وجدت نفسي دون مقدمات أمام عيونهن الدافئة القاسية في آن معا، تتراقص كلماتهن، تعابيرهن، وجوههن بأيام كن فيها فتيات جرئيات جميلات، أيام خلت بعد أن رحلت سنوات عمرهن خلف السجون الإسرائيلية، وجدت نفسي في نهر من الذكريات المتدفقة الموجوعة والنازفة، بالكاد تلمح بسمتهن رغم كل الألم وتهدهد وجعك المفاجئ...
إهداء: إلى أسيرة محررة التقينا يوما ما، وعاشت معي ما تبقى
على رؤوس أصابعي تعيش الحيوات جميعها، تنهمر أمطار ديسمبر، وملوحة البحر في شفتي، يغرق شعري حتى الثمالة بلون أسود كثيف، ينسدل كليل العشاق الطويل، يلفه حول عنقي في حركة مباغتة يتفصد عرقي، سكاكين تنغرز في عنقي المقدد/ هكذا وصفته جدتي دوما،...
عند الحديث عن مذكرات السجون السياسية العربية، غالبا ما يذهب بنا الكلام إلى فترة السبعينيات والثمانينيات، التي عرفت فيها بلدان شرق المتوسط، وفق تعبير عبد الرحمن منيف، تجارب وحشية وغير معقولة. والمؤلم في هذا الشأن، أنّ موجة العنف في السجون السياسية العربية لم تتوقف، بل غدونا في العقد الأخير أمام...
دخل الحبس بعدما حطم ناصية مجده وترك في الأرض الحرام هويته الشخصية وقرص الهوية وجعبة من الذخيرة الحية مع صورة عشيقته وآخر رسالة منها وكان قد أودع في أذنها آخر كذبة بأن سيطلب يدها في أقرب إجازة دورية ، قضى في الحبس عشر سنين كسر فيها مراهقته وأحلامه وحماقاته وارتضى وقارا ما كان ليريده في هذه الحقبة...
كان يوم 15/1972 يوماً تاريخياً بالنسبة لي فقد نوديَ عليَّ مع مجموعة من المعتقلين الشيوعيين, وكان بانتظارنا المقبور (حسين المطير) رئيس الهيئة التحقيقية الثانية, كنا اربعة عشر شيوعيا جميعنا من العسكريين كان اعلانا رتبة هو ملازم اول في الجيش (محمد علي عبود) واصغرهم رتبة هو أنا اذ كنت جنديا...
سجن آسفي: جحيم تباهى بإنشائه أحد مهندسي القمع بالبلاد.. بحيث اغتنم فرصة زيارة إيران، على عهد شاه إيران في سياق التبادل "المثمر لتجارب القمع" وغايته : تحويل إنسان مفعم بالحياة إلى مجرد شبح مقتنع بالخلود إلى ظل الحائط"..
مهندس القمع ذاك اطلع على نموذج سجني مستوحى من تصاميم أعدتها ابنة الفاشستي...
هذا الجسد المسجى كان صديقي ، كان إسمه حسن... مات قبل نصف ساعة . أنا وصديق آخر نجلس مع الجسد المسجى الذي كان قبل أقل من ساعة صديقنا ... نجلس على ظهر شاحنة حملناه عليها من المستشفى إلى منزل أهله في ضاحية قريبة من العاصمة . كانت الساعة قد تجاوزت السادسة بقليل ... الحافلات العجلى كانت تجتاز شاحنتنا...
على السرير الحديدي أستلقى، وقد أرهق عينيه التحديق طوال الليل لصورتها، لم يستطع إشاحة بصره عن خديها المتوردين، أخذ يتأوه ناظرًا لعينيها التي بدت كورق العنب الغض، وشعرها البني المنسدل الذي ذكره بقهوته الصباحية، وصحيفته، وهو يقرأ على كرسيه الهزاز، ويدخن سيجارة، فيما تتضايق سعاد وهي تتحسس بطنها...
قرأت في الأشهر الأخيرة ستة كتب لأسرى يقبعون في السجون الإسرائيلية ، فقد حكموا عقودا أنفقوا قسما منها لا يقل عن عقدين . الأسرى هم وليد دقة " حكاية سر الزيت " وكميل أبو حنيش " الجهة السابعة " وباسم الخندقجي " قناع بلون السماء " وعنان الشلبي " رنين القيد " وأحمد العارضة " خلل طفيف في...
كَدَمة زرقاء أخالها تتمدد على ذاكرتي ، لا أذكر متى ؟؟ رأيت لونا آخر غير اللون الأسود .. ترى هل اللون الأسود لون ؟؟
أحسست أنني اصطدمت بشيء! ، هو سبب هذه الكدمة .. هل هو السُعال! الذي يرافقني منذ متى؟، لست أدري .. سأعصر رأسي كليمونة لأتذكر…
كل الذي أذكره الآن انني بالكاد نسيت جدار الصمت والزنزانة...
حبّي للرسم وتعلّقي به بدأ وأنا في الاعتقال البيتيّ فقط، بدأت أرسم مشاعري وأنا محتجزة في غرفتي؛ لأخرج كلّ الطاقات السلبيّة - الّتي تراكمت في قلبي بسبب الاعتقال - عبر الرسم، ولا سيّما أنّني حُرمت من ممارسة حبّي للتصوير الفوتوغرافيّ، والخروج لالتقاط الصور في الأماكن الّتي أعشق زيارتها، فجاء الرسم...
أهمية أي كتاب تكمن في الشكل الأدبي الذي قدم به، وبالمحتوى/ بالمعرفة/ بالمضمون الذي يحمله، وأن يأتي كتاب يكشف لنا كيف يتم تمرد الأسير/ الكاتب/ الأديب على السجان وتجاوزه للجدران فهذا يعد أمر بالغ الأهمية، فسجون الاحتلال تعد أكثر تحصينا وبطشا من سجن الباستيل، وما يمارسه الاحتلال بحق الأسرى أكثر...
في تقدير دارسين ومهتمين، السجن هامش ومهمشين وغياهب كان ولا يزال مساحة مصادرة حرية إنسان. وغير خاف أن ما هو سجن وسجناء وشأن يخص المجال، يدخل ضمن ما هو مسكوت عنه اللهم ما هناك من إشارات غير شافية هنا وهناك من نصوص، علما أن السجناء أصناف منهم سجناء فعل سياسي بقدر ما هم غير منسجمين مع سلطة ما بحسب...
لما انتهينا....
وكانت الشمس تبكي،
وعلى الافق سوطٌ ودَم!!!
همستُ لرفيقي ::ــ
ان الرحلةَ قد بدأت ،
فاحزمْ أمركَ ،
واجعلْ من جسدكَ سنداناً ،
وروحِكَ قارورةَ صَبْر !!
قال ::ـ
كيف .. وظلم ذوي القربى ..؟؟؟!!
قلتُ ::ــ
احتملْ ...ومشينا ،،،
فكانت الزنازين اكثر من
حدائق احلام الروح !!!
كتبت عام...
بدأت مشواري التواصليّ مع أسرى أحرار يكتبون رغم عتمة السجون في شهر حزيران 2019؛ تعاصفنا وتثاقفنا، نعم، وجدت لقائي بهم، بأفكارهم وبكتاباتهم متنفّسًا عبر القضبان.
عبّر الأسير هيثم جابر عن هذه المبادرة في رسالة بعثها للإعلاميّة الكاتبة قمر عبد الرحمن ونشرتها بدورِها على صفحتها، وممّا جاء في هذه...