ديباجة:
تكمن مشكلة البحث الذي نروم بسط بعض أفكاره، في مظاهر الضعف والخلل التي تعتري اكتساب المتعلم للمعرفة الأدبية المتحدرة عن النصوص الأدبية المدرسة في مدارسنا العمومية. والتي تعود في تصورنا الخاص إلى عاملين أساسيين، يمكن عزو ذلك الضعف إليها:
-يتجسد العامل الأول في تدني التحصيل العلمي والأكاديمي للمدرس؛ فيما يخص المعرفة الأدبية والنقد الأدبي، وعدم انخراط الجامعة المغربية في التأسيس لمشروع مجتمعي قمين بتكوين الطالب المغربي للاضطلاع بمسؤوليات اجتماعية وثقافية جديرة بشبكه بالتحولات العالمية الكبرى.
-ويتمثل العامل الثاني في تخلف طرائق التدريس المتبعة في تدريس المتعلم، والتي تجد موئلها في الأساليب التقليدية المتكئة على الإلقاء والمناقشة العمودية، التي يكون فيها المتعلم مجرد متلق سلبي، ويكون فيها المدرس والمعرفة هما محورا العملية التعلمية.
لذلك، فنحن نؤكد على ضرورة وجود ذات متعلمة فاعلة، وإذا لم تكن موجودة، فينبغي خلقها وتحفيزها لتصير كذلك. ولا بد من أن تنشأ هذه الفعالية داخل وضعية تعلمية ما. فالنشاط الذاتي لا ينبغي أن يهدر في مسارات غير مؤطرة من جهة، وغير مجدية من جهة أخرى.
وتعمل الأنشطة التعلمية المقترحة على تأطير الفعالية الذاتية وتوجيهها. وتستدعي الفعالية الذاتية مجمل الموارد المختلفة، والتي تكون مستوحاة من مظان مختلفة كذلك، وتقوم بتشبيكها ببعضها لواذا، لحل الأنشطة التعلمية الجديدة المقترحة في وضعية معينة. كما بودنا أن نشير بداية إلى أننا استعملنا مصطلح تفعيل الرغبة في التعلم مستلهمين عنوان كتاب بوب سولو "تفعيل الرغبة في التعلم"، نظرا لإشارته اللماحة إلى ما نتغياه من هذه الورقة.
من الفعالية الذاتية إلى الكفاية:
إن ثمة طاقة كامنة لا محدودة للكفاية ومتشكلة عبر الفعالية الذاتية. والتي تقود في سيرورتها الناجعة إلى الاستبصار، الذي ينشأ جراء تشكيل الذات الفاعلة (المتعلم) للفهم الذاتي للأنشطة، وتنمية البعد التبصري لديه عبر تأمل عملياته الذاتية في التعلم. وينبغي للوضعية التعلمية أن تستنفر تلك الطاقة الكامنة؛ لجعلها تنسلك في سيرورات مختلفة من الأنشطة التعلمية الذاتية، لإنتاج تعلمات ذاتية وقوية، وذات معنى.
وإذا كانت الكفاية تؤطر بغاية توجهها، وبوضعية تسلكها في سياق معين. فإن الطاقة الكامنة واللامحدودة في الفعالية الذاتية تعمل على حث الذات الفاعلة في التعلم (المتعلم) على تجاوز الصعوبات والإكراهات الطافحة في سيرورات التعلم. لذلك على الأنشطة التعلمية المقترحة أن تتسم بشيء من الانفتاح، كي لا تحد من الطاقة الكامنة في الفعالية الذاتية. كما أن غاية الوضعية وسياقها المؤطر، ينبغي أن يتسمان بالمرونة والملاءمة والقابلية للتنفيذ. ولا مناص من أن تستهدف الوضعية التعليمية المقترحة الخصائص القابلة للملاحظة من الكفاية؛ أي الجانب الإنجازي فيها، أو القدرة الإنجازية.
وبهذا تشبك الوضعية التعلمية المتحدرة عن المقاربة بالكفايات، بين المحتويات وشكلها، أي بين المحتوى وشكل المحتوى. فالمحتوى (التعلمات) لا يمكن فصله عن الشكل الذي يتم به، وكذا السياق الذي يتحقق داخله. فذانك شرطان أساسيان للنظر إلى التعلمات بوصفها تتمفصل في بعدين لا ينفصمان: المعرفة وشكل بنائها وتوظيفها. وهكذا تتجاوز الكفاية بعدها التجميعي للموارد، لتستحيل إلى كونها شبكة إجرائية للموارد. فالذات الفاعلة (المتعلم) تعمل على تنظيم الموارد داخل شبكات إجرائية متداخلة ومتنوعة .
وهذا التشبيك الإجرائي مهم للغاية، لأن المتعلم لا يكتفي بتجميع عددي وتراكمي للموارد، وإنما ينضدها في خطابات وخرائط ذهنية ذات طابع إجرائي، تتيح في تمفصلها التداخلي، أثناء الاستنفار والاستدعاء، المعالجة الفعالة والناجعة للوضعيات التعلمية المركبة. فإذا اسطاع متعلم ما أن يحرر بطاقة، يجمع فيها معطيات مختلفة حول النص السردي، وأن يوظف هذه المعطيات والخصائص في كتابته، وأن يشاكلها مع نصوص أخرى مضارعة لها، فإنه يكون، حالتئذ، قد توفق في تفعيل تلك الشبكة الإجرائية المشيدة لديه . وينبغي أن تكون هذه الشبكة الإجرائية ذات بعد وظيفي، ومرتبطة في ما بينها ترابطا تعالقيا في صورة ''خطاطات ناظمة'' (schèmes organisateurs) . لنشاط الذات الفاعلة (المتعلم).
وتكون الخلاصة التي نؤكد على كمدتها وحيويتها هي أنه –نتيجة عدم إمكانية انفصال المعارف المدرسية عن سياقاتها التعلمية- يجب اقتراح الأنشطة التعلمية، أو بالأحرى برمجتها، وفق الكيفية التي تتيح للمتعلمين بناء الشبكات الإجرائية بشكل أساس، لأن مطالب المقاربة بالكفايات كثيرة ومعقدة.
إن تمفصل الموارد والمعارف المدرسية يفترض أن يكون التلميذ قادرا على إقامة التمفصل بينها؛ وإقامة التمفصل هو شيء متعلم أيضا، إذ يلتقطه أثناء النظر إلى سياق الوضعية الحاضنة
تكمن مشكلة البحث الذي نروم بسط بعض أفكاره، في مظاهر الضعف والخلل التي تعتري اكتساب المتعلم للمعرفة الأدبية المتحدرة عن النصوص الأدبية المدرسة في مدارسنا العمومية. والتي تعود في تصورنا الخاص إلى عاملين أساسيين، يمكن عزو ذلك الضعف إليها:
-يتجسد العامل الأول في تدني التحصيل العلمي والأكاديمي للمدرس؛ فيما يخص المعرفة الأدبية والنقد الأدبي، وعدم انخراط الجامعة المغربية في التأسيس لمشروع مجتمعي قمين بتكوين الطالب المغربي للاضطلاع بمسؤوليات اجتماعية وثقافية جديرة بشبكه بالتحولات العالمية الكبرى.
-ويتمثل العامل الثاني في تخلف طرائق التدريس المتبعة في تدريس المتعلم، والتي تجد موئلها في الأساليب التقليدية المتكئة على الإلقاء والمناقشة العمودية، التي يكون فيها المتعلم مجرد متلق سلبي، ويكون فيها المدرس والمعرفة هما محورا العملية التعلمية.
لذلك، فنحن نؤكد على ضرورة وجود ذات متعلمة فاعلة، وإذا لم تكن موجودة، فينبغي خلقها وتحفيزها لتصير كذلك. ولا بد من أن تنشأ هذه الفعالية داخل وضعية تعلمية ما. فالنشاط الذاتي لا ينبغي أن يهدر في مسارات غير مؤطرة من جهة، وغير مجدية من جهة أخرى.
وتعمل الأنشطة التعلمية المقترحة على تأطير الفعالية الذاتية وتوجيهها. وتستدعي الفعالية الذاتية مجمل الموارد المختلفة، والتي تكون مستوحاة من مظان مختلفة كذلك، وتقوم بتشبيكها ببعضها لواذا، لحل الأنشطة التعلمية الجديدة المقترحة في وضعية معينة. كما بودنا أن نشير بداية إلى أننا استعملنا مصطلح تفعيل الرغبة في التعلم مستلهمين عنوان كتاب بوب سولو "تفعيل الرغبة في التعلم"، نظرا لإشارته اللماحة إلى ما نتغياه من هذه الورقة.
من الفعالية الذاتية إلى الكفاية:
إن ثمة طاقة كامنة لا محدودة للكفاية ومتشكلة عبر الفعالية الذاتية. والتي تقود في سيرورتها الناجعة إلى الاستبصار، الذي ينشأ جراء تشكيل الذات الفاعلة (المتعلم) للفهم الذاتي للأنشطة، وتنمية البعد التبصري لديه عبر تأمل عملياته الذاتية في التعلم. وينبغي للوضعية التعلمية أن تستنفر تلك الطاقة الكامنة؛ لجعلها تنسلك في سيرورات مختلفة من الأنشطة التعلمية الذاتية، لإنتاج تعلمات ذاتية وقوية، وذات معنى.
وإذا كانت الكفاية تؤطر بغاية توجهها، وبوضعية تسلكها في سياق معين. فإن الطاقة الكامنة واللامحدودة في الفعالية الذاتية تعمل على حث الذات الفاعلة في التعلم (المتعلم) على تجاوز الصعوبات والإكراهات الطافحة في سيرورات التعلم. لذلك على الأنشطة التعلمية المقترحة أن تتسم بشيء من الانفتاح، كي لا تحد من الطاقة الكامنة في الفعالية الذاتية. كما أن غاية الوضعية وسياقها المؤطر، ينبغي أن يتسمان بالمرونة والملاءمة والقابلية للتنفيذ. ولا مناص من أن تستهدف الوضعية التعليمية المقترحة الخصائص القابلة للملاحظة من الكفاية؛ أي الجانب الإنجازي فيها، أو القدرة الإنجازية.
وبهذا تشبك الوضعية التعلمية المتحدرة عن المقاربة بالكفايات، بين المحتويات وشكلها، أي بين المحتوى وشكل المحتوى. فالمحتوى (التعلمات) لا يمكن فصله عن الشكل الذي يتم به، وكذا السياق الذي يتحقق داخله. فذانك شرطان أساسيان للنظر إلى التعلمات بوصفها تتمفصل في بعدين لا ينفصمان: المعرفة وشكل بنائها وتوظيفها. وهكذا تتجاوز الكفاية بعدها التجميعي للموارد، لتستحيل إلى كونها شبكة إجرائية للموارد. فالذات الفاعلة (المتعلم) تعمل على تنظيم الموارد داخل شبكات إجرائية متداخلة ومتنوعة .
وهذا التشبيك الإجرائي مهم للغاية، لأن المتعلم لا يكتفي بتجميع عددي وتراكمي للموارد، وإنما ينضدها في خطابات وخرائط ذهنية ذات طابع إجرائي، تتيح في تمفصلها التداخلي، أثناء الاستنفار والاستدعاء، المعالجة الفعالة والناجعة للوضعيات التعلمية المركبة. فإذا اسطاع متعلم ما أن يحرر بطاقة، يجمع فيها معطيات مختلفة حول النص السردي، وأن يوظف هذه المعطيات والخصائص في كتابته، وأن يشاكلها مع نصوص أخرى مضارعة لها، فإنه يكون، حالتئذ، قد توفق في تفعيل تلك الشبكة الإجرائية المشيدة لديه . وينبغي أن تكون هذه الشبكة الإجرائية ذات بعد وظيفي، ومرتبطة في ما بينها ترابطا تعالقيا في صورة ''خطاطات ناظمة'' (schèmes organisateurs) . لنشاط الذات الفاعلة (المتعلم).
وتكون الخلاصة التي نؤكد على كمدتها وحيويتها هي أنه –نتيجة عدم إمكانية انفصال المعارف المدرسية عن سياقاتها التعلمية- يجب اقتراح الأنشطة التعلمية، أو بالأحرى برمجتها، وفق الكيفية التي تتيح للمتعلمين بناء الشبكات الإجرائية بشكل أساس، لأن مطالب المقاربة بالكفايات كثيرة ومعقدة.
إن تمفصل الموارد والمعارف المدرسية يفترض أن يكون التلميذ قادرا على إقامة التمفصل بينها؛ وإقامة التمفصل هو شيء متعلم أيضا، إذ يلتقطه أثناء النظر إلى سياق الوضعية الحاضنة