رواية

سفر: الثورات الأوضاع غير مستغربة.. كنت أشعر بالغربة تتعمق فيّ، وكنت أرى الشخص الذي يظهر لمخيلتي من حين لآخر يجمع كل هذه الوجوه القبيحة التي حولي وكنت أيضًا غير مدرك هل هو واقع أم وهم، جسد أم خيال، يظهر لي كضباب قاتم، وأنا أتبين ملامحه، أحاول أن أقبض عليه بيدي فلا أجد سوى سراب.. عاودتني فكرة...
سفر: الفاسدين في القطار الفاخر ورحلتى نحو القاهرة لاحضر مولد الترابى أشعر بأنفاسه معي وأنه ذاهب خلفي كعادته، يتتبعني، إلى أيّ مكان، لا أدري ماذا يريد مني، أنا لا أريد شيئًا من أحد، فقط أريد أن يتركني، الحقيقة أنني مللت، منذ شهور قررت أن أذهب إلى طبيب نفسي لكني خشيت من أدويتهم، خشيت أن يقول لي...
الوحيد الذي كنت أشعر أنه ينتمي لمسجد القرية عمي محمود رغم أن له لحية لكنها لا تخيفني بل أرى منها نورًا تمامًا كالذي يشع من عينيه وحديثه المملوء برفق وحنان يكفي لتطييب خواطر الدنيا كلها، عمي محمود محطة من محطات الصمود، عمي محمود بائع الفول الذي استوطن أمام شركة الغاز بجوار المسجد يحضر صلاة الفجر...
يقولون «قطار الحياة»، لكن الحقيقة التي أدركتها أن القطار نفسه حياة، أيًّا كان القطار سواء أكان قطار الدرجة الأولى الفاخرة أو قطار الفقراء قطار الدرجة الثالثة الذي هو في حقيقته قطار ما دون الدرجة العشرين القطار حياة كاملة بتفاصيلها الدقيقة وعناوينها العريضة، وتقاطعاتها الحادة، وتناقضاتها الغريبة،...
قبْل السَّفر بأيّام أثقل في بُطْئها من أضغاث الأحلام، قرّر مْسَلّكْ لِيّام، أنْ يحْتفلَ بسفره وحيدا، أنْ يدْفن دون أن تُشاركه يدٌ في قبْضة الفأس، ما قد يقْترفُه من فضائح في مقْبرة اللَّيل السّحيقة، فهو يُؤمن حدَّ الكفر بكلِّ الأصْنام، أنَّ حتّى أقرب الأسْتار في كواليس المُجتمع، لا تُؤْتمَن...
سفر: حيلة السلطان قطار الدرجة الثانية العادية، بل في الحقيقة ممّا دون دونها حتى الدرجة العشرين إن وُجدت، كان ينطلق فيه الباعة الجائلون من كل لون وطائفة، كما أنّ القطار كان ممتلئًا عن آخره أكوامًا من اللحم ملتصقة، أكثر من ذلك كان هناك الراكبون في أعلى حيث أرفف الحقائب.. بعضهم مجند عائد من بعيد...
طاقة الخَيال عنْد مْسَلَّكْ لِيّامْ، أبْعد في رحلاتها مِنْ أنْ تُحَدَّ بأمْيال، لذلك تجدهُ في غالب التّفكير، ساهماً حالماً لا يَسمَعُ من الكلمات إلا آخرها، في غيبوبة محْمولا على أكْتافِ النّمْل كما لو يمْتطي ظهور الأفيال، لَمْ يكن يُخالط النّاس أو يُخالِطوه لِغرابته في الشّكل والهِنْدام،...
جدّتي (صبريّة) من أقوى النّساء، إلّا أنّها تنصاع، لرغبات وأوامر جدّي.. فهي تخافه، وتحبّه، من لحظة ما تعرّفت عليه، يوم الحصاد، أشفقت عليه، ساعدته، وعلّمته، وأعجبت به، بل فتنت بجماله وأحبّته.. وجدّي (سامي) لا يغيّر من طبعه، فهو ابن (الأغا)، الذي يفرض إرادته، على كلّ النّاس. في بداية شبابها،...
تمنّى أبي أن يلتقي بأمّي ولو للحظة فقط، ليقول لها كلمة واحدة.. سيتحدى أعراف مدينته ويعترف لأمّي دون خوف أو خجل.. نعم سيضرب بعرض الحائط كلّ التّقاليد والأعراف والعادات البالية.. وسيهتف بحرقة، ومرارةِ، وتحّد، وإصرار: - أحبّكِ.. أحبَّكِ.. يا (زينب).. يا حبيبتي.. يا زوجتي الرائعة.. يا أمّ ابني الذي...
برفقة عمّي (عمر)، ذهبت جدّتي إلى.. البلدة التي تعيش فيها أختها.. والتي تتبع لهذه (المنطقة)، وكان الوقت مساء، لذلك ومن المؤكّد، بأنّها ستنام هناك.. أمامها ثلاثة بيوت، يتوجّب عليها زيارتهم، دار أختها (فطيم)، التي هي من تقصدها في الأساس، لخطبة حفيدتها لأبي، والدّار الثّانية هي لأخيها (الحج محمد)...
عاد أبي مع جدّي إلى الدّار، التي كان قد طرد منها.. وكان قد اشتاق لها ولأشجارها، ووردها جداً، ففرحت جدّتي بعودته، حضنته وقبّلته،ولكنّها بكت لمّا عرفت، ماذا دار في الجلسة، وماذا كان طلب جدّي (عبيد)، لكنّها علّقت، قائلة: - في النّهايةِ، ستعود إلينا زوجتك، مهانة وذليلة، ومكسورة الخاطر.. ولكن نكاية...
نام أبي، في دار عمّه الحاج (حسن) عند أختيّه، حدّثهم في الأمر، ورفض تناول طعام العشاء.. وكانت ليلة صعبة جداً على أبي، وعلى أمّي، التي لم تجرؤ أن تحدّث أهلها، في الأمر، ذلك لأنّ (جدّي عبيد)، لو عرف إنها خرجت، من دار زوجها مطرودة، وفي الليل، لرفض أن يعيدها إلى هذه الدّار، مهما صار، فقد كان شديد...
(مصطفى الحاج حسين). (جدّي)، خلال سنة واحدة، دفع عن أبي (خمسمائة) ليرة، (ليعفيه) من (العسكريّة).. ثمّ وبذات السّنة،صرف على زواجه، من أمّي، (خمسمائة) ليرة ثانيّة. (جدّي)، في منتهى القسوة عندما يغضب، يريد ويطلب من أبي،وجميع أفراد إسرته، أن يتمسّكوا بالأصول، وأن لا يخرجوا عنها، وإلّا سيلقون منه، ما...
عندما مات (الأغا)، وجد جدّي (سامي) نفسه، فقيراً وبلا صنعة تستره، وتمكّنه من العيش، فصار دائم الحزن، وعابس الوجه، لا يقدر أن يشكو أمره لأحد. لم يكن (جدّي) متزوّجاً بعد، ولا دار ملك عنده، وليس بيده صنعة، وأخوته الكثر، عندهم ما يشغلهم عنه، ومنهم من كان متزوّجاً، ومنهم من كان مثله عاذباً، يبحث...
بدأت حالة نبيل تسوء يوماً بعض يوم، ما لم تحصل معجزة فمن المستحيل أن يتماثل للشفاء وهو لم يتلقَّ أي علاج من الأصل، ومازالت إدارة السجن تماطل في علاجه حتى ولو كان ذلك على نفقته الخاصة، وتكتفي بما يوصي به طبيب السجن من مسكنات ومهدئات تراوغ المرض ولا تشرع في علاجه، يبدو أن الحرمان من العلاج هنا...
أعلى