نقوس المهدي
كاتب
عندما أتيتِ، بخطوةٍ متمهِّلة، في الضباب
كانت السماء تخلط الكريستال والفولاذ بالذهب
جسدكِ كان يَحْزِر نفسه بتثنٍّ غامض
أكثر ليونة من الموجة وأكثر طراوة من الرغوة
كان المساء الصيفيّ يبدو حلماً شرقياً
من زهر ومن صندل.
كنتُ أرتعشُ. كانت الزنابقُ الطويلة المتديّنة والشاحبة
تموت بين يدَيكِ كما لو أنها شموع باردة.
روائحها الفوّاحة كانت تهرب من بين أصابعكِ
في الهبة المُغمى عليها للقلق الأعظم.
كان يفوح من ثيابكِ الشفافة الاحتضارُ والحبُّ على التناوب.
أحسستُ على شفتيَّ الخرساوين
ارتجافَ عذوبةِ وذعرِ قبلتكِ الأولى.
تحت خطواتكِ سمعتُ القيثارات تتحطم
مُطْلقة نحو السماء سأمَ الشعراء المزهوّ
(و) بين تدفُّقات أصوات تنْقص بفتور
ظهرتِ لي شقراء.
و(بـ)الروح العطشى للأبدية، للمستحيل،
للانهائي، أريدُ أن أُنغِّم على نطاق واسع
نشيدَ السحر والانبهار.
لكن المقطع الشعري صعد متعتعاً وشاقاً،
انعكاساً ساذجاً، صدىً صبيانياً، طيراناً معاقاً،
نحو إلوهيتك.
أغنية
كيف (لي) نسيان الطيَّة الثقيلة
لأكمامك الجميلة الرائقة،
عاج الجسد الذي تجري فيه
الرجفة الزرقاء للعروق؟
ألمْ تشعري للحظةٍ
بروحي التي كانت تذهب ولْهانة
ثمِلةً بقلقها العبثيّ،
نحو شفتَيكِ العزيزتَين البعيدتَين؟
وكيف لم تلتقِ أبداً
بـ(ذاك) الانخطاف العاتي (عينه)،
(كيف) نسيانكِ (له)، معاودتكِ له وحلمكِ (به)
مثلما حلمتُ على فمكِ؟
أغنية
المساء يصبّ نصف الصبغات
ويُفضِّل أناشيدَ
زهور الفيرونيكا والياقوتيات،
زهور السوسن وبخور مريم.
فتَّانة جاذبياتي (الأرضية) المجروحة
من قبلاتكِ الخفيفة الباردة
أنت تخلطين بأحلام يقظتي
الملامَسةَ البيضاءَ لأصابعكِ
أغنية
من فستانكِ ذي الطيّات الطويلة الطافية
تفيض كل الأوهام،
وأنت تُحْضِرين لي الربيع
بين يدَيكِ الشقراوين الخفيفتَين.
أخشى من الرعشة الصُّدفيّة
لثديَيكِ الناحلَين، لا أتلمَّسُ
إلا مرتجفة جسدكِ المقدّس،
(و) أخشى من فتنة فمكِ.
أشعر بنفسي كبيرة حدّ الأرباب
عندما، في عناق عنيد،
تختفي الكدمتان الزرقاوان لعينَيكِ
في عذوبة هامدة.
ولكن عندما يُغمى على (صرختي)ـ صرخة الحب،
وأنتِ بين ذراعيَّ جدّ بيضاء،
تبتسمين ولا تجيبينني،
عيناكِ المغلقتان تُجمِّدان روحي...
أخشى - ها هو الندم الطيفيّ
الذي لن يُسْكته الانخطاف -
أن أؤذيكِ
بمداعبةٍ غير مقصودة.
متهتّكة حزينة(1)
النهار لن يخترق بعدُ الذرى(2) المتغطرسة
الغابات المبهورة بجمال الليالي،
وها هي الساعة المضطربة التي ترقص فيها الباخوسيات
بين إرهاق الإيقاعات الفاترة.
شعورهنَّ المتشابكة تبكي دمَ الكروم
أقدامهنَّ الحيوية خفيفة مثل جناح الريح،
وردة الشهوة، ومرونة الخطوط
قد ملأت غابة الابتسامات القلقة(3).
الأكثر شباباً غناؤها يُذكِّر بالحشرجة:
حنجرتها، (حنجرة) العاشقة، مُثقلة بالنشيج.
ليست البتَّة شبيهة بالأخريات، فهي شاحبة،
لجبهتها مرارةُ الفيضان(4) وعصفه.
النبيذ (الذي) تُمْعِنُ شمسُ العناقيد (فيه)
لم يَقُدْها إلى النسيان السخيّ،
نصف ثملة هي، لكن سكْرتها حزينة،
والأوراق السود تُزنِّر جبهتها الشاحبة.
كل شيء ترك فيها جذلاً زائفاً.
ومن ثمَّ الشعور بالبرد وبالصباحات القاسية
الآتي ليُفسد اللهبَ وعسل المداعبات.
إنها تحلم وسط زهور الولائم.
تلك تتذكر القبلات المنسيّة...
سوف لن تتعلَّم اللذة من دون آلام،
تلك التي تَرى دائماً، مع الكآبة
في عمق أمسيات العربدة، احتضارَ الورود.
1- في النص الأصلي «باخوسية» (من باخوس).
2- في النص الأصلي سيكون من الحماقة ترجمة المفردة بمعنى «سهم».
3- في النص الأصلي يمكن قراءة المعنى الأول للمفردة أيضاً «المتحركة»، لكن النص يريد المتحركة بقلق بالأحرى.
4- من الممكن إيجاد بدائل أخرى لما اخترناه هنا.
كانت السماء تخلط الكريستال والفولاذ بالذهب
جسدكِ كان يَحْزِر نفسه بتثنٍّ غامض
أكثر ليونة من الموجة وأكثر طراوة من الرغوة
كان المساء الصيفيّ يبدو حلماً شرقياً
من زهر ومن صندل.
كنتُ أرتعشُ. كانت الزنابقُ الطويلة المتديّنة والشاحبة
تموت بين يدَيكِ كما لو أنها شموع باردة.
روائحها الفوّاحة كانت تهرب من بين أصابعكِ
في الهبة المُغمى عليها للقلق الأعظم.
كان يفوح من ثيابكِ الشفافة الاحتضارُ والحبُّ على التناوب.
أحسستُ على شفتيَّ الخرساوين
ارتجافَ عذوبةِ وذعرِ قبلتكِ الأولى.
تحت خطواتكِ سمعتُ القيثارات تتحطم
مُطْلقة نحو السماء سأمَ الشعراء المزهوّ
(و) بين تدفُّقات أصوات تنْقص بفتور
ظهرتِ لي شقراء.
و(بـ)الروح العطشى للأبدية، للمستحيل،
للانهائي، أريدُ أن أُنغِّم على نطاق واسع
نشيدَ السحر والانبهار.
لكن المقطع الشعري صعد متعتعاً وشاقاً،
انعكاساً ساذجاً، صدىً صبيانياً، طيراناً معاقاً،
نحو إلوهيتك.
أغنية
كيف (لي) نسيان الطيَّة الثقيلة
لأكمامك الجميلة الرائقة،
عاج الجسد الذي تجري فيه
الرجفة الزرقاء للعروق؟
ألمْ تشعري للحظةٍ
بروحي التي كانت تذهب ولْهانة
ثمِلةً بقلقها العبثيّ،
نحو شفتَيكِ العزيزتَين البعيدتَين؟
وكيف لم تلتقِ أبداً
بـ(ذاك) الانخطاف العاتي (عينه)،
(كيف) نسيانكِ (له)، معاودتكِ له وحلمكِ (به)
مثلما حلمتُ على فمكِ؟
أغنية
المساء يصبّ نصف الصبغات
ويُفضِّل أناشيدَ
زهور الفيرونيكا والياقوتيات،
زهور السوسن وبخور مريم.
فتَّانة جاذبياتي (الأرضية) المجروحة
من قبلاتكِ الخفيفة الباردة
أنت تخلطين بأحلام يقظتي
الملامَسةَ البيضاءَ لأصابعكِ
أغنية
من فستانكِ ذي الطيّات الطويلة الطافية
تفيض كل الأوهام،
وأنت تُحْضِرين لي الربيع
بين يدَيكِ الشقراوين الخفيفتَين.
أخشى من الرعشة الصُّدفيّة
لثديَيكِ الناحلَين، لا أتلمَّسُ
إلا مرتجفة جسدكِ المقدّس،
(و) أخشى من فتنة فمكِ.
أشعر بنفسي كبيرة حدّ الأرباب
عندما، في عناق عنيد،
تختفي الكدمتان الزرقاوان لعينَيكِ
في عذوبة هامدة.
ولكن عندما يُغمى على (صرختي)ـ صرخة الحب،
وأنتِ بين ذراعيَّ جدّ بيضاء،
تبتسمين ولا تجيبينني،
عيناكِ المغلقتان تُجمِّدان روحي...
أخشى - ها هو الندم الطيفيّ
الذي لن يُسْكته الانخطاف -
أن أؤذيكِ
بمداعبةٍ غير مقصودة.
متهتّكة حزينة(1)
النهار لن يخترق بعدُ الذرى(2) المتغطرسة
الغابات المبهورة بجمال الليالي،
وها هي الساعة المضطربة التي ترقص فيها الباخوسيات
بين إرهاق الإيقاعات الفاترة.
شعورهنَّ المتشابكة تبكي دمَ الكروم
أقدامهنَّ الحيوية خفيفة مثل جناح الريح،
وردة الشهوة، ومرونة الخطوط
قد ملأت غابة الابتسامات القلقة(3).
الأكثر شباباً غناؤها يُذكِّر بالحشرجة:
حنجرتها، (حنجرة) العاشقة، مُثقلة بالنشيج.
ليست البتَّة شبيهة بالأخريات، فهي شاحبة،
لجبهتها مرارةُ الفيضان(4) وعصفه.
النبيذ (الذي) تُمْعِنُ شمسُ العناقيد (فيه)
لم يَقُدْها إلى النسيان السخيّ،
نصف ثملة هي، لكن سكْرتها حزينة،
والأوراق السود تُزنِّر جبهتها الشاحبة.
كل شيء ترك فيها جذلاً زائفاً.
ومن ثمَّ الشعور بالبرد وبالصباحات القاسية
الآتي ليُفسد اللهبَ وعسل المداعبات.
إنها تحلم وسط زهور الولائم.
تلك تتذكر القبلات المنسيّة...
سوف لن تتعلَّم اللذة من دون آلام،
تلك التي تَرى دائماً، مع الكآبة
في عمق أمسيات العربدة، احتضارَ الورود.
1- في النص الأصلي «باخوسية» (من باخوس).
2- في النص الأصلي سيكون من الحماقة ترجمة المفردة بمعنى «سهم».
3- في النص الأصلي يمكن قراءة المعنى الأول للمفردة أيضاً «المتحركة»، لكن النص يريد المتحركة بقلق بالأحرى.
4- من الممكن إيجاد بدائل أخرى لما اخترناه هنا.