"سافو سافو، أنت مشغولة بأمور كثيرة والمطلوب واحد"،
كانت تقول لها شياطين رأسها الجميلة. إغريقية القوام وممشوقة الذكاء، أصابتها سهام الفاتنات فأحبتهنّ حتى الثمالة، حتى الشعر. حرّة بالفطرة، حرّة قبل ان يصبح للحرية إيديولوجيا وشعارات ومناضلون ومناضلات، أي قبل أن تفسدها تفاحة حوّاء. زوجة كل الرجال وعاشقة النساء جميعهنّ. صداقتها لإلهة الحبّ أفروديت تعود الى القرن السادس قبل الميلاد. دعتني ذات ليلة الى مائدتها فلبّيت. ثمار تضحك ونبيذ يركض وجنّيات يتراقصن بدلال. استشارتني في عشقها لهيلانة النارية التي تنأى عنها وتعذّبها، فنصحتها بأن تتخلّى معها عن كل حذر:
التصقي بها واحترقي، همستُ في أذنها.
أجل المطلوب واحد يا سافو: أن تحبّينا أكثر نحن الخطأة. فكلّما أحببتنا نبت لفراشة حريتنا جناح جديد، واستحققنا النار.
ج.ح.
***
أفروديت يا مليكتي الخالدة
يا ابنة زوس الغنيّة بالمكائد
أستحلفكِ
لا تسلّمي روحي لبراثن الازدراء والحزن
تعالي إليّ افروديت مثلما كنت تفعلين قديما
حين كنتِ تسمعين صوتي من بعيد
فتتركين قصر والدكِ المذهّب
وتهرعين إليّ بحنان
كنتِ تسرجين يماماتك السريعة
فتشقّ هذه السماء بأجنحتها
وتحملك الى أرضنا المظلمة
على متن مركبك البهيّ
كنتِ تصلين لاهثة يا إلهتي الباسمة
قلقة لقلق الروح التي نادتكِ
روحي الخرقاء تلك
التي تتخبط في رغباتها
فتعالي من جديد يا افروديت
لبّي ندائي في هذه اللحظة أيضا
أذيبي همومي الحارقة
حققي ما يتوق إليه قلبي
وكوني أنتِ وحدكِ
دون كل الآلهة
حليفتي
قولي
كيف أقنع محبوبتي
بالعودة الى ذراعيّ ؟
كيف أجعلها تدرك خطأها إذ هجرتني؟
أفروديت: "إذا كانت تهرب منكِ الآن، فهي التي ستلحق بك غداً
وإذا كانت لا تقبل عطاياك، فقريبا سوف تهبك كلّ نفسها
وإذا كانت لا تحبّ
فسوف تحبّك. أعدكِ يا ابنتي
سوف تحبّكِ رغماً عنها".
***
هنيئاً للتي بقربك، من أجلك وحدك تتنهّد
للتي تتلمظ بلذة الإصغاء إليك
وتلمح أحياناً رقّة ابتسامتك
أي آلهة يمكن أن تعادلها سعادة؟
ما ان أراك، أشعر بين أوردتي بشعلة خفرة تجتاح جسدي
ولفرط عذوبة الهذيان الذي تتوه فيه روحي
تخونني اللغات والأصوات.
النجوم المتناثرة حول جمال القمر
عادت لتحجب وجهها البرّاق
ما أن أطلّ البدر بكل وهجه
ليضيء عتمة الأرض
الهواء الذي هبّ على المياه العذبة
يغنّي بين الأغصان الخضراء
بينما الأوراق التي أيقظها
عادت لتنساب في نوم عميق.
فتعال أيها الحب!
تعال واسكب في كؤوس الذهب
الرحيق الذي ستقدّمه لضيوفك.
النهار الثقافي- الأحد 16 أيار 2004