-1-
الحمد لله وحده
ولدنا البارّ الأنجب، سيدي التّهامي أصلحك الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فقد بلغتني برقيتكم التي أفادت الأهمّ لدينا من سلامتكم والحمد لله، ونحن وإن غبنا عنكم شهراً كاملاً كان يلذّ لنا أن نقيمه معكم، فيعوضه المولى سبحانه بأشهر وأشهر، وقد كانت الحركة مباركة، اكتشف فيها عن الدّاء الذي كان يشكوه عمّكم بعد ذهاب ألم الأعصاب، ونرجو أن يكلّل علاجه الجديد بنجاح، ونحن لازلنا ننتظر مفعول الاستحمام في ألم الرّجلين، لأنّه على ما تواطأت عليه الألسنة يتأخّر عن وقته، وكنّا ننتظر أن يصلنا منكم الكتب بافتتاحكم للدّراسة، وبما وجدتم عليه الحالة، فعسى أن تكون على أحسن ما يكون، أمّا عمّكم مولاي أحمد فحالته في تحسّن مطّرد، غير أنّ حركة الأعضاء للآن لم تتّضح، والرجاء أن تكون النّهاية حسنى، والسلام. في 25 محرّم 1371هـ.
والدك عبد السلام، لطف الله به.
***
-2-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
الولد البارّ، الطّالب مولاي التّهامي، السلام عليكم ورحمة الله والرحمة والبركة.
وصل كتابك يهنأ بعيد مولد سيّد الكائنات، عليه صلوات الله وسلامه، هنأكم الله ببلوغ الرّغائب والأماني، وأقرّ العين بك قراراً يكون إن شاء الله مصدراً للتّهاني، ومنّ على هذا الشّعب المسلم بألطافه الخفيّة عن قرب، إنّه سميع مجيب، ونحن كلّنا بخير، نرجو أن تكونوا أنتم كذلك، وعلى المودّة والسلام.20 ربيع النبوي الكريم، عام 1373هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال، وعمّك المسكين.
***
-3-
الحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار الأنجب، السيد التهامي أصلحك الله وأعانك وسلام عليك ورحمة الله الله وبركاته.
وبعد، وصل كتابكم تشرحون به برنامج الاقتصاد الذي علمنا منه غير ما كنا نعلم، كنا نعلم أنه محض مادة اقتصاد لا أقل ولا أكثر، وإذا زيد فيها شيء فلا بد أن يكون ذا علاقة به وضروريا له كضرورة المقدمة للنتيجة، فإذا به تبين أنه أوسع دائرة من دائرة الباكالوريا التي تحتوي على كل علم متداول، وعلى كل حال نحن في هذا الميدان أقصر باعاً منكم، ونخشى أن لا تتسع لهذا البرنامج الطويل العريض السنوات التي كنا نقدر لهذه الدراسة والله المستعان.
وغاية ما نقول لكم: إنه يجب أن تعطوا لأنفسكم ما تتحملون، ولا تكلفوها فوق طاقتها فإن بذلك ضياع الوقت وإجهاد النفس، وإفساد القوى الفكرية، وقد قلنا لك في كتاب سابق: إنه لا بد من التوازن بين قوتك الفكرية والشخصية، وبين ما تتعاطاه، فإذا كان التوازن والاعتدال أتت النتيجة، وإذا اختل وزادت التكاليف على المصاريف كان العُقم لا قدر الله.
قلتم إن وجبة الإفطار لا تكفي ولا تكفي واقترحتم نقود…وهو حسن وإنا قد بعثنا لكم بالطريقة التي عينتم بسيطات 300، كما عززنا ذلك بأقراص من حلواء السمن، نطلب الله أن يصلكم ذلك و يسد مسد الإفطار الكافي، أما نحن هنا فلا يزال طعام الإفطار عندنا كما تعهده خبز وجبن إذا وجد… ولكن بدون لحم، إما الرغايف، إما المجبنة، إما السفنج، إما الشربة بزيتها، مولاتنا المسمنة فقد طال بها عهدنا وعظم لها وجدنا، وعلى كل حال إذا لم يكن بتلكم المدرسة اعتناء بوجبة الإفطار فلأن نظم المطبخ لديهم جارية على قواعد الصحة وعلم النفس، وبعبارة أصح علم أسس الاقتصاد التي هي أجدر وأنسب مدرسة اقتصادية وما يدري الصباغ المحترم أن المغاربة لا تقنع بطونهم بالأكل الخفيف ولا للطعام اللطيف، فهم كالطبول المجوّفة، لا تدوي إلا في حال الامتلاء،…وهذا بخلاف المشارقة الذين هم أبعد ما يكون عن الإسراف في كل وجبة حتى في وجبة عشاء الليالي الشاتية، لهذا ساعدتهم الحالة المعيشية على أن كانوا أرباب الفهم، وأساتذة العلم، وحاملي راية المعرفة، وسبقوا من سواهم في التفوق في فنون الكتابة ونبوغ النظم والتآليف، وقرض الشعر، فجلبوا بذلك لبلادهم التي كانت أقحل بلاد الله تحت السماء؛ السعادة والرخاء والطمأنينة والهناء.
هذا وبعد رجوعكم بحول الله من عطلة السنة القادمة لا بد أن تأخذوا معكم أشياء من هذا القبيل تستعينون بها والله يوفق ويرشد ويهدي إلى الصراط المستقيم والسلام.
في 4 صفر عام 1369هـ الموافق ل 26 نونبر سنة 1959م.
والدك عبد السلام أفيلال
***
-4-
الحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البارّ الطالب السيد التهامي السلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابكم وبداخله نماذج الثياب التي عليها أثمانها الخ، وصار بالبال، ونفيدكم أن الذي وقع عليه الاختيار هو الثوب الواصل إليك طيه فلتشتر منه أمتاراً 3 ويصلكم ثمنه مع البريد. أما زبيدة فقد وصلت… من قبل والسلام.
في 27 جمادى 1 عام 1965م.
عبد السلام أفيلال
***
-5-
الحمد لله
عوض الولد البار الطلب الأنجب، مولاي التهامي رعاك الله وحرس صحتك.
وبعد، وصلني في 2 شهرنا الحالي كتابك المؤرخ ب 24 الماضي أكتوبر وقد أزعجني حقا مفاده رغم كون المصاب لا قيمة له، وقد رأيت قياماً بحق هذا الواجب أن أستشير مع الأخ عمر سرّيّاً فأفضى إليّ بأن الواجب هو أن تتلقفوا هذا المصران الزائد المتفتق الآن بحزام، وتواصلوا دراستكم إلى آخر هذه السنة الميلادية، حيث تقدموا لدينا، وحينئذ تجرون العملية الجراحية البسيطة أمام الأهل، وهذا إن لم يكن في تأخيرها لهذا الوقت ضرر متزايد، ولا ضرر في هذا قطعاً، فإن كان فيه ضرر لم يكن بد من التعجيل بها، -وهذا شيء تسألون عنه الطّبيب المشير عليكم أوّلاً- وحينئذ لا بد من إعلام الوالد ليأذنكم فيها تقيمونها هناك، أو يأذنكم بالحضور لتقيمونها هنا بين أظهرنا.
ويظهر لي أن تتلقوا هذا النازل بهذه الرعاية المؤقتة وتسترسلوا في الدراسة لآخر السنة الميلادية كما قلنا، فتربحوا هذه القراءة ويربح الوالد هذا الانزعاج الذي قد يؤلمه، وقد يدعوكم للحضور بطريق الاستعجال، وبعد حضوركم بعد شهر ونصف تقريباً تكون العملية باطمئنان نفس وأمام الأهل والأحباب، وتكون الراحة بعدها تامّة، ولا أظن أنه يترتب على هذا التأخير شيء، فغالب الناس قديماً وحديثاً يصابون به ولا يبالون بشأنه، لأنه مع الوقاية لا يؤثّر، نعم؛ من الناس من يبادر لرتقه، ومنهم من يغضّ عنه الطرف، ولست ممن يحب التغاضي عنه، بل ممن يسارع للقضاء عليه بالرتق، ولكن بطريق هذا العجل الذي تريد أنت، فتتوقف عن الدراسة احتياطاً لما عسى أن ينشأ عن الحركة، وتطلب الإذن العاجل لإجراء العملية التي قد تساعَدون عليها من جهتي الوالد والعمّ، ثم إن جزمت بالتعجيل فلا بد أن تعلمني لنأخذ برأي الوالد ليأذنك في العملية أو في الحضور، وإنّي في انتظار جوابك، ولا أدري موجب تأخير رسالتك عشرة أيّام عن تاريخها والسلام.
في 3 نونبر سنة 1951م الموافق ل 2 صفر عام 1371هـ.
عمّك: البشير
***
-6-
الحمد لله وحده
وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله
الولد البارّ الطّالب الأنجب، السّيّد التّهامي، السلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فقد وصل كتابك مفيداً سلامتك وعافيتك، وذاك غاية ما نأمل، ونرجو أن نسمعه ونتلوه في رسائلكم، مع ما يفيدنا عن كدّكم واجتهادكم في دروس المعرفة، وقد غفلنا عن إعلامكم بنعي زوجة الخال، لأنّنا لم نره بالنسبة لكم كطالب علم يهمه ما يتلقى في بلاد الغربة من مواد يشقّ لها طريق حياة مستقبله شيئاً تهتمّون له، أو ينفعكم في موضوع مهمّتكم، فطالب العلم ينبغي أن لا يشوّش عليه بأمثال ذلك، وطالب العلم لا ينبغي له أن يعيش عيشة المراسم والإجراءات العادية، أو يحيى حياة التّرف …لذلك في غرض كذا، هذا يدعه للمتفرّغين الذين قضوا وأتمّوا واجباتهم، هذا وإنّه للآن لم يتلقوا عن زبيدة خبراً بالإعلام بالخروج من القاهرة، وقد كانت أعلمت في رسالة أنّها ربّما تخرج يوم من 17 ابراير الجاري، وربّك يفعل ما يشاء ويختار، بعد الإتمام من كتابة هذه الرسالة ورد تلغراف من القاهرة بخروج زبيدة يوم تاريخه ليلة الخميس 23 فبراير.
والكلّ بخير، والسيّد مَحمّد مدينة بعدما كان أنهى لي قضية امتناع زوجته من حضورها عنّي هذه مدّة، ولم أدر ماذا أنهت إليه قضيّته منها، والكل بخير، وعلى المودّة والسلام.
في 23 ابراير سنة 1950. جمادى 1 عام 1369هـ.
عبد السلام أفيلال
***
-7-
الحمد لله وحده
وصلى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه
الولد البارّ الأنجب، السيّد التّهامي السّلام عليكم ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك المؤرّخ بـ 5 مارس الحالي، وأهمّ ما أفاد التحاقك بمدرسة الاستعداد للامتحان، ومراجعة مادّتي الحقوق والجبر، تأهّباً للامتحان القادم بحول الله، وإنّها لفكرة حسنة ويا حبّذا لو كانت هذه المدرسة …على حدّ تعبيرك مؤبّدة ملحقة بالمدرسة الرّسميّة، لأنّ من الخسارة على الغريب المنقطع للدراسة، عطلة شطر كامل من النّهار يقضيه بين جدران المدرسة في انتظار غروب الشّمس ليأوي إلى مرقد النّوم، أمّا زبيدة فقد وصلت لطنجة قرب زوال نهار الخميس بل الإثنين الماضي، ولتطوان عشيّة اليوم التّالي، وقد ذهبت العائلة لمقابلتها صبيحة يوم العزوم، وكانت المرسى مليئة بذوي قرابة القادمين، فالحمد لله على السّلامة.
أمّا اعتدال جوّ غرناطة في هذه الأيّام فضروري، وأيّ شيء في الدّنيا لا يعتدل بدخول فصل الربيع وهو الفصل الذي تحسن فيه الطّبيعة للكون، وتسدي إليه من المعروف ما تحيى به النّفوس الحيّة والجامدة، ويهيأ فيه للمخلوق ما يقتاته ما بين السّنة، أمّا إحسانه للأحلام والأدمغة والحافظة والمفكرة فشيء لا يغني الوقت للإفاضة إليك فيه، لأنّي إذا شرعتُ فيه أعالجه لك لا تغني هذه الورقة ولا أخواتها من الملصقات معها، ولكن الذي يهمّني من عوامل هذه الأيام أن تصقل من فكرتك وتزيد في نشاطك، وتدفع بك إلى مزيد الإمعان والنّظر..
أمّا أثارات فصل الربيع من اخضرار واحمرار واصفرار جوّه، يقضي عليها الصيف بنار شمسه المحرقة، فلا تجد إلاّ يابسة، أو جوّاً مكفهرّاً، ووجوهاً عابسة، تلك هي الطبيعة، وتلك عادة الله فيها، (ولن تجد لسنّة الله تبديلاً).
أمّا ما تحصله في هذا الفصل إذا أعرضت عن جماله الفتّان، وسحره القاتل، فسوف لا يُبيده الصيف ولا الخريف، فاعرف لأيّام دراستك قيمتها، وعُدّ بين أصابعك سِنيّ وجودك وسنيّ دراستك، وقابل ما بينها وبين ما حصّلته من معرفة وثقافة، وحاسب نفسك قبل أن تحاسَب، وطالبها بواجباتها قبل أن تُطالب، وربّنا لا غيره يوفّقك ويهديك ويرشدك إلى ما فيه صلاحك ديناً ودنيا، فما الخير إلاّ خيره، لا ربّ غيره.
وقد توقّفتُ عن توجيه المجلاّت إليك، لأنّها لا تكون في صالحك الآن مع كثرة مواد الدّراسة، وإن هي إلاّ من لغو الحديث الذي لا ينفع، وإن كانت بالنسبة لغيرك من الحوامض أو الفواكه التي لا يستغني عنها كلّ مترفّه في مطعمه وغذاه.
قد كلّمتك تيلفونياً بالإدارة نهار الأربعاء السّابق، وما تبيّنتُ شيئاً جيّداً من كلماتك التي تلاعب الأثير بها، وبعد الغد سنعيد مكالمتك بحول الله، أما شفرات الحلاقة التي سلّطها الشّيطان على الوجوه والأذقان فتصلكم بحول الله، وقد فهمت من خطابكم التيلفوني أنّكم تبعثون بمثال …وهو حسن، ولا تتأخّروا عن طلب ما ترونه واجباً، والله يرضى عنك، والسلام.
في 25 جمادى 1 عام 1369هـ، 15 مارس سمة 1950.
عبد السلام أفيلال
***
-8-
الحمد لله وحده
ولدنا البارّ، مولاي التّهامي أصلحك الله ورضي عنك، وسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فإنّ اقتصارك على البرقيات بأنبائك لا يغني فتيلاً عمّا يطلب منك من الموافاة بحوادثك وأخبارك، ولاسيما بعد إجراء العملية، وما طرأ عليكم بمدينة مالقة مما ألزمكم البقاء بها بضعة ايّام، الأمر الذي أحدث لنا تشويشاً في الفكر، وأخيراً نرجو الله أن تكونوا قد استرجعتم تمام عافيتكم، فواجهتم الدّراسة بهمّة تامّة، وبصر نافذ، وإن سألتم عن الأحوال فما هنا والحمد لله إلاّ الخير الأكمل، والبرّ العميم الأشمل، فلا بدّ أن تعودوا لموافاتنا بالمهمّ ممّا يلمّ بكم، والله يرعاكم ويحفظكم، والسلام.
في 3 ربيع الثاني عام 1371هـ. ق: 30 يناير وعلى كامل ودّكم والسلام.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
-9-
الحمد لله وحده
الولد البار الأنجب، سيدي التّهامي أصلحك الله ورضي عنك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فقد كلّمتك تيليفونياً لم نتمكّن من إشباع غلة القول معكم لسوء في الجهاز أو حركة في الجوّ، وكلّ ما فهمته منك هو تأخير رحلة المدرسة لما بعد هذا، أي: لشهر الامتحان وهو حسن. إن الثوب سنوجه إليك ثمنه، ولتشتر منه أمتاراً 4/ 3 غداً بحول الله، ولتجعله في اسم السلاوي صاحبنا، وكلّنا بخير، وعلى المودّة والسلام.
في 7 رجب عام 1369 ق: 25 أبريل سنة 1950.
عبد السلام أفيلال
أمّا الثوب القديم فقد وصل، وكان لابثاُ بمحطّة البوسطة … والحمد لله على السلامة.
***
-10-
الحمد لله وحده
الولد البارّ الطّالب الأنجب، مولاي التّهامي رعاك الله وأصلحك، وسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فقد وصل كتابك الذي أفاد عافيتك وسلامتك ومواصلتك للدّروس، فحمدنا ربّنا على تلك المنّة، وطلبناه المزيد عليكم من فضله. وقد سررنا جدّاً بالرحلة التي وعدكم بها وزير المعارف، فعسى أن يفي بوعده، وعسى أن تكون موفّقة قيّمة لمدارككم.
والأحوال هنا كلّها بخير، وقد أحضر صهرنا المفضل جماعة من أهل العلم ببيته، فقرؤا شفاء القاضي عياض استشفاء روحياً من الألم الذي يشكوه، نطلب الله أن تعمّ بركته كلّ من يشكو بعلة، إنّه على ذلك قدير. وواصل دروسك باهتمام، وتقدّم للصفوف العلمية بسلام، والله في عونك، وقد بعثنا لك بسيطات 300 نرجو أن تكون حلت محلها والسلام.
في 14 شعبان الأبرك عام 1371هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال
بعد السلام على حفيدي العزيز، سيدي التهامي ورحمة الله، فإنّي أحييك من صميم الفؤاد، ونرجو لك تقدّماً مطّردا، ومستقبلاً في الدراسة زاهراً، هذا وإذا عزمت على التنقل الرياضي في آخر السنة الدراسية، فلتعلمني لنزوك زيادة في الدّعاء ببضاعة مالية، وتقبل فائق احترامي والسلام.
عمك: البشير
***
-11-
الحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البارّ الأنجب، السيّد التهامي السلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك مفيداً سلامتك التي نرجو لك دوامها، ولئن سألتم عن الأحوال فالكلّ بخير ويدعو لك. وزبيدة أبرقت بخروجها في 26 فبراير، ثمّ أبرقت يوم 2 مارس بوصولها لمرسليا، وبأنّها ستغادرها بعد أسبوع، وتكون بالمغرب حوالي اليوم الثامن والعاشر. إنّ الجرائد التي بلغتكم هي من طرفنا لا من طرف السلاوي، وقد وجهت لك أخرى.
والقصائد كما تعلم، أمران: أحدهما: مرانكم على العربية الفصحى، ودراستكم للأدب العربي والإنشاء، والأسلوب الخطابي العالي، ليمكن أن تستحضروا بها القواعد العربية والألفاظ اللغوية، الشيء الذي أنفقتم عليه وقتاً غير قصير من حياتكم التّعليمية، والذي لو كنتم تابعتموه لكان لكم في شأن وأيّ شأن في لغة الضّاد ومفتاح القرآن.
ثانيها: اطّلاعكم على أحوال الأمم العربية لتبقى لديكم وفي نظركم في اعتبار واحترام.
أما الثوب الذي وجهتم وهو من الحلة التي ارتديتموها فحسن، ولكن لسنا نسأل عنه بعدما فصل وخيط ولبس، وإنّما نسأل عن ثوب صوفي جيّد يناسب أن تتّخذ منه جلاّبة نستبدل منها هذه التي ملّتنا ومللناها، واشتكت إلى ربّها من طول الخدمة التي لا جزاء لها عليه إلا البِلا ثم الفناء.
أمّا قلم الحبر الذي هنّأتم به عمكم الصغير فقد شكركم عليه، ولكنه ردئ، إنه لا يستحق الهناء ما دام عاصياً مستعصياً عليه، لك يأخذ طريقة الجد والإذعان لتصويراته، ولعل فيما تشاهدونه من هذا الأثر في هذه الرسالة من تبديل وتغيير وظهور وخفاء لدليلاً على ما أقول فيه، فلست أذكره بما ليس فيه، فلندعه يعمل عمله، وينشد أمله، وأمامه الأيام تلين قناته، أما ما برّرتَم به موقفكم في تكريم الوفد العلمي مع أنكم من طلبة العلم “المزاليط من النقود” الغير المكلفين بمثل هذه التكاليف، فالغرباء كثيرون، ومن تجمعك بهم اللغة، والذين كذلك كثيرون، ونحن هنا نشاهد الكثيرين من هذا الشكل، ولا يبالي الأغنياء الأسخياء إذا هم لم يتكرموا عليهم حتى برد التحيّة الواجبة في كلّ دين.
أما السيد محمد مدينة فلا زال ساكتاً، ولم يحضرني لحدّ الساعة، زقد لقي سيدي الأخ عبد السلام أمس، وشكى إليه ما يلاقيه من مرارة الحياة، من جراء امتناع زوجته عن مطاوعته للواجب، ولعلّ الرجل به حياء يمنعه من مخاصمتها، وقد كان جاءني للإدارة برفقة صديقه المسطاسي في يوم كان شديد الازدحام، غير أني أشفقت عليه، وأحلته على الدار يوافيني إليها بعد ظهر ذاك اليوم، غير أنه لم يأتني، ففهمت من ذلك أنّ قضيّته تمّت، ولكن تبيّن أنه يمنعه الحياء، وأعرض عن “الجرّة وما جرّت”، وهذا خلق جميل لو كان مع مثله، أما من والدة السيدة كما تعلم، فلا يجره السكوت عنها إلا للبلاء.
هذا وإن خطك الذي كان مغربياً وفي درجة من الحسن فلا بأس بها، قد جعلتَ تتدرّج أوّلاَ من المغربية إلى المصرية فقلنا لا بأس بذلك، لأنّ الكل عربي، وإن كان لكلّ ذوقه ولذته، والاتّحاد يجب أن يكون في كل شيءةحتى في الثقافة، فإذا بك أصبحتَ الآن تنحو به نحو اللامغربي واللامصري، وأخشى يمسي في يوم من الأيام إنجليزياً، وتجدنا في حاجة إلى الترجمان الحاذق في الإنجليزية، ماذا أيها الرجل كرهتم من مغربكم حتّى خطه الممشوق الجميل، فاللهم سلّم سلّم. لتجد من مواطنك من يفهمه، وإلا تضطرهم إلى الطواف به على من يعرفه من المتمصريين، فإنك مغربي وأبوك مغربي وجدك مغربي وسنبقى مغاربة بتقاييدنا ومميزاتنا إلى الأبد إن شاء الله، وسوف تعايش وتساكن وترافق وتخالط المغاربة، وسوف لا تجد خطوطهم إلاّ مغربية، فإن هم وجدوا خطك مصرياً فسوف لا يستطيعون معاملتك. ويسلم عليك الكل والسلام. في 15 جمادى الأولى عام 1369. ق: 5 مارس 1950.
عبد السلام أفيلال
***
-12-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله
ولدنا البارّ الأنجب، السيّد التّهامي رضي الله عنك ورعاك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل مكتوبك من مدينة قادس التي اختارها الله لك مقرّاً جديداً لإكمال دراستك، والخير كلّه فيما يختاره الله، أنبأتنا فيه بخلاصة حالكم وترحالكم، وما أنتجه تطلّعكم على حالة العيش هناك، بالنسبة للطالب الغريب بالطرق الاقتصادية والمتوسطة، وأومأتم إلى موقع البلد وطقسه ومركزه، وحالة ساكنيه حسبما ظهر لكم لأوّل عبرة خاطفة، إنّا جدّاً فرحون بكلّ ما ذكرتم، وبالمقابلة الطّيّبة التي فاتحكم بها مدير الجامعة، مع قبولكم في مقاعد الدّراسة كطالب رسمي، وإنّنا لنأمل أن تصل من مدير جامعة غرناطة وثيقة الانتقال التي تخوّلكم بداءة الدّرس من حيث انتهيتم في تلكم الجامعة، مع الاعتداد بالسنوات الأربع التي طويتموها بها، لتكون سنوات الدّراسة منسجمة، ونأكّد عليكم في عمل وسيلة جديدة لاستعجال المدير الغرناطي في بعثها لكم. أمّا موضع الاستقرار فلا بدّ أن تزيدوا بحثاُ في المناسب لكم من الوجهتين، وجهة الصلاحية لسكنى الطالب الغريب، الكفيلة له بتأدية واجباته الدراسية على أتمّ الوجوه وأكمل الحالات، ووجهته الاقتصادية التي تناسب دائماً طالب العلم، وتفيدونا بذلك لنعمل فيه رأينا، على أنّنا نرى الآن مبدئيّاً أنّ المدرسة الدّاخلية الحكومية التي أشرتم إليها، مناسبة إن كان ممكناً من ناحية قانون المدرسة، وكنتم عازمين على القيام بأعباء شرائطها، أمّا الشاب الإسباني الذي قتلتم به وقت ترحالكم بدلاً من تلك السيّدة المثرثرة التي أراحت وأراحت، فلا بأس بمعاشرته الآن، وللضّرورة أحكام، وربّما نكتب لكم عن قريب رسالة توصية بكم، والاعتناء بكم لأحد المغاربة المتاجرين هناك، سيصدرها له أحد أصدقائه بطنجة، وقد كتبنا لكم هذا استعجالاً، ونطلب زيادة بيان عمّا ترّجح لكم أن يكون صالحاً للسّكن في هذه الأيّام التي قضيتموها هناك، والكتب قد بعثناها لكم أمس مع البريد، …فلتحسن لنفسك كما أحسن الله إليك، والسلام. في 25 صفر عام 1374هـ.
والدك
***
-13-
الحمد لله
الولد البارّ الشابّ المهذّب، مولاي التّهامي رعاك الله والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الذي اختصرت فيه حركة الرحلة اختصاراً، كنّا على علم به من البرنامج السّياحي، ومن الصور المبعوثة من كلّ بلدة نزلتموها، ولنا أمل أن تكونوا أسستم في مخيلتكم أو مذكرتكم ما يصح أن تبنوا عليه مذكّرة تحرّرونها لتاريخ دراستكم، ولمن لم يشهد الرحلة، وحسبه أن تلغى التلغرافات وبطائق الوصول. وإنا نهنّيكم بالتوفيق لتلكم السّياحة التي نرجو أن تكونوا أصبتم منها ما تتممون به الغرض من الدّراسة، وأن تكونوا قد اكتسبتم فيها قوّة جسم، ونشاط أعضاء، لمتابعة عملكم، ولأداء فرائض مولانا سبحانه في هذا الشهر العظيم على أكمل وجه، وأحسن حال، ونحن جميعاً بخير، والله يرعاكم ويرضى عنكم، والسلام.
في السبت 19 رمضان المعظّم عام 1373هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
-14-
الحمد لله وحده
محلّ الولد البارّ، الشّابّ الأنجب، السيّد التهامي رعاك الله، وسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فقد كان وصلني كتابك حول الحادث الذي ألمّ بساحتك، وقاك الله شرّه، وكنتُ أجبتُكم عنه حالاً، أعني قبل هذا التأريخ بنحو 18 أيام، بعد أخذ رأي الأخ سيدي محمد بأنّه لا يمكن أن يأذن في شيء يتعلّق بالعملية بدون استطلاع رأي الوالد، وأنّ الذي ترجّح عنده هو أن تستوثقوا بحزام هندي كدعامة للمحلّ المتفتّق، ثمّ تواصلوا الدّراسة، ولما تكون الرخصة الميلادية وتحضروا لدينا، يقام بإجراء هذه العملية بحضور الأهل والأصدقاء. وكنت اقترحتُ عليك أن تجيبني ليطمئن الخاطر من جهتك، وقد عجبتُ من إهمالك وتضايقك من أجله، وقد طلبتُ الاتّصال بك بطريق التيلفون البارحة، فألفيتُ الأمر متعذّراً بالحوادث الجوّيّة التي كانت ليلة الإثنين.
وفي هذا اليوم زارني العربي بنونة قادماً من الرباط يذكر أنّه استلم منك رسالتين بالحادث، وأنك لازلت تنتظر جوابي بالإذن في الإجراء العملي الجراحي…مدير البيت المغربي هناك بالمفاوضات مع نيابة التعليم هنا، واحرز على المأذونية المعلّقة على الإذن من جانب الوالد وأحد العمّين الخ.
وقد علمتُ من رسالتك له أنّ جوابي لم يصلك، وأنك لا تزال تنتظر، وإنّ هذا لأغرب شيء كان عليك، حيث لم يصلك جوابي أن تعيد الكتب بالتّأكيد لأسارع إلى إفادتك، لا أنّ تتقاعس وتتواني، ثمّ إنّ الذي يظهر لي هو ما أشرت به عليك من ملازمة الدراسة بعد التحزّم بالمنطقة الهندية التي يستعملها غالب المصابين بالفتق، بل ويستغنون بها عن إزالته، أمّا العملية فأنتم غير موافَقين عليها مطلقاً، ومدة الزيارة قد اقتربت، والشيء بسيط، ومقاومته أبسط منه، وممّا أفادني به بنونة أنّكم شرعتم في الدرس، ونعم ما فعلتم، والله يرعاكم…آمين.
21 صفر عام 1371هـ.
البشير
***
-15-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
ولدنا البار الشاب الأنجب، السيد التهامي رعاك الله ورضي عنك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد، وصل كتابك المؤرخ بالجاري 15 أمس تاريخه أفدنا منه غاية ما كنا في انتظاره من سلامتكم وابتداء دراستكم، أعانكم الله وسدد خطاكم ووفقكم سلوك سبيل الرشاد آمين.
إن ما سبق أيام ابتداء الدراسة نحن كنا أولى به من الفندق الذي احتضنكم فحسب، ولم نكن لنسخوا بذاك الأسبوع لولا ما كنا نحذره من سوء ما قد يترتب من التأخير من مسؤولية ونحوها، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وقد بعثنا لكم به بما تسددون به ما عليكم من دَين، ويصلك بعدُ القميص الذي هيأ لكم، فأرجوا أن يأتي موافقا.
ومنذ أيام وعلامة الأمطار تنذر بنزوله، وتلفت الأنظار لتهيأة الغطاء والكساء، وقد نزل في هذا النهار منه ما يوطأ لهذه السنة حسن الطالع.
وقد سررنا من كتابكم بالخط المغربي المألوف، ورجوعكم عن الخط الشرقي الذي لا يعرفه المغاربة، وإذا عرفه من عرفه منهم يتكلف، ونحن قوم برءاء من التكلف. وأخوكم المهدي قد دخل بالأمس لروضة الأطفال التي توجد بدار مدينة بدر ابن جلون، وقد أردنا بالتعجيل بدخوله لها أن نغرس بقلبه حب التعلم والحلم ليكبر حبه لهما في الكبر، فلا يمكن اقتلاعه منه ويدأب عليهما، وإن مَن سَبَقَنَا لهذه الفكرة لمصيبٌ، لأن القلب إذا دخله الخير لا يخرج منه، وإذا دخله الشر لا يخرج منه، فلذا كان لتأخير تعليم المغاربة آفة سبب له الجهل المطبق، وكانت الأمية غالبة عليهم فكان الجهل بكل شره، وأعقبه مرض الأخلاق فانحلت العرى،
وكان ما كان مما لست أذكره** فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر
ونحن بخير والحمد لله والسلام.
في 5 صفر الخير عام 1373هـ موافق أكتوبر سنة 1953م.
والدك عبد السلام
***
-16-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار الأرشد، مولاي التهامي رضي الله عنك وأعانك، والسلام عليك والرحمة والبركة في السكون والحركة.
وبعد، وصل كتابكم بالإفادة بوصولكم لمعهد الدراسة، ثم استئنافكم لها بما كنا نؤمله من نشاط واجتهاد، وقد حمدنا الله على ما وفقكم إليه ودلكم عليه، واتل قول مولانا: ﴿وما بكم من نعمة فمن الله﴾، وإنكم بحول الله ستجنون ثمار هذه المجاهدة التي تعانون فيها مقاومة النفس وما تدعو إليه من استجلاب راحة ومتعة ودعة وسكون لا يعقبها إلا التّحسر والندم، والفرصة في الشباب غلسة كما في المثل، ويرحم الله ابن الوردي حيث يقول في لاميته:
اطلب العلم ولا تبخل فما **** أبعد الخير على أهل الكسل
والكل بخير والمريضة قد تكاملت عافيتها وخرجت تستكمل شفاءها لدور أقربائها كمل الله بخير، أما تلكم الدجاجة، فلسنا إلى الكلام عليها بعد أكلها بحاجة، والله يرعاكم ويعينكم والسلام.
17 جمادى الأولى عام 1373هـ.
والدك عبد السلام
وموادّ الدراسة قد بعثناها لكم مع البريد، ولا تغفل عن الكتابة مرة في الأسبوع، بارك الله فيك.
ولم يصلنا من رسائلكم إلاّ المؤرّخة بـ 10 أكتوبر، فإن كان لها أخت سبقتها فلم تصل أ ووصلت ولم تصلنا.
***
-17-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد عين الرحمة، وآله جميعاً
الولد البارّ الأنجب، مولاي التهامي رضي الله عنك ورعاك، وعليك السلام ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك وبداخله قطع الأثواب المكتوب على كلّ منها ثمنه، وقد أشرتم للبرد القارض.. الذي يعمل بحق في الوجوه ما يعمله المبرّد، ويتطلّب من الإنسان أن يظل تحت غطائه كالمقعد، ملتويا تحت كسائه الأسود.
حقا إن البرد لشديد، وقد يبست منه الأعضاء المتحركة حتى لا تكاد الأصابع الثلاث تمسك قلما، وإذا أمسكته بتكلف أو على مر التنور فلا تكاد قوى العصب الكاتبة تصله قوتها، فتحط ما يريد الإنسان أن يخطه، ولك في هذا الخط البديع الذي تقراه الدليل على ما بلغه منا ومن قلوبنا وبطوننا داهية هذا البرد، وإني لا أرى نافعا له غير الامتلاء بكل ما تصل إليه اليد من دافئ وبارد ومائع وجامد، ولا أستثني حتى ما جعل للنفس واكل أمره إلى خالقه، ويرحم الله الشاعر الشابي حيث يقول: …
أما الأثواب فلم يظهر لي رأي في أحد منها نختاره، فإذا كان هناك ما هو خير منها ولا كلفة لديك فلا بأس ببعث نظائره والكل بخير.
وكنزة بنت الأخ قد رزقت طفلة، ويومه يوم عقيقتها، فبالبركة والسعادة، والسلام.
في 6 جمادى عام 1373هـ.
عبد السلام
***
-18-
الولد البارّ الأنجب، السّيّد التّهامي رعاك الله.
وبعد، وصل كتابك المؤرّخ بالجاري 8، أفدتم فيه ما يتعلّق بالبيت المغربي وزيارة السّنوسي ورفاقه لتلك الرّبوع في تجوّله ببلاد النّاس، وقد سررنا بنشاطكم فيما بصدده، وقد أحسنتم صنعاً في الاحتفال بعيد الجلوس إذ ذاك، ما بقي لنا أن نتمسّك به.
والمهدي بنّونة قد آب من سفره منذ ستّة أيّام. وشهر المولد النّبوي الكريم مبدؤه يوم الإثنين، والعيد النّبوي يوم الجمعة، جعله الله مقروناً بفرح من عنده، وسدل على هذه الأمّة رداء العزّة والنّصرة واللّطف، إنّه لطيف بعباده، والسّلام.
في 8 ربيع النّبوي الأنور عام 1373 ق 16 نونبر سنة 1953م.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
–19-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
الولد البارّ الأنجب، السيّد التّهامي رعاك الله، والسّلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الأوّل، وشقيقُه الثّاني أفادا ما اطمأنّ إليه الخاطر، وابتَهَج به النّاظر، من سلامة صحّتكم ونشاطكم في سلوك خطّتكم، وتلك الغاية التي نصبوا إليها، كمّل الله وأعانكم، وكنّا ننتظر إعلامكم بوصول العون المالي الأخير، وقد يكون تأخّر وصوله أو أغفلتموه، والأمر في ذلك سهل، وفي الإثر يصلكم القدر العادي بحول الله.
هذا، ويصلكم طيّه ما كتب به السيّد محمد عزّيمان، ومن لطف لهجته كتابة مدير بيت المغرب بغرناطة له، تدركون أنّهما يريدان بهذا التّنبيه إلا الخير لكم والإصلاح لشأنكم حتّى تكونوا كأحسن من يتخرّج من تلك الكلّية، علماً وأخلاقاً، ولئن كان لنا ما نقوله فيما وقع، ففي المخالفة لنظام المدرسة الذي يجري أكثر ما يجري في تهذيب الأخلاق، والمحافظة عليها، حتّى من الوقوع في مواطن التّهم، فلتكونوا بارك الله فيكم في المستقبل على بيّنة من الأمر، والله يوفّقكم ويهديكم لما فيه خير دينكم ودنياكم، والسلام.
في 12 رجب الفرد الحرام عام 1373هـ.
عبد السلام أفيلال
***
-20-
الحمد لله وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
الشابّ الأنجب، محلّ الولد، مولاي التّهامي رعاك الله وأعانك، وعليك السّلام ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابُك وكان سروري عظيماً بِرِقّة خطابه، وحنو أسلوبه، وتبسيطكم فيما اخترتم له من موضوع الإفادة والاستفادة من الملاقاة التي كانت على قلبنا في تلك الأوقات القليلة التي فضلت لكم عن النشاط والخيمة، وليتها امتدّت، ولكن الدراسة أولى أن يضحي لها الإنسان بكلّ غال ومرتخص، والخير إن شاء الله أمامك، ولقد أحسنتم صنعاً فيما اقترحتموه، ونشكركم عليه، ولتدوموا عليه.
وقد عجبت من تأخركم عن الإعلام بوصول ما قدم لكم، ولئن سألتم عن الأحوال فالكلّ بخير.
وقد ازداد لدى الحسين نجل الأخت ولد ذكر، وقد كان ازدياده بمدينة طنجة، أقرّ الله به عين والديه، وجعله حلقة ذهبية في سلسلة عائلتنا آمين.
ونرجو الله أن تكونوا دؤبين على الدّرس بكامل الغبطة والنّشاط، أمّا ما يتعلّق بالشّكّ أو الوهم في اجتهادكم ومروءة جنابكم، فتالله إنكم لمنافسون إليه بوسوسة النفس والتفكير الذهني، لأنّ ترك الاجتهاد والمجاهدة من المتغرب في طلب العلم وقد ترك وراءه ما يعزّ عليه فراقه، إنّما يؤذن بشيء من ذلك، فالقصد هو الاستزادة من النشاط والتذكير، ومعاذ الله أن أقصد غير ذلك.
وقد عجبت من تأخركم عن الكتابة مع تنبيهي لكم أن لا تدعوها أسبوعياً، وقد تشوش منه سيادة الأخ، فالرّجاء أن يكون موعد كتبكم الرسائل مساء كلّ أحد، والله يرعاكم والسلام.
في 28 صفر الخير عام 1373هـ 6 نونبر 1953.
عمّك البشير أفيلال
***
-21-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
الولد البارّ الأنجب، السيّد التّهامي أصلحك الله ورضي عنك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فإنّا قد توقّفنا عن مكاتبتك طيلة المدّة شفقة على وقتك الغالي أن يذهب فيما لا بيضاء فيه ولا شحمة، ولا صفراء ولا لحمة.
أما سيّدي رمضان فكلّ شيء يكون فيه صائماً حتّى القلم والقرطاس، والفكر والخيال والأنفاس، وكلّما حاولت أن أكتب لكم في شيء وطفقت أتخيّر الموضوع لا أجد ما يناسب موضوع شؤونك، فأمسكتُ القلم جانباً، وبالقرطاس جانباً آخر.
وكلّ مكاتبك وصلت، وهي في جملتها تدلّ على مزيد نشاطك في تلك الجامعة العلمية، وإنّك في غاية التّوافق مع قادتها العلماء، وأساطينها الكُتّاب الأدباء، فنرجو الله أن تكونوا في الحفل الدّراسي كذلك.
وقد أخبرني بعض أنكم ستنهون الامتحان في خامس الشهر الحالي، لذلك تلفنتُ لكم فعلمت الحقيقة، يسر الله وسهّل، والله يعينك والسلام.
في 10 شوال الأبرك عام 1374 ق فاتح يونيه سنة 1955م.
والدك عبد السلام
لا بأس أن تطير الإعلام باليوم الذي تعتزم فيه على القدوم وتقدمه بأيام 5 سِنْكُو.
***
–22-
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله
ولدنا البارّ السيد التهامي رعاك الله ورضي عنك وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الأخير الذي أفدتم فيه اشمئزازكم من الإجراء الذي قوبلتم به ممّن ذكرتم، وظهور علامة الفشل في المحاولة التي أرشدتم إليها هنا وقمتم بها هناك.
أما رسائلك الأخرى التي سبقت وقلتم إنكم شرحتم فيها تفاصيل ما قمتم به فلم تصل، ولعلها ضاعت في البريد.
والمهم الآن هو إفادتكم أننا لما استشعرنا بقلقكم وكدنا أن نصدق في وقوعكم في شرك مناورة من هنا وهناك، أنهينا علتنا للفقيه الصدر، لأنه الرّكن الأخير الذي بقي لنا أن نركن ونلتجأ إليه، فوعد أنه ينهي ذلك للنائب الثقافي الذي من حسن الحظ كان على وعد سابق منه للحضور لديه في نفس اليوم، فلما شافهه بما جرى وسعادة الصدر مُلم من رسالتك بالواقع التفصيلي، أعلمَه بأنّك طالب متلاعب بغرناطة لا تتقيد ببنود البيت المغربي، وغير مُقبل على دراستك بجد وحزم، ولم تؤد امتحاناً قط كان النجاح فيه حليفك، لا بتفوق ولا بأي درجة من درجات النجاح، وبجانب هذا لا تحترم زملاءك الطلبة ولا تحسن معهم السلوك والعشرة، شأن طلاب العلم الذين تجمعهم الغربة وتضمهم إليها المدرسة بعيدين عن ديارهم، وأنه لأجل ذلك لا لغيره تقرر فصلك عن ذاك البيت نهائياً.
وبحسن مجاملة الصدر وأدبه جزاه الله وبعد التي واللتيا وقع الإغضاء عن كل هذه السوابق والتجاوز عنها، وأصدر النائب إذنه بعودتك لمركزك على أن تغير من موقفك من ذاك البيت، وأن تطبع نفسك بطابع طالب العلم لا أقل ولا أكثر، وبعدما أحرزنا على هذه النتيجة المُرة أبرقنا لك بأثرها وبعثنا لك بالكتب.
هذا ما جرى وقد كان كل هذا صدمة عنيفة أصابتنا في الصميم اعتبرناها أمانة كبرى لا لك فقط بل لنا جميعاً، ولم تكن هذه الصدفة من النائب ولا من المدير ولا من أحد غير النائب والمدير، بل منك ومنك فقط لأنك الذي كنت الداعي لها والمتسبب فيها، ولسنا نتهم أحداً ممن وسمتهم بنصب العداء لك، هذه المكيدة التي لولا لطف الله لحطمت من مستقبلك، فلدينا من الأدلة ما يثبت لنا ما قاله هؤلاء فيك ونسبوه لك، ويبرؤهم منه، فهؤلاء أصدقاؤك العديدون الذين لهم بك الصلة الوثيقة والزمالة في الدراسة كثيراً ما تحدثوا في الخفاء بأنك في دراستك غير قائم باللازم لا تتعاهد دروسك لا بالمطالعة ولا بالمراجعة، وإن كل ما تميل إليه هو الراحة وإشباع النفس بالمتعة من رياضة ونحوها، ولنا أيضاً ما يسند هذا فإن أيام الرخصة التي تقيمها هنا وأيامها نصف العام أي نصف العمر تجعلها كلها بلا استثناء أيام راحة ودعة لا تلتفت فيها قط لمراجعة كتاب أو مطالعة مثلة، كأن ما حصلته من علم بغرناطة جعلته في كنز تحت جدار وقفلت عليه بمفاتيح من حديد، فلا يتفلت منه أبداً.
إن أيام الرخصة المقررة إذا كنت تجمعها شُرعت لمراجعة الطالب ما حصله في العام الماضي، ولإعداده ما سيحصله في العام الآتي، أو ليجتهد فيجعل محصول العامين في عام واحد فيقفز إلى قمة الغاية برهة، أو ليقوم برحلات تعد من باب الدراسة التطبيقية، وهي أصعب من الدراسة النظرية.
هذه هي الغاية من أيام الرخص سواء كانت سنوية أو شهرية، وهي التي يجري عليها من يعرف لوقته القيمة، وتكون نهايته من التعليم وهو ابن 22 عاماً، وإذا كان الأمر كما وصفنا ولا يمكنك أن تجادل فيه بحال، فأنا لا أحب أن يتكرر هذا منك، كما لا أُحب أن يتكرر ذاك من أولي الأمر، وليس كل مرة تسلم الجرة، ولسنا ممن يتحمل الضيم والإبانة، فلتجهد ولتعمل ما في استطاعتك وعامل أولي الأمر بما يليق بهم، وزملاءَك الطلبة بما يستحقونه من احترام وتقدير حتى تجد أمامك الناصر والصديق والأنيس والرفيق، ونحن سنجرب في هذا العام ونرى، ونرجو الله أن نرى خيراً وعلى المودة والسلام.
في 8 صفر الخير عام 1372 أكتوبر سنة 1952
والدك عبد السلام وفقه الله
****
-23-
الحمد لله وحده وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله
الولَد البارّ الأنجب، السيّد التهامي رعاك الله ورضي عنك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك بشرح حال المدرسة التي انتقلتم إليها، وما تشتمل عليه من موافق الحياة ونُظم السكن، ووسائل التثقيف النظريّة والعلمية، وإنها وايم الله لغاية ما يحرزه طالبا لعلم الصّحيح، المجتهد في التحيل، العاضّ على المعرفة بالنواجذ، ولاسيما من رمت به يد الشهوة والعصبية إلى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم، واضطهد في سبيل المعرفة أوّلاً وثانياً، وقد أطلّ على ساحة النّجاح، وأشرف على ميدان النّهاية، فلتجهد ما وسعتك الطاقة في التحصيل، وفي نُكران الذّات، لأنّ أيّام هذه كما قلت لك ونقوله: هي أيّام اتّجار ومغامرة في باب السّباق وادّخار، لا أيّام راحة واختيار، فلا تغرّنّك مباهج حضارة الغير، التي ما أدركوها إلاّ بعد الكدّ في تحضير نفوسهم، وتربية نِشائهم، فكانت حضارة المدرسة مبنية على أسس علم الأخلاق أوّلاً، وعلم التّربية والصّحّة ثانياً، فكان الازدواج بين الساكن والسّكَن حاصلاً لامحالة، وليتكم تشاركون في تلكم المحاضرات التي أشرتم إليها، وفي المجلّة التي تحرّر بها وتدلوا بدلوكم في الدّلاء، فلا تكونون من المتفرّجين فحسب، فإنّ ذلك لما يعين على التدريب والتشجيع في مواقف الخطابة ومواطن التدليل والاحتجاح لدى الحاجة، وعلى كلّ حال إنّا ندعو لك بالعون والهداية، وإنّ الدعاء بظهر الغيب لمستجاب، والكلّ بخير، والسلام.
في 25 رجب الفرد الحرام عام 1374 ق مارس سنة 1955.
والدك: عبد السلام لطف الله به آمين
***
–22-
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله
ولدنا البارّ السيد التهامي رعاك الله ورضي عنك وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الأخير الذي أفدتم فيه اشمئزازكم من الإجراء الذي قوبلتم به ممّن ذكرتم، وظهور علامة الفشل في المحاولة التي أرشدتم إليها هنا وقمتم بها هناك.
أما رسائلك الأخرى التي سبقت وقلتم إنكم شرحتم فيها تفاصيل ما قمتم به فلم تصل، ولعلها ضاعت في البريد.
والمهم الآن هو إفادتكم أننا لما استشعرنا بقلقكم وكدنا أن نصدق في وقوعكم في شرك مناورة من هنا وهناك، أنهينا علتنا للفقيه الصدر، لأنه الرّكن الأخير الذي بقي لنا أن نركن ونلتجأ إليه، فوعد أنه ينهي ذلك للنائب الثقافي الذي من حسن الحظ كان على وعد سابق منه للحضور لديه في نفس اليوم، فلما شافهه بما جرى وسعادة الصدر مُلم من رسالتك بالواقع التفصيلي، أعلمَه بأنّك طالب متلاعب بغرناطة لا تتقيد ببنود البيت المغربي، وغير مُقبل على دراستك بجد وحزم، ولم تؤد امتحاناً قط كان النجاح فيه حليفك، لا بتفوق ولا بأي درجة من درجات النجاح، وبجانب هذا لا تحترم زملاءك الطلبة ولا تحسن معهم السلوك والعشرة، شأن طلاب العلم الذين تجمعهم الغربة وتضمهم إليها المدرسة بعيدين عن ديارهم، وأنه لأجل ذلك لا لغيره تقرر فصلك عن ذاك البيت نهائياً.
وبحسن مجاملة الصدر وأدبه جزاه الله وبعد التي واللتيا وقع الإغضاء عن كل هذه السوابق والتجاوز عنها، وأصدر النائب إذنه بعودتك لمركزك على أن تغير من موقفك من ذاك البيت، وأن تطبع نفسك بطابع طالب العلم لا أقل ولا أكثر، وبعدما أحرزنا على هذه النتيجة المُرة أبرقنا لك بأثرها وبعثنا لك بالكتب.
هذا ما جرى وقد كان كل هذا صدمة عنيفة أصابتنا في الصميم اعتبرناها أمانة كبرى لا لك فقط بل لنا جميعاً، ولم تكن هذه الصدفة من النائب ولا من المدير ولا من أحد غير النائب والمدير، بل منك ومنك فقط لأنك الذي كنت الداعي لها والمتسبب فيها، ولسنا نتهم أحداً ممن وسمتهم بنصب العداء لك، هذه المكيدة التي لولا لطف الله لحطمت من مستقبلك، فلدينا من الأدلة ما يثبت لنا ما قاله هؤلاء فيك ونسبوه لك، ويبرؤهم منه، فهؤلاء أصدقاؤك العديدون الذين لهم بك الصلة الوثيقة والزمالة في الدراسة كثيراً ما تحدثوا في الخفاء بأنك في دراستك غير قائم باللازم لا تتعاهد دروسك لا بالمطالعة ولا بالمراجعة، وإن كل ما تميل إليه هو الراحة وإشباع النفس بالمتعة من رياضة ونحوها، ولنا أيضاً ما يسند هذا فإن أيام الرخصة التي تقيمها هنا وأيامها نصف العام أي نصف العمر تجعلها كلها بلا استثناء أيام راحة ودعة لا تلتفت فيها قط لمراجعة كتاب أو مطالعة مثلة، كأن ما حصلته من علم بغرناطة جعلته في كنز تحت جدار وقفلت عليه بمفاتيح من حديد، فلا يتفلت منه أبداً.
إن أيام الرخصة المقررة إذا كنت تجمعها شُرعت لمراجعة الطالب ما حصله في العام الماضي، ولإعداده ما سيحصله في العام الآتي، أو ليجتهد فيجعل محصول العامين في عام واحد فيقفز إلى قمة الغاية برهة، أو ليقوم برحلات تعد من باب الدراسة التطبيقية، وهي أصعب من الدراسة النظرية.
هذه هي الغاية من أيام الرخص سواء كانت سنوية أو شهرية، وهي التي يجري عليها من يعرف لوقته القيمة، وتكون نهايته من التعليم وهو ابن 22 عاماً، وإذا كان الأمر كما وصفنا ولا يمكنك أن تجادل فيه بحال، فأنا لا أحب أن يتكرر هذا منك، كما لا أُحب أن يتكرر ذاك من أولي الأمر، وليس كل مرة تسلم الجرة، ولسنا ممن يتحمل الضيم والإبانة، فلتجهد ولتعمل ما في استطاعتك وعامل أولي الأمر بما يليق بهم، وزملاءَك الطلبة بما يستحقونه من احترام وتقدير حتى تجد أمامك الناصر والصديق والأنيس والرفيق، ونحن سنجرب في هذا العام ونرى، ونرجو الله أن نرى خيراً وعلى المودة والسلام.
في 8 صفر الخير عام 1372 أكتوبر سنة 1952
والدك عبد السلام وفقه الله
***
-23-
الحمد لله وحده وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله
الولَد البارّ الأنجب، السيّد التهامي رعاك الله ورضي عنك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك بشرح حال المدرسة التي انتقلتم إليها، وما تشتمل عليه من موافق الحياة ونُظم السكن، ووسائل التثقيف النظريّة والعلمية، وإنها وايم الله لغاية ما يحرزه طالبا لعلم الصّحيح، المجتهد في التحيل، العاضّ على المعرفة بالنواجذ، ولاسيما من رمت به يد الشهوة والعصبية إلى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم، واضطهد في سبيل المعرفة أوّلاً وثانياً، وقد أطلّ على ساحة النّجاح، وأشرف على ميدان النّهاية، فلتجهد ما وسعتك الطاقة في التحصيل، وفي نُكران الذّات، لأنّ أيّام هذه كما قلت لك ونقوله: هي أيّام اتّجار ومغامرة في باب السّباق وادّخار، لا أيّام راحة واختيار، فلا تغرّنّك مباهج حضارة الغير، التي ما أدركوها إلاّ بعد الكدّ في تحضير نفوسهم، وتربية نِشائهم، فكانت حضارة المدرسة مبنية على أسس علم الأخلاق أوّلاً، وعلم التّربية والصّحّة ثانياً، فكان الازدواج بين الساكن والسّكَن حاصلاً لامحالة، وليتكم تشاركون في تلكم المحاضرات التي أشرتم إليها، وفي المجلّة التي تحرّر بها وتدلوا بدلوكم في الدّلاء، فلا تكونون من المتفرّجين فحسب، فإنّ ذلك لما يعين على التدريب والتشجيع في مواقف الخطابة ومواطن التدليل والاحتجاح لدى الحاجة، وعلى كلّ حال إنّا ندعو لك بالعون والهداية، وإنّ الدعاء بظهر الغيب لمستجاب، والكلّ بخير، والسلام.
في 25 رجب الفرد الحرام عام 1374 ق مارس سنة 1955.
والدك: عبد السلام لطف الله به آمين
***
–24-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
ولدنا البارّ السيّد التّهامي رعاك الله وأصلحك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فإنّنا بمدريد حللناها صبيحة الجمعة، ونحن سوف لا نبرحها إلاّ بعد إتمام المهمّة بحول الله وقوّته، وسيكون الرجوع عن طريق مالقة لأغراض نتمّها، ومنها للجزيرة.
وقد ألفينا هذه المدينة مكتظة بالخلق، الطلبة يناديهم داعي المدرسة أو الكلام بالحضور، والسواح يسوقهم إقبال البرودة لديارهم، وأصحاب البطالة تشخصهم احتفالات تقام بمناسبة وجود ضيف ملكي في مدريد، وو الخ، ولذا وجدنا صعوبة في الحصول على النزل المناسب، ونحن كلنا بخير، ونرجوكم أن تكونوا أنتم كذلك، وسلم منا على من هناك، ومنّا عليكم من هنا، ولا تترك أيّام الدراسة تمرّ، فإنّ الوقت كما تعلم من ذهب، إن لم تقطعه قطعك، والسلام.
في 4 يوم السبت محرم الحرام هام 1371هـ.
والدك عبد السلام
***
-25-
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصالحي المومنين
الولد البار الأنجب السيد التهامي رعاك الله والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الذي أفاد عافيتكم ونشاطكم فحمدنا الله على ذلك، وقد بعثنا لكم ما اقترحتموه من آلة الحلاقة والأدهان المرطبة وشيء من الأتاي الجيد مع من أشرتم إليه، هذا وإن سألتم عنا فنحن بخير والحمد لله.
والجو قد تحست حالته فلا بد أن يكون له مفعوله في الأذهان والأفكار والخيال فتتضاعف قوة الإدراك فيلائم جو المدرسة ويوافق الطالب إذا ما خلى بأوراقه في بيت الغربة يثني من أصولها جدور المعرفة ومن عنايتها فنون الجمال الثقافي وبذور العلم الصحي، فأحسن شيء فيه أوقات الهدوء الجوي والسكون الأفقي والجمال الطبيعي التي تكون فيه الأمزجة تابعة لا هادئة ساكنة مطمئنة وديعة، جو الانكباب على مقاعد الدرس والدأب للعلم اغتناما لفرصة الزمن والمكان وإنه لأي وقت يضيع على الإنسان في مثل هذه الأوقات في شهوات النفس الزائفة بزوال وقتها لجدير أن نعده من جناية الإنسان على نفسه لا غيره ونفيه عليها، وهذه غباوة ما بعدها غباوة، صحيح أن الفصل يتجلى في الأفق بغرناطة بأبهى ما يتجلى به في غير غرناطة، تواتيه المزوح والمياه والجبال والسهول والإبداع الفني وآثار الإغراق في الحضارة التي تخلفت عن أمة عالجتها ثمانية قرون، ولكن العاقل يعتبر أن غرناطة لامعها، والطبيعة هي الطبيعة تتحول بتحول الفلك ودورانه، فلا يستعير من هذا ولا ذاك، وإنما يستعير مما يملأ به جوفه من علم نافع وخلق واسع وحنكة يحملها في حياته إمامه ومقتداه ليهيأ لكم من أمركم رشداً والسلام. في 29 رجب عام 1372.
والدك عبد السلام أفيلال
***
-26-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار التقي النقي السيد التهامي أصلحكم الله والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فقد كان وصل إعلامكم بالسكن الذي اخترتموه محلاّ لإقامتكم بدلا من الذي نزلتموه أوّلا مؤقتا نظرا لما امتاز به هذا الثاني من الصفات التي تجمع إلى الراحة والاقتراب من الجامعة وسائل الترفه وقد أصبتم فيه لأن العقل الذي عليه المدار في الإدراك والتحصيل والتصدير والاختزان لا ينشط إلا إذا نشط الجسم والجسم لا ينشط إلا إذا توفرت له شروط الرّاحة، من غذاء صحي وهواء نظيف ومرقد مريح، وحمّام نقيّ، وتنظيم لحركاته وسكناته ورياضة عقلية بنحو سطرنج، وقصص ومطالعة مكابدة وجسمية مما يحسنه أهل هذا العصر كثيراً.
وقد غيبتم عنّا خبر الإسباني البيضاوي فلا ندري هل لا توال لكم به معرفة وأنس، أم أراح واستراح، كتلكم السّيّدة المرافقة لكم في سيّارة السّفر، ونطلب الله أن تكونوا في أنس بكتبكم، ومراجع دروسكم، فعليها المدار بالنّسبة لحياتكم العلمية، وهي لكم كنزر الجدار والمدار، على حسن النّيّة والاعتماد على مولانا الكريم في كلّ الأمور جليلها وحقيرها، فما تعسّر مطلوب أنت طالبه بربّك، ولا تيسّر مطلوب أنت طالبه بنفسك، ثمّ معرفة قيمة الوقت- أي وقت الشّباب- إذا كانت له قيمة، وإلا فهو لا قيمة له يمكن وجودها، لأنّه لا يعوّض، ويفوت ولا يرجع، مع الاتّعاظ بحوادث الماضي والعوارض التي وضعت في الطّريق ووقع التّغلّب عليها بمحض فضل الله وجوده، وفوق الجميع تقوى الله تعالى، فإنّه الأساس لكلّ شيء، لأنّها رأس الحكمة، ولا حكمة إذا لم يكن لها رأس ككلّ شيء موجود، وتقوى الله لا تنحصر في أداء الصلاة، بل المحرّمات والمنهيّات المعلومة لكم هي كالصلاة، فالمدار على الاستقامة في الظاهر والباطن، والله تعالى يقول: (ومن يتّق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)، ويقول: (واتّقوا الله ويعلمكم الله)، ويرحم الله ابن الوردي من أئمّة الحكمة إذ يقول:
ليس من يقطع طرقاً بطلاً==إنّما من يتقي الله البطل
واتّق الله فتقوى الله ما==وصلت قلب امرئ إلاّ وصل
أعلمتم في كتابكم الأخير بوصول وثيقة الانتقال من غرناطة، وأنّكم أصبحتم الآن بسببها تلاميذ رسميين تجري عليكم أحكامهم، وتعدّ عليكم أيّامهم، قد فرحنا بذلك واطمأنا، وسيكون الاطمئنان والفرح أكثر عندما تكونون عاملين على منهج الجامعة الرّسمي، وتعالجون في سنتكم هذه زيادة على مادتي السنة 5 الماضية لكم، واجبات الامتحان الأخير حسبما وعدتم، ذكرتم أنّه أعوزكم ما تذكرونه لنا عن مدينة قادس أنّه لا يهمنا من قادس إلا جامعتها وإنسانية أساتذتها وعدالة وإنصاف رجالها والقائمين على تغذية عقول أولاد الناس بها، أمّا قصورها أو ظهروها أو صدورها فلتكن كما شاءت، وربّما نوافيكم نحن بعد بحول الله بشيء من تاريخ هذه المدينة السّاحليّة، أعاد الله الأفارقة أهل إسلام، قبل أن يعيدها هي إلى دار الإسلام، كما يدعو كذلك كثير من مؤرخي المورو العرب.
والتّاجر المغربي الذي أشرنا لكم به واتّصلت به (اللهْ يفْتحْ علينا وعْليه) ولا أزيد من الجوّ الذي ينبغي هو ما سمعته منّي لا أقلّ ولا أكثر.
واللّبّادي قد كلّمناه وأبلغناه إشارتك الغير المفهومة لنا، والكلّ بخير، والسلام. في 21 ربيع النبوي الأنور عام 1374.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
–24-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
ولدنا البارّ السيّد التّهامي رعاك الله وأصلحك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فإنّنا بمدريد حللناها صبيحة الجمعة، ونحن سوف لا نبرحها إلاّ بعد إتمام المهمّة بحول الله وقوّته، وسيكون الرجوع عن طريق مالقة لأغراض نتمّها، ومنها للجزيرة.
وقد ألفينا هذه المدينة مكتظة بالخلق، الطلبة يناديهم داعي المدرسة أو الكلام بالحضور، والسواح يسوقهم إقبال البرودة لديارهم، وأصحاب البطالة تشخصهم احتفالات تقام بمناسبة وجود ضيف ملكي في مدريد، وو الخ، ولذا وجدنا صعوبة في الحصول على النزل المناسب، ونحن كلنا بخير، ونرجوكم أن تكونوا أنتم كذلك، وسلم منا على من هناك، ومنّا عليكم من هنا، ولا تترك أيّام الدراسة تمرّ، فإنّ الوقت كما تعلم من ذهب، إن لم تقطعه قطعك، والسلام.
في 4 يوم السبت محرم الحرام هام 1371هـ.
والدك عبد السلام
***
-25-
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصالحي المومنين
الولد البار الأنجب السيد التهامي رعاك الله والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الذي أفاد عافيتكم ونشاطكم فحمدنا الله على ذلك، وقد بعثنا لكم ما اقترحتموه من آلة الحلاقة والأدهان المرطبة وشيء من الأتاي الجيد مع من أشرتم إليه، هذا وإن سألتم عنا فنحن بخير والحمد لله.
والجو قد تحست حالته فلا بد أن يكون له مفعوله في الأذهان والأفكار والخيال فتتضاعف قوة الإدراك فيلائم جو المدرسة ويوافق الطالب إذا ما خلى بأوراقه في بيت الغربة يثني من أصولها جدور المعرفة ومن عنايتها فنون الجمال الثقافي وبذور العلم الصحي، فأحسن شيء فيه أوقات الهدوء الجوي والسكون الأفقي والجمال الطبيعي التي تكون فيه الأمزجة تابعة لا هادئة ساكنة مطمئنة وديعة، جو الانكباب على مقاعد الدرس والدأب للعلم اغتناما لفرصة الزمن والمكان وإنه لأي وقت يضيع على الإنسان في مثل هذه الأوقات في شهوات النفس الزائفة بزوال وقتها لجدير أن نعده من جناية الإنسان على نفسه لا غيره ونفيه عليها، وهذه غباوة ما بعدها غباوة، صحيح أن الفصل يتجلى في الأفق بغرناطة بأبهى ما يتجلى به في غير غرناطة، تواتيه المزوح والمياه والجبال والسهول والإبداع الفني وآثار الإغراق في الحضارة التي تخلفت عن أمة عالجتها ثمانية قرون، ولكن العاقل يعتبر أن غرناطة لامعها، والطبيعة هي الطبيعة تتحول بتحول الفلك ودورانه، فلا يستعير من هذا ولا ذاك، وإنما يستعير مما يملأ به جوفه من علم نافع وخلق واسع وحنكة يحملها في حياته إمامه ومقتداه ليهيأ لكم من أمركم رشداً والسلام. في 29 رجب عام 1372.
والدك عبد السلام أفيلال
***
-26-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار التقي النقي السيد التهامي أصلحكم الله والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فقد كان وصل إعلامكم بالسكن الذي اخترتموه محلاّ لإقامتكم بدلا من الذي نزلتموه أوّلا مؤقتا نظرا لما امتاز به هذا الثاني من الصفات التي تجمع إلى الراحة والاقتراب من الجامعة وسائل الترفه وقد أصبتم فيه لأن العقل الذي عليه المدار في الإدراك والتحصيل والتصدير والاختزان لا ينشط إلا إذا نشط الجسم والجسم لا ينشط إلا إذا توفرت له شروط الرّاحة، من غذاء صحي وهواء نظيف ومرقد مريح، وحمّام نقيّ، وتنظيم لحركاته وسكناته ورياضة عقلية بنحو سطرنج، وقصص ومطالعة مكابدة وجسمية مما يحسنه أهل هذا العصر كثيراً.
وقد غيبتم عنّا خبر الإسباني البيضاوي فلا ندري هل لا توال لكم به معرفة وأنس، أم أراح واستراح، كتلكم السّيّدة المرافقة لكم في سيّارة السّفر، ونطلب الله أن تكونوا في أنس بكتبكم، ومراجع دروسكم، فعليها المدار بالنّسبة لحياتكم العلمية، وهي لكم كنزر الجدار والمدار، على حسن النّيّة والاعتماد على مولانا الكريم في كلّ الأمور جليلها وحقيرها، فما تعسّر مطلوب أنت طالبه بربّك، ولا تيسّر مطلوب أنت طالبه بنفسك، ثمّ معرفة قيمة الوقت- أي وقت الشّباب- إذا كانت له قيمة، وإلا فهو لا قيمة له يمكن وجودها، لأنّه لا يعوّض، ويفوت ولا يرجع، مع الاتّعاظ بحوادث الماضي والعوارض التي وضعت في الطّريق ووقع التّغلّب عليها بمحض فضل الله وجوده، وفوق الجميع تقوى الله تعالى، فإنّه الأساس لكلّ شيء، لأنّها رأس الحكمة، ولا حكمة إذا لم يكن لها رأس ككلّ شيء موجود، وتقوى الله لا تنحصر في أداء الصلاة، بل المحرّمات والمنهيّات المعلومة لكم هي كالصلاة، فالمدار على الاستقامة في الظاهر والباطن، والله تعالى يقول: (ومن يتّق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)، ويقول: (واتّقوا الله ويعلمكم الله)، ويرحم الله ابن الوردي من أئمّة الحكمة إذ يقول:
ليس من يقطع طرقاً بطلاً==إنّما من يتقي الله البطل
واتّق الله فتقوى الله ما==وصلت قلب امرئ إلاّ وصل
أعلمتم في كتابكم الأخير بوصول وثيقة الانتقال من غرناطة، وأنّكم أصبحتم الآن بسببها تلاميذ رسميين تجري عليكم أحكامهم، وتعدّ عليكم أيّامهم، قد فرحنا بذلك واطمأنا، وسيكون الاطمئنان والفرح أكثر عندما تكونون عاملين على منهج الجامعة الرّسمي، وتعالجون في سنتكم هذه زيادة على مادتي السنة 5 الماضية لكم، واجبات الامتحان الأخير حسبما وعدتم، ذكرتم أنّه أعوزكم ما تذكرونه لنا عن مدينة قادس أنّه لا يهمنا من قادس إلا جامعتها وإنسانية أساتذتها وعدالة وإنصاف رجالها والقائمين على تغذية عقول أولاد الناس بها، أمّا قصورها أو ظهروها أو صدورها فلتكن كما شاءت، وربّما نوافيكم نحن بعد بحول الله بشيء من تاريخ هذه المدينة السّاحليّة، أعاد الله الأفارقة أهل إسلام، قبل أن يعيدها هي إلى دار الإسلام، كما يدعو كذلك كثير من مؤرخي المورو العرب.
والتّاجر المغربي الذي أشرنا لكم به واتّصلت به (اللهْ يفْتحْ علينا وعْليه) ولا أزيد من الجوّ الذي ينبغي هو ما سمعته منّي لا أقلّ ولا أكثر.
واللّبّادي قد كلّمناه وأبلغناه إشارتك الغير المفهومة لنا، والكلّ بخير، والسلام. في 21 ربيع النبوي الأنور عام 1374.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
–27-
الحمد لله وحده
ولدنا البارّ الزّكي الذّكي التّقي النّقي، السّيّد التّهامي رعاك الله، وعليك السّلام ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك بما تجدّد لأولي الشّأن هناك من الرّاي في برنامج رحلة الرّبيع في تلكم الجهات، وسواء أكانت تلك الرحلة شمالية أو جنوبيّة، شرقيّة أو غربية، أرضية أو سماوية، بريّة أو بحرية، سهلية أو جبلية، فإنّ التّنقّل إذا كان مبنيّاً على أساس علمي ومركّز على قواعد التّطبيق العلمي، هو لا شكّ من باب الدّراسة الفكرية، وتوسيع المدارك للتّلميذ من باب الاستجمام والمتعة وكفى. فإذا زاد التّلميذ المتجوّل من الاستفادة، وساعدته ظروفه وقوانين الجولة، فاتّخذ له مذكّرة لما يقع تحت بصره وسمعه ولمسه وبلعه… كان إلى كونه تلميذاً سائحاً كاتباً باحثاً، فإذا اتّخذ صورا لما يتعشّقه ذوقه وشاعريّته من عجائب ما في هذا الكون من جمال، وطرّز بها مذكّرته كان إلى صفاته السّابقة تلميذاً مبنيّاً، فلتكن أنت أحد هؤلاء أو أولئك، وقد بعثنا لك برسالة سي عزيمان، فنرجوك أن تحترس دائماً الوقوع في مخالفة ما لقانون ذاك البيت، فإنّا نكره أن يكون لك في صحيفتك ما يغيّر بياضها ولو بالتّافه، وإذا رأيتم أن تعتذروا للمدير بشيء يرى لكم فيه المبرّر فعلتم، ويصلكم مع البريد مائتان وخمسون من البسّيطة، والكلّ بخير، والسلام.
18 رجب الفرد الحرام عام 1373.
والد: عبد السلام أفيلال
***
-28-
الحمد لله وحده
ولدنا البارّ مولاي التّهامي رعاك الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد الدّعاء لكم برضى الله ورسوله، والتّضرّع إليه سبحانه أن يلهمكم رشده وتوفيقه فيما أنتم بصدده، ومتغرّبون لأجله، فإنّي كنتُ قررت لكم أن الكتابة يلزم أن لا ينقطع حبلها عنّا أزيد من أسبوع على أكثر تقدير، لأنّ نهار الأحد تكونون متفرغين فيه من كدّ الدّراسة، فيجب أن تملؤوا قسطاً منه لمناجاة روحنا بالكتابة، وإذا لا حظتم قلّة كتبنا لكم، فحالة عمّكم الصّحّيّة وخاطره لا يسمحان له بالكتابة على ما تحبّون منه وتعهدون من النشاط الفكري والتّوسّع في جولان الفكر، ونحن كلّنا بخير والحمد لله.
في ثاني الجمادين عام 1371هـ. وقد وجّهنا لكم الإعانة الألمانية قبيل وصول كتابكم بطلبها.
عبد السلام أفيلال
****
-29-
الحمد لله وحده صلى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلم
ولدنا البارّ العزيز، السيّد التّهامي متّعك الله برضاه، وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فقد استسلمتُ كتابك السّامي صبيحة يوم الثلاثاء 27 يناير بعدما كنت مشتاقاً إليه، وفرحتُ به غاية الفرح، ووجدتُ طيّه ثلاث صورك الطيفة، واستفدتُ منه عافيتك التي هي عندي أهمّ كلّ شيء، كما استفدتُ منه أنّك استسلمت أربعمائة بسّيطة، وإنّي كنت خلال هذه الأيّام في ضيافة الله تعالى، والآن قد منّ الله والحمد لله عليّ بالعافية، نرجو الله أن يديمها علينا وعليكم.
وكنتُ يوم استسلام الكتاب في دار أختك فاطمة، وقضيتُ معها هذا اليوم …وأخواتك وفامة وهم يسلمون عليك كثير السّلام، وكان غذاءنا (الباهيّة)، وكلّهم بخير وعافية، كما يسلّمون عليك جميع الأهل والأقارب، ويطلبون الله تعالى أن يعينك على ما أنت بصدده، ويتمنّون لك كلّ خير وسعادة ونجاح.
وإن كنت محتاجاً في شيء فأعلمني به والسلام.
في 11 جمادى 1 عام 1372 ق 27 يناير سنة 1953.
عبد ربّه: عبد السلام وفّقه الله.
***
-30-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله
ولدنا البارّ الأنجب، السّيّد التّهامي رعاك الله ورضي عنك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد مزيد سؤالنا عنك ورجاء أن تكون بخير وعلى قدم وساق للاستعداد والأهبة للاختبار السّنوي الذي نرجو أن تحرسك فيه عناية الله من الأخطاء والتراجع، وإن تيسر معك وفي ركبك وفي كلّ خطواتك توفيق الله ورضاه حتّى تعود لهذا البيت وأنت ذلك الطّالب الموفّق المآرب، الذي ينشد في حقه قول شاعر همذان للرّشيد في ولده المأمون:
رأيتك أمس خير بني لؤي** وأنت اليوم خير منك أمسِ
وأنت غداً تزيد الخير ضعفاً ** كذاك تزيد سادة عبد شمسِ
بعد كلّ ما قلنا، نعلمك أنّ زميلاتك في الدّراسة قد حضرن مع الأساتذة، واستدعيناهن للدّار، وكان ممّا قمنا به نحوهنّ من حُسن الوفادة والرّفادة، هو أفضل المجهود، ولا تجود يد إلا بما تجد. على قدر الكساء مددت رجلي.
وقد راقهنّ ما شاهدناه في البيت العربي، وما قُدّم لهنّ من شاي وحلوى، ولعلّ رغبتهنّ لم تتحقّق كما كنّ يؤملن، فإنّ لباس ربّات ذاك البيت لم يكن عربياً كما هو البيت وفرشه وحرائره، ولكن يكفي أذا كنّ محافظات على تقاليدهن لا يرين بها بديلاً، ولو ألبسة الصّين، وجواهر الهند، ودربلة هدّاوة، ونحن بخير والسلام.
في الأربعاء 29 شعبان عام 1372هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
-31-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار الأنجب السيد التهامي السلام التام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الأول كالثاني أعلمتم أولا باحتلالكم محلّ الإقامة بالمدرسة الداخلية لسكنى طلاب العلم، وأنّ مديرها قابلكم بأحسن ما يقابل به مدير طالباً، وأنّه تفضل باستدعائكم للعشاء معه، ثمّ ثانياً بالنزلة التي انتابتكم في ظرف أسبوع وألزمتكم الفراش، وأن سرورنا كان بالغ الحد بموافقة المدرسة لكم …على أي وصف تكون عليه، فالمدار على نظامها المطابق لحياة الطالب حتى يؤدي بها لوازمه اليومية على أكمل الوجوه، ودعنا من وسائل الترف والبذخ التي لا تهمنا، والتي لها وقت يأتي بحول الله، والنزلة التي استرحتم منها الآن ونتمنى جميعا من الله السلامة منها، فإن كل واحد في هذا الفصل يأخذ بنصيبه الأوفى من التأثرات البدنية التي تنشأ غالبا من زوابع الجو وغضب الطبيعة، ونأمل أن تكون الجريدة (الأمة) توافيكم لتأنسوا بها، وتكونوا على خبرة مما يجري به الله في هذه الدنيا من تقلبات في غير أوقات الجد والعمل، والكل بخير والله يرزقكم السلامة والتوفيق، والهداية لأقوم طريق، آمين والسلام.
14 جمادى الثانية عام 1374 الموافق ل 8 أبريل سنة 1955.
والدك عبد السلام
***
-32-
بسم الله الرحمن الرحيم
الولد البار الأنجب السيد التهامي أصلحك الله والسلام عليك ورحمة الله.
أما بعد، فقد كان وصل كتابك… الجاري يعلم بقبولكم من جديد في البيت المغربي، وباحتلالكم المقر الدراسي واستئنافكم الدراسة، ثم بعد فترة وصلت برقيتكم بطلب ما تشترون به برنوس الشتاء، وجوابا عنه، نفيدك أننا أطمنا خاطرا من جهة الصدمة التي جرى بها القدر ونرجو الله أن تكونوا عند حسن الظن وأن تكون تلك الدافعة درساً عاليا لكم يوجهكم إلى ما أخطأتم فيه والله ولي التوفيق.
وقد بعثنا لكم عن طريق البريد 650 بسطات، ونحن بخير ونرجو أن تكون أنت كذلك والسلام.
في يوم الجمعة 9 ربيع النبوي عام 1372 الموافق ل 28 نونبر سنة 1952.
والدك عبد السلام أفيلال
***
-33-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
ولدنا الأنجب الأبر السيد التهامي رعاك الله وعليك السلام ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك مهنئا بعيد الميلاد النبوي الشريف، وقد تأخر تمكننا به لكون الحانوت التي ألقي من فتحة بابها المعدة بذلك كانت فارغة من صاحبها وإّنا نشكركم على تهنئتكم البرقية والكتابية وندعو الله أن يحيينا لمثله من قابل، ونحن ممتعون بكامل الهناء من العافية، والأمة الإسلامية بكامل أمانيها ومراميها، وأنت قابض على زمام النجاح والتقدم، متجها به نحو الغاية المقصودة، والضالة المنشودة، هذا وقد سلف منا أن كتبنا لك بإسهاب عقب انتهاء تلك المعركة وأحطناك بها علما بالأسباب الحقيقية لها لتتلافاها في المستقبل وتكون لك درسا موجها يقيك من سوء ما وقعنا لا قدر الله، وقد كنا ننتظر أن تجيب عنه فلم تفعل، ونحن بخير ولله الحمد والسلام.
في 2 ثاني الربيعين عام 1372 الموافق ل 21 دجنبر 1952.
والدك عبد السلام أفيلال
وقد انهينا في الأسبوع الماضي نزهتنا بالجنان، وحضرنا للدار والحمد لله على السلامة، وقد وجهنا لك قدراً من السكر والشاي مع بنونة، والغريبية تصلكم من بعد، وقد فضلنا أن تكون من السّمن لا النّوى.
***
-34-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
ولدنا البارّ الأنجب، السّيّد التّهامي، رعاك الله جنابك، وحفظ شبابك، ورضي عنك، والسلام عليك والرّحمة والبركة.
وبعد، وصل كتابك الذي علمنا منه اطمئنانكم ونشاطكم، وكان سرورنا به عظيماً، تمّم الله عليكم نعمه، وكان لكم عوناً على مواصلة جهادكم الأدبي في ميدان إعداد العدد لشقّ طريق الحياة الشّريفة، آمين.
ونزولاً عند رغبتكم في الأتاي الجيّد، بعثنا لكم بكمية منه، وتصلكم طيّه رسوم مختلفة الأشكال والأوضاع لأخيكم المهدي أتحفناكم بها تخفيفاً من وهج الشّوق إليه، ونحن كلّنا بخير، والله يرعاكم والسلام.
في 9 جمادى 2 عام 1372هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
-35-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
الولد البارّ الأنجب، السّيّد التّهامي، رعاك الله، والسلام عليك ورحمة الله.
وصل كتابك الأوّل والثاني، مفيدين سلامتكم ونشاطكم، وسررنا بهما سرورك بالخطاب التيليفوني، … للسلامة والنشاط، حتّى تتقدموا صفوفكم الدراسية وبيدكم راية النصر والظفر، أعني تلك الشهادة الختامية التي تقودكم إلى معمعة …النبيلة، والهيش الهنيئ، ثم إلأى خدمة النشء وتربيته، كما يفرضه الواجب، والسلام.
12 رجب عام 1372هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال
قد بعثنا لكم بسيطات 400، نرجو أن تكون وصلت.
وقد تخارجتُ مع ورثة جدك المرحوم سي علال بخارجة موفقة، فكان نصيبك مع شقيقك بسيطات 60470 أخذناها أطراف من رباع وعقار.
***
-51-
الحمد لله
ولدي البار سيّدي التّهامي أفيلال، سلامي ورضاي عليكم.
وبعد، فقد تسلّمت رسالتكم الأخيرة المؤرّخة بـ 4 أبريل الجاري الخ، وجواباً عنه، نعلمكم أنّ الكلّ بخير.
هذا، وقد كنت وجهت لكم رسالة في الأخير كجواب عن كتابكم المتضمّن أنكم ستشاركون زملاءكم في الرّحلة التي تنوون إقامتها، وقد كنتُ أشرتُ لكم فيها موافقتي لكم مع إبلاغكم بأنّ النقود 1500 بسّيطة رهن إشارتكم في أيّ وقت، … تصلكم، وخوفاً من ضياع تلك الرّسالة، ها أنا أكرّر لكم موافقتي مع الرّجاء في التّوفيق لكم دائماً والسلام.
في 7 أبريل 1951م.
من والدكم المطاع: عبد السلام
***
-52-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
ولدنا البارّ الطالب الأنجب السيد التهامي أصلحك الله، ورضي عنك، وعليك السلام والرّحمة والبركة.
وبعد، فقد وصلني كتابك يعلم بوصولك لمقرّ الدّراسة، وباشتياقكم لها تالي يوم الوصول، فالحمد لله على ما يسّر ووفّق إليه.
وقد لمحنا من قصيدكم المبتكر أنّكم تحنون إلى العربية واللغة والمعاني والخيال، الأمر الذي دعاني للتحسّر على عدم توسّعكم في فنون اللغة العربية التي يتعشّقها اليوم حتّى الغرباء عنها من الغربيين وغيرهم، لأنّها أوسع دائرة للتعبير، وأغنى ثروة للتّغذية الرّوحية، فلذلك أكثر المتشدّقون واستبحروا في اللغة، وحتّى في غيرها من علوم العرب، ولعلّكم لم تجدوا أمامكم ما تصوغون فيه قصيدكم، ولا فضاء تتخيدونه إلا الجوع، وتركتم الحمراء وقصورها، والأندلس وبحورها، حيث سالت تعابير العرب وتفننت، حتى رق شعورها، …وكادوا من رقّة ما استهواهم من سحر وجمال أن يخرجوا في قولهم وشعرهم إلى غير صوابهم، …مواد اللغة العربية، واستعاضوا عنها بالدّخيل حتى نشؤوا بحوراً جددا للشعر أسموها أزجالاً وموايل، …وما منحتها الطبيعة من معادن الكمال، …وكذلك العرب الذين عرفوا كيف يعيشون فيها ويصيرونها شيئا قالوا عنه في هذا الوقت، إنه الفردوس المفقود، ولله في خلقه شؤون.
وهذا غير ملائم للطبائع الزمنية، ولا الذوق السليم، رغم تخلصكم منه للدجاجة المشوية التي واساكم بها عبد الله، إني لا أعترض عليك فيما توهت إليه نجبتك من فنون العصر، لأني أعلم أنه شيء سبق في الأزل، وما كان كذلك فلا اعتراض فيه، وقد قالت الحكمة: ما ترك من الجهل شيئا من أراد أن يظهر في الوقت غير ما أظهره الله.
ولكن آلمني ما أجده في عبارات رسائلك من النظم العربي من الميلان إلى التركيب الحسن الذي ينبيا عن تقدم مطرد ومحسوس …تابعت الدراسة العربية قلتم الجوع ولست بمصدقك في هذه المرة، فحقيبة الحلواء بجانبك، واقراص الدقيق الحلوة على رأسك، وسيدنا الخليع في جرابك، فلتدعني من مادة الجوع، فإني أكرهها، ولو أعقبتها بذكر الدجاج وقد وجهت لكم 900 بسيطات تقبلوها، والله يعينكم ويثيبكم، ويكتبكم في قائمة العلماء العاملين المخلصين، والسلام.
في يوم السبت 9 ربيع 2 عام 1369هـ.
والدك عبد السلام
هامش: السيد مدينة كان كلّمني في شأنه صديقه مسطاسي، وأفاد بأن الزوجة امتنعت كلّيا من رجوعها إليه لأي محلّ يريده هو، اللهم دارها فنعم، وقد كنتُ أفهمته بأن يرفع لي القضية رسميا للإدارة لأعمل فيها ما يجب بعد المفاهمة مع خال الزوجة برشة، واستفسرته بأنّ هذا يجب فيه التعجيل، لأن الفرض لاوم من لوازم الوضع، وهو يزداد بمرور الأيام، والرجل لا يقوى على عمله مع لوازمه هو الخاصة، وقد مرّ على كلامي معه أمد، وللآن ما وصلني أحد.
هامش: بالأمس عشية وصل كتابك المؤرخ 23 يناير والحمد لله، وموجب التأخّر عن الجواب هو كثرة اشغال عمّك وارتخاءه في هذه الأيام بالبرد.
إنّ زبيدة لم تحضر للآن، والذي هنا هو وصول كتاب منها تخبر بأنها على أهبة السفر للمغرب في أوّل باخرة تصل لطنجة، أو جبل طارق، وربما يكون في أوائل شهر أبريل المقبل إن شاء الله، والكلّ بخير والسلام.
والدك عبد السلام
***
-53-
الحمد لله وحده
ولدي البار المجتهد التهامي سلامي ورضاي عليكم.
وبعد، فقد وصلتني رسالتكم الأولى والأخيرة واستفدت منها صحتكم، هذا وإني قد وجهت لكم رسالة قبل وصول الأخيرة، ولا أدري ما هو الباعث على عدم وصولها لديكم، أما الأهل وجميع أفراد الأسرة فالكل بخير وتسلم عليكم كافة أفراد الأسرة، ويدعون لكم بصالح الأدعية أعانكم الله ووفقكم والسلام.
في 26 جمادى الأولى عام 1370هـ الموافق ل 5 مارس لسنة 1951م.
والدكم: عبد السلام أفيلال
***
-54-
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار الأنجب السيد التهامي وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، وصل كتابك مفيداً سلامتك ودؤبك على مواصلة الدروس، فحمدنا الله جل علاه على ذلك طالبين منه المزيد لكم من فضله.
وقد بعثنا لكم ثلاثمائة من البسيطة مع البريد، وإذا كنتم تستبطئون رسائلنا فإنا لا نريد تشوشكم بما لا يعنيكم فيما أنتم بصدده. نَعَمْ؛ عليكم أنتم تحوير رسالة أسبوعيا يوم عطلة الأسبوع، والكل بخير ويدعو لك والسلام.
في نونبر سنة 1350هـ والدك عبد السلام.
استمع لعمك البشير يحدثك بدوره
محل الولد المحبوب السيد التهامي والسلام عليك وعلى من حولك من الملائكة الحافظين وكفى.
وبعد، وصل كتابك تطلب حلّ ما حسبتموه مشكلاُ مما اتفق لكم مع الشريف الكتاني، إنه لا إشكال فلا محل لطلب الحل تقدمتم لمساعدة هذا السيد لشرفه ومغربيته فمهدتم له السبل التي أعوزه تدليلها، وشاءت الأقدار أن يقعد بكم النوم عن إتمام تلك المساعدة بالوصول معه في القطار للجريرة، فماذا كان أو يكون أنتم بعلمكم هذا تعدون من المحسنين ذوي الإنسانية الكاملة وتجازون عليه ولا شك، ولا يطرأ على فكرة هذا السيد أو غيره أنكم قصرتم في جانبه بعد أن تعرفتم إليه وقدمتم له فوق ما يملكه طالب علم غريب الدار من المبرات المادية والمعنوية، ولم يبق لإنهاء ماهية الإحسان الكاملة إلا المصاحبة في القطار التي حال بينك وبينها ما جاء من طرق المشيئة، ومن تأخر عن عذر كمن راح، نعم أرى أن تكتبوا له لسلا بالعائق لك عن متابعة السير معه للجريرة، أما أنا فلا معرفة لي به شخصيا بل ولا بأبيه، على أنه لا موجب لكل هذا التحفظ، هذا وإنكم في العام الماضي عرجتم علينا في النصف الثاني من دجنبر حيث تعطل الدراسة بكثرة المراسم الدينية والأعياد النبوية، وإنا لا ندري هل ستتبعون سنتكم تلك في هذا العام أو لا. إني لا أزال بجد وقائماً على ما كنت طلبته من الوزير ابن موسى وإنه لمجد كذلك والله الميسر لا ربّ سواه.
عمك البشر
------------------------------
د يونس السباح
باقة من رسائل متبادلة بين الأديب الدبلوماسي الشريف التهامي أفيلال رحمه الله أيام دراسته بمدينة غرناطة نهاية الأربعينيات، وبداية الخمسينيات، مع والده وعمّه، تكشف لنا جوانب مهمّة من مظاهر حياة اجتماعية وثقافية التي كانت تربط غرناطة ببنتها تطوان..
=============================
الحمد لله وحده
ولدنا البارّ الأنجب، سيدي التّهامي أصلحك الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فقد بلغتني برقيتكم التي أفادت الأهمّ لدينا من سلامتكم والحمد لله، ونحن وإن غبنا عنكم شهراً كاملاً كان يلذّ لنا أن نقيمه معكم، فيعوضه المولى سبحانه بأشهر وأشهر، وقد كانت الحركة مباركة، اكتشف فيها عن الدّاء الذي كان يشكوه عمّكم بعد ذهاب ألم الأعصاب، ونرجو أن يكلّل علاجه الجديد بنجاح، ونحن لازلنا ننتظر مفعول الاستحمام في ألم الرّجلين، لأنّه على ما تواطأت عليه الألسنة يتأخّر عن وقته، وكنّا ننتظر أن يصلنا منكم الكتب بافتتاحكم للدّراسة، وبما وجدتم عليه الحالة، فعسى أن تكون على أحسن ما يكون، أمّا عمّكم مولاي أحمد فحالته في تحسّن مطّرد، غير أنّ حركة الأعضاء للآن لم تتّضح، والرجاء أن تكون النّهاية حسنى، والسلام. في 25 محرّم 1371هـ.
والدك عبد السلام، لطف الله به.
***
-2-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
الولد البارّ، الطّالب مولاي التّهامي، السلام عليكم ورحمة الله والرحمة والبركة.
وصل كتابك يهنأ بعيد مولد سيّد الكائنات، عليه صلوات الله وسلامه، هنأكم الله ببلوغ الرّغائب والأماني، وأقرّ العين بك قراراً يكون إن شاء الله مصدراً للتّهاني، ومنّ على هذا الشّعب المسلم بألطافه الخفيّة عن قرب، إنّه سميع مجيب، ونحن كلّنا بخير، نرجو أن تكونوا أنتم كذلك، وعلى المودّة والسلام.20 ربيع النبوي الكريم، عام 1373هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال، وعمّك المسكين.
***
-3-
الحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار الأنجب، السيد التهامي أصلحك الله وأعانك وسلام عليك ورحمة الله الله وبركاته.
وبعد، وصل كتابكم تشرحون به برنامج الاقتصاد الذي علمنا منه غير ما كنا نعلم، كنا نعلم أنه محض مادة اقتصاد لا أقل ولا أكثر، وإذا زيد فيها شيء فلا بد أن يكون ذا علاقة به وضروريا له كضرورة المقدمة للنتيجة، فإذا به تبين أنه أوسع دائرة من دائرة الباكالوريا التي تحتوي على كل علم متداول، وعلى كل حال نحن في هذا الميدان أقصر باعاً منكم، ونخشى أن لا تتسع لهذا البرنامج الطويل العريض السنوات التي كنا نقدر لهذه الدراسة والله المستعان.
وغاية ما نقول لكم: إنه يجب أن تعطوا لأنفسكم ما تتحملون، ولا تكلفوها فوق طاقتها فإن بذلك ضياع الوقت وإجهاد النفس، وإفساد القوى الفكرية، وقد قلنا لك في كتاب سابق: إنه لا بد من التوازن بين قوتك الفكرية والشخصية، وبين ما تتعاطاه، فإذا كان التوازن والاعتدال أتت النتيجة، وإذا اختل وزادت التكاليف على المصاريف كان العُقم لا قدر الله.
قلتم إن وجبة الإفطار لا تكفي ولا تكفي واقترحتم نقود…وهو حسن وإنا قد بعثنا لكم بالطريقة التي عينتم بسيطات 300، كما عززنا ذلك بأقراص من حلواء السمن، نطلب الله أن يصلكم ذلك و يسد مسد الإفطار الكافي، أما نحن هنا فلا يزال طعام الإفطار عندنا كما تعهده خبز وجبن إذا وجد… ولكن بدون لحم، إما الرغايف، إما المجبنة، إما السفنج، إما الشربة بزيتها، مولاتنا المسمنة فقد طال بها عهدنا وعظم لها وجدنا، وعلى كل حال إذا لم يكن بتلكم المدرسة اعتناء بوجبة الإفطار فلأن نظم المطبخ لديهم جارية على قواعد الصحة وعلم النفس، وبعبارة أصح علم أسس الاقتصاد التي هي أجدر وأنسب مدرسة اقتصادية وما يدري الصباغ المحترم أن المغاربة لا تقنع بطونهم بالأكل الخفيف ولا للطعام اللطيف، فهم كالطبول المجوّفة، لا تدوي إلا في حال الامتلاء،…وهذا بخلاف المشارقة الذين هم أبعد ما يكون عن الإسراف في كل وجبة حتى في وجبة عشاء الليالي الشاتية، لهذا ساعدتهم الحالة المعيشية على أن كانوا أرباب الفهم، وأساتذة العلم، وحاملي راية المعرفة، وسبقوا من سواهم في التفوق في فنون الكتابة ونبوغ النظم والتآليف، وقرض الشعر، فجلبوا بذلك لبلادهم التي كانت أقحل بلاد الله تحت السماء؛ السعادة والرخاء والطمأنينة والهناء.
هذا وبعد رجوعكم بحول الله من عطلة السنة القادمة لا بد أن تأخذوا معكم أشياء من هذا القبيل تستعينون بها والله يوفق ويرشد ويهدي إلى الصراط المستقيم والسلام.
في 4 صفر عام 1369هـ الموافق ل 26 نونبر سنة 1959م.
والدك عبد السلام أفيلال
***
-4-
الحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البارّ الطالب السيد التهامي السلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابكم وبداخله نماذج الثياب التي عليها أثمانها الخ، وصار بالبال، ونفيدكم أن الذي وقع عليه الاختيار هو الثوب الواصل إليك طيه فلتشتر منه أمتاراً 3 ويصلكم ثمنه مع البريد. أما زبيدة فقد وصلت… من قبل والسلام.
في 27 جمادى 1 عام 1965م.
عبد السلام أفيلال
***
-5-
الحمد لله
عوض الولد البار الطلب الأنجب، مولاي التهامي رعاك الله وحرس صحتك.
وبعد، وصلني في 2 شهرنا الحالي كتابك المؤرخ ب 24 الماضي أكتوبر وقد أزعجني حقا مفاده رغم كون المصاب لا قيمة له، وقد رأيت قياماً بحق هذا الواجب أن أستشير مع الأخ عمر سرّيّاً فأفضى إليّ بأن الواجب هو أن تتلقفوا هذا المصران الزائد المتفتق الآن بحزام، وتواصلوا دراستكم إلى آخر هذه السنة الميلادية، حيث تقدموا لدينا، وحينئذ تجرون العملية الجراحية البسيطة أمام الأهل، وهذا إن لم يكن في تأخيرها لهذا الوقت ضرر متزايد، ولا ضرر في هذا قطعاً، فإن كان فيه ضرر لم يكن بد من التعجيل بها، -وهذا شيء تسألون عنه الطّبيب المشير عليكم أوّلاً- وحينئذ لا بد من إعلام الوالد ليأذنكم فيها تقيمونها هناك، أو يأذنكم بالحضور لتقيمونها هنا بين أظهرنا.
ويظهر لي أن تتلقوا هذا النازل بهذه الرعاية المؤقتة وتسترسلوا في الدراسة لآخر السنة الميلادية كما قلنا، فتربحوا هذه القراءة ويربح الوالد هذا الانزعاج الذي قد يؤلمه، وقد يدعوكم للحضور بطريق الاستعجال، وبعد حضوركم بعد شهر ونصف تقريباً تكون العملية باطمئنان نفس وأمام الأهل والأحباب، وتكون الراحة بعدها تامّة، ولا أظن أنه يترتب على هذا التأخير شيء، فغالب الناس قديماً وحديثاً يصابون به ولا يبالون بشأنه، لأنه مع الوقاية لا يؤثّر، نعم؛ من الناس من يبادر لرتقه، ومنهم من يغضّ عنه الطرف، ولست ممن يحب التغاضي عنه، بل ممن يسارع للقضاء عليه بالرتق، ولكن بطريق هذا العجل الذي تريد أنت، فتتوقف عن الدراسة احتياطاً لما عسى أن ينشأ عن الحركة، وتطلب الإذن العاجل لإجراء العملية التي قد تساعَدون عليها من جهتي الوالد والعمّ، ثم إن جزمت بالتعجيل فلا بد أن تعلمني لنأخذ برأي الوالد ليأذنك في العملية أو في الحضور، وإنّي في انتظار جوابك، ولا أدري موجب تأخير رسالتك عشرة أيّام عن تاريخها والسلام.
في 3 نونبر سنة 1951م الموافق ل 2 صفر عام 1371هـ.
عمّك: البشير
***
-6-
الحمد لله وحده
وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله
الولد البارّ الطّالب الأنجب، السّيّد التّهامي، السلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فقد وصل كتابك مفيداً سلامتك وعافيتك، وذاك غاية ما نأمل، ونرجو أن نسمعه ونتلوه في رسائلكم، مع ما يفيدنا عن كدّكم واجتهادكم في دروس المعرفة، وقد غفلنا عن إعلامكم بنعي زوجة الخال، لأنّنا لم نره بالنسبة لكم كطالب علم يهمه ما يتلقى في بلاد الغربة من مواد يشقّ لها طريق حياة مستقبله شيئاً تهتمّون له، أو ينفعكم في موضوع مهمّتكم، فطالب العلم ينبغي أن لا يشوّش عليه بأمثال ذلك، وطالب العلم لا ينبغي له أن يعيش عيشة المراسم والإجراءات العادية، أو يحيى حياة التّرف …لذلك في غرض كذا، هذا يدعه للمتفرّغين الذين قضوا وأتمّوا واجباتهم، هذا وإنّه للآن لم يتلقوا عن زبيدة خبراً بالإعلام بالخروج من القاهرة، وقد كانت أعلمت في رسالة أنّها ربّما تخرج يوم من 17 ابراير الجاري، وربّك يفعل ما يشاء ويختار، بعد الإتمام من كتابة هذه الرسالة ورد تلغراف من القاهرة بخروج زبيدة يوم تاريخه ليلة الخميس 23 فبراير.
والكلّ بخير، والسيّد مَحمّد مدينة بعدما كان أنهى لي قضية امتناع زوجته من حضورها عنّي هذه مدّة، ولم أدر ماذا أنهت إليه قضيّته منها، والكل بخير، وعلى المودّة والسلام.
في 23 ابراير سنة 1950. جمادى 1 عام 1369هـ.
عبد السلام أفيلال
***
-7-
الحمد لله وحده
وصلى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه
الولد البارّ الأنجب، السيّد التّهامي السّلام عليكم ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك المؤرّخ بـ 5 مارس الحالي، وأهمّ ما أفاد التحاقك بمدرسة الاستعداد للامتحان، ومراجعة مادّتي الحقوق والجبر، تأهّباً للامتحان القادم بحول الله، وإنّها لفكرة حسنة ويا حبّذا لو كانت هذه المدرسة …على حدّ تعبيرك مؤبّدة ملحقة بالمدرسة الرّسميّة، لأنّ من الخسارة على الغريب المنقطع للدراسة، عطلة شطر كامل من النّهار يقضيه بين جدران المدرسة في انتظار غروب الشّمس ليأوي إلى مرقد النّوم، أمّا زبيدة فقد وصلت لطنجة قرب زوال نهار الخميس بل الإثنين الماضي، ولتطوان عشيّة اليوم التّالي، وقد ذهبت العائلة لمقابلتها صبيحة يوم العزوم، وكانت المرسى مليئة بذوي قرابة القادمين، فالحمد لله على السّلامة.
أمّا اعتدال جوّ غرناطة في هذه الأيّام فضروري، وأيّ شيء في الدّنيا لا يعتدل بدخول فصل الربيع وهو الفصل الذي تحسن فيه الطّبيعة للكون، وتسدي إليه من المعروف ما تحيى به النّفوس الحيّة والجامدة، ويهيأ فيه للمخلوق ما يقتاته ما بين السّنة، أمّا إحسانه للأحلام والأدمغة والحافظة والمفكرة فشيء لا يغني الوقت للإفاضة إليك فيه، لأنّي إذا شرعتُ فيه أعالجه لك لا تغني هذه الورقة ولا أخواتها من الملصقات معها، ولكن الذي يهمّني من عوامل هذه الأيام أن تصقل من فكرتك وتزيد في نشاطك، وتدفع بك إلى مزيد الإمعان والنّظر..
أمّا أثارات فصل الربيع من اخضرار واحمرار واصفرار جوّه، يقضي عليها الصيف بنار شمسه المحرقة، فلا تجد إلاّ يابسة، أو جوّاً مكفهرّاً، ووجوهاً عابسة، تلك هي الطبيعة، وتلك عادة الله فيها، (ولن تجد لسنّة الله تبديلاً).
أمّا ما تحصله في هذا الفصل إذا أعرضت عن جماله الفتّان، وسحره القاتل، فسوف لا يُبيده الصيف ولا الخريف، فاعرف لأيّام دراستك قيمتها، وعُدّ بين أصابعك سِنيّ وجودك وسنيّ دراستك، وقابل ما بينها وبين ما حصّلته من معرفة وثقافة، وحاسب نفسك قبل أن تحاسَب، وطالبها بواجباتها قبل أن تُطالب، وربّنا لا غيره يوفّقك ويهديك ويرشدك إلى ما فيه صلاحك ديناً ودنيا، فما الخير إلاّ خيره، لا ربّ غيره.
وقد توقّفتُ عن توجيه المجلاّت إليك، لأنّها لا تكون في صالحك الآن مع كثرة مواد الدّراسة، وإن هي إلاّ من لغو الحديث الذي لا ينفع، وإن كانت بالنسبة لغيرك من الحوامض أو الفواكه التي لا يستغني عنها كلّ مترفّه في مطعمه وغذاه.
قد كلّمتك تيلفونياً بالإدارة نهار الأربعاء السّابق، وما تبيّنتُ شيئاً جيّداً من كلماتك التي تلاعب الأثير بها، وبعد الغد سنعيد مكالمتك بحول الله، أما شفرات الحلاقة التي سلّطها الشّيطان على الوجوه والأذقان فتصلكم بحول الله، وقد فهمت من خطابكم التيلفوني أنّكم تبعثون بمثال …وهو حسن، ولا تتأخّروا عن طلب ما ترونه واجباً، والله يرضى عنك، والسلام.
في 25 جمادى 1 عام 1369هـ، 15 مارس سمة 1950.
عبد السلام أفيلال
***
-8-
الحمد لله وحده
ولدنا البارّ، مولاي التّهامي أصلحك الله ورضي عنك، وسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فإنّ اقتصارك على البرقيات بأنبائك لا يغني فتيلاً عمّا يطلب منك من الموافاة بحوادثك وأخبارك، ولاسيما بعد إجراء العملية، وما طرأ عليكم بمدينة مالقة مما ألزمكم البقاء بها بضعة ايّام، الأمر الذي أحدث لنا تشويشاً في الفكر، وأخيراً نرجو الله أن تكونوا قد استرجعتم تمام عافيتكم، فواجهتم الدّراسة بهمّة تامّة، وبصر نافذ، وإن سألتم عن الأحوال فما هنا والحمد لله إلاّ الخير الأكمل، والبرّ العميم الأشمل، فلا بدّ أن تعودوا لموافاتنا بالمهمّ ممّا يلمّ بكم، والله يرعاكم ويحفظكم، والسلام.
في 3 ربيع الثاني عام 1371هـ. ق: 30 يناير وعلى كامل ودّكم والسلام.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
-9-
الحمد لله وحده
الولد البار الأنجب، سيدي التّهامي أصلحك الله ورضي عنك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، فقد كلّمتك تيليفونياً لم نتمكّن من إشباع غلة القول معكم لسوء في الجهاز أو حركة في الجوّ، وكلّ ما فهمته منك هو تأخير رحلة المدرسة لما بعد هذا، أي: لشهر الامتحان وهو حسن. إن الثوب سنوجه إليك ثمنه، ولتشتر منه أمتاراً 4/ 3 غداً بحول الله، ولتجعله في اسم السلاوي صاحبنا، وكلّنا بخير، وعلى المودّة والسلام.
في 7 رجب عام 1369 ق: 25 أبريل سنة 1950.
عبد السلام أفيلال
أمّا الثوب القديم فقد وصل، وكان لابثاُ بمحطّة البوسطة … والحمد لله على السلامة.
***
-10-
الحمد لله وحده
الولد البارّ الطّالب الأنجب، مولاي التّهامي رعاك الله وأصلحك، وسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فقد وصل كتابك الذي أفاد عافيتك وسلامتك ومواصلتك للدّروس، فحمدنا ربّنا على تلك المنّة، وطلبناه المزيد عليكم من فضله. وقد سررنا جدّاً بالرحلة التي وعدكم بها وزير المعارف، فعسى أن يفي بوعده، وعسى أن تكون موفّقة قيّمة لمدارككم.
والأحوال هنا كلّها بخير، وقد أحضر صهرنا المفضل جماعة من أهل العلم ببيته، فقرؤا شفاء القاضي عياض استشفاء روحياً من الألم الذي يشكوه، نطلب الله أن تعمّ بركته كلّ من يشكو بعلة، إنّه على ذلك قدير. وواصل دروسك باهتمام، وتقدّم للصفوف العلمية بسلام، والله في عونك، وقد بعثنا لك بسيطات 300 نرجو أن تكون حلت محلها والسلام.
في 14 شعبان الأبرك عام 1371هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال
بعد السلام على حفيدي العزيز، سيدي التهامي ورحمة الله، فإنّي أحييك من صميم الفؤاد، ونرجو لك تقدّماً مطّردا، ومستقبلاً في الدراسة زاهراً، هذا وإذا عزمت على التنقل الرياضي في آخر السنة الدراسية، فلتعلمني لنزوك زيادة في الدّعاء ببضاعة مالية، وتقبل فائق احترامي والسلام.
عمك: البشير
***
-11-
الحمد لله وحده
وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البارّ الأنجب، السيّد التهامي السلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك مفيداً سلامتك التي نرجو لك دوامها، ولئن سألتم عن الأحوال فالكلّ بخير ويدعو لك. وزبيدة أبرقت بخروجها في 26 فبراير، ثمّ أبرقت يوم 2 مارس بوصولها لمرسليا، وبأنّها ستغادرها بعد أسبوع، وتكون بالمغرب حوالي اليوم الثامن والعاشر. إنّ الجرائد التي بلغتكم هي من طرفنا لا من طرف السلاوي، وقد وجهت لك أخرى.
والقصائد كما تعلم، أمران: أحدهما: مرانكم على العربية الفصحى، ودراستكم للأدب العربي والإنشاء، والأسلوب الخطابي العالي، ليمكن أن تستحضروا بها القواعد العربية والألفاظ اللغوية، الشيء الذي أنفقتم عليه وقتاً غير قصير من حياتكم التّعليمية، والذي لو كنتم تابعتموه لكان لكم في شأن وأيّ شأن في لغة الضّاد ومفتاح القرآن.
ثانيها: اطّلاعكم على أحوال الأمم العربية لتبقى لديكم وفي نظركم في اعتبار واحترام.
أما الثوب الذي وجهتم وهو من الحلة التي ارتديتموها فحسن، ولكن لسنا نسأل عنه بعدما فصل وخيط ولبس، وإنّما نسأل عن ثوب صوفي جيّد يناسب أن تتّخذ منه جلاّبة نستبدل منها هذه التي ملّتنا ومللناها، واشتكت إلى ربّها من طول الخدمة التي لا جزاء لها عليه إلا البِلا ثم الفناء.
أمّا قلم الحبر الذي هنّأتم به عمكم الصغير فقد شكركم عليه، ولكنه ردئ، إنه لا يستحق الهناء ما دام عاصياً مستعصياً عليه، لك يأخذ طريقة الجد والإذعان لتصويراته، ولعل فيما تشاهدونه من هذا الأثر في هذه الرسالة من تبديل وتغيير وظهور وخفاء لدليلاً على ما أقول فيه، فلست أذكره بما ليس فيه، فلندعه يعمل عمله، وينشد أمله، وأمامه الأيام تلين قناته، أما ما برّرتَم به موقفكم في تكريم الوفد العلمي مع أنكم من طلبة العلم “المزاليط من النقود” الغير المكلفين بمثل هذه التكاليف، فالغرباء كثيرون، ومن تجمعك بهم اللغة، والذين كذلك كثيرون، ونحن هنا نشاهد الكثيرين من هذا الشكل، ولا يبالي الأغنياء الأسخياء إذا هم لم يتكرموا عليهم حتى برد التحيّة الواجبة في كلّ دين.
أما السيد محمد مدينة فلا زال ساكتاً، ولم يحضرني لحدّ الساعة، زقد لقي سيدي الأخ عبد السلام أمس، وشكى إليه ما يلاقيه من مرارة الحياة، من جراء امتناع زوجته عن مطاوعته للواجب، ولعلّ الرجل به حياء يمنعه من مخاصمتها، وقد كان جاءني للإدارة برفقة صديقه المسطاسي في يوم كان شديد الازدحام، غير أني أشفقت عليه، وأحلته على الدار يوافيني إليها بعد ظهر ذاك اليوم، غير أنه لم يأتني، ففهمت من ذلك أنّ قضيّته تمّت، ولكن تبيّن أنه يمنعه الحياء، وأعرض عن “الجرّة وما جرّت”، وهذا خلق جميل لو كان مع مثله، أما من والدة السيدة كما تعلم، فلا يجره السكوت عنها إلا للبلاء.
هذا وإن خطك الذي كان مغربياً وفي درجة من الحسن فلا بأس بها، قد جعلتَ تتدرّج أوّلاَ من المغربية إلى المصرية فقلنا لا بأس بذلك، لأنّ الكل عربي، وإن كان لكلّ ذوقه ولذته، والاتّحاد يجب أن يكون في كل شيءةحتى في الثقافة، فإذا بك أصبحتَ الآن تنحو به نحو اللامغربي واللامصري، وأخشى يمسي في يوم من الأيام إنجليزياً، وتجدنا في حاجة إلى الترجمان الحاذق في الإنجليزية، ماذا أيها الرجل كرهتم من مغربكم حتّى خطه الممشوق الجميل، فاللهم سلّم سلّم. لتجد من مواطنك من يفهمه، وإلا تضطرهم إلى الطواف به على من يعرفه من المتمصريين، فإنك مغربي وأبوك مغربي وجدك مغربي وسنبقى مغاربة بتقاييدنا ومميزاتنا إلى الأبد إن شاء الله، وسوف تعايش وتساكن وترافق وتخالط المغاربة، وسوف لا تجد خطوطهم إلاّ مغربية، فإن هم وجدوا خطك مصرياً فسوف لا يستطيعون معاملتك. ويسلم عليك الكل والسلام. في 15 جمادى الأولى عام 1369. ق: 5 مارس 1950.
عبد السلام أفيلال
***
-12-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله
ولدنا البارّ الأنجب، السيّد التّهامي رضي الله عنك ورعاك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل مكتوبك من مدينة قادس التي اختارها الله لك مقرّاً جديداً لإكمال دراستك، والخير كلّه فيما يختاره الله، أنبأتنا فيه بخلاصة حالكم وترحالكم، وما أنتجه تطلّعكم على حالة العيش هناك، بالنسبة للطالب الغريب بالطرق الاقتصادية والمتوسطة، وأومأتم إلى موقع البلد وطقسه ومركزه، وحالة ساكنيه حسبما ظهر لكم لأوّل عبرة خاطفة، إنّا جدّاً فرحون بكلّ ما ذكرتم، وبالمقابلة الطّيّبة التي فاتحكم بها مدير الجامعة، مع قبولكم في مقاعد الدّراسة كطالب رسمي، وإنّنا لنأمل أن تصل من مدير جامعة غرناطة وثيقة الانتقال التي تخوّلكم بداءة الدّرس من حيث انتهيتم في تلكم الجامعة، مع الاعتداد بالسنوات الأربع التي طويتموها بها، لتكون سنوات الدّراسة منسجمة، ونأكّد عليكم في عمل وسيلة جديدة لاستعجال المدير الغرناطي في بعثها لكم. أمّا موضع الاستقرار فلا بدّ أن تزيدوا بحثاُ في المناسب لكم من الوجهتين، وجهة الصلاحية لسكنى الطالب الغريب، الكفيلة له بتأدية واجباته الدراسية على أتمّ الوجوه وأكمل الحالات، ووجهته الاقتصادية التي تناسب دائماً طالب العلم، وتفيدونا بذلك لنعمل فيه رأينا، على أنّنا نرى الآن مبدئيّاً أنّ المدرسة الدّاخلية الحكومية التي أشرتم إليها، مناسبة إن كان ممكناً من ناحية قانون المدرسة، وكنتم عازمين على القيام بأعباء شرائطها، أمّا الشاب الإسباني الذي قتلتم به وقت ترحالكم بدلاً من تلك السيّدة المثرثرة التي أراحت وأراحت، فلا بأس بمعاشرته الآن، وللضّرورة أحكام، وربّما نكتب لكم عن قريب رسالة توصية بكم، والاعتناء بكم لأحد المغاربة المتاجرين هناك، سيصدرها له أحد أصدقائه بطنجة، وقد كتبنا لكم هذا استعجالاً، ونطلب زيادة بيان عمّا ترّجح لكم أن يكون صالحاً للسّكن في هذه الأيّام التي قضيتموها هناك، والكتب قد بعثناها لكم أمس مع البريد، …فلتحسن لنفسك كما أحسن الله إليك، والسلام. في 25 صفر عام 1374هـ.
والدك
***
-13-
الحمد لله
الولد البارّ الشابّ المهذّب، مولاي التّهامي رعاك الله والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الذي اختصرت فيه حركة الرحلة اختصاراً، كنّا على علم به من البرنامج السّياحي، ومن الصور المبعوثة من كلّ بلدة نزلتموها، ولنا أمل أن تكونوا أسستم في مخيلتكم أو مذكرتكم ما يصح أن تبنوا عليه مذكّرة تحرّرونها لتاريخ دراستكم، ولمن لم يشهد الرحلة، وحسبه أن تلغى التلغرافات وبطائق الوصول. وإنا نهنّيكم بالتوفيق لتلكم السّياحة التي نرجو أن تكونوا أصبتم منها ما تتممون به الغرض من الدّراسة، وأن تكونوا قد اكتسبتم فيها قوّة جسم، ونشاط أعضاء، لمتابعة عملكم، ولأداء فرائض مولانا سبحانه في هذا الشهر العظيم على أكمل وجه، وأحسن حال، ونحن جميعاً بخير، والله يرعاكم ويرضى عنكم، والسلام.
في السبت 19 رمضان المعظّم عام 1373هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
-14-
الحمد لله وحده
محلّ الولد البارّ، الشّابّ الأنجب، السيّد التهامي رعاك الله، وسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد، فقد كان وصلني كتابك حول الحادث الذي ألمّ بساحتك، وقاك الله شرّه، وكنتُ أجبتُكم عنه حالاً، أعني قبل هذا التأريخ بنحو 18 أيام، بعد أخذ رأي الأخ سيدي محمد بأنّه لا يمكن أن يأذن في شيء يتعلّق بالعملية بدون استطلاع رأي الوالد، وأنّ الذي ترجّح عنده هو أن تستوثقوا بحزام هندي كدعامة للمحلّ المتفتّق، ثمّ تواصلوا الدّراسة، ولما تكون الرخصة الميلادية وتحضروا لدينا، يقام بإجراء هذه العملية بحضور الأهل والأصدقاء. وكنت اقترحتُ عليك أن تجيبني ليطمئن الخاطر من جهتك، وقد عجبتُ من إهمالك وتضايقك من أجله، وقد طلبتُ الاتّصال بك بطريق التيلفون البارحة، فألفيتُ الأمر متعذّراً بالحوادث الجوّيّة التي كانت ليلة الإثنين.
وفي هذا اليوم زارني العربي بنونة قادماً من الرباط يذكر أنّه استلم منك رسالتين بالحادث، وأنك لازلت تنتظر جوابي بالإذن في الإجراء العملي الجراحي…مدير البيت المغربي هناك بالمفاوضات مع نيابة التعليم هنا، واحرز على المأذونية المعلّقة على الإذن من جانب الوالد وأحد العمّين الخ.
وقد علمتُ من رسالتك له أنّ جوابي لم يصلك، وأنك لا تزال تنتظر، وإنّ هذا لأغرب شيء كان عليك، حيث لم يصلك جوابي أن تعيد الكتب بالتّأكيد لأسارع إلى إفادتك، لا أنّ تتقاعس وتتواني، ثمّ إنّ الذي يظهر لي هو ما أشرت به عليك من ملازمة الدراسة بعد التحزّم بالمنطقة الهندية التي يستعملها غالب المصابين بالفتق، بل ويستغنون بها عن إزالته، أمّا العملية فأنتم غير موافَقين عليها مطلقاً، ومدة الزيارة قد اقتربت، والشيء بسيط، ومقاومته أبسط منه، وممّا أفادني به بنونة أنّكم شرعتم في الدرس، ونعم ما فعلتم، والله يرعاكم…آمين.
21 صفر عام 1371هـ.
البشير
***
-15-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
ولدنا البار الشاب الأنجب، السيد التهامي رعاك الله ورضي عنك والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد، وصل كتابك المؤرخ بالجاري 15 أمس تاريخه أفدنا منه غاية ما كنا في انتظاره من سلامتكم وابتداء دراستكم، أعانكم الله وسدد خطاكم ووفقكم سلوك سبيل الرشاد آمين.
إن ما سبق أيام ابتداء الدراسة نحن كنا أولى به من الفندق الذي احتضنكم فحسب، ولم نكن لنسخوا بذاك الأسبوع لولا ما كنا نحذره من سوء ما قد يترتب من التأخير من مسؤولية ونحوها، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، وقد بعثنا لكم به بما تسددون به ما عليكم من دَين، ويصلك بعدُ القميص الذي هيأ لكم، فأرجوا أن يأتي موافقا.
ومنذ أيام وعلامة الأمطار تنذر بنزوله، وتلفت الأنظار لتهيأة الغطاء والكساء، وقد نزل في هذا النهار منه ما يوطأ لهذه السنة حسن الطالع.
وقد سررنا من كتابكم بالخط المغربي المألوف، ورجوعكم عن الخط الشرقي الذي لا يعرفه المغاربة، وإذا عرفه من عرفه منهم يتكلف، ونحن قوم برءاء من التكلف. وأخوكم المهدي قد دخل بالأمس لروضة الأطفال التي توجد بدار مدينة بدر ابن جلون، وقد أردنا بالتعجيل بدخوله لها أن نغرس بقلبه حب التعلم والحلم ليكبر حبه لهما في الكبر، فلا يمكن اقتلاعه منه ويدأب عليهما، وإن مَن سَبَقَنَا لهذه الفكرة لمصيبٌ، لأن القلب إذا دخله الخير لا يخرج منه، وإذا دخله الشر لا يخرج منه، فلذا كان لتأخير تعليم المغاربة آفة سبب له الجهل المطبق، وكانت الأمية غالبة عليهم فكان الجهل بكل شره، وأعقبه مرض الأخلاق فانحلت العرى،
وكان ما كان مما لست أذكره** فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر
ونحن بخير والحمد لله والسلام.
في 5 صفر الخير عام 1373هـ موافق أكتوبر سنة 1953م.
والدك عبد السلام
***
-16-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار الأرشد، مولاي التهامي رضي الله عنك وأعانك، والسلام عليك والرحمة والبركة في السكون والحركة.
وبعد، وصل كتابكم بالإفادة بوصولكم لمعهد الدراسة، ثم استئنافكم لها بما كنا نؤمله من نشاط واجتهاد، وقد حمدنا الله على ما وفقكم إليه ودلكم عليه، واتل قول مولانا: ﴿وما بكم من نعمة فمن الله﴾، وإنكم بحول الله ستجنون ثمار هذه المجاهدة التي تعانون فيها مقاومة النفس وما تدعو إليه من استجلاب راحة ومتعة ودعة وسكون لا يعقبها إلا التّحسر والندم، والفرصة في الشباب غلسة كما في المثل، ويرحم الله ابن الوردي حيث يقول في لاميته:
اطلب العلم ولا تبخل فما **** أبعد الخير على أهل الكسل
والكل بخير والمريضة قد تكاملت عافيتها وخرجت تستكمل شفاءها لدور أقربائها كمل الله بخير، أما تلكم الدجاجة، فلسنا إلى الكلام عليها بعد أكلها بحاجة، والله يرعاكم ويعينكم والسلام.
17 جمادى الأولى عام 1373هـ.
والدك عبد السلام
وموادّ الدراسة قد بعثناها لكم مع البريد، ولا تغفل عن الكتابة مرة في الأسبوع، بارك الله فيك.
ولم يصلنا من رسائلكم إلاّ المؤرّخة بـ 10 أكتوبر، فإن كان لها أخت سبقتها فلم تصل أ ووصلت ولم تصلنا.
***
-17-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد عين الرحمة، وآله جميعاً
الولد البارّ الأنجب، مولاي التهامي رضي الله عنك ورعاك، وعليك السلام ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك وبداخله قطع الأثواب المكتوب على كلّ منها ثمنه، وقد أشرتم للبرد القارض.. الذي يعمل بحق في الوجوه ما يعمله المبرّد، ويتطلّب من الإنسان أن يظل تحت غطائه كالمقعد، ملتويا تحت كسائه الأسود.
حقا إن البرد لشديد، وقد يبست منه الأعضاء المتحركة حتى لا تكاد الأصابع الثلاث تمسك قلما، وإذا أمسكته بتكلف أو على مر التنور فلا تكاد قوى العصب الكاتبة تصله قوتها، فتحط ما يريد الإنسان أن يخطه، ولك في هذا الخط البديع الذي تقراه الدليل على ما بلغه منا ومن قلوبنا وبطوننا داهية هذا البرد، وإني لا أرى نافعا له غير الامتلاء بكل ما تصل إليه اليد من دافئ وبارد ومائع وجامد، ولا أستثني حتى ما جعل للنفس واكل أمره إلى خالقه، ويرحم الله الشاعر الشابي حيث يقول: …
أما الأثواب فلم يظهر لي رأي في أحد منها نختاره، فإذا كان هناك ما هو خير منها ولا كلفة لديك فلا بأس ببعث نظائره والكل بخير.
وكنزة بنت الأخ قد رزقت طفلة، ويومه يوم عقيقتها، فبالبركة والسعادة، والسلام.
في 6 جمادى عام 1373هـ.
عبد السلام
***
-18-
الولد البارّ الأنجب، السّيّد التّهامي رعاك الله.
وبعد، وصل كتابك المؤرّخ بالجاري 8، أفدتم فيه ما يتعلّق بالبيت المغربي وزيارة السّنوسي ورفاقه لتلك الرّبوع في تجوّله ببلاد النّاس، وقد سررنا بنشاطكم فيما بصدده، وقد أحسنتم صنعاً في الاحتفال بعيد الجلوس إذ ذاك، ما بقي لنا أن نتمسّك به.
والمهدي بنّونة قد آب من سفره منذ ستّة أيّام. وشهر المولد النّبوي الكريم مبدؤه يوم الإثنين، والعيد النّبوي يوم الجمعة، جعله الله مقروناً بفرح من عنده، وسدل على هذه الأمّة رداء العزّة والنّصرة واللّطف، إنّه لطيف بعباده، والسّلام.
في 8 ربيع النّبوي الأنور عام 1373 ق 16 نونبر سنة 1953م.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
–19-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
الولد البارّ الأنجب، السيّد التّهامي رعاك الله، والسّلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الأوّل، وشقيقُه الثّاني أفادا ما اطمأنّ إليه الخاطر، وابتَهَج به النّاظر، من سلامة صحّتكم ونشاطكم في سلوك خطّتكم، وتلك الغاية التي نصبوا إليها، كمّل الله وأعانكم، وكنّا ننتظر إعلامكم بوصول العون المالي الأخير، وقد يكون تأخّر وصوله أو أغفلتموه، والأمر في ذلك سهل، وفي الإثر يصلكم القدر العادي بحول الله.
هذا، ويصلكم طيّه ما كتب به السيّد محمد عزّيمان، ومن لطف لهجته كتابة مدير بيت المغرب بغرناطة له، تدركون أنّهما يريدان بهذا التّنبيه إلا الخير لكم والإصلاح لشأنكم حتّى تكونوا كأحسن من يتخرّج من تلك الكلّية، علماً وأخلاقاً، ولئن كان لنا ما نقوله فيما وقع، ففي المخالفة لنظام المدرسة الذي يجري أكثر ما يجري في تهذيب الأخلاق، والمحافظة عليها، حتّى من الوقوع في مواطن التّهم، فلتكونوا بارك الله فيكم في المستقبل على بيّنة من الأمر، والله يوفّقكم ويهديكم لما فيه خير دينكم ودنياكم، والسلام.
في 12 رجب الفرد الحرام عام 1373هـ.
عبد السلام أفيلال
***
-20-
الحمد لله وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
الشابّ الأنجب، محلّ الولد، مولاي التّهامي رعاك الله وأعانك، وعليك السّلام ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابُك وكان سروري عظيماً بِرِقّة خطابه، وحنو أسلوبه، وتبسيطكم فيما اخترتم له من موضوع الإفادة والاستفادة من الملاقاة التي كانت على قلبنا في تلك الأوقات القليلة التي فضلت لكم عن النشاط والخيمة، وليتها امتدّت، ولكن الدراسة أولى أن يضحي لها الإنسان بكلّ غال ومرتخص، والخير إن شاء الله أمامك، ولقد أحسنتم صنعاً فيما اقترحتموه، ونشكركم عليه، ولتدوموا عليه.
وقد عجبت من تأخركم عن الإعلام بوصول ما قدم لكم، ولئن سألتم عن الأحوال فالكلّ بخير.
وقد ازداد لدى الحسين نجل الأخت ولد ذكر، وقد كان ازدياده بمدينة طنجة، أقرّ الله به عين والديه، وجعله حلقة ذهبية في سلسلة عائلتنا آمين.
ونرجو الله أن تكونوا دؤبين على الدّرس بكامل الغبطة والنّشاط، أمّا ما يتعلّق بالشّكّ أو الوهم في اجتهادكم ومروءة جنابكم، فتالله إنكم لمنافسون إليه بوسوسة النفس والتفكير الذهني، لأنّ ترك الاجتهاد والمجاهدة من المتغرب في طلب العلم وقد ترك وراءه ما يعزّ عليه فراقه، إنّما يؤذن بشيء من ذلك، فالقصد هو الاستزادة من النشاط والتذكير، ومعاذ الله أن أقصد غير ذلك.
وقد عجبت من تأخركم عن الكتابة مع تنبيهي لكم أن لا تدعوها أسبوعياً، وقد تشوش منه سيادة الأخ، فالرّجاء أن يكون موعد كتبكم الرسائل مساء كلّ أحد، والله يرعاكم والسلام.
في 28 صفر الخير عام 1373هـ 6 نونبر 1953.
عمّك البشير أفيلال
***
-21-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
الولد البارّ الأنجب، السيّد التّهامي أصلحك الله ورضي عنك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فإنّا قد توقّفنا عن مكاتبتك طيلة المدّة شفقة على وقتك الغالي أن يذهب فيما لا بيضاء فيه ولا شحمة، ولا صفراء ولا لحمة.
أما سيّدي رمضان فكلّ شيء يكون فيه صائماً حتّى القلم والقرطاس، والفكر والخيال والأنفاس، وكلّما حاولت أن أكتب لكم في شيء وطفقت أتخيّر الموضوع لا أجد ما يناسب موضوع شؤونك، فأمسكتُ القلم جانباً، وبالقرطاس جانباً آخر.
وكلّ مكاتبك وصلت، وهي في جملتها تدلّ على مزيد نشاطك في تلك الجامعة العلمية، وإنّك في غاية التّوافق مع قادتها العلماء، وأساطينها الكُتّاب الأدباء، فنرجو الله أن تكونوا في الحفل الدّراسي كذلك.
وقد أخبرني بعض أنكم ستنهون الامتحان في خامس الشهر الحالي، لذلك تلفنتُ لكم فعلمت الحقيقة، يسر الله وسهّل، والله يعينك والسلام.
في 10 شوال الأبرك عام 1374 ق فاتح يونيه سنة 1955م.
والدك عبد السلام
لا بأس أن تطير الإعلام باليوم الذي تعتزم فيه على القدوم وتقدمه بأيام 5 سِنْكُو.
***
–22-
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله
ولدنا البارّ السيد التهامي رعاك الله ورضي عنك وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الأخير الذي أفدتم فيه اشمئزازكم من الإجراء الذي قوبلتم به ممّن ذكرتم، وظهور علامة الفشل في المحاولة التي أرشدتم إليها هنا وقمتم بها هناك.
أما رسائلك الأخرى التي سبقت وقلتم إنكم شرحتم فيها تفاصيل ما قمتم به فلم تصل، ولعلها ضاعت في البريد.
والمهم الآن هو إفادتكم أننا لما استشعرنا بقلقكم وكدنا أن نصدق في وقوعكم في شرك مناورة من هنا وهناك، أنهينا علتنا للفقيه الصدر، لأنه الرّكن الأخير الذي بقي لنا أن نركن ونلتجأ إليه، فوعد أنه ينهي ذلك للنائب الثقافي الذي من حسن الحظ كان على وعد سابق منه للحضور لديه في نفس اليوم، فلما شافهه بما جرى وسعادة الصدر مُلم من رسالتك بالواقع التفصيلي، أعلمَه بأنّك طالب متلاعب بغرناطة لا تتقيد ببنود البيت المغربي، وغير مُقبل على دراستك بجد وحزم، ولم تؤد امتحاناً قط كان النجاح فيه حليفك، لا بتفوق ولا بأي درجة من درجات النجاح، وبجانب هذا لا تحترم زملاءك الطلبة ولا تحسن معهم السلوك والعشرة، شأن طلاب العلم الذين تجمعهم الغربة وتضمهم إليها المدرسة بعيدين عن ديارهم، وأنه لأجل ذلك لا لغيره تقرر فصلك عن ذاك البيت نهائياً.
وبحسن مجاملة الصدر وأدبه جزاه الله وبعد التي واللتيا وقع الإغضاء عن كل هذه السوابق والتجاوز عنها، وأصدر النائب إذنه بعودتك لمركزك على أن تغير من موقفك من ذاك البيت، وأن تطبع نفسك بطابع طالب العلم لا أقل ولا أكثر، وبعدما أحرزنا على هذه النتيجة المُرة أبرقنا لك بأثرها وبعثنا لك بالكتب.
هذا ما جرى وقد كان كل هذا صدمة عنيفة أصابتنا في الصميم اعتبرناها أمانة كبرى لا لك فقط بل لنا جميعاً، ولم تكن هذه الصدفة من النائب ولا من المدير ولا من أحد غير النائب والمدير، بل منك ومنك فقط لأنك الذي كنت الداعي لها والمتسبب فيها، ولسنا نتهم أحداً ممن وسمتهم بنصب العداء لك، هذه المكيدة التي لولا لطف الله لحطمت من مستقبلك، فلدينا من الأدلة ما يثبت لنا ما قاله هؤلاء فيك ونسبوه لك، ويبرؤهم منه، فهؤلاء أصدقاؤك العديدون الذين لهم بك الصلة الوثيقة والزمالة في الدراسة كثيراً ما تحدثوا في الخفاء بأنك في دراستك غير قائم باللازم لا تتعاهد دروسك لا بالمطالعة ولا بالمراجعة، وإن كل ما تميل إليه هو الراحة وإشباع النفس بالمتعة من رياضة ونحوها، ولنا أيضاً ما يسند هذا فإن أيام الرخصة التي تقيمها هنا وأيامها نصف العام أي نصف العمر تجعلها كلها بلا استثناء أيام راحة ودعة لا تلتفت فيها قط لمراجعة كتاب أو مطالعة مثلة، كأن ما حصلته من علم بغرناطة جعلته في كنز تحت جدار وقفلت عليه بمفاتيح من حديد، فلا يتفلت منه أبداً.
إن أيام الرخصة المقررة إذا كنت تجمعها شُرعت لمراجعة الطالب ما حصله في العام الماضي، ولإعداده ما سيحصله في العام الآتي، أو ليجتهد فيجعل محصول العامين في عام واحد فيقفز إلى قمة الغاية برهة، أو ليقوم برحلات تعد من باب الدراسة التطبيقية، وهي أصعب من الدراسة النظرية.
هذه هي الغاية من أيام الرخص سواء كانت سنوية أو شهرية، وهي التي يجري عليها من يعرف لوقته القيمة، وتكون نهايته من التعليم وهو ابن 22 عاماً، وإذا كان الأمر كما وصفنا ولا يمكنك أن تجادل فيه بحال، فأنا لا أحب أن يتكرر هذا منك، كما لا أُحب أن يتكرر ذاك من أولي الأمر، وليس كل مرة تسلم الجرة، ولسنا ممن يتحمل الضيم والإبانة، فلتجهد ولتعمل ما في استطاعتك وعامل أولي الأمر بما يليق بهم، وزملاءَك الطلبة بما يستحقونه من احترام وتقدير حتى تجد أمامك الناصر والصديق والأنيس والرفيق، ونحن سنجرب في هذا العام ونرى، ونرجو الله أن نرى خيراً وعلى المودة والسلام.
في 8 صفر الخير عام 1372 أكتوبر سنة 1952
والدك عبد السلام وفقه الله
****
-23-
الحمد لله وحده وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله
الولَد البارّ الأنجب، السيّد التهامي رعاك الله ورضي عنك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك بشرح حال المدرسة التي انتقلتم إليها، وما تشتمل عليه من موافق الحياة ونُظم السكن، ووسائل التثقيف النظريّة والعلمية، وإنها وايم الله لغاية ما يحرزه طالبا لعلم الصّحيح، المجتهد في التحيل، العاضّ على المعرفة بالنواجذ، ولاسيما من رمت به يد الشهوة والعصبية إلى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم، واضطهد في سبيل المعرفة أوّلاً وثانياً، وقد أطلّ على ساحة النّجاح، وأشرف على ميدان النّهاية، فلتجهد ما وسعتك الطاقة في التحصيل، وفي نُكران الذّات، لأنّ أيّام هذه كما قلت لك ونقوله: هي أيّام اتّجار ومغامرة في باب السّباق وادّخار، لا أيّام راحة واختيار، فلا تغرّنّك مباهج حضارة الغير، التي ما أدركوها إلاّ بعد الكدّ في تحضير نفوسهم، وتربية نِشائهم، فكانت حضارة المدرسة مبنية على أسس علم الأخلاق أوّلاً، وعلم التّربية والصّحّة ثانياً، فكان الازدواج بين الساكن والسّكَن حاصلاً لامحالة، وليتكم تشاركون في تلكم المحاضرات التي أشرتم إليها، وفي المجلّة التي تحرّر بها وتدلوا بدلوكم في الدّلاء، فلا تكونون من المتفرّجين فحسب، فإنّ ذلك لما يعين على التدريب والتشجيع في مواقف الخطابة ومواطن التدليل والاحتجاح لدى الحاجة، وعلى كلّ حال إنّا ندعو لك بالعون والهداية، وإنّ الدعاء بظهر الغيب لمستجاب، والكلّ بخير، والسلام.
في 25 رجب الفرد الحرام عام 1374 ق مارس سنة 1955.
والدك: عبد السلام لطف الله به آمين
***
–22-
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله
ولدنا البارّ السيد التهامي رعاك الله ورضي عنك وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الأخير الذي أفدتم فيه اشمئزازكم من الإجراء الذي قوبلتم به ممّن ذكرتم، وظهور علامة الفشل في المحاولة التي أرشدتم إليها هنا وقمتم بها هناك.
أما رسائلك الأخرى التي سبقت وقلتم إنكم شرحتم فيها تفاصيل ما قمتم به فلم تصل، ولعلها ضاعت في البريد.
والمهم الآن هو إفادتكم أننا لما استشعرنا بقلقكم وكدنا أن نصدق في وقوعكم في شرك مناورة من هنا وهناك، أنهينا علتنا للفقيه الصدر، لأنه الرّكن الأخير الذي بقي لنا أن نركن ونلتجأ إليه، فوعد أنه ينهي ذلك للنائب الثقافي الذي من حسن الحظ كان على وعد سابق منه للحضور لديه في نفس اليوم، فلما شافهه بما جرى وسعادة الصدر مُلم من رسالتك بالواقع التفصيلي، أعلمَه بأنّك طالب متلاعب بغرناطة لا تتقيد ببنود البيت المغربي، وغير مُقبل على دراستك بجد وحزم، ولم تؤد امتحاناً قط كان النجاح فيه حليفك، لا بتفوق ولا بأي درجة من درجات النجاح، وبجانب هذا لا تحترم زملاءك الطلبة ولا تحسن معهم السلوك والعشرة، شأن طلاب العلم الذين تجمعهم الغربة وتضمهم إليها المدرسة بعيدين عن ديارهم، وأنه لأجل ذلك لا لغيره تقرر فصلك عن ذاك البيت نهائياً.
وبحسن مجاملة الصدر وأدبه جزاه الله وبعد التي واللتيا وقع الإغضاء عن كل هذه السوابق والتجاوز عنها، وأصدر النائب إذنه بعودتك لمركزك على أن تغير من موقفك من ذاك البيت، وأن تطبع نفسك بطابع طالب العلم لا أقل ولا أكثر، وبعدما أحرزنا على هذه النتيجة المُرة أبرقنا لك بأثرها وبعثنا لك بالكتب.
هذا ما جرى وقد كان كل هذا صدمة عنيفة أصابتنا في الصميم اعتبرناها أمانة كبرى لا لك فقط بل لنا جميعاً، ولم تكن هذه الصدفة من النائب ولا من المدير ولا من أحد غير النائب والمدير، بل منك ومنك فقط لأنك الذي كنت الداعي لها والمتسبب فيها، ولسنا نتهم أحداً ممن وسمتهم بنصب العداء لك، هذه المكيدة التي لولا لطف الله لحطمت من مستقبلك، فلدينا من الأدلة ما يثبت لنا ما قاله هؤلاء فيك ونسبوه لك، ويبرؤهم منه، فهؤلاء أصدقاؤك العديدون الذين لهم بك الصلة الوثيقة والزمالة في الدراسة كثيراً ما تحدثوا في الخفاء بأنك في دراستك غير قائم باللازم لا تتعاهد دروسك لا بالمطالعة ولا بالمراجعة، وإن كل ما تميل إليه هو الراحة وإشباع النفس بالمتعة من رياضة ونحوها، ولنا أيضاً ما يسند هذا فإن أيام الرخصة التي تقيمها هنا وأيامها نصف العام أي نصف العمر تجعلها كلها بلا استثناء أيام راحة ودعة لا تلتفت فيها قط لمراجعة كتاب أو مطالعة مثلة، كأن ما حصلته من علم بغرناطة جعلته في كنز تحت جدار وقفلت عليه بمفاتيح من حديد، فلا يتفلت منه أبداً.
إن أيام الرخصة المقررة إذا كنت تجمعها شُرعت لمراجعة الطالب ما حصله في العام الماضي، ولإعداده ما سيحصله في العام الآتي، أو ليجتهد فيجعل محصول العامين في عام واحد فيقفز إلى قمة الغاية برهة، أو ليقوم برحلات تعد من باب الدراسة التطبيقية، وهي أصعب من الدراسة النظرية.
هذه هي الغاية من أيام الرخص سواء كانت سنوية أو شهرية، وهي التي يجري عليها من يعرف لوقته القيمة، وتكون نهايته من التعليم وهو ابن 22 عاماً، وإذا كان الأمر كما وصفنا ولا يمكنك أن تجادل فيه بحال، فأنا لا أحب أن يتكرر هذا منك، كما لا أُحب أن يتكرر ذاك من أولي الأمر، وليس كل مرة تسلم الجرة، ولسنا ممن يتحمل الضيم والإبانة، فلتجهد ولتعمل ما في استطاعتك وعامل أولي الأمر بما يليق بهم، وزملاءَك الطلبة بما يستحقونه من احترام وتقدير حتى تجد أمامك الناصر والصديق والأنيس والرفيق، ونحن سنجرب في هذا العام ونرى، ونرجو الله أن نرى خيراً وعلى المودة والسلام.
في 8 صفر الخير عام 1372 أكتوبر سنة 1952
والدك عبد السلام وفقه الله
***
-23-
الحمد لله وحده وصلّى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله
الولَد البارّ الأنجب، السيّد التهامي رعاك الله ورضي عنك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك بشرح حال المدرسة التي انتقلتم إليها، وما تشتمل عليه من موافق الحياة ونُظم السكن، ووسائل التثقيف النظريّة والعلمية، وإنها وايم الله لغاية ما يحرزه طالبا لعلم الصّحيح، المجتهد في التحيل، العاضّ على المعرفة بالنواجذ، ولاسيما من رمت به يد الشهوة والعصبية إلى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم، واضطهد في سبيل المعرفة أوّلاً وثانياً، وقد أطلّ على ساحة النّجاح، وأشرف على ميدان النّهاية، فلتجهد ما وسعتك الطاقة في التحصيل، وفي نُكران الذّات، لأنّ أيّام هذه كما قلت لك ونقوله: هي أيّام اتّجار ومغامرة في باب السّباق وادّخار، لا أيّام راحة واختيار، فلا تغرّنّك مباهج حضارة الغير، التي ما أدركوها إلاّ بعد الكدّ في تحضير نفوسهم، وتربية نِشائهم، فكانت حضارة المدرسة مبنية على أسس علم الأخلاق أوّلاً، وعلم التّربية والصّحّة ثانياً، فكان الازدواج بين الساكن والسّكَن حاصلاً لامحالة، وليتكم تشاركون في تلكم المحاضرات التي أشرتم إليها، وفي المجلّة التي تحرّر بها وتدلوا بدلوكم في الدّلاء، فلا تكونون من المتفرّجين فحسب، فإنّ ذلك لما يعين على التدريب والتشجيع في مواقف الخطابة ومواطن التدليل والاحتجاح لدى الحاجة، وعلى كلّ حال إنّا ندعو لك بالعون والهداية، وإنّ الدعاء بظهر الغيب لمستجاب، والكلّ بخير، والسلام.
في 25 رجب الفرد الحرام عام 1374 ق مارس سنة 1955.
والدك: عبد السلام لطف الله به آمين
***
–24-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
ولدنا البارّ السيّد التّهامي رعاك الله وأصلحك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فإنّنا بمدريد حللناها صبيحة الجمعة، ونحن سوف لا نبرحها إلاّ بعد إتمام المهمّة بحول الله وقوّته، وسيكون الرجوع عن طريق مالقة لأغراض نتمّها، ومنها للجزيرة.
وقد ألفينا هذه المدينة مكتظة بالخلق، الطلبة يناديهم داعي المدرسة أو الكلام بالحضور، والسواح يسوقهم إقبال البرودة لديارهم، وأصحاب البطالة تشخصهم احتفالات تقام بمناسبة وجود ضيف ملكي في مدريد، وو الخ، ولذا وجدنا صعوبة في الحصول على النزل المناسب، ونحن كلنا بخير، ونرجوكم أن تكونوا أنتم كذلك، وسلم منا على من هناك، ومنّا عليكم من هنا، ولا تترك أيّام الدراسة تمرّ، فإنّ الوقت كما تعلم من ذهب، إن لم تقطعه قطعك، والسلام.
في 4 يوم السبت محرم الحرام هام 1371هـ.
والدك عبد السلام
***
-25-
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصالحي المومنين
الولد البار الأنجب السيد التهامي رعاك الله والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الذي أفاد عافيتكم ونشاطكم فحمدنا الله على ذلك، وقد بعثنا لكم ما اقترحتموه من آلة الحلاقة والأدهان المرطبة وشيء من الأتاي الجيد مع من أشرتم إليه، هذا وإن سألتم عنا فنحن بخير والحمد لله.
والجو قد تحست حالته فلا بد أن يكون له مفعوله في الأذهان والأفكار والخيال فتتضاعف قوة الإدراك فيلائم جو المدرسة ويوافق الطالب إذا ما خلى بأوراقه في بيت الغربة يثني من أصولها جدور المعرفة ومن عنايتها فنون الجمال الثقافي وبذور العلم الصحي، فأحسن شيء فيه أوقات الهدوء الجوي والسكون الأفقي والجمال الطبيعي التي تكون فيه الأمزجة تابعة لا هادئة ساكنة مطمئنة وديعة، جو الانكباب على مقاعد الدرس والدأب للعلم اغتناما لفرصة الزمن والمكان وإنه لأي وقت يضيع على الإنسان في مثل هذه الأوقات في شهوات النفس الزائفة بزوال وقتها لجدير أن نعده من جناية الإنسان على نفسه لا غيره ونفيه عليها، وهذه غباوة ما بعدها غباوة، صحيح أن الفصل يتجلى في الأفق بغرناطة بأبهى ما يتجلى به في غير غرناطة، تواتيه المزوح والمياه والجبال والسهول والإبداع الفني وآثار الإغراق في الحضارة التي تخلفت عن أمة عالجتها ثمانية قرون، ولكن العاقل يعتبر أن غرناطة لامعها، والطبيعة هي الطبيعة تتحول بتحول الفلك ودورانه، فلا يستعير من هذا ولا ذاك، وإنما يستعير مما يملأ به جوفه من علم نافع وخلق واسع وحنكة يحملها في حياته إمامه ومقتداه ليهيأ لكم من أمركم رشداً والسلام. في 29 رجب عام 1372.
والدك عبد السلام أفيلال
***
-26-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار التقي النقي السيد التهامي أصلحكم الله والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فقد كان وصل إعلامكم بالسكن الذي اخترتموه محلاّ لإقامتكم بدلا من الذي نزلتموه أوّلا مؤقتا نظرا لما امتاز به هذا الثاني من الصفات التي تجمع إلى الراحة والاقتراب من الجامعة وسائل الترفه وقد أصبتم فيه لأن العقل الذي عليه المدار في الإدراك والتحصيل والتصدير والاختزان لا ينشط إلا إذا نشط الجسم والجسم لا ينشط إلا إذا توفرت له شروط الرّاحة، من غذاء صحي وهواء نظيف ومرقد مريح، وحمّام نقيّ، وتنظيم لحركاته وسكناته ورياضة عقلية بنحو سطرنج، وقصص ومطالعة مكابدة وجسمية مما يحسنه أهل هذا العصر كثيراً.
وقد غيبتم عنّا خبر الإسباني البيضاوي فلا ندري هل لا توال لكم به معرفة وأنس، أم أراح واستراح، كتلكم السّيّدة المرافقة لكم في سيّارة السّفر، ونطلب الله أن تكونوا في أنس بكتبكم، ومراجع دروسكم، فعليها المدار بالنّسبة لحياتكم العلمية، وهي لكم كنزر الجدار والمدار، على حسن النّيّة والاعتماد على مولانا الكريم في كلّ الأمور جليلها وحقيرها، فما تعسّر مطلوب أنت طالبه بربّك، ولا تيسّر مطلوب أنت طالبه بنفسك، ثمّ معرفة قيمة الوقت- أي وقت الشّباب- إذا كانت له قيمة، وإلا فهو لا قيمة له يمكن وجودها، لأنّه لا يعوّض، ويفوت ولا يرجع، مع الاتّعاظ بحوادث الماضي والعوارض التي وضعت في الطّريق ووقع التّغلّب عليها بمحض فضل الله وجوده، وفوق الجميع تقوى الله تعالى، فإنّه الأساس لكلّ شيء، لأنّها رأس الحكمة، ولا حكمة إذا لم يكن لها رأس ككلّ شيء موجود، وتقوى الله لا تنحصر في أداء الصلاة، بل المحرّمات والمنهيّات المعلومة لكم هي كالصلاة، فالمدار على الاستقامة في الظاهر والباطن، والله تعالى يقول: (ومن يتّق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)، ويقول: (واتّقوا الله ويعلمكم الله)، ويرحم الله ابن الوردي من أئمّة الحكمة إذ يقول:
ليس من يقطع طرقاً بطلاً==إنّما من يتقي الله البطل
واتّق الله فتقوى الله ما==وصلت قلب امرئ إلاّ وصل
أعلمتم في كتابكم الأخير بوصول وثيقة الانتقال من غرناطة، وأنّكم أصبحتم الآن بسببها تلاميذ رسميين تجري عليكم أحكامهم، وتعدّ عليكم أيّامهم، قد فرحنا بذلك واطمأنا، وسيكون الاطمئنان والفرح أكثر عندما تكونون عاملين على منهج الجامعة الرّسمي، وتعالجون في سنتكم هذه زيادة على مادتي السنة 5 الماضية لكم، واجبات الامتحان الأخير حسبما وعدتم، ذكرتم أنّه أعوزكم ما تذكرونه لنا عن مدينة قادس أنّه لا يهمنا من قادس إلا جامعتها وإنسانية أساتذتها وعدالة وإنصاف رجالها والقائمين على تغذية عقول أولاد الناس بها، أمّا قصورها أو ظهروها أو صدورها فلتكن كما شاءت، وربّما نوافيكم نحن بعد بحول الله بشيء من تاريخ هذه المدينة السّاحليّة، أعاد الله الأفارقة أهل إسلام، قبل أن يعيدها هي إلى دار الإسلام، كما يدعو كذلك كثير من مؤرخي المورو العرب.
والتّاجر المغربي الذي أشرنا لكم به واتّصلت به (اللهْ يفْتحْ علينا وعْليه) ولا أزيد من الجوّ الذي ينبغي هو ما سمعته منّي لا أقلّ ولا أكثر.
واللّبّادي قد كلّمناه وأبلغناه إشارتك الغير المفهومة لنا، والكلّ بخير، والسلام. في 21 ربيع النبوي الأنور عام 1374.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
–24-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
ولدنا البارّ السيّد التّهامي رعاك الله وأصلحك، والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فإنّنا بمدريد حللناها صبيحة الجمعة، ونحن سوف لا نبرحها إلاّ بعد إتمام المهمّة بحول الله وقوّته، وسيكون الرجوع عن طريق مالقة لأغراض نتمّها، ومنها للجزيرة.
وقد ألفينا هذه المدينة مكتظة بالخلق، الطلبة يناديهم داعي المدرسة أو الكلام بالحضور، والسواح يسوقهم إقبال البرودة لديارهم، وأصحاب البطالة تشخصهم احتفالات تقام بمناسبة وجود ضيف ملكي في مدريد، وو الخ، ولذا وجدنا صعوبة في الحصول على النزل المناسب، ونحن كلنا بخير، ونرجوكم أن تكونوا أنتم كذلك، وسلم منا على من هناك، ومنّا عليكم من هنا، ولا تترك أيّام الدراسة تمرّ، فإنّ الوقت كما تعلم من ذهب، إن لم تقطعه قطعك، والسلام.
في 4 يوم السبت محرم الحرام هام 1371هـ.
والدك عبد السلام
***
-25-
الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصالحي المومنين
الولد البار الأنجب السيد التهامي رعاك الله والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الذي أفاد عافيتكم ونشاطكم فحمدنا الله على ذلك، وقد بعثنا لكم ما اقترحتموه من آلة الحلاقة والأدهان المرطبة وشيء من الأتاي الجيد مع من أشرتم إليه، هذا وإن سألتم عنا فنحن بخير والحمد لله.
والجو قد تحست حالته فلا بد أن يكون له مفعوله في الأذهان والأفكار والخيال فتتضاعف قوة الإدراك فيلائم جو المدرسة ويوافق الطالب إذا ما خلى بأوراقه في بيت الغربة يثني من أصولها جدور المعرفة ومن عنايتها فنون الجمال الثقافي وبذور العلم الصحي، فأحسن شيء فيه أوقات الهدوء الجوي والسكون الأفقي والجمال الطبيعي التي تكون فيه الأمزجة تابعة لا هادئة ساكنة مطمئنة وديعة، جو الانكباب على مقاعد الدرس والدأب للعلم اغتناما لفرصة الزمن والمكان وإنه لأي وقت يضيع على الإنسان في مثل هذه الأوقات في شهوات النفس الزائفة بزوال وقتها لجدير أن نعده من جناية الإنسان على نفسه لا غيره ونفيه عليها، وهذه غباوة ما بعدها غباوة، صحيح أن الفصل يتجلى في الأفق بغرناطة بأبهى ما يتجلى به في غير غرناطة، تواتيه المزوح والمياه والجبال والسهول والإبداع الفني وآثار الإغراق في الحضارة التي تخلفت عن أمة عالجتها ثمانية قرون، ولكن العاقل يعتبر أن غرناطة لامعها، والطبيعة هي الطبيعة تتحول بتحول الفلك ودورانه، فلا يستعير من هذا ولا ذاك، وإنما يستعير مما يملأ به جوفه من علم نافع وخلق واسع وحنكة يحملها في حياته إمامه ومقتداه ليهيأ لكم من أمركم رشداً والسلام. في 29 رجب عام 1372.
والدك عبد السلام أفيلال
***
-26-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار التقي النقي السيد التهامي أصلحكم الله والسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فقد كان وصل إعلامكم بالسكن الذي اخترتموه محلاّ لإقامتكم بدلا من الذي نزلتموه أوّلا مؤقتا نظرا لما امتاز به هذا الثاني من الصفات التي تجمع إلى الراحة والاقتراب من الجامعة وسائل الترفه وقد أصبتم فيه لأن العقل الذي عليه المدار في الإدراك والتحصيل والتصدير والاختزان لا ينشط إلا إذا نشط الجسم والجسم لا ينشط إلا إذا توفرت له شروط الرّاحة، من غذاء صحي وهواء نظيف ومرقد مريح، وحمّام نقيّ، وتنظيم لحركاته وسكناته ورياضة عقلية بنحو سطرنج، وقصص ومطالعة مكابدة وجسمية مما يحسنه أهل هذا العصر كثيراً.
وقد غيبتم عنّا خبر الإسباني البيضاوي فلا ندري هل لا توال لكم به معرفة وأنس، أم أراح واستراح، كتلكم السّيّدة المرافقة لكم في سيّارة السّفر، ونطلب الله أن تكونوا في أنس بكتبكم، ومراجع دروسكم، فعليها المدار بالنّسبة لحياتكم العلمية، وهي لكم كنزر الجدار والمدار، على حسن النّيّة والاعتماد على مولانا الكريم في كلّ الأمور جليلها وحقيرها، فما تعسّر مطلوب أنت طالبه بربّك، ولا تيسّر مطلوب أنت طالبه بنفسك، ثمّ معرفة قيمة الوقت- أي وقت الشّباب- إذا كانت له قيمة، وإلا فهو لا قيمة له يمكن وجودها، لأنّه لا يعوّض، ويفوت ولا يرجع، مع الاتّعاظ بحوادث الماضي والعوارض التي وضعت في الطّريق ووقع التّغلّب عليها بمحض فضل الله وجوده، وفوق الجميع تقوى الله تعالى، فإنّه الأساس لكلّ شيء، لأنّها رأس الحكمة، ولا حكمة إذا لم يكن لها رأس ككلّ شيء موجود، وتقوى الله لا تنحصر في أداء الصلاة، بل المحرّمات والمنهيّات المعلومة لكم هي كالصلاة، فالمدار على الاستقامة في الظاهر والباطن، والله تعالى يقول: (ومن يتّق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب)، ويقول: (واتّقوا الله ويعلمكم الله)، ويرحم الله ابن الوردي من أئمّة الحكمة إذ يقول:
ليس من يقطع طرقاً بطلاً==إنّما من يتقي الله البطل
واتّق الله فتقوى الله ما==وصلت قلب امرئ إلاّ وصل
أعلمتم في كتابكم الأخير بوصول وثيقة الانتقال من غرناطة، وأنّكم أصبحتم الآن بسببها تلاميذ رسميين تجري عليكم أحكامهم، وتعدّ عليكم أيّامهم، قد فرحنا بذلك واطمأنا، وسيكون الاطمئنان والفرح أكثر عندما تكونون عاملين على منهج الجامعة الرّسمي، وتعالجون في سنتكم هذه زيادة على مادتي السنة 5 الماضية لكم، واجبات الامتحان الأخير حسبما وعدتم، ذكرتم أنّه أعوزكم ما تذكرونه لنا عن مدينة قادس أنّه لا يهمنا من قادس إلا جامعتها وإنسانية أساتذتها وعدالة وإنصاف رجالها والقائمين على تغذية عقول أولاد الناس بها، أمّا قصورها أو ظهروها أو صدورها فلتكن كما شاءت، وربّما نوافيكم نحن بعد بحول الله بشيء من تاريخ هذه المدينة السّاحليّة، أعاد الله الأفارقة أهل إسلام، قبل أن يعيدها هي إلى دار الإسلام، كما يدعو كذلك كثير من مؤرخي المورو العرب.
والتّاجر المغربي الذي أشرنا لكم به واتّصلت به (اللهْ يفْتحْ علينا وعْليه) ولا أزيد من الجوّ الذي ينبغي هو ما سمعته منّي لا أقلّ ولا أكثر.
واللّبّادي قد كلّمناه وأبلغناه إشارتك الغير المفهومة لنا، والكلّ بخير، والسلام. في 21 ربيع النبوي الأنور عام 1374.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
–27-
الحمد لله وحده
ولدنا البارّ الزّكي الذّكي التّقي النّقي، السّيّد التّهامي رعاك الله، وعليك السّلام ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك بما تجدّد لأولي الشّأن هناك من الرّاي في برنامج رحلة الرّبيع في تلكم الجهات، وسواء أكانت تلك الرحلة شمالية أو جنوبيّة، شرقيّة أو غربية، أرضية أو سماوية، بريّة أو بحرية، سهلية أو جبلية، فإنّ التّنقّل إذا كان مبنيّاً على أساس علمي ومركّز على قواعد التّطبيق العلمي، هو لا شكّ من باب الدّراسة الفكرية، وتوسيع المدارك للتّلميذ من باب الاستجمام والمتعة وكفى. فإذا زاد التّلميذ المتجوّل من الاستفادة، وساعدته ظروفه وقوانين الجولة، فاتّخذ له مذكّرة لما يقع تحت بصره وسمعه ولمسه وبلعه… كان إلى كونه تلميذاً سائحاً كاتباً باحثاً، فإذا اتّخذ صورا لما يتعشّقه ذوقه وشاعريّته من عجائب ما في هذا الكون من جمال، وطرّز بها مذكّرته كان إلى صفاته السّابقة تلميذاً مبنيّاً، فلتكن أنت أحد هؤلاء أو أولئك، وقد بعثنا لك برسالة سي عزيمان، فنرجوك أن تحترس دائماً الوقوع في مخالفة ما لقانون ذاك البيت، فإنّا نكره أن يكون لك في صحيفتك ما يغيّر بياضها ولو بالتّافه، وإذا رأيتم أن تعتذروا للمدير بشيء يرى لكم فيه المبرّر فعلتم، ويصلكم مع البريد مائتان وخمسون من البسّيطة، والكلّ بخير، والسلام.
18 رجب الفرد الحرام عام 1373.
والد: عبد السلام أفيلال
***
-28-
الحمد لله وحده
ولدنا البارّ مولاي التّهامي رعاك الله والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد الدّعاء لكم برضى الله ورسوله، والتّضرّع إليه سبحانه أن يلهمكم رشده وتوفيقه فيما أنتم بصدده، ومتغرّبون لأجله، فإنّي كنتُ قررت لكم أن الكتابة يلزم أن لا ينقطع حبلها عنّا أزيد من أسبوع على أكثر تقدير، لأنّ نهار الأحد تكونون متفرغين فيه من كدّ الدّراسة، فيجب أن تملؤوا قسطاً منه لمناجاة روحنا بالكتابة، وإذا لا حظتم قلّة كتبنا لكم، فحالة عمّكم الصّحّيّة وخاطره لا يسمحان له بالكتابة على ما تحبّون منه وتعهدون من النشاط الفكري والتّوسّع في جولان الفكر، ونحن كلّنا بخير والحمد لله.
في ثاني الجمادين عام 1371هـ. وقد وجّهنا لكم الإعانة الألمانية قبيل وصول كتابكم بطلبها.
عبد السلام أفيلال
****
-29-
الحمد لله وحده صلى الله على سيّدنا محمد وآله وصحبه وسلم
ولدنا البارّ العزيز، السيّد التّهامي متّعك الله برضاه، وسلام عليك ورحمة الله.
وبعد، فقد استسلمتُ كتابك السّامي صبيحة يوم الثلاثاء 27 يناير بعدما كنت مشتاقاً إليه، وفرحتُ به غاية الفرح، ووجدتُ طيّه ثلاث صورك الطيفة، واستفدتُ منه عافيتك التي هي عندي أهمّ كلّ شيء، كما استفدتُ منه أنّك استسلمت أربعمائة بسّيطة، وإنّي كنت خلال هذه الأيّام في ضيافة الله تعالى، والآن قد منّ الله والحمد لله عليّ بالعافية، نرجو الله أن يديمها علينا وعليكم.
وكنتُ يوم استسلام الكتاب في دار أختك فاطمة، وقضيتُ معها هذا اليوم …وأخواتك وفامة وهم يسلمون عليك كثير السّلام، وكان غذاءنا (الباهيّة)، وكلّهم بخير وعافية، كما يسلّمون عليك جميع الأهل والأقارب، ويطلبون الله تعالى أن يعينك على ما أنت بصدده، ويتمنّون لك كلّ خير وسعادة ونجاح.
وإن كنت محتاجاً في شيء فأعلمني به والسلام.
في 11 جمادى 1 عام 1372 ق 27 يناير سنة 1953.
عبد ربّه: عبد السلام وفّقه الله.
***
-30-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا ومولانا محمد وآله
ولدنا البارّ الأنجب، السّيّد التّهامي رعاك الله ورضي عنك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وبعد مزيد سؤالنا عنك ورجاء أن تكون بخير وعلى قدم وساق للاستعداد والأهبة للاختبار السّنوي الذي نرجو أن تحرسك فيه عناية الله من الأخطاء والتراجع، وإن تيسر معك وفي ركبك وفي كلّ خطواتك توفيق الله ورضاه حتّى تعود لهذا البيت وأنت ذلك الطّالب الموفّق المآرب، الذي ينشد في حقه قول شاعر همذان للرّشيد في ولده المأمون:
رأيتك أمس خير بني لؤي** وأنت اليوم خير منك أمسِ
وأنت غداً تزيد الخير ضعفاً ** كذاك تزيد سادة عبد شمسِ
بعد كلّ ما قلنا، نعلمك أنّ زميلاتك في الدّراسة قد حضرن مع الأساتذة، واستدعيناهن للدّار، وكان ممّا قمنا به نحوهنّ من حُسن الوفادة والرّفادة، هو أفضل المجهود، ولا تجود يد إلا بما تجد. على قدر الكساء مددت رجلي.
وقد راقهنّ ما شاهدناه في البيت العربي، وما قُدّم لهنّ من شاي وحلوى، ولعلّ رغبتهنّ لم تتحقّق كما كنّ يؤملن، فإنّ لباس ربّات ذاك البيت لم يكن عربياً كما هو البيت وفرشه وحرائره، ولكن يكفي أذا كنّ محافظات على تقاليدهن لا يرين بها بديلاً، ولو ألبسة الصّين، وجواهر الهند، ودربلة هدّاوة، ونحن بخير والسلام.
في الأربعاء 29 شعبان عام 1372هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
-31-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار الأنجب السيد التهامي السلام التام عليك ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك الأول كالثاني أعلمتم أولا باحتلالكم محلّ الإقامة بالمدرسة الداخلية لسكنى طلاب العلم، وأنّ مديرها قابلكم بأحسن ما يقابل به مدير طالباً، وأنّه تفضل باستدعائكم للعشاء معه، ثمّ ثانياً بالنزلة التي انتابتكم في ظرف أسبوع وألزمتكم الفراش، وأن سرورنا كان بالغ الحد بموافقة المدرسة لكم …على أي وصف تكون عليه، فالمدار على نظامها المطابق لحياة الطالب حتى يؤدي بها لوازمه اليومية على أكمل الوجوه، ودعنا من وسائل الترف والبذخ التي لا تهمنا، والتي لها وقت يأتي بحول الله، والنزلة التي استرحتم منها الآن ونتمنى جميعا من الله السلامة منها، فإن كل واحد في هذا الفصل يأخذ بنصيبه الأوفى من التأثرات البدنية التي تنشأ غالبا من زوابع الجو وغضب الطبيعة، ونأمل أن تكون الجريدة (الأمة) توافيكم لتأنسوا بها، وتكونوا على خبرة مما يجري به الله في هذه الدنيا من تقلبات في غير أوقات الجد والعمل، والكل بخير والله يرزقكم السلامة والتوفيق، والهداية لأقوم طريق، آمين والسلام.
14 جمادى الثانية عام 1374 الموافق ل 8 أبريل سنة 1955.
والدك عبد السلام
***
-32-
بسم الله الرحمن الرحيم
الولد البار الأنجب السيد التهامي أصلحك الله والسلام عليك ورحمة الله.
أما بعد، فقد كان وصل كتابك… الجاري يعلم بقبولكم من جديد في البيت المغربي، وباحتلالكم المقر الدراسي واستئنافكم الدراسة، ثم بعد فترة وصلت برقيتكم بطلب ما تشترون به برنوس الشتاء، وجوابا عنه، نفيدك أننا أطمنا خاطرا من جهة الصدمة التي جرى بها القدر ونرجو الله أن تكونوا عند حسن الظن وأن تكون تلك الدافعة درساً عاليا لكم يوجهكم إلى ما أخطأتم فيه والله ولي التوفيق.
وقد بعثنا لكم عن طريق البريد 650 بسطات، ونحن بخير ونرجو أن تكون أنت كذلك والسلام.
في يوم الجمعة 9 ربيع النبوي عام 1372 الموافق ل 28 نونبر سنة 1952.
والدك عبد السلام أفيلال
***
-33-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله
ولدنا الأنجب الأبر السيد التهامي رعاك الله وعليك السلام ورحمة الله.
وبعد، وصل كتابك مهنئا بعيد الميلاد النبوي الشريف، وقد تأخر تمكننا به لكون الحانوت التي ألقي من فتحة بابها المعدة بذلك كانت فارغة من صاحبها وإّنا نشكركم على تهنئتكم البرقية والكتابية وندعو الله أن يحيينا لمثله من قابل، ونحن ممتعون بكامل الهناء من العافية، والأمة الإسلامية بكامل أمانيها ومراميها، وأنت قابض على زمام النجاح والتقدم، متجها به نحو الغاية المقصودة، والضالة المنشودة، هذا وقد سلف منا أن كتبنا لك بإسهاب عقب انتهاء تلك المعركة وأحطناك بها علما بالأسباب الحقيقية لها لتتلافاها في المستقبل وتكون لك درسا موجها يقيك من سوء ما وقعنا لا قدر الله، وقد كنا ننتظر أن تجيب عنه فلم تفعل، ونحن بخير ولله الحمد والسلام.
في 2 ثاني الربيعين عام 1372 الموافق ل 21 دجنبر 1952.
والدك عبد السلام أفيلال
وقد انهينا في الأسبوع الماضي نزهتنا بالجنان، وحضرنا للدار والحمد لله على السلامة، وقد وجهنا لك قدراً من السكر والشاي مع بنونة، والغريبية تصلكم من بعد، وقد فضلنا أن تكون من السّمن لا النّوى.
***
-34-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
ولدنا البارّ الأنجب، السّيّد التّهامي، رعاك الله جنابك، وحفظ شبابك، ورضي عنك، والسلام عليك والرّحمة والبركة.
وبعد، وصل كتابك الذي علمنا منه اطمئنانكم ونشاطكم، وكان سرورنا به عظيماً، تمّم الله عليكم نعمه، وكان لكم عوناً على مواصلة جهادكم الأدبي في ميدان إعداد العدد لشقّ طريق الحياة الشّريفة، آمين.
ونزولاً عند رغبتكم في الأتاي الجيّد، بعثنا لكم بكمية منه، وتصلكم طيّه رسوم مختلفة الأشكال والأوضاع لأخيكم المهدي أتحفناكم بها تخفيفاً من وهج الشّوق إليه، ونحن كلّنا بخير، والله يرعاكم والسلام.
في 9 جمادى 2 عام 1372هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال
***
-35-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
الولد البارّ الأنجب، السّيّد التّهامي، رعاك الله، والسلام عليك ورحمة الله.
وصل كتابك الأوّل والثاني، مفيدين سلامتكم ونشاطكم، وسررنا بهما سرورك بالخطاب التيليفوني، … للسلامة والنشاط، حتّى تتقدموا صفوفكم الدراسية وبيدكم راية النصر والظفر، أعني تلك الشهادة الختامية التي تقودكم إلى معمعة …النبيلة، والهيش الهنيئ، ثم إلأى خدمة النشء وتربيته، كما يفرضه الواجب، والسلام.
12 رجب عام 1372هـ.
والدك: عبد السلام أفيلال
قد بعثنا لكم بسيطات 400، نرجو أن تكون وصلت.
وقد تخارجتُ مع ورثة جدك المرحوم سي علال بخارجة موفقة، فكان نصيبك مع شقيقك بسيطات 60470 أخذناها أطراف من رباع وعقار.
***
-51-
الحمد لله
ولدي البار سيّدي التّهامي أفيلال، سلامي ورضاي عليكم.
وبعد، فقد تسلّمت رسالتكم الأخيرة المؤرّخة بـ 4 أبريل الجاري الخ، وجواباً عنه، نعلمكم أنّ الكلّ بخير.
هذا، وقد كنت وجهت لكم رسالة في الأخير كجواب عن كتابكم المتضمّن أنكم ستشاركون زملاءكم في الرّحلة التي تنوون إقامتها، وقد كنتُ أشرتُ لكم فيها موافقتي لكم مع إبلاغكم بأنّ النقود 1500 بسّيطة رهن إشارتكم في أيّ وقت، … تصلكم، وخوفاً من ضياع تلك الرّسالة، ها أنا أكرّر لكم موافقتي مع الرّجاء في التّوفيق لكم دائماً والسلام.
في 7 أبريل 1951م.
من والدكم المطاع: عبد السلام
***
-52-
الحمد لله وحده وصلى الله على سيّدنا محمد وآله
ولدنا البارّ الطالب الأنجب السيد التهامي أصلحك الله، ورضي عنك، وعليك السلام والرّحمة والبركة.
وبعد، فقد وصلني كتابك يعلم بوصولك لمقرّ الدّراسة، وباشتياقكم لها تالي يوم الوصول، فالحمد لله على ما يسّر ووفّق إليه.
وقد لمحنا من قصيدكم المبتكر أنّكم تحنون إلى العربية واللغة والمعاني والخيال، الأمر الذي دعاني للتحسّر على عدم توسّعكم في فنون اللغة العربية التي يتعشّقها اليوم حتّى الغرباء عنها من الغربيين وغيرهم، لأنّها أوسع دائرة للتعبير، وأغنى ثروة للتّغذية الرّوحية، فلذلك أكثر المتشدّقون واستبحروا في اللغة، وحتّى في غيرها من علوم العرب، ولعلّكم لم تجدوا أمامكم ما تصوغون فيه قصيدكم، ولا فضاء تتخيدونه إلا الجوع، وتركتم الحمراء وقصورها، والأندلس وبحورها، حيث سالت تعابير العرب وتفننت، حتى رق شعورها، …وكادوا من رقّة ما استهواهم من سحر وجمال أن يخرجوا في قولهم وشعرهم إلى غير صوابهم، …مواد اللغة العربية، واستعاضوا عنها بالدّخيل حتى نشؤوا بحوراً جددا للشعر أسموها أزجالاً وموايل، …وما منحتها الطبيعة من معادن الكمال، …وكذلك العرب الذين عرفوا كيف يعيشون فيها ويصيرونها شيئا قالوا عنه في هذا الوقت، إنه الفردوس المفقود، ولله في خلقه شؤون.
وهذا غير ملائم للطبائع الزمنية، ولا الذوق السليم، رغم تخلصكم منه للدجاجة المشوية التي واساكم بها عبد الله، إني لا أعترض عليك فيما توهت إليه نجبتك من فنون العصر، لأني أعلم أنه شيء سبق في الأزل، وما كان كذلك فلا اعتراض فيه، وقد قالت الحكمة: ما ترك من الجهل شيئا من أراد أن يظهر في الوقت غير ما أظهره الله.
ولكن آلمني ما أجده في عبارات رسائلك من النظم العربي من الميلان إلى التركيب الحسن الذي ينبيا عن تقدم مطرد ومحسوس …تابعت الدراسة العربية قلتم الجوع ولست بمصدقك في هذه المرة، فحقيبة الحلواء بجانبك، واقراص الدقيق الحلوة على رأسك، وسيدنا الخليع في جرابك، فلتدعني من مادة الجوع، فإني أكرهها، ولو أعقبتها بذكر الدجاج وقد وجهت لكم 900 بسيطات تقبلوها، والله يعينكم ويثيبكم، ويكتبكم في قائمة العلماء العاملين المخلصين، والسلام.
في يوم السبت 9 ربيع 2 عام 1369هـ.
والدك عبد السلام
هامش: السيد مدينة كان كلّمني في شأنه صديقه مسطاسي، وأفاد بأن الزوجة امتنعت كلّيا من رجوعها إليه لأي محلّ يريده هو، اللهم دارها فنعم، وقد كنتُ أفهمته بأن يرفع لي القضية رسميا للإدارة لأعمل فيها ما يجب بعد المفاهمة مع خال الزوجة برشة، واستفسرته بأنّ هذا يجب فيه التعجيل، لأن الفرض لاوم من لوازم الوضع، وهو يزداد بمرور الأيام، والرجل لا يقوى على عمله مع لوازمه هو الخاصة، وقد مرّ على كلامي معه أمد، وللآن ما وصلني أحد.
هامش: بالأمس عشية وصل كتابك المؤرخ 23 يناير والحمد لله، وموجب التأخّر عن الجواب هو كثرة اشغال عمّك وارتخاءه في هذه الأيام بالبرد.
إنّ زبيدة لم تحضر للآن، والذي هنا هو وصول كتاب منها تخبر بأنها على أهبة السفر للمغرب في أوّل باخرة تصل لطنجة، أو جبل طارق، وربما يكون في أوائل شهر أبريل المقبل إن شاء الله، والكلّ بخير والسلام.
والدك عبد السلام
***
-53-
الحمد لله وحده
ولدي البار المجتهد التهامي سلامي ورضاي عليكم.
وبعد، فقد وصلتني رسالتكم الأولى والأخيرة واستفدت منها صحتكم، هذا وإني قد وجهت لكم رسالة قبل وصول الأخيرة، ولا أدري ما هو الباعث على عدم وصولها لديكم، أما الأهل وجميع أفراد الأسرة فالكل بخير وتسلم عليكم كافة أفراد الأسرة، ويدعون لكم بصالح الأدعية أعانكم الله ووفقكم والسلام.
في 26 جمادى الأولى عام 1370هـ الموافق ل 5 مارس لسنة 1951م.
والدكم: عبد السلام أفيلال
***
-54-
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الولد البار الأنجب السيد التهامي وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.
أما بعد، وصل كتابك مفيداً سلامتك ودؤبك على مواصلة الدروس، فحمدنا الله جل علاه على ذلك طالبين منه المزيد لكم من فضله.
وقد بعثنا لكم ثلاثمائة من البسيطة مع البريد، وإذا كنتم تستبطئون رسائلنا فإنا لا نريد تشوشكم بما لا يعنيكم فيما أنتم بصدده. نَعَمْ؛ عليكم أنتم تحوير رسالة أسبوعيا يوم عطلة الأسبوع، والكل بخير ويدعو لك والسلام.
في نونبر سنة 1350هـ والدك عبد السلام.
استمع لعمك البشير يحدثك بدوره
محل الولد المحبوب السيد التهامي والسلام عليك وعلى من حولك من الملائكة الحافظين وكفى.
وبعد، وصل كتابك تطلب حلّ ما حسبتموه مشكلاُ مما اتفق لكم مع الشريف الكتاني، إنه لا إشكال فلا محل لطلب الحل تقدمتم لمساعدة هذا السيد لشرفه ومغربيته فمهدتم له السبل التي أعوزه تدليلها، وشاءت الأقدار أن يقعد بكم النوم عن إتمام تلك المساعدة بالوصول معه في القطار للجريرة، فماذا كان أو يكون أنتم بعلمكم هذا تعدون من المحسنين ذوي الإنسانية الكاملة وتجازون عليه ولا شك، ولا يطرأ على فكرة هذا السيد أو غيره أنكم قصرتم في جانبه بعد أن تعرفتم إليه وقدمتم له فوق ما يملكه طالب علم غريب الدار من المبرات المادية والمعنوية، ولم يبق لإنهاء ماهية الإحسان الكاملة إلا المصاحبة في القطار التي حال بينك وبينها ما جاء من طرق المشيئة، ومن تأخر عن عذر كمن راح، نعم أرى أن تكتبوا له لسلا بالعائق لك عن متابعة السير معه للجريرة، أما أنا فلا معرفة لي به شخصيا بل ولا بأبيه، على أنه لا موجب لكل هذا التحفظ، هذا وإنكم في العام الماضي عرجتم علينا في النصف الثاني من دجنبر حيث تعطل الدراسة بكثرة المراسم الدينية والأعياد النبوية، وإنا لا ندري هل ستتبعون سنتكم تلك في هذا العام أو لا. إني لا أزال بجد وقائماً على ما كنت طلبته من الوزير ابن موسى وإنه لمجد كذلك والله الميسر لا ربّ سواه.
عمك البشر
------------------------------
د يونس السباح
باقة من رسائل متبادلة بين الأديب الدبلوماسي الشريف التهامي أفيلال رحمه الله أيام دراسته بمدينة غرناطة نهاية الأربعينيات، وبداية الخمسينيات، مع والده وعمّه، تكشف لنا جوانب مهمّة من مظاهر حياة اجتماعية وثقافية التي كانت تربط غرناطة ببنتها تطوان..
=============================
من تطوان إلى غرناطة 'رسائل متبادلة بين الدبلوماسي الأديب التهامي أفيلال ووالده'
تقديم: هذه الباقة النضرة، والمجموعة العطرة، من الرسائل المتبادلة بين الأديب الدبلوماسي الشريف التهامي أفيلال رحمه الله أيام دراسته بمدينة
www.achamal.ma