أَتَسَللُ مِنْ ثُقْبِ المفتاح إلى حديقتنا السرية
لا شيء هناك سوى كل الأشياء!
(شفتاكَ، صدرُكَ ورغيفُ الثوم)
الماءُ هناك مُثَلّثُ .. والزمنُ فقاعاتٌ حلزونية
والأطلال:
تولدُ من حجرٍ أملسَ تزهرُ كالمانجا السودانية .. وتذوي في خمس ثوانٍ
الأطلالُ: نجومٌ تتدلى من كتفيّ
والأولادُ هناك -جميعا- دون كفوف...
أقفُ على شاطئ البحر، وحيدا، فأفكّرُ:
هناكَ الأمواجُ المندفعة
جبالُ جزيئاتٍ
كُلٌّ -ببلادةٍ- غارقٌ في شأنهِ
تريليوناتٌ، كُلٌّ على حِدَةٍ
غيرَ أنها في اتحادٍ تنسجُ أبيضَ الرَذاذِ
على وجه الماء
...
دهورٌ تتبعها الدهور
قبلَ أن ترى عينٌ شيئا
سنةً بَعدَ سَنَةٍ
هادرةً تلطمُ الشاطئَ كما الآن
من أجل من؟...
إنه يشحذ شفرته لذبحي بإتقان.
وأنا مرتاحةٌ على مقعدٍ خشبي أعرج في مطبخه الدافئ.
إنه أكثر غرف منزله حميمية لفريسة ومفترس.
إنه مسرحٌ لحدثٍ جديد على كوكبنا التائه.
- هل أنت متأكدة من رغبتكِ في إتمام الأمر؟
- طبعا، لكن يمكنني الاستفادةُ من آخر ليلة لي في الاستماع إلى معلّقة محمود درويش وتناول خمس...
في الثالثِ من آذارَ وُلدتُ
فأذَّنَ في شفتيَّ الشيطان وغنّى
في الرابعِ نبتَ القرنان على صدري كالزهرِ
وأغضبَ والدتي وأبي والجارة
في الخامسِ أغمضتُ الرمانةَ فصفق كل نساء الحارة
ورقصنَ .. كدجاجات الحقل على دمي الشهري
وعند السادسة مساءً جاء
هاديسُ
بالمنجلِ والأوركيدة .. بالنار الماءِ الصفعةِ...
لستُ ربةَ بيت
ولا ربّةَ مكتبٍ
لستُ ربةَ أي شيء
تبا للأرباب جميعا...!
لا أرى الغبارَ على الرفوف
لا أجيدُ كيَّ الياقات البيض المصفرة
انحنى ظهري والرملُ باقٍ كالعلق على الشراشف
تكلستْ ركبتايَ كالمراوح في السقف تصرُّ كأسنانِ طفل غاضب
أخبَّئُ الشوكولا مع القبعات الشتوية في دُرجٍ عالٍ
أضعُ...
سعيدةً ترحلين
يغبطُكِ بوبي ساندز وخضر عدنان
شهيدةً تحفرينَ على أثداء الزنزانة
حليبَ الحلم وعسلَ الثورة
شهيدةً تترجلين
قامةً من بارود وشقائق نعمان
بعدما لقّحْتِ غيمةَ الرفضِ
فأنجبَ الزمان
سعيداتٍ لا تُحصيهن المشانقُ
أنا لكِ
وللقادمات على درب "اللا"
أنا منكِ
ومن شجرة الليليثات
نتناسل بالانقسام...
لو صار كل مُنتَحِرٍ شجرةً
لَشُفِيَ رأسُ الجحيمِ من الصَلعِ المُبَكر
..
أَخيطُ جوعَكَ الأبيضَ بهمهماتِ أبي وهو يغادرُ السفينةَ
بآخرِ النظراتِ وهو يزرعُ خيبتَهَ في خاطري
مكسورًا عاشَ
مكسورًا رحلَ
محبوبا مكروها
سعيدا بائسا
مقاوما مستسلما
كاملا غير مُنْجَزٍ
نِصفَ منتحِرٍ
بدعاءٍ لا يردُّه اللهُ
...
على كرسي متحرك هو... وأنا كذلك. متقابِلَيْن أمام غرفة الطبيب
أنا أرتعش ألمًا، وهو ساكنٌ كجذع شجرة
ابنه فارع القامة كث الشعر أملسه، متململ ويطرق باب غرفة المعالجة كل خمس دقائق
أما زوجي فقد ذهب يبحث عن مسئول يشكو له التأخير.
التقتْ عيونُنا أنا والشيخُ العجوزُ قِبالتي
-«أنا أعرفُكَ، فهل...