قصة قصيرة

لو تُركوا لأنفسهم لحق لهم القول إنهم لم يكونوا أكثر من ثلاثة، لكن ماذا نصنع، فها هم رغم إصراري لا يريدون الاعتراف بأنني واحد منهم وأنني كنت رابعهم, ـ أكنتم إذن أربعة َ...عفواً...مجانينـ بل ثلاثة كما يرى الناس هتف أحد الشهود منفعلاً ، ثم إلتفت إليّ، ولم يَزُلْ عنه ما كان قد علاه من استغراب، من...
يحلم أحيانا بأنه يسكن منزلا مليئا بالأسماء جدرانه عالية ومكسوة بالعديد من الرفوف الكبيرة جدّا، رفوف في كل مكان في المطبخ وغرفة النوم وغرفة الضيوف، وصالون السيجور والحمام والممر الضيق الذي يتوسط المنزل. يرى امرأته في الحلم متبرمة دائما ومتجهمة الوجه، لا تكف عن إبداء حنقها وغضبها من الرفوف...
ثلاث روائح تجذبني كلما دخلت بيته،رائحة الأوراق والسجائر والقهوة، لم أكن أميز بينها، كـأنها موغلة في روحي ،أو بالأحرى كأني أحملها بين العظام ، هكذا يبدو البيت، أما هو فقد غيبته الصور المعلقة على الحيطان،ثلاث كنبات بشكل يفيد الجلسة أو ما يشبهها.لم أكن أدخل إلى بيته إلا لأتلمس حواسي البعيدة، حواس...
ظل يجوب الطرقات وحيدا لسنوات بعد أن ابتعد نهائيا عن العصبة التي ألف التجوال والعيش معها. منذ اختياره العيش أعزل، ظل (ك) مقتنعا بأن النهاية ستكون الآخر، المضاعف الأخير الذي سيصادفه لبرهة موجزة قبل أن ينقذف في أتون العدم. لكنه لم يفكر أبدا في النهاية، ولا في أي من النهايات الممكنة التي قد تداهم...
تسمَّرتَ مُنبهراً وأنت تكتشف وقفتك على ضفة هذا نهر لا تدري لم اسماً ولا موقعاً، كما أنك لا تدري متى وصلت إلى هذا المكان ولا تعلم شيئاً عن مدة استغراقك في تأمل هذا النهر الذي كانت مياهه تغزر وتعم فتهدرحيناً ، ثم تقل حتى تكاد تنضب، فما بين ارتواء عام وظمإ يكاد تجف من آثاره خضرة نباتات الضفتين،...
فتح مذكرته التي يدون فيها خواطره وأسماء الموضوعات التي يود الكتابة عنها فقراء فيها أسماء هذه الموضوعات: 1. حماسة شاعر عصري 2. هكذا نحن! 3. حرفة الكتابة 4. الأولاد الأشقياء في الليل 5. إحساس بالمكان. ووقف عند هذا الموضوع الأخير يديم فيه ويفكر متى كتبه؟ استجاش إحساسه بالمكان، فذكر إن للمكان من كل...
مأساة بعد أن قطع القطار صحراء العتمور العاتية وما فيها من جبال ملتفة ورمال بيضاء منبسطة واحجار سوداء متناثرة، في لج ذلك الخضم الذي لا تقف منه العين على شيء من صور الحياة النابضة. وسار ينساب في ارض لا تحوجه الى مثل ذلك الكفاح والنضال القوي، بل راح راكضا في اتساق وسرعة على ضفاف وادي النيل، وكنت من...
قرأ الملاحظة المكتوبة على لوحة صغيرة أمام شباك البنك بعناية فائقة؛ " يرجى أن تعد نقودك قبل المغادرة" تأكد أن المبلغ سبعة آلاف، تماما كما أجابه المحاسب حين سأله عن رصيده الإجمالي. نظر إلى هاتفه كانت الساعة العاشرة وعشر دقائق، - لا بأس ما زال أمامي وقت كاف – قالها في نفسه – فهي لن تأتي إلا متأخرة...
بعينيها الصافيتين، المختبئتن تحت نظارتي قراءة، كانت تجلس في زاوية قصية بأحد المقاهي الراقية في حي " دبي مارينا"، تحرك نسائم الخليج المحاط بغابة من الأبراج طرف ملحفتها اللازوردية اللون، وبين يديها كتاب يبدو غلافه أنيقا، وأمامها فنجان قهوة لا يبدو أنها احتست منه أكثر من رشفتين. وهي منهمكة في...
هذه المرأة رأيتها من قبل. صادفتها مرارا في أزقة الحي و شوارعه. قيل لي إنها مجنونة. كنت أراها من بعيد. لم يسبق أن كنا قريبتين من بعضنا إلى هذا الحد. فجأة، التقت عيناي بعينيها. ها قد وقعت في المحظور رغم أنفي. كنت أتجنب النظر في عيون المجانين بناء على نصيحة أحد الحكماء. فهم- في اعتقاده - قادرون على...
في البهو الرئيسي لفيلا الأستاذ نادر جلسوا.. نـانى وألـفت وفوزي وعزيز بك. إلى فهمي الخجول يستمعون، الستيريو يبث أنغاماً هـادئة بينما تنذر مانشتات الصحف الملقاة على السجادة برعـود وعواصـف، أحذيتهم وجواربهم مبعثرة هنا وهناك، وعلى الترابيزة الواطئـة رُصَّتْ الزجاجات والكئوس وأطبـاق الحُمص والترمس...
نجح إنقوي أخيرا في زواج أباي بعد منافسة قوية من أغنى شاب في القرية، وذات مساء وبينما كانت زوجته تعد وجبة العشاء، جلس إنقوي علي حجر بعيد وراح يرقبها وهي تعمل. وفي نفس الوقت كان يتأمل خسائره التي تكبدها في المنافسة التي اشتملت علي سن وعدة أصابع من يده اليمني. ولم يكن يزعجه ما فقد مهما كان حتى لو...
عرف فور انتهاء مكالمة حماته المستقبلية أن اليوم لن يمر بخير، تلك المكالمة التى هنأته فيها بترقيته إلى منصب رئيس الحسابات، وكان قد أبلغ خطيبته ريهام بالخبر منذ شهرين أثناء مشاهدة فيلم سينمائى، وقاله لها همسًا وخفية حين تحرك أخوها الصغير تجاه دورة المياه. أخوها الصغير الذى تصمم حماته على أن...
لم تكن تعرف السباحة، لكن البحر كان يعرفها جيدا، كما يعرف شباك الصيادين وجثث الحراكين والأسماك، وكل تلك المراكب الزرقاء والخضراء الصغيرة المترنحة فوق سطحه. التقينا اليوم في المدينة ولم يأت هذا الأمر صدفة. كما لم يكن أيضا بتلك السهولة التي ترتشف بها شفتاها الآن من فنجان قهوتها، وكأنها تطبع قبلات...
أعلى