نقوس المهدي
كاتب
طالبت الفلسفات المثالية الإنسان بالترفع عن شهواته وغرائزه، إذ شكلت في جوهرها الخصومة الكبرى بين الجسد والغرائز التي تنقص من روحانية الإنسان وطهارته ، إذا إنساق لرغباته الماديّة وذلك بوصف الجسد مكمن الشهوات.
شكل الجسد التدنيس وأفضي إلى التحقير وكمون الشهوة والغريزة "ربما كانت تتوهم أنها ذات يوم ستتمكن من الانعتاق منه ومن الأرض التي يدبّ عليها" ، رغم اليقين بأنّ الجسد حقيقة ثابتة إلا أنّه تم تجاهله في الفلسفات المثالية.
ولم تكن الفلسفة المثالية وحدها التي قزّمت الجسد الإنساني وعملت على إقصاءه لفائدة النفس أو الروح كذلك الديانات التوحيدية الثلاث ولو بحدود خاصة في الدين الإسلامي إذ كانت الطهارة مفهوما رئيسيا للتخلص من أدران الجسد ودنسه فبعد التطهرّ يعود المسلم نظيفا طاهرا كما أشرنا إلى ذلك في القسم الثاني في باب الطهارة.
بعد الإسلام، عمل الفقهاء على تقييد الجسد لا سيّما جسد المرأة وضبطه بقواعد تستجيب للهيمنة الذكورية على عكس الخطاب القراني الذي لم يتهم المرأة بالشيطنة "فالخطاب القراني لا يفرد جسد المرأة بأيّ إشارة يستشف منها منطق التهوين والتدنيس فهي إلى الرجل مخاطبان بنص القران في تناسق وهويّة واحدة" ، ولكن الفقهاء الاول حددوا مجال تحرّك المرأة فنجده محدودا في الشريعة الإسلامية والحقيقة ترجع المكانة الاجتماعية الهشة للمرأة العربية إلى عصور ما قبل إسلامية ولعل وأد البنات في الفترة الجاهلية يقوم أكبر دليل على بخس المرأة أو إضعافها من طرف الذكورة العربية.
ارتبطت الأنوثة بالفتنة والغواية التي تفقد الرجل صوابه وثواب دينه إن انصاع لإغواء المرأة، فقد عمل الفقهاء على ترسيخ المخيال الإجتماعي حول المرأة، وشيطنتها فتظهر صورة المرأة في"أنّها عقل ضعيف وأداة جنس ومصدر إرتياب وهي أوجه ثلاثة منسجمة، متجانسة ومتناسقة ولها فيما بينها علاقة منطقية. إلاّ أنّ الوجه الأساسي الذي يتفرع عنها الاخران هو أنّ المرأة جسد جنسي ليشبع به الرجل" ، فالمرأة لم تخرج من كونها مجرّد وعاء لإفراغ شهوات الرجل فالنزعة الأصولية شدّدت على أنّ المرأة إناء وحامل لجملة من القيم الذكورية والتي تستبطن التبعية والإنهزامية للمرأة العربية التي أفرغت من مضامين قيمية مثل الحرّية والمساواة.
إرتبط الجسد الإنساني ولا سيّما الجسد الأنثوي بالشهوة الجنسية يرسخ هذا الإعتقاد جملة من النصوص الفقهية والأحاديث النبوية التي تشدّد على خطورة الجسد الأنثوي "ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء" . وغيرها من الأحاديث التي جعلت المرأة تعيش في سجن كبير من المحاذير والموانع.
نجد في التراث الشعبي التونسي أنّ المرأة "زريعة إبليس" فالزريعة مرتبطة بالزراعة والأرض والمرأة والأرض يخضعان إلى ذات نظام الرقابة فالحرص على الأرض هو نفس الحرص على العرض فقديما يعاير الرجل إن سلم في أرضه أو زوجته "فالارض والعرض لهما نفس الجناس وتفرق كلمة الأرض عن العرض بحرف العين" وكانها العين الفارقة والرقيبة على كليهما.
هناك تماثل بين المرأة والأرض فكلاهما يخضعان إلى مجال المقدّس فالمرأة والأرض حقلين لإنبات البذور وإستمرار الحياة لذلك يحرص الدين على نقاوة البذور ضمانا لصلاح الزرع فالنص القراني أقر بهذا التماثل "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" هكذا تكون المرأة أرضا يحرثها الرجل أي بمعنى أنها تخضع لملكية من يفلحها ألا وهو الذكر الذي يحق له وحده الانتفاع بما تنتجه هذه المرأة أي الذرية.
برز في التاريخ الإسلامي بعض الشخصيات النسائية، كشجرة الدرّ في المجال السلطوي، وأسماء بنت أسد بن الفرات التي إشتهرت في المجال الفقهي، والخنساء الشاعرة العربية التي قدمت أبناءها وأخاها ورثتهم بنفس حماسي، وغيرهن من النماذج النسوية اللواتي كسرّن النموذج النمطي للمرأة التابع والضلع الأعوج للذكر العربي. "شمل التاريخ بعنايته بعض الشخصيات النسائية الاستثنائية، أو إن تمكنت المرأة من بلورة بعض التعبيرات الثقافية المعاكسة لتكسير الإحتكار الرجالي" ، ولكن هذا لم يشفع أن يكون للمرأة مكانة كبيرة في التاريخ العربي الإسلامي فالمرأة بمقتضى المقدس منعت من الفضاء العام ليختصر دورها داخل الفضاءات الخاصة.
يخضع جسد المرأة في الفضاء الإجتماعي لقوانين تحجبها وتضبط حرّية تنقلها، إلا بواسطة محرم يكون رجلا من بين أقاربها، وكان الحجاب والنقاب هو اللباس الشرعي الذي يمكن للمرأة أن تتخفى بواسطتهما عن الرجل حتى لا تثير غرائزه وشهوته.
المتأمل في التراث العربي الإسلامي يلاحظ قمع الجسد الأنثوي العورة فكان الإخفاء وسيلة لأزاحة المرأة. لم يكن التراث الاسلامي بمفرده من خاض في مسألة الحجاب (حجاب المرأة وكفن الميّت) (لإخفاء العورة) انما يعود ذلك ايضا الى حضارات سابقة، وقد أثبتت الباحثة الأنثربولوجية جيرمان تيون في كتابها الشهير "الحريم وأبناء العمومة" أنّ الحطّ من قيمة المرأة مرّده عوامل الزواج القرابي المنتشر البحر الأبيض المتوسط المأهول جدّا ومنذ القدم بالسكانّ، فالزواج القرابي شأنه حماية الأرض من التفتت وهو ما جرّ إلى محاصرة المرأة بالحجاب والغيرة وجعل الشرف منوط بقهرها.
لا يحرّر المظهر الخارجي للمرأة العربية اليوم كليا فهي ماتزال في سجن ضيق من المحاذير الدينية والإجتماعية، إذ تبقى البكارة مثلا شهادة شرف للمرأة (يجب التنبيه إلى أنّ البكارة هي ضرب من ضروب الحجاب) فالعائلة تسهر على صون إبنتها لتقديمها سليمة ليلة الزفاف ليراق دم غشاء البكارة كدليل على الشرف وإنصياعها للأخلاق العامة.
البكارة في كثير من الأوساط الإجتماعية شرط أساسي لزواج الفتاة فهي دليل عفتها حتّى وإن فقدت عفتّها المعنوية لا يهمّ كثيرا مع هذا الدليل المادّي الذي يقطع كل الشكوك بشأن إستهتارها أو فسادها الأخلاقي.
الفتيات في مجتمعاتنا العربية "يدركن أنّ في نهاية مهبلهنّ غشاء رقيق هو أعزّ ما يملكن وعليه يتوقف مستقبلهنّ وشرفهن وحياتهن وإنّ عليهنّ المحافظة عليه بكلّ الوسائل" ، يعزّز هذا الموقف من البكارة النصّ القراني لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جان " فقد وعد الله الصالحين بأبكار جزاء أعمالهم الطيّبة وكأنّ عملية الأفتضاض هي عملية رمزية مغرقة بالمفاهيم المشحونة بالعنف من الفتح والغزو.
يذهب البعض إلى إعتبار عملية الإفتضاض هي إثبات للرجولة والقوّة من هنا ندرك أنّ المجتمع العربي أنشأ ثقافة إذواجية الجنس ثقافة تكرّس الهيمنة الذكورية على حساب الأنثى العربية ويلعب الجنس دورا مهما في تشكليها فكلما أقصيت المرأة من الفعل الجنسي خارج الأطر الرسمية زاد شرفها وزادت قيمتها في سوق الزواج على عكس الرجل الذي كلّما كان فاعلا كلّما كان مرغوبا فيه فالرجل العربي (لا يعيبه إلا جيبه) هو مثل شعبي عربي ولكنّه يبيّن حقيقة الثقافة العربية هي ثقافة منشطرة تعمل لحساب الرجل على المرأة إظهاره في موقف القوّة وإخفاء المرأة إلى درجة الإلغاء أحيانا.
حماية العذرية هي ضرب من ضروب التملك لهذا الجسد الأنثوي الذي لا يتمتع بحرية الجسد الذكوري فلم تعد الفتاة تراقب جسدها لوحدها، بل هو محل مراقبة الاخرين وكأنّها تتخلص من ملكيته ليصبح ملك الاخرين.
كان هاجس حراسة الشرف العائلي محصورا على المرأة، ومحصورا في الجنس في بعض الدول العربية كمصر والسوادان حيث تعمد العائلات إلى ختان بناتهنّ لقتل الإستثارة الطبيعية الجنسية ولفرض العفة عليها على عكس الرجل الذي يختن في صغره الذي يزيد من إستثارته الجنسية.
نستشف من خلال هذه الممارسة محاولة المجتمعات العربية إنتاج نموذجين: ذكر سيّد نفسه وسيّد المرأة، وإنتاج إمرأة تابع تخضع لسلطة الذكر، فالذكرالذي يختن فهو لزيادة قدرته الجنسية ولممارسة الجنس دون مراقبة على عكس المرأة التي يبتر جزء من جسدها في طفولتها قبل أن تفكر في أنوثتها، فالمراقبة الإجتماعية تنشأ قبل الوعي بخطورة أن تكون إمرأة في مجتمع عربي.
.
.
شكل الجسد التدنيس وأفضي إلى التحقير وكمون الشهوة والغريزة "ربما كانت تتوهم أنها ذات يوم ستتمكن من الانعتاق منه ومن الأرض التي يدبّ عليها" ، رغم اليقين بأنّ الجسد حقيقة ثابتة إلا أنّه تم تجاهله في الفلسفات المثالية.
ولم تكن الفلسفة المثالية وحدها التي قزّمت الجسد الإنساني وعملت على إقصاءه لفائدة النفس أو الروح كذلك الديانات التوحيدية الثلاث ولو بحدود خاصة في الدين الإسلامي إذ كانت الطهارة مفهوما رئيسيا للتخلص من أدران الجسد ودنسه فبعد التطهرّ يعود المسلم نظيفا طاهرا كما أشرنا إلى ذلك في القسم الثاني في باب الطهارة.
بعد الإسلام، عمل الفقهاء على تقييد الجسد لا سيّما جسد المرأة وضبطه بقواعد تستجيب للهيمنة الذكورية على عكس الخطاب القراني الذي لم يتهم المرأة بالشيطنة "فالخطاب القراني لا يفرد جسد المرأة بأيّ إشارة يستشف منها منطق التهوين والتدنيس فهي إلى الرجل مخاطبان بنص القران في تناسق وهويّة واحدة" ، ولكن الفقهاء الاول حددوا مجال تحرّك المرأة فنجده محدودا في الشريعة الإسلامية والحقيقة ترجع المكانة الاجتماعية الهشة للمرأة العربية إلى عصور ما قبل إسلامية ولعل وأد البنات في الفترة الجاهلية يقوم أكبر دليل على بخس المرأة أو إضعافها من طرف الذكورة العربية.
ارتبطت الأنوثة بالفتنة والغواية التي تفقد الرجل صوابه وثواب دينه إن انصاع لإغواء المرأة، فقد عمل الفقهاء على ترسيخ المخيال الإجتماعي حول المرأة، وشيطنتها فتظهر صورة المرأة في"أنّها عقل ضعيف وأداة جنس ومصدر إرتياب وهي أوجه ثلاثة منسجمة، متجانسة ومتناسقة ولها فيما بينها علاقة منطقية. إلاّ أنّ الوجه الأساسي الذي يتفرع عنها الاخران هو أنّ المرأة جسد جنسي ليشبع به الرجل" ، فالمرأة لم تخرج من كونها مجرّد وعاء لإفراغ شهوات الرجل فالنزعة الأصولية شدّدت على أنّ المرأة إناء وحامل لجملة من القيم الذكورية والتي تستبطن التبعية والإنهزامية للمرأة العربية التي أفرغت من مضامين قيمية مثل الحرّية والمساواة.
إرتبط الجسد الإنساني ولا سيّما الجسد الأنثوي بالشهوة الجنسية يرسخ هذا الإعتقاد جملة من النصوص الفقهية والأحاديث النبوية التي تشدّد على خطورة الجسد الأنثوي "ما تركت بعدي فتنة أضرّ على الرجال من النساء" . وغيرها من الأحاديث التي جعلت المرأة تعيش في سجن كبير من المحاذير والموانع.
نجد في التراث الشعبي التونسي أنّ المرأة "زريعة إبليس" فالزريعة مرتبطة بالزراعة والأرض والمرأة والأرض يخضعان إلى ذات نظام الرقابة فالحرص على الأرض هو نفس الحرص على العرض فقديما يعاير الرجل إن سلم في أرضه أو زوجته "فالارض والعرض لهما نفس الجناس وتفرق كلمة الأرض عن العرض بحرف العين" وكانها العين الفارقة والرقيبة على كليهما.
هناك تماثل بين المرأة والأرض فكلاهما يخضعان إلى مجال المقدّس فالمرأة والأرض حقلين لإنبات البذور وإستمرار الحياة لذلك يحرص الدين على نقاوة البذور ضمانا لصلاح الزرع فالنص القراني أقر بهذا التماثل "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم" هكذا تكون المرأة أرضا يحرثها الرجل أي بمعنى أنها تخضع لملكية من يفلحها ألا وهو الذكر الذي يحق له وحده الانتفاع بما تنتجه هذه المرأة أي الذرية.
برز في التاريخ الإسلامي بعض الشخصيات النسائية، كشجرة الدرّ في المجال السلطوي، وأسماء بنت أسد بن الفرات التي إشتهرت في المجال الفقهي، والخنساء الشاعرة العربية التي قدمت أبناءها وأخاها ورثتهم بنفس حماسي، وغيرهن من النماذج النسوية اللواتي كسرّن النموذج النمطي للمرأة التابع والضلع الأعوج للذكر العربي. "شمل التاريخ بعنايته بعض الشخصيات النسائية الاستثنائية، أو إن تمكنت المرأة من بلورة بعض التعبيرات الثقافية المعاكسة لتكسير الإحتكار الرجالي" ، ولكن هذا لم يشفع أن يكون للمرأة مكانة كبيرة في التاريخ العربي الإسلامي فالمرأة بمقتضى المقدس منعت من الفضاء العام ليختصر دورها داخل الفضاءات الخاصة.
يخضع جسد المرأة في الفضاء الإجتماعي لقوانين تحجبها وتضبط حرّية تنقلها، إلا بواسطة محرم يكون رجلا من بين أقاربها، وكان الحجاب والنقاب هو اللباس الشرعي الذي يمكن للمرأة أن تتخفى بواسطتهما عن الرجل حتى لا تثير غرائزه وشهوته.
المتأمل في التراث العربي الإسلامي يلاحظ قمع الجسد الأنثوي العورة فكان الإخفاء وسيلة لأزاحة المرأة. لم يكن التراث الاسلامي بمفرده من خاض في مسألة الحجاب (حجاب المرأة وكفن الميّت) (لإخفاء العورة) انما يعود ذلك ايضا الى حضارات سابقة، وقد أثبتت الباحثة الأنثربولوجية جيرمان تيون في كتابها الشهير "الحريم وأبناء العمومة" أنّ الحطّ من قيمة المرأة مرّده عوامل الزواج القرابي المنتشر البحر الأبيض المتوسط المأهول جدّا ومنذ القدم بالسكانّ، فالزواج القرابي شأنه حماية الأرض من التفتت وهو ما جرّ إلى محاصرة المرأة بالحجاب والغيرة وجعل الشرف منوط بقهرها.
لا يحرّر المظهر الخارجي للمرأة العربية اليوم كليا فهي ماتزال في سجن ضيق من المحاذير الدينية والإجتماعية، إذ تبقى البكارة مثلا شهادة شرف للمرأة (يجب التنبيه إلى أنّ البكارة هي ضرب من ضروب الحجاب) فالعائلة تسهر على صون إبنتها لتقديمها سليمة ليلة الزفاف ليراق دم غشاء البكارة كدليل على الشرف وإنصياعها للأخلاق العامة.
البكارة في كثير من الأوساط الإجتماعية شرط أساسي لزواج الفتاة فهي دليل عفتها حتّى وإن فقدت عفتّها المعنوية لا يهمّ كثيرا مع هذا الدليل المادّي الذي يقطع كل الشكوك بشأن إستهتارها أو فسادها الأخلاقي.
الفتيات في مجتمعاتنا العربية "يدركن أنّ في نهاية مهبلهنّ غشاء رقيق هو أعزّ ما يملكن وعليه يتوقف مستقبلهنّ وشرفهن وحياتهن وإنّ عليهنّ المحافظة عليه بكلّ الوسائل" ، يعزّز هذا الموقف من البكارة النصّ القراني لم يطمثهنّ إنس قبلهم ولا جان " فقد وعد الله الصالحين بأبكار جزاء أعمالهم الطيّبة وكأنّ عملية الأفتضاض هي عملية رمزية مغرقة بالمفاهيم المشحونة بالعنف من الفتح والغزو.
يذهب البعض إلى إعتبار عملية الإفتضاض هي إثبات للرجولة والقوّة من هنا ندرك أنّ المجتمع العربي أنشأ ثقافة إذواجية الجنس ثقافة تكرّس الهيمنة الذكورية على حساب الأنثى العربية ويلعب الجنس دورا مهما في تشكليها فكلما أقصيت المرأة من الفعل الجنسي خارج الأطر الرسمية زاد شرفها وزادت قيمتها في سوق الزواج على عكس الرجل الذي كلّما كان فاعلا كلّما كان مرغوبا فيه فالرجل العربي (لا يعيبه إلا جيبه) هو مثل شعبي عربي ولكنّه يبيّن حقيقة الثقافة العربية هي ثقافة منشطرة تعمل لحساب الرجل على المرأة إظهاره في موقف القوّة وإخفاء المرأة إلى درجة الإلغاء أحيانا.
حماية العذرية هي ضرب من ضروب التملك لهذا الجسد الأنثوي الذي لا يتمتع بحرية الجسد الذكوري فلم تعد الفتاة تراقب جسدها لوحدها، بل هو محل مراقبة الاخرين وكأنّها تتخلص من ملكيته ليصبح ملك الاخرين.
كان هاجس حراسة الشرف العائلي محصورا على المرأة، ومحصورا في الجنس في بعض الدول العربية كمصر والسوادان حيث تعمد العائلات إلى ختان بناتهنّ لقتل الإستثارة الطبيعية الجنسية ولفرض العفة عليها على عكس الرجل الذي يختن في صغره الذي يزيد من إستثارته الجنسية.
نستشف من خلال هذه الممارسة محاولة المجتمعات العربية إنتاج نموذجين: ذكر سيّد نفسه وسيّد المرأة، وإنتاج إمرأة تابع تخضع لسلطة الذكر، فالذكرالذي يختن فهو لزيادة قدرته الجنسية ولممارسة الجنس دون مراقبة على عكس المرأة التي يبتر جزء من جسدها في طفولتها قبل أن تفكر في أنوثتها، فالمراقبة الإجتماعية تنشأ قبل الوعي بخطورة أن تكون إمرأة في مجتمع عربي.
.
صورة مفقودة
.