من مرتادي المولد، وصوت المنشد يغلف أجواء المكان. لقطة قريبة جدًا لطفل صغير، حافي القدمين، يرتدي جلبابًا متسخا، ويلف شالًا أبيض حول رقبته النحيلة، يمسك بين يديه الصغيرتين بعصاته الخشبية، يقفز عاليًا؛ فيتطاير التراب على الأرض التي...
في السابعة صباحًا تبدأ رحلة البحث عن عمل، نعم، تقول لى : إنني كنت أعمل في وظيفة يحلم بها كل شاب فأقول لك إنني الآن بلا عمل، ولم أفقد الوظيفة فحسب بل فقدت كل شيء، لم أقصر لحظة إلى أن تعرفت إلى أحد الكبار مصادفة قبل أربع سنوات، كما أن هذا الرجل قربني منه حتى أحببته، فما هي المشكلة إذن ؟ في مكتبه،...
وفي أحضان قريتنا شجون تلوح لنا متى حان الصباح وفي أرجاء ديرتنا شئون نجاوزها إذا ما النور لاح وطالت أهل بلدتنا جسامٌ وقد أضحت تحيط بنا الجراح فما أمر الليالي مثل أمسي وما هز العقول هو المباح أيا غيداءُ ردي فيّ روحي كما أهواك في قلبي البراح وقولي إن تلاقي...
في وقت متأخر من الليل، أضاء الشموع، وشرع يرتب نفسه للنوم، وسواء أكان الوقت صباحًا أم مساء، فإن الأمر لا يختلف كثيرًا؛ كان هناك دومًا ذلك الضيق الذي لا يفارقه لحظة؛ لأن الحياة بالنسبة له ليست أكثر من مجرد مكان خانق رغم أنها لم تصل به إلى الدرجة التي تجعله ينهيها بنفسه؛ فمتى ينتهي هذا الألم؟! كان...

هذا الملف

نصوص
89
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى