ماذا سيفعلُ حبيبي الشِعرُ، آهِ واخزياه
حين يكتشف بأنّي كتبتُ لأمي قصيدة
في عيدِ الآلام
وأنها قد مزقتْها، أحرقتْني ورمتْني في الجُب؟
أوه، هل أخطأتُ بمدّ الهمزة وإضافة اللام العرجاء
فيمَ أصبتُ يا أماه لأصاحبَ الذئبَ في المنفى
فيم أخفقتُ لأقتسم الرغيفَ مع النُطَفِ الفاسدة على جزيرة الأنبياء؟
ألستِ...
رقبةُ المعنى بين شفتيَّ
كرزةٌ سوداء
أعصرُها
تنزُّ أغاني فيروزَ وإيمي واينهاوس*
تنزفُ ظلالا رمادية
على ذقني الأرقط
..
رقبةُ المعنى تحت مقصلةِ الأضراس
أستجوبُه دغدغةً بالسواك
عن حفلةِ داحس والغبراء
عن بسملة جان دارك
ونبوءاتِ غزوِ العراق
عن الحب!!!
لماذا يولد ويموت؟
عن الآلهة
لماذا تغير أسماءها...
قُبلاتُنا الأولى
كشهداءِ أَوّلِ مجزرة
نعرفُها جيّدًا
ونعترفُ بها
قبلاتُنا الأولى ليستْ مُجرد أرقام
..
قُبلتُنا الأولى
رعشةُ الموتِ
تَدَلّي جدائلِ الدّهشةِ
على رُمّانةِ الخلود
لِقُبْلَتِنا الأولى اِسمٌ يحفظُه عزرائيل وباقي شلة الآلهة
وهم يتساقطون من أرضٍ حمراء
إلى بياضِ السماء
..
قُبلتُنا الأولى...
إنْ كان لا بُدّ مِنْ حُبٍّ
سأحبكَ في الجحيم
أين الشفةُ السُفلى من هذا الحلزون الضيّق؟
تعال من الاسمِ سكتةً قلبية
تعالى الاسمُ عن رعشةَ الباء وقَلْقَلَةِ النبضِ
هنا أروقةُ الآخرة تلافيفُ دماغٍ مغسول
..
إن كان لا بُدّ مِنْ حُبّ
سأركلكَ بغُنة المجونِ
قبلةَ الغائبِ على وجنةِ الآيفون
قُبلةَ...
حملتُ ذراعي المبتورة وركضتُ نحو الركام
كان الليلُ أبيضَ وكنتُ في فستانٍ سُكَرِيٍّ
أمي تحملُ حفيدها اليتيم راكضةً نحو المشفى تمدُّ يدها:
- عودي يا روان!
أنا لن أعود يا أمي لأني نسيتُ صندوق الأسرار الخشبي في الدار
أنا سأعود إلى الدار..
ماذا حلَّ بنا يا حبيبي الأسمر يا ذا العين العسلية والشعر...
إلى أين يا نصّيَ البِكْرُ؟
يا ذا الشعرِ الحلزوني الأصهب؟
قافلةُ الوُجوداتِ الهشّة إلى الأخدودِ.. حَفْرًا عن خيطِ القداسةِ
اِهْدِنا السقوطَ المستقيمَ إلى قمةِ الكابوس
حين ينهضُ الإلهُ للتبولِ ليلًا
نتساقطُ من حلمهِ العابرِ
نصًا نصًّا
نحن أبطالُ الأحلام الإلهية في ليالي الأزل
نلزمُ الرصيفَ...
على هذا الكوكبِ أنْ يطلقَ رصاصةً إلى نفسه
في الرأس
فالألمُ في قلبِه غيرُ قابل للاحتمال
!
البابونج الباردُ يغلي في راحتي وعلى فقاقيعه الذهبية وَجهُ عاملٍ هندي ماتَ تعبًا في المزارع
ودمائي تغلي في راحة الله وهو يُعدُّ للنخبةِ حساءَ الكدحِ الأسمر
لا تقتلوا الله فالأوزون يحزم حقائبه غاضبا ويرحل...
القطةُ السوداء
النهارُ الأشعثُ
وأنا في الرداءِ الكحلي
أصفار
..
نعم، نحنُ مجردُ أرقام
إلا لو كان لي أبٌ صحفيٌّ يعرفه الله والأنبياء جميعا
إلا لو كان لي والدٌ طبيبٌ وأمٌ شقراءُ تراني حُلوًا وتفتشُ رأسَ القصف عن خصلاتي المجعدة
اصرخي بالشهادتين يا أمي تحت سماء تسكرُ بسورة الحمد وتهوي فوق الرؤوس
...
نام
واللهُ يحرسُ قلبَه المَشويَّ بالطُّوبِ
..
يصرخُ:
"يا كمال"
فتضحكُ الحجارة
كمال يا كمال
يقول: آه
في فمه حجارة
أحشاؤه مغارة
وداعا يا كمال
..
نام أحمدُ في فم التغريدة
والقِدرُ يحرسُ جوعَهُ الملآن
يصحو
..
وتلكَ تهوى الرسمَ والألوان
اِبنة أختي اسمها "فرح"
"خالي أحب الشخبطة على نحيب الأرض"
وجنبها...
هل هذا يعني أن لا أحدَ سيقرأ أشعاري بعد انقراض البشر؟
لمن أكتب؟
لمن تكتبون يا رفاقي
وأهل الجنة لا يقولون الشِعر ولا يقرأونه؟
...
أنمصُ حواجبَ القصيدة
أُلَمّعُ شفاهَ قصتي القصيرةَ
أزيِّتُ خصرَ الروايةِ بالعُقدةِ
أُقَلّمُ أظافرَ الخاتمة بقيامةٍ مفتوحةِ الاحتمالات
لكنّ الديناصوراتِ التي عَلّمْتُها...